الحديث عن مرض السرطان وأثره على المجتمع أمر بالغ الأهمية، فبالرغم من الجهود المستمرة في مجالات التوعية والعلاج، ما تزال هناك تحديات تواجه المرضى وعائلاتهم، مما يجعل الحاجة إلى التكاتف المجتمعي والابتكار الطبي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. في هذا السياق، نلتقي اليوم بالسيد إسلام خضر رئيس المكتب الإقليمي لقسم الأورام لشركة جلياد في الشرق الأوسط، الذي يشاركنا رؤيته حول الجهود المبذولة لمكافحة السرطان، وأهمية التوعية، وأحدث التطورات التي تسهم في تحسين فرص العلاج والشفاء في منطقتنا العربية، تزامنا مع مع مرور اليوم العالمي للسرطان.
1. يركّز موضوع اليوم العالمي للسرطان 2025-2027 "متحِدون من خلال التفرّد" على نهج يتمَحور حول المريض. برأيك ما أبرز الثغرات في مجال رعاية مرضى السرطان اليوم، لا سيما في الشرق الأوسط؟ وما الجهود التي تبذلها جلياد لتحسين فرص حصول مرضى السرطان في المنطقة على التشخيص والعلاج المبكر؟
يجب أن تتطور رعاية مرضى السرطان اليوم لتلبية الاحتياجات المتنوعة لكل مريض، بصرف النظر عن المنطقة الجغرافية. ورغم التحسّن الكبير الذي طرأ على نتائج العلاج على مستوى العالم بسبب التقدم التكنولوجي والفهم الأعمق لبيولوجيا السرطان، فإن معدلات النجاة من السرطان ما تزال مرتبطة بشكل كبير بمرحلة اكتشاف المرض.
ويبقى الكشف المبكر من أبرز التحديات، بينما يلعب تعزيز الوعي العام بأهمية الفحوصات والتدخل المبكر دوراً حاسماً في تحسين النتائج. إضافةً إلى ذلك، يعتبر الاستثمار المستمر في البنية التحتية للرعاية الصحية وتطوير الخبرات الطبية المحلية أمراً ضرورياً لضمان تكافؤ فرص الحصول على أكثر علاجات السرطان تقدماً. نلتزم في "جلياد" بمعالجة هذه الثغرات من خلال التعاون مع الحكومات المحلية وفرق الرعاية الصحية والمؤسسات الأكاديمية لتعزيز برامج الكشف المبكر، وتحسين الوصول إلى الجيل التالي من العلاجات، وبناء نظام رعاية صحية مستدام قادر على تلبية الاحتياجات المتزايدة لرعاية مرضى السرطان في المنطقة.
2. كيف تعمل جلياد على تحسين فرص الحصول على التشخيص والعلاج المبكر لمرضى السرطان في المنطقة؟
تشكل "الشراكة من أجل التقدم" جوهر استراتيجية جلياد للارتقاء بمستوى رعاية مرضى السرطان. وبناءً عليه، نتعاون عن كثب مع الشركاء الرئيسيين في مجال الرعاية الصحية على الصعيد العالمي وكذلك في الشرق الأوسط، بما في ذلك الحكومات وأخصائيي الرعاية الصحية والنشطاء والمرضى وقادة القطاع والأوساط الأكاديمية لتطوير برامج الوصول إلى الرعاية الصحية وتوسيع نطاقها.
تهدف جهودنا إلى تحسين إمكانية الحصول على العلاجات الكفيلة بتغيير الحياة وتعزيز برامج الفحص لضمان حصول المرضى على الرعاية في الوقت المناسب، بغضّ النظر عن مكان وجودهم. ونسعى جاهدين من خلال هذه الشراكات إلى إتاحة علاجات السرطان المتطورة وتسهيل الوصول إليها على نطاق واسع، الأمر الذي من شأنه أن يعزز البنية التحتية لرعاية مرضى السرطان في المنطقة.
3. هلّا شاركتنا المزيد من التفاصيل حول شراكات جلياد مع منظمات مثل الجمعية السعودية للأورام وجمعية الإمارات للأورام؟ وما دور هذا التعاون في دفع عجلة تطور رعاية مرضى السرطان؟
نؤمن في "جلياد" أن العمل الجماعي هو أساس التقدم في مجال رعاية مرضى السرطان، وهذا ما يعزز أهمية شراكاتنا مع الجمعية السعودية للأورام وجمعية الإمارات للأورام. وتستند هذه الشراكات إلى التزام مشترك بتطوير أبحاث السرطان، وتوسيع نطاق الوصول إلى الرعاية، وتزويد أخصائيي الرعاية الصحية بأحدث الابتكارات.
ونعمل بشكل وثيق مع الشركاء الرئيسيين في منظومة الأورام في المنطقة لدعم الأبحاث المحلية، وتعزيز التعليم الطبي، وتحسين مسارات العلاج لتلبية الاحتياجات الخاصة للمرضى في المنطقة. وإلى جانب ذلك، تسهم هذه الشراكات في تعزيز شبكات الإحالة وتوسيع نطاق الوصول إلى العلاجات المبتكرة، مما يضمن حصول المرضى على الرعاية الفعالة في الوقت المناسب.
ينصبّ تركيزنا دوماً على جوانب الكشف المبكر والعلاجات المبتكرة لتأكيد التزامنا بتطوير منظومة أكثر مرونة في مجال علاج الأورام، ورسم ملامح مستقبل يحظى فيه مرضى السرطان في الشرق الأوسط بفرص أكبر للحصول على علاجات تغيّر حياتهم.
4. نجحت جلياد في بناء محفظة قوية في مجال الأورام؛ هلّا سلطت الضوء على أبرز التطورات التي تقودها الشركة في مجال أبحاث السرطان والعلاجات المخصصة؟
تتبوأ جلياد مكانة رائدة في مجال علاج الأورام بفضل أدويتها التي تشمل العلاجات المتطورة من الجيل المقبل التي تستجيب للاحتياجات اللازمة لمرضى السرطان من مختلف أنواع الأورام، وقد حصلنا على ثماني موافقات للاستخدام العلاجي في أكثر من 50 دولة، بما في ذلك العلاجات الخلوية وعلاجات السرطانات النقيلية المستعصية على العلاج. كما يسهم تركيزنا على العلاجات الخلوية في إحداث نقلة نوعية في أساليب علاج السرطان. توفر ابتكارات مثل العلاج بالخلايا التائية ذات المستقبلات الخيمرية أملاً جديداً للمرضى المصابين بسرطانات الدم.
ونعمل، إلى جانب العلاجات الخلوية، على تطوير علاجات مركّبة جديدة، ونجري حالياً أكثر من 12 دراسة فريدة من شأنها توفير إمكانيات جديدة للمرضى الذين قد لا يستجيبون للعلاجات التقليدية. ونتوقع الحصول على أكثر من 20 موافقة لاستخدام العلاجات الجديدة في السنوات المقبلة، لنواصل التزامنا بتوسيع منصتنا في مجال الأورام، والمضي قدماً في الابتكارات التي تبعث الأمل بالحياة لدى المصابين بالسرطان.
5. تُحدث العلاجات المناعية والخلوية للسرطان تحولاً جذرياً في أساليب العلاج، كيف تساهم جلياد في الابتكار في هذه المجالات، لا سيما في الشرق الأوسط؟
تشهد منطقة الشرق الأوسط إقبالاً متزايداً على تبني المنهجيات المبتكرة للتعامل مع الاحتياجات المتزايدة في مجال رعاية مرضى السرطان، ونتعاون في جلياد عن كثب مع مؤسسات الرعاية الصحية المحلية وأخصائيي الأورام والجهات المعنية الرئيسية لتوسيع نطاق الوصول إلى العلاجات التحويلية الكفيلة بإعادة رسم ملامح المشهد العلاجي.
تتبوأ شركة جلياد مركز الصدارة في تطوير العلاجات الخلوية، لا سيما العلاج بالخلايا التائية ذات المستقبلات الخيمرية. وأظهر هذا العلاج المبتكر نجاحاً ملحوظاً في علاج سرطانات الدم، مثل سرطان الغدد اللمفاوية وسرطان الدم، وذلك باستخدام خلايا المريض نفسه وتعديلها لاستهداف السرطان والقضاء عليه. يمنح العلاج بالخلايا التائية ذات المستقبلات الخيمرية المرضى خياراً من شأنه أن يغيّر حياتهم، لا سيما في ضوء محدودية البدائل العلاجية المتاحة. ونعمل في الشرق الأوسط لضمان توفير هذه العلاجات للمرضى من خلال مراكز العلاج المحلية، ونتعاون مع فرق الرعاية الصحية والحكومات لتوسيع نطاق الوصول إلى هذه العلاجات.
وبدورها، أحدثت العلاجات المناعية للسرطان، بما في ذلك مثبطات نقاط التفتيش المناعية، طفرة في علاج السرطان، لتمنح أملاً جديداً للمرضى الذين يعانون من سرطانات كان من الصعب علاجها في السابق. نستند في جلياد إلى خبرتنا العالمية الواسعة، وإلى أفضل الممارسات في هذه العلاجات، ونؤكد التزامنا ببناء المعرفة المحلية وتعزيز القدرات في الشرق الأوسط لضمان استفادة المرضى في المنطقة من أحدث التطورات في مجال رعاية مرضى السرطان.
6. ما هو دور جلياد في تعزيز مكانة الشرق الأوسط مركزًا لعلاجات السرطان المتطورة، لا سيما في ضوء زيادة زخم السياحة العلاجية في المنطقة؟
أصبحت منطقة الشرق الأوسط مركزاً رئيسياً للابتكار في مجال الرعاية الصحية، خصوصاً مع اتجاه الحكومات إلى إعطاء الأولوية لهذا القطاع ضمن رؤاها البعيدة المدى. تدرك جلياد ما تتمتع به المنطقة من إمكانات تؤهلها لتكون مركزاً عالمياً لعلاجات السرطان المتقدمة، وتلعب الشركة دوراً فاعلاً في تعزيز هذه المكانة.
وبينما يزداد الاهتمام بالسياحة العلاجية في المنطقة، تعمل جلياد عن كثب مع المؤسسات الرئيسية والحكومات والمتخصصين في علاج الأورام لضمان حصول المرضى من المنطقة ومن جميع أنحاء العالم على رعاية طبية عالمية المستوى في مجال الأورام.
كما نركّز على توفير العلاجات المتقدمة في المنطقة، مثل العلاج بالخلايا التائية ذات المستقبلات الخيمرية والعلاجات المناعية، ونتعاون مع المراكز المحلية لإتاحة هذه العلاجات المتطورة للمرضى المؤهلين. وإلى جانب ذلك، نسعى إلى تعزيز مكانة الشرق الأوسط كمركز للرعاية الصحية المتقدمة لمرضى السرطان، من خلال إقامة الشراكات مع أبرز مقدمي الرعاية الصحية، والمساهمة في مبادرات بناء القدرات.
7. ما هي برأيك التحديات الرئيسية التي يجب معالجتها لإيجاد نظام مُنصف ومتمَحور حول المريض لرعاية مرضى السرطان؟
يتطلب بناء نظام منصف ومتمحور حول المريض لرعاية مرضى السرطان معالجة العديد من التحديات الملحّة في مجالات الكشف المبكر والوصول إلى العلاج والاستدامة المالية، ويبقى تشخيص المرض في مراحله المتأخرة من أبرز المشكلات، لا سيما في المناطق التي تعاني من نقص في الخدمات، والتي يصعُب فيها الوصول إلى خدمات الفحص والتشخيص، ما يؤثر على نتائج علاج المرضى.
ومن الضروري ضمان توفر الجيل المقبل من العلاجات على نطاق أوسع، لا سيما للسرطانات التي يصعب علاجها، غير أن ذلك يتطلب التغلب على العوائق المنهجية المتعلقة بقدرات الرعاية الصحية وأطر السداد. وستلعب عوامل مثل تعزيز البنية التحتية للرعاية الصحية، والاستثمار في التعليم والتدريب، وتعزيز الشراكات بين الجهات المعنية دوراً محورياً نحو تقديم رعاية أكثر شمولاً وفعالية لمرضى السرطان.
ونؤكد في جلياد التزامنا بمعالجة هذه التحديات من خلال العمل عن كثب مع فرق الرعاية الصحية وشركات التأمين وواضعي السياسات لتوسيع نطاق الوصول إلى العلاجات المبتكرة. ونسعى من خلال التعاون والشراكات الاستراتيجية إلى دمج علاجاتنا في أنظمة الرعاية الصحية بطريقة مستدامة، بما يضمن استفادة المزيد من المرضى من التطورات في مجال رعاية الأورام، بصرف النظر عن موقعهم أو ظروفهم المالية.
8. ما هي برأيك أبرز التطورات الواعدة في علم الأورام خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة؟
باتت الحاجة إلى خيارات العلاج المبتكرة والمخصصة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، خاصةً في ظل التوقعات بتجاوز العبء العالمي للسرطان حاجز 35 مليون حالة بحلول عام 2050. وبدورنا، نكرس جهودنا في جلياد للنهوض برعاية مرضى السرطان من خلال الجيل المقبل من العلاجات والتقنيات المتطورة.
ويعد الطب المخصّص أحد أكثر المجالات الواعدة، خصوصاً في ضوء قدرته على تقديم علاجات أكثر دقة وفعالية تتناسب مع حالة كل مريض على حدة. وسيكون لهذا أهمية حاسمة في تحسين النتائج وتلبية الحاجة المتزايدة للعلاجات الموجّهة. وفي الوقت نفسه، باتت معالجة أوجه التباين في رعاية مرضى السرطان والوقاية منه محور تركيز رئيسيًا، إذ أصبح بإمكاننا تطوير حلول رعاية صحية أكثر إنصافاً وفعالية لمختلف الفئات السكانية من خلال تخصيص علاجات تتناسب مع حالات معينة من الطفرات الجينية وعوامل الخطر البيئية.
وإضافة إلى ذلك، فإننا نشهد تطورات رائدة في العلاج المناعي والعلاجات الخلوية، الأمر الذي يجدد الأمل لدى المرضى، خاصة من ذوي الخيارات المحدودة. تعمل الابتكارات مثل أدوية الأجسام المضادة المركّبة على توسيع نطاق السرطانات القابلة للعلاج، في حين يبشر تطوير علاجات الخلايا التائية ذات المستقبلات الخيمرية المتجانسة بتحسين إمكانية الوصول إلى هذه العلاجات التحويلية.
كما بدأت تظهر أساليب جديدة في علاج الأورام الدموية الخبيثة، بما في ذلك العلاجات التوليفية (المركّبة) التي تستهدف الخلايا التائية، والتي تهدف إلى معالجة الخلايا الجذعية السرطانية والخلايا المتحملة للأدوية. ويسلط التقدم في مجال تحليل الخلية المنفردة الضوء على آليات المقاومة داخل سرطانات الدم، ما يمهد الطريق لابتكار علاجات أكثر فعالية.
ومن ناحيته، يسهم دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة في إعادة رسم ملامح علم الأورام، لا سيما بفضل دورها في تحسين إمكانات التشخيص المبكر وتعزيز التخطيط العلاجي وزيادة دقة التحليلات التنبؤية. كما تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة دوراً رئيسياً في فهم البيئات الدقيقة للأورام، وتحديد المؤشرات الحيوية التنبؤية، الأمر الذي سيساعد على تحسين نتائج المرضى من خلال التدخلات المبكرة والرعاية الأكثر تخصيصاً.
9. ما هي خطط جلياد لتعزيز دورها في تشكيل مستقبل رعاية مرضى السرطان في المنطقة؟
نلتزم في جلياد بتحويل مستقبل رعاية مرضى السرطان على مستوى العالم وكذلك في منطقة الشرق الأوسط، ونُدرك أهمية العمل الجماعي لتحقيق التقدم المنشود، لا سيما في ضوء التحديات الكبيرة التي يفرضها مرض السرطان. وهذا ما يدفعنا للتركيز على بناء شراكات قوية مع فرق الرعاية الصحية المحليين والوكالات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية ومجتمع الأورام لتعزيز البنية التحتية لرعاية مرضى السرطان في المنطقة.
ينصب تركيزنا على تطوير علاجات متطورة للأورام الدموية والصلبة على حد سواء، ونسعى إلى معالجة احتياجات تزويد المرضى بخيارات علاجية أفضل تُحسّن من فرص النجاة وجودة الحياة. ويُعد توسيع نطاق الوصول ليشمل هذه العلاجات جزءاً لا يتجزأ من جهودنا لضمان حصول المزيد من المرضى على أفضل رعاية ممكنة من خلال الشراكات الاستراتيجية. ومن جانب آخر، نعي أن رعاية مرضى السرطان تتجاوز الجانب العلاجي. ومن هذا المنطلق، تلبي برامجنا لدعم المرضى الاحتياجات السريرية إلى جانب التحديات العاطفية والنفسية واللوجستية، وتساعد المرضى وعائلاتهم على خوض هذه الرحلة.
ونؤكد التزام جلياد بتعزيز فرص التعلُّم المستمر لأخصائيي الرعاية الصحية، ونهدف إلى دعم مبادرات التدريب والتعليم لتزويدهم بأحدث المعارف والخبرات ليتسنى لهم تقديم أعلى مستويات الرعاية. وأخيراً، ندعو إلى وضع سياسات تعزز تكافؤ فرص الحصول على علاج السرطان وضمان حصول جميع المرضى على الرعاية التي يحتاجونها. ونسعى من خلال شراكتنا مع الجهات المعنية المحلية إلى تطوير نظام مستدام وفعال لرعاية الأورام وتحسين حياة المرضى في الشرق الأوسط.
في ختام هذا اللقاء نود أن ننوه إلى أن السرطان يظل تحديًا صحيًا عالميًا يتطلب وعيًا مستمرًا وجهودًا متواصلة في مجالات الوقاية والتشخيص والعلاج. من خلال هذه المقابلة، سلطنا الضوء على أهمية التوعية، والدعم المجتمعي، والتطورات الطبية التي تسهم في تحسين حياة المرضى. نشكر السيد إسلام خضر على مشاركته القيمة، ونتمنى أن تسهم هذه الجهود في تعزيز الوعي وتمكين الأفراد من اتخاذ خطوات وقائية وعلاجية أكثر فاعلية.