صحــــتك
16 نوفمبر 2019

كنت أتوهم المرض والآن أشعر بالذنب

السلام عليكم.. أنا فتاة أعيش حياة طبيعية سعيدة، عانيت منذ ما يقارب سنتين من مشاكل في الدماغ، وبعد المتابعة مع المختص حولني للطب النفسي لعدم وجود سبب عضوي.. وفي العيادة النفسية لم تتم معرفة السبب أيضا، قالت لي أختي إنني "أتوهم المرض" كهروب من شيء لا يريحني.. وأنه من فعل عقلي الباطني حتى أحصل على تعزيز أو اهتمام أو غيره، بصراحة أنا أكره المرض.. وأكره أن أتعب أهلي معي، لكنني قلت "من الممكن.. قد أكون قمت بهذا دون وعي مني أو كما قالت أختي إنه العقل اللاواعي".. فعلاً قد تحسنت بعدها، ولم أعد لتلك الانتكاسات العصبية، ومنذ ذلك الوقت لا يمكنني مسامحة نفسي على ما عانيته أو عانت عائلتي منه بسببي، وأصبحت أكره نفسي وألومها كثيراً.. ماذا أفعل لأتجاوز كل هذا؟
كنت أتوهم المرض والأن أشعر بالذنب
أهلا وسهلا بك يا صفاء،
تمر بنا الحياة ونتصور أننا في سعة وبراح من المعاناة، أو الاحتياجات النفسية ممن حولنا، ويحدث ذلك أحيانا كثيرة بسبب دفاعات نفسية لا ندري عنها شيئا يقوم بها جهازنا النفسي الداخلي ليتزن بنفسه من نفسه، كالعقلانية مثلاً والبعد عن المشاعر المؤلمة لدرجة تجعل صاحبها لا يراها، ولا يعترف بها إلا إذا لاحظ نفسه ملاحظة واعية دقيقة حيث تظهر لحظات بسيطة لا يمكن أن يدخل فيها شك أن هناك ألما ما نقفز من فوقه، أو دفاعا نفسيا آخر يعرف بالتأجيل، وفيه يؤجل الجهاز النفسي التواصل مع ألمه لفترة تصل لسنوات لأنه لا يضمن اتزانه إن شعر بألمه وقت حدوث الموقف المؤلم في توه، ووجدنا من يؤجل ألمه لثلاثين عاماً.



ألم تجدي في حياتك شخصا فقد شخصا عزيزا عليه جداً لم يظهر عليه الألم المتوقع لفقده وقتها، وبدأ في انهياره بعدها بفترة حين كان كل من حوله قد بدأوا بمرور الوقت بالتكيف مع فقده؛ فيتعجبون لأمر هذا الذي أجل التواصل مع مشاعره، وهذه حيلة نفسية مشهورة يتكرر حدوثها تعرف بالإنكار؛ حيث ننكر ما يحدث أو حدث معنا؛ كأن ننكر أن فلانا مات وهو فقط غائب لأسباب سفره، أو أن والدتي تحب أخي أكثر مني فهو فقط يحتاج لرعايتها أكثر، أو أنني أشعر بالوحدة، ولا أحد يشعر بي، أو يفهم ما يحدث بداخلي، وهم فقط طيبون يبذلون جهدا لسعادتنا، إلخ، والكثير الكثير من حيل ودفاعات نفسية لا نتصور حدوثها بداخلنا.



قد يكون طبيبك النفسي طبيباً يعالج فقط بالأدوية، ربما لم توضحي، ولكن في الحقيقة هناك من هو طبيب نفسي وهناك معالج نفسي، والمعالج النفسي قد يكون طبيباً تخرج من كلية الطب، أو أخصائيا نفسيا لديه خبرة عملية كبيرة تجعله يتمكن من علاج شامل عميق أكثر من الدواء للشخص، وكلما كان الطبيب النفسي معالجاً كان أفضل حيث يتمكن في الوقت نفسه من تحديد جرعة الدواء وكميتها إذا تطلب الأمر، وكل ما يتعلق بالدواء في اختياره، وتحديد مدته، وكيفية وقفه.



وحين قرأت رسالتك أكثر ما ظهر لي هو وجود دفاعات نفسية قوية استخدمتها دون أن تدري بالطبع منذ نعومه أظافرك لتحمي نفسك من القرب من مساحة ألمك، وكذلك ظهر لي أشهر عدو لصحتنا النفسية بجدارة وهو "الإحساس بالذنب"؛ فأنت تغرقين فيه يا ابنتي، والإحساس بالذنب ليس مرضاً في حد ذاته، ولكنه من أكبر العوامل التي تستدعي المعاناة النفسية، فوجدناه في الاكتئاب، والقلق، والتجنب، والجنون، والانتحار، والقتل، فأول ما عليك فعله هو التعلم والتدرب على مستوى العقل، والإحساس بالتحرر من مشاعر الذنب التي تعيق تحرر وجودك الحقيقي يا ابنتي، وأعلم أن التحرر من مشاعر الذنب أمر ليس سهلا، ويستدعي تساؤلات كثيرة، ويتداخل ويتشابك مع مساحات شائكة، مثل الخطأ والعقوق، والنذالة.. إلخ، وهذا هو ما ستتعجبين له حين تعودي لعلاجك، وستجدين أن مشاعر الذنب لا دور لها سوى التعطل فقط، وأتمنى أن تعودي لتلك الخطوة سريعاً حتى توفري على نفسك وقتا أطول في المعاناة، أو الاستفسارات أو مشاعر الذنب التي تغرقك، ويمكنك قراءة ما كتب عن مشاعر الذنب في مقالات واستشارات سابقة لحين عودتك لعلاجك.
آخر تعديل بتاريخ
16 نوفمبر 2019

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.