صحــــتك
21 يونيو 2020

أعاني من الوحدة وإهمال إخوتي لي

من بعد وفاة أمي منذ عام تقريبا، أصبحت علاقتي بأخوتي متوترة للغاية. أنا دايما عندي شعور بالغضب منهم لأني شايفة أنهم مهملين في حقي. أخوتي كلهم متزوجون، وأنا عايشة لوحدي في شقة أمي. الذكريات تحاصرني. حاولت كتيرا أتجاوز وجودهم واعتبرهم ماتوا وأني لوحدي في الدنيا دي، بس كل ما أشوفهم تتجدد الشجون وأثور. مؤخرا عملت عملية وأصبحت عاجزة عن الحركة لمدة شهرين، أول مدة قضيتها عند أختي بعدين رجعت بيت أمي، لي أخت تسكن بالقرب مني مفكرتش تسأل عني، ومحدش فيهم بيسأل عني رغم عجزي عن الحركة. اتعلمت أخدم نفسي بس عدم سؤالهم واهتمامهم بيقتلني كل يوم وبفكر في الانتحار بس بستحرم. أرجوك ساعدني أخرج من الأفكار دي، تعبت من التفكير فيهم، تعبت من استجداء عطفهم. تعبت من الوحدة حقيقي.
أعاني من الوحدة وإهمال إخوتي لي
أهلا وسهلا بك يا إسراء؛
السؤال الحقيقي ليس كيف أخرج تلك الأفكار من رأسي؟ ولكن ما الذي أفعله، وما الذي لا أفعله ليجعل تلك الأفكار لا تذهب عن رأسي؟ وأريد أن أذكرك أنك ترسلين سؤالك لمتخصص نفسي، وهذا يعني أن لديك درجة من الوعي بأن ما أنت فيه له صلة وثيقة بحالتك النفسية، وهذا أمر جيد ويبشر بالتغيير؛ لأن هناك من هن في مثل ظروفك تماماً أو أسوأ، ولكنهن لم يفكرن في البحث عن حقيقة ما يحدث، وظللن مع ما يعتقدنه من تصورات وتفسيرات وأكملن حياتهن في ألم مزمن، أو شكوى لا تنتهي، أو علاقات غير مشبعة.



لذا أقول لك أننا وجدنا أن من يتسول الانتباه أو الرعاية لا يحصل عليها أبداً، ويظل في دائرة المعاناة من دون خروج، وليس معنى ذلك إطلاقا أن السؤال عنك، أو الاهتمام بك ورعايتك ليس احتياجاً لديك، بل هو "حقك" تماماً يا ابنتي، ولكن كيف تحصلين عليه هو الأهم.. هو الطريق الذي يجعلك تأخذين حقوقك تلك.

والطريق له شقان:
الشق الأول: حول كيف هي علاقتك بهم؟ هل تعلمين عنهم شيئاً من معاناتهم في حياتهم، مشاعرهم، ضغوطاتهم.. إلخ، كيف تسمعينهم؟ هل تمنحينهم قبولا وإنصاتا؟

الإنسان يقبل على من يشعر به ويبادله إنصاتا حقيقيا بقبول من دون حكم، فابدئي في تقديم ما تحتاجينه أنت منهم ليبادلونك إياه، فالإنسان يعطي من يمنحه، ولا تقعي في فخ أنا الصغيرة، أنا المريضة، أنا الوحيدة؛ فالبشر لا يقرأون، ولا يفهمون ما لم يصل إليهم من طلب، أو أفكار أو احتياج بوضوح إلا من رحم ربي، ولا ينتبهون لإعطاء الاحتياج لمن حولهم ،الذي هو حق إلا بالطرق الصحيحة؛ فالطريقة التي تحمل اللوم والأسى، وطريقة الاتهام والتقصير، والإشعار بالذنب يجعل التواصل مزعجا ثقيلا على القلب، وتذكري أنت نفسك أي شخص في حياتك كان كثيراً ما يشعرك بالتقصير أو الذنب، أو "التقطيم" وكنت تقبلين عليه، فالتواصل السلس من دون منغصات هو ما يصحح العلاقات، ويجعلها بمرور الوقت تتجذر وتتعمق، ويتم تبادل الاحتياجات فيها أسهل وبشكل طبيعي من دون تأزم.

ولا أدعي أن هذا أمر سهل، ولكنه أمر سيحتاج منك جهدا؛ لأنك تعانين إهمالهم، وتحملين غضبا وألما منهم، ولكن الطريق القديم هذا لا يحدث أي تغيير بل يجعل الأمر أصعب وأكثر ألماً لك، وهو في نفس الوقت يجعلك بشكل مستمر لا ترين سوى ألمك وحدك من دون ما يمرون به حتماً من أمور، لأنها طبيعة الحياة، حتى وإن كانوا داخل أسرة، أو بعيدا عن ذكريات والدتهم.

- الشق الثاني
هو أن تهجري البقاء بجانب الألم ليل نهار؛ فكيف ستتغير حالتك النفسية، وأنت تتجرعين كل لحظة الوحدة، أو عدم القدرة على الحركة الطبيعية أو إهمالهم وعدم سؤالهم عنك؟؛ فماذا تفعلين في حياتك بعيداً عن تلك المساحة؟ هل لك أصدقاء؟ هل تمارسين رياضه خفيفة بعيداً عن الحركة التي تصعب عليك؟ هل تتواصلين مع أولاد أختك القريبة كخالة، بعيداً عن أمهم من دون لوم أو اتهام أو إشعارهم بالذنب؟ هل تتواصلين مع الجيران؟ افسحي لنفسك طرقا صحية تساعدك وتسعدك يا ابنتي.



فإن قمت بما اقترحه عليك، سيحدث تغيير كبير في حياتك ووسط أسرتك، وستخلقين ذكريات جديدة في بيتك تملؤها مشاعر مختلفة بمرور الوقت؛ حين تمر عليك أختك لتقضي وقتاً ممتعاً من دون خوف من اللوم، أو أي صعوبة، وحين تلعب ابنة أختك معك وقتاً آخر، وحين تستمتعين برؤية جيرانك أو أصدقائك.

أعلم أن ما أقوله ليس سهلاً، ولكنه ليس مستحيلاً كذلك يا ابنتي.. هيا انفضي عنك دثار الحزن والألم، وستجدين عجباً وستزول آلامك منهم بمرور الوقت؛ حين ترين ما يخفى عنك من حياتهم ومعاناتهم بجانب معاناتك.
آخر تعديل بتاريخ
21 يونيو 2020

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.