أمي تصادر حياتي.. حق الابن أن يكون نفسه
أشكرك على ثقتك وعلى سؤالك الذي أراه هاماً للغاية..
تبلغين من العمر خمسة وعشرون عاماً.. أي أنك إنسانة راشدة ومكلفة أمام الشرع والقانون. من حقك يا نهى أن تختاري حياتك، وكيفيتها، ووجهتها، وتفاصيلها.. من حقك أن تختلفي مع والدتك.. من حقك أن يكون لك طريقك الخاص بك، حتى وإن لم يسلكه غيرك.
من أكبر أخطاء التربية هي أن يريد الأب أو الأم أن يختار بالنيابة عن أبنائه، وأن يضع أقدامهم على الطريق الذي يظن أنه أفضل، وأن يحقق من خلالهم ما لم يستطع تحقيقه بشخصه. وعند أي اعتراض أو اختلاف أو مناقشة من جانب الأبناء، يقوم الأب أو الأم بإشهار سلاح بر الوالدين، الذي يصيب أبناءهم فوراً بالإحساس بالذنب، مما يقودهم إلى التراجع والانصياع لما يراه الوالدان فوراً..
والدتك يا نهى قامت بواجبها الذي أرفض أن يسمى تضحية.. فهو جزء من مشوار حياتها الذي اختارته وجددت اختيارها له كل يوم.. وليس عليك أن تدفعي أنت في مقابله أي ثمن سوى حسن العشرة والمعروف وطيب المصاحبة. ليس عليك أن تستجيبي لما تراه بخصوص حياتك وفقاً لمعطيات زمانها ومتطلبات عصرها وأسلوب تفكيرها الذي يختلف بالتأكيد عن احتياجاتك ووجهة نظرك وتقديرك لمسار حياتك..
التربية الناجحة هي التي تجعل أبناءنا مختلفين عنا يا نهى، وليسوا نسخاً مكررة منا.. التربية الناجحة هي أن يكون لدى أبنائي القدرة والشجاعة على اختيارات غير اختياراتي في الحياة.. وقرارات غير قراراتي في حياتهم..
أما بخصوص بر الوالدين.. فبرهما الحقيقي هو أن تكوني نفسك.. وأن تقولي لهما (لا) عند اللزوم، بكل احترام وأدب. وألا تقبلي أي ظلم من جانبهما.. لقد أُمرنا أن ننصر أخانا ظالماً أو مظلوماً (بأن نكفه عن ظلمه)، فما بالك بوالدتك يا عزيزتي.. هذا هو أحد جوانب البر الحقيقي للوالدين- أن تكفيهما عن ظلمك.. وليس أبداً الطاعة العمياء والإرادة المسلوبة.
توكلي على الله يا نهى.. اختاري ما ترين.. وقرري ما تشاءين.. وتحملي مسؤولية قراراتك.. حتى النهاية..
دعواتي معك..
اقرئي أيضاً:
كيف تعامل الوالدين إذا كانا مخطئين بحقك
أهلي يرفضون زواجي بمن أحب.. دليلك للتعامل
أمي سيكوباثية.. كيف أحمي نفسي؟