إن الإنسان مبرمج جينياً لكي يعمل نهاراً وينام ليلاً، ولكنّ هناك مهناً كثيرة تتطلب أن يتحول الإنسان الى العمل ليلاً، ما يجعله عرضة لمشاكل صحية عديدة.
مخاطر يتعرض لها من يعملون ليلاً
لقد أجمعت الدراسات والبحوث على أن أولئك الذين يعملون في ورديات ليلية هم:- أكثر عرضة لمخاطر قلة النوم والسمنة وارتفاع ضغط الدم، والأمراض القلبية الوعائية وداء السكري والسرطان.
- أكثر معاناة من المشاكل الهضمية، كالغثيان، والحموضة، والإسهال، والإمساك.
- أكثر وقوعاً في مطب الإجهاد البدني والذهني والنفسي.
- أكثر إصابة بالتعب والإرهاق وتشتت الذهن.
- أكثر انزلاقاً نحو الممنوعات مثل المخدرات والكحوليات.
- أكثر وقوعاً في قضايا تتعلق بالسلامة مثل الحوادث والإصابات.
الثالوث المخيف
وجدت دراسة أجريت عام 2003 في ايطاليا من قبل الباحثين في جامعتي باري وفوجيا، أن عمال المصانع الإيطاليين في المناوبات الليلية كانوا أكثر وزناً من نظرائهم الذين يعملون نهاراً. ويواجه عمال الورديات الليلية ثالوثاً مرعباً من العوامل التي تشجع على زيادة الوزن والتي تضم:- استهلاك الوجبات السريعة من آلات البيع أو من خدمة التوصيل، فمن المعروف أن هذه الوجبات غير صحية وتعج بالسعرات الحرارية والسكر والملح والدهون المشبعة.
- اضطراب مراحل النوم الطبيعية جراء الإرتباكات التي تحصل في الساعة البيولوجية ما يخلق أعطالاً شتى تشمل مستوى الطاقة الكلي، والتمثيل الغذائي، والهضم، والقلب، والأوعية الدموية، والهرمونات، وجهاز المناعة.
- عدم امكانية ممارسة الرياضة إما بسبب عدم توفر المكان الآمن للقيام بالتمارين، أو نتيجة التعب المنهك جراء العمل الليلي.
النظام الغذائي للعاملين في الورديات الليلية
يقول مارتن كولماير، مدير مركز البحوث البشرية في معهد أبحاث التغذية بجامعة نورث كارولينا، إن دورة النوم تؤثر على استقلاب الطاقة في الجسم. أما زميلته روبا ماكروسان، نائبة رئيس لجنة المتدربين في جمعية أطباء التخدير، فقد أشارت إلى أن اختلال الساعة البيولوجية ودورة النوم واليقظة يؤثر على خيارات الطعام للمناوب الليلي ما يجعله أكثر ميلاً الى اشتهاء الكربوهيدرات الكثيفة بالسعرات الحرارية والأطعمة السكرية والوجبات الخفيفة المالحة.إن العاملين في نظام الورديات الليلية غالباً ما يجدون صعوبة في اختيار الغذاء الصحي فيقعون ضحايا المثل القائل "جود بالموجود"، والموجود الأكثر توافراً في الليل مصدره مطاعم الوجبات السريعة وآلات البيع التي تعمل 24 ساعة من دون توقف، والتي تقترح على المناوبين الليليين أغذية غير متوازنة وغير صحية يتم ازدرادها على عجل، الأمر الذي يجعل صحتهم في مهب الريح.
ماذا على المناوب أن يأكل في وردية الليل الخاصة به؟
- تناول وجبة أساسية قبل بدء المناوبة الليلية بحيث تحتوي بشكل رئيسي على مكونات تطلق الطاقة ببطء مثل الحبوب الكاملة، والخضروات النشوية وغير النشوية، والبروتينات، والدهون الصحية، من أجل الحد من شبح الجوع ولجم الرغبة الشديدة في تناول الطعام، ومنح الجسم المزيد من النشاط والطاقة واليقظة. وحبذا لو تم جلب الطعام من المنزل لتجنب الوقوع في فخ خدمة التوصيل وآلات البيع التي تعرض أطعمة ليست صحية وغير مريحة لا في وقت المناوبة، ولا في خارجها.
- وضع جدول لتناول وجبات خفيفة صحية خلال فترات الاستراحة أثناء الوردية، ومن المفضل تحضير هذه الوجبات مسبقاً في المنزل، لأن ذلك لن يوفر على المناوب الوقت والمال وحسب، بل يعطيه المزيد من القدرة على التحكم في ما يأكل. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكن للمناوب الليلي أن يجلب معه حقيبة تضم الجبن، وشطائر من اللحم والسمك، والفاكهة الطازجة، والزبادي، والبيض المسلوق، والحمص، والمقرمشات المصنوعة من الحبوب الكاملة، وبعض الشوكولاتة الداكنة، والمكسرات، والفاكهة المجففة، وأعواد الخضار الطازجة.
- الترطيب ثم الترطيب، إن الحفاظ على رطوية الجسم أمر في غاية الأهمية من أجل البقاء مستيقظاً أثناء المناوبة. إن الجفاف، حتى ولو كان خفيفاً، يمكن أن يؤثر سلباً على التركيز واليقظة والذاكرة قصيرة المدى. يبقى الماء هو المرطب الأفضل، أما من يلجأ الى استبداله بالمشروبات المنبهة، فهو خيار سيئ للغاية، لأنها بكل بساطة تعطل عملية الترطيب عن طريق تحريض السوائل على الهروب من الجسم عبر التبول. اذا كنت لا تحب الماء العادي فيمكن استبداله بمشروبات صحية أخرى.
- الامتناع عن تناول الكافييين بدءاً من منتصف الوردية، لأنه، أي الكافييين، يمكن أن يبقى مبحراً في الجسم لمدة تتأرجح من 4 الى 8 ساعات، ما يمنع الدخول في نوم مريح عند العودة الى المنزل.
- تجنب تناول وجبات كبيرة أو ثقيلة أو حارة في وقت متأخر من الوردية لأنها تشكل عبئاً ثقيلاً على جهاز الهضم، إن تناول الكثير من الطعام والشراب قبل النوم يمكن أن يطلق العنان لحدوث عسر الهضم الذي يجعل النوم بعيد المنال. أما في حال شرب سوائل كثيرة فإنها تدفع الى الاستيقاظ المتكرر من أجل التبول، ما يؤثر على مدة النوم ونوعيته.
- لا تذهب الى سرير النوم وأنت جائع، لأن الجوع سيجعل النوم مضطرباً، لقد كشفت البحوث أن النوم على معدة خاوية يؤدي الى ارتفاع هرمون الغريلين الذي يمنع الخلود الى النوم أو أنه يجبر الشخص على الاستيقاظ المتكرر من أجل تناول الطعام. ينصح بتناول وجبة خفيفة والابتعاد عن الوجبات الثقيلة.
أمثلة لوجبات المناوب الليلي
الذي يعمل في وردية مدتها 10 ساعات من التاسعة مساء وحتى السابعة صباحامثال رقم واحد
- وجبة الفطور الساعة 7:30 صباحاً: عصيدة الفراولة.
- وجبة خفيفة في الثالثة بعد الظهر: شطيرة البيض والسلطة. خبز من الحبوب الكاملة.
- وجبة العشاء في السابعة مساء: دجاج مشوي. بطاطا مسلوقة. خضروات.
- وجبة خفيفة رقم واحد في منتصف الليل: 50 غراماً من مزيج من المكسرات والتفاح.
- وجبة خفيفة رقم 2 في الساعة 3 صباحاً: 200 غرام من الزبادي قليل الدسم.
مثال رقم 2
- وجبة الفطور الساعة 7:30 صباحاً: بيض مع توست حبوب كاملة. قهوة مع حليب قليل الدسم.
- وجبة خفيفة الساعة 3 بعد الظهر: سلطة التونا والفاصولياء. حبة فاكهة متوسطة الحجم.
- وجبة العشاء في السابعة مساء: سمك مشوي مع بطاطا مشوية وسلطة.
- وجبة خفيفة رقم واحد في منتصف الليل: خضار مقطعة مع الحمص.
- وجبة خفيفة رقم 2 الساعة الثالثة صباحاً: مقرمشات الحبوب الكاملة مع الجبن.
من نافل القول
لا شك أن تناول الطعام الصحي واتباع روتين ثابت في ممارسة التمارين الرياضية هما أمران مهمان للغاية للعاملين في الورديات الليلية، ولكن لا بد من إعطاء الأولوية للنوم الجيد من خلال وضع جدول منتظم يتيح للعامل النوم من 7 إلى 9 ساعات كل يوم حتى يتمكن من الحفاظ على طاقته وصحة جسمه وعقله.
المصادر
What should I eat on my night shift? | The BMJ
Diet Suggestions for Night-Shift Nurses (Continued) - CDC
Nutrition for Shift Workers
The Best Diet for Working Night Shifts - Healthy Eating
How to Work the Night Shift and Stay Healthy: 12 Tips
Nutrition for Shift Workers
