والدتي تتحكم بزواجي وترفض من أحب

أهلا وسهلا بك؛
أنت فعلا في موقف لا تحسد عليه؛ فوالدتك شخص في غاية الأهمية في مباركة زواجك وأنت تريد أن تتزوج ممن اختارها قلبك وعقلك ووالدتك ترفض! والحقيقة أنا أفرق كثيرا بين الأهل الذين يحترمون مشاعر أبنائهم ويتناقشون معهم، وإن كانت لديهم أسباب تحتاج بالفعل أن تؤخذ في الاعتبار، وبين من يتعنت ويصر على الرفض لأسباب غير منطقية أو بدون حتى رؤية الطرف الثاني..

هناك فارق كبير بين الموقفين، حتى وإن كان الرأي في النهاية هو الرفض، لكن أن يتم الرفض فقط هكذا من دون محاولة رؤيتها أو التعرف الصادق إليها وعائلتها، هذا أمر لا يتعلق بالفتاة في الغالب ويتعلق بالوالدة، ولا أهتم الآن أن أقول أن بعض الاحتمالات التي تفسر موقفها قربت تلك الاحتمالات من واقعكما أو بعدت بقدر اهتمامي بموقفك أنت الآن في ظل هذا التعنت..

واقول لك:
أولا: إن أي شخص تزوج بدون رضاء أهله تعثر كثيرا في زواجه على المستوى النفسي، وبمرور الوقت، تطول فترات الغضب والحزن وربما القطيعة، وكلما مر وقت اطول؛ كلما شعر الشخص الذي تزوج رغما عن أهله بأن شريكه هو السبب، ويحمِّله بمرور الوقت ما آلت إليه الأحوال حين يأتي رمضان أو الأعياد أو الأطفال وهم كالمنبوذين وحدهم، أو في وجود غضب مكتوم يظهر في كل وأي وقت من التواصل بين العائلتين أو الأفراد.. لهذا، مباركة والدتك نقطة لا يمكن تخطيها حتى مع تعنتها غير المبرر..

ثانيا:  أنت تحتاج أن ترى الفارق بين اختلاف المستوى الذي تتحدث عنه والدتك بمنطق وواقعية، لتضع يدك على حقيقته من عدمه، فهناك فارق كبير بين الفارق المادي بين الطرفين وطريقة ممارسة الحياة، فقد يكون الطرف الثاني له نفس أو ربما أكثر من ممتلكاتنا المادية ولكنه يختلف كثيرا عنا في طريقة ممارسة الحياة، كالاماكن التي نرتادها حين نتنزه، أو المدارس التي تعلمنا فيها، أو أماكن الشراء التي نشتري منها، كيف نأكل، إلخ.. وكلما كان الفارق معقولا ومقبولا فعلا وليس مقبولا الآن تحت ضغط الحب أو غيره، كلما كان مؤشرا لنجاح الزواج وستكون أنت الأجدر بتقدير هذا.. 

والآن دعنا نفكر ماذا ستفعل في تلك المحنة وسأقترح عليك هذا في شكل نقاط:

1- أولا وثانيا وأخيرا لا تتغير أبدا في معاملة والدتك؛ فكن كما كنت في الاحترام والأدب كما هما، ولكن يمكنك التعبير عن حزنك وعن رغبتك في الانعزال بسبب حزنك لما يحدث بوضوح داخل البيت، مع الاحتفاظ بكل الاحترام والأدب.

2- طلب مناقشة الأسباب الحقيقية المنطقية التي لا يمكنك فهمها من دون أن تراها والدتك أو تتعرف عليها عن قرب، كأنك ستوصل إلى والدتك أنها مثل التي رأت شيئا من بعيد فقالت لا، من دون أن تجرب أن تقترب لتختبر بنفسها، حتى لو كان الرفض موقفها، وطمئنها بأنك تحتاج خبرتها جدا ولكنك لا تفهم إصرارها غير المبرر هذا.

3- وضح الأمر لفتاتك وأنك لن تتزوج بدون رضا والدتك، وهذا قد يأخذ وقتا، وهذا الوقت مهم لأسباب كثيرة، على رأسها أن هذا الوقت سيكون اختبارا جادا لكليكما لجدية رغبة الزواج بينكما، وكذلك وضح لها مخاطر الزواج بعيدا عن رضا الأهل في تفاصيل قد تغيب عنكما الآن.

4- رسالة منك دائمة وأقول دائمة توصلها إلى والدتك، وهي أنك لن تتزوج بدون رضاها ولكنك في نفس الوقت لن تتزوج غير من أحببت، حتى لو ظللت هكذا عشر سنوات، وهذه الرسالة قوية جدا على الأهل وسيتم اختبارها من جهتها كثيرا، وكلما فشلت كل طرق الاختبار لها بالوقت فعلا والعند أو بالويل والثبور وعظائم الأمور لمن عاق أهله، أو الخصام ، أو ادعاء المرض أحيانا، أو الاتهام لك بأنك تحرمها من فرحة عمرها، أو بعدم مساعدتك ماليا أو سحب الوعود القديمة الخاصة بزواجك، إلخ... كلما وصلت الرسالة بصدق إلى والدتك والذي يكسب تلك المعركة الشريفة؛ هو صاحب النفس الأطول لا محالة..

5- يمكنك كذلك الاستعانة بشخص حكيم تحترمه والدتك ليتحدث معها في تعنتها ووضعك بلا زواج ليؤثر عليها.

6- إيصال رسالة أنك ستكون مسؤولا عن اختيارك في كل الأحوال، وأنها أمك التي لا تستغني عنها في كل أحوالك وحياتك. وأخيرا وقبل كل شيء، الاستعانة بالمنطق والإصرار المهذب من ناحيتك طوال فترة الانتقال من رفضها لمباركتها وأسأل الله لك الخير.