صحــــتك

دليل فهم وعلاج اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة مع كارولين يافي

إعداد وتحرير
تعرف على اضطراب أحلام اليقظة المفرطة مع كارولين يافي
تعرف على اضطراب أحلام اليقظة المفرطة مع كارولين يافي

"استيقظ من أحلام اليقظة".. طالما كانت هذه العبارة بمثابة جرس إنذار للأشخاص الشاردين الحالمين الغارقين في خيالاتهم بهدف تحقيق اشباع لرغباتهم التي لا يستطيعون تحقيقها في الواقع. لكن هل من الممكن أن تتحول الأحلام إلى مرَض؟ سؤال تجيبنا عنه كارولين يافي مستشارة ومعالِجة معرفية سلوكية في قسم علم النفس بمركز ميدكير الطبي في الجميرا حيث تحدثنا بالتفاصيل عن اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة . فما هو؟ وكيف يمكن تشخيصه؟ وكيف يُعالج؟

ما هو اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة Maladaptive Daydreaming بالتحديد، وكيف يختلف عن أحلام اليقظة العادية التي يمر بها الجميع؟

اضطراب الشرود التخيلي المفرط أو اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة هو حالة نفسية تتمثل بالانغماس العميق والمفرط في عالَم من التخيلات وأحلام اليقظة، إلى درجة تؤثّر سلبًا على حياة الفرد اليومية أو المدرسية أو حتى المهنية.

في حين أن أحلام اليقظة العادية تُعد سلوكًا طبيعيًا وعابرًا يمارسه الجميع في لحظات شرود ذهني، فإن الشرود التخيلي المفرط يتخطى هذا الحد ليتحول إلى نوع من "الهروب العقلي" المنهِك، حين يُنشئ الشخص عوالم خيالية معقدة ومتكررة قد تتضمن شخصيات وقصصًا يتفاعل معها على مدار ساعات اليوم.

من أبرز ملامح هذا الاضطراب أن المصاب به يُظهر انفصالًا واضحًا عن الواقع، ويميل إلى الانعزال الذهني، ويجد صعوبة في التركيز أو التفاعل ضمن سياقات اجتماعية أو دراسية أو مهنية، ما يؤدي إلى تراجع أدائه في هذه المجالات. كما يُعاني من الإدمان على التخيل، إذ يشعر بحاجة ملحة ومتكررة للعودة إلى عالمه الخيالي، حتى وإن تسبب ذلك في إهمال مسؤولياته اليومية أو تأخير إنجاز مهامه.

اللافت في هذه الحالة أن المصاب غالبًا ما يكون واعيًا تمامًا لمعاناته ومدركًا لتأثير هذه الأحلام اليقظة المفرطة على حياته، لكنه يجد صعوبة في السيطرة عليها أو التوقف عنها، ما يزيد من شعوره بالإحباط أو الذنب. وغالبًا ما يكون هذا النوع من الشرود مرتبطًا بعوامل مثل القلق، أو الصدمات العاطفية، أو الرغبة في الهروب من واقع مؤلم.

ما هي العلامات أو الأعراض الرئيسية التي يمكن للشخص أو عائلة المريض ملاحظتها والتي تشير إلى أن أحلام اليقظة قد تحولت إلى اضطراب الإفراط في احلام اليقظة ؟ 

من أبرز علامات أو أعراض اضطراب الشرود التخيلي المفرط -المعروف أيضًا باسم اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة ما قد يلاحظه الشخص على نفسه أو على أحد المقربين منه، مثل الإفراط في التخيل إلى درجة تعيق ممارسة الأنشطة اليومية الاعتيادية، أو الميل إلى الانسحاب الاجتماعي والعزلة عن الآخرين.

فضلًا عن صعوبة التركيز على المهام المطلوبة. وغالبًا ما يكون الأمر مُقلقًا ومُرهقًا، إذ يجد الشخص نفسه غارقًا في أحلام يقظة تمتد لساعات، ويشعر أحيانًا كأنه غير قادر على التحكم بهذا السلوك أو التوقف عنه، رغم إدراكه التام لتأثيره السلبي.

ما هي العوامل التي يُعتقد أنها تساهم في نشأة وتطور اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة ؟ وهل هناك ارتباط بينه وبين اضطرابات نفسية أخرى؟ هل كثرة تكرار السلوك يُعتبر مرضًا نفسيًا؟

تُشير الدراسات إلى أن اضطراب الشرود التخيلي المفرط  أو اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة قد يَنجم عن مجموعة من العوامل النفسية أو العاطفية، مثل التعرّض لصدمات نفسية سابقة، أو المرور بحالات من التوتر والانزعاج العاطفي العميق.

وعلى الرغم من أنه لا يُصنّف حتى الآن كاضطراب نفسي مستقل في الدلائل الطبية المعتمَدة، إلا أن هناك ارتباطات واضحة بينه وبين حالات أخرى مثل القلق والاكتئاب. ويواصل الباحثون حاليًا دراسة العلاقة بين التخيل المفرط والاضطرابات النفسية المختلفة، في محاولة لفهمٍ أوسع لطبيعته وأسبابه، ما يدل على أن هذا المجال لا يزال في طور التطوّر ويحتاج إلى المزيد من البحث والاهتمام.

متى تصبح الأحلام اليقظة غير صحية؟ وهل أحلام اليقظة جزء من اضطراب الوسواس القهري؟

قد يتحوّل التخيل إلى سلوك غير صحي عندما يبدأ بالتأثير السلبي على حياة الفرد اليومية ومسؤولياته، سواء في العمل أو الدراسة أو العلاقات الاجتماعية. فعندما يصبح الشخص غارقًا في أحلام اليقظة إلى درجة تعيقه عن أداء مسؤولياته أو التواصل مع من حوله، فإن الأمر يتجاوز حدود الشرود العابر.

وعلى الرغم من أن الشرود التخيلي المفرط لا يُعد رسميًا جزءًا من اضطراب الوسواس القهري، إلا أن بعض الأفراد المصابين بالوسواس قد يلجؤون إلى التخيل كوسيلة للهروب من الأفكار التسلطية التي تسيطر عليهم، ما يعكس دور هذا السلوك في التخفيف المؤقت من الضغط النفسي، دون أن يحل جذور المشكلة.

على المستوى العملي والاجتماعي، كيف يؤثّر اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة على الحياة اليومية للفرد، سواء في دراسته، أو عمله، أو علاقاته الشخصية؟

يؤثر اضطراب الشرود التخيلي المفرط بشكل ملموس على مختلف جوانب الحياة اليومية، فقد يسبب تراجعًا في الأداء الأكاديمي أو المهني، ويؤدي إلى توتر في العلاقات الشخصية نتيجة فقدان التركيز أو الانسحاب الذهني المتكرر. وغالبًا ما يواجِه المصابون صعوبة في إتمام المهام أو الحفاظ على الانتباه لفترات طويلة، مما يولّد لديهم شعورًا بالإحباط والذنب، ويُثير كذلك انزعاج مَن حولهم الذين قد لا يفهَمون طبيعة هذا السلوك أو أسبابه.

بالنظر إلى حداثة تصنيف هذا الاضطراب، ما هي التحديات التي تواجِه الأخصائيين النفسيين في تشخيص اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة ؟

صعوبة التشخيص من أبرز التحديات التي تواجه المختصين في مجال الصحة النفسية عند التعامل مع اضطراب الشرود التخيلي المفرط، وذلك لأنه مفهوم حديث نسبيًا، ولا يزال قيد الدراسة والتقصي. كثير من الأطباء والمختصين قد لا يكونون على دراية كافية به بعد، كما أن أعراضه تتداخل مع اضطرابات نفسية أخرى مثل القلق، والاكتئاب، واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، مما يزيد من صعوبة تمييزه بدقة. وبالإضافة إلى ذلك، لا توجد حتى الآن أدوات تشخيص معيارية معتمَدة على نطاق واسع لتحديد هذا الاضطراب، ما يجعل الكشف عنه وتقديم الدعم المناسب أمرًا أكثر تعقيدًا.

ما هي أفضل الخيارات العلاجية المتاحة حاليًا للتعامل مع اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة ؟ وهل هناك خطوات يمكن للشخص اتخاذها للمساعدة في تدبير حالته؟

في الوقت الراهن، تُعد خيارات العلاج السلوكي المعرفي من أكثر الأساليب العلاجية فعالية في التعامل مع اضطراب الشرود التخيلي المفرط، لأنه يساعد الشخص على فهم أنماط التفكير المرتبطة بالتخيل المفرط وتعديلها. كما تُساهم تقنيات اليقظة الذهنية في تدريب المصاب على العودة إلى الحاضر والانتباه للواقع، ما يقلل من الانغماس في الخيال.

وتُعد استراتيجيات التنظيم الذاتي أيضًا من الأدوات المفيدة، ويتم فيها التعرف على المحفزات التي تؤدي إلى الدخول في عالم الأحلام، وتطوير أساليب أكثر صحة لمواجهتها. وتشمل هذه الأساليب كتابة اليوميات، والانخراط في أنشطة منظمة أو ذات طابع اجتماعي، أو حتى ممارسة الرياضة، وذلك للمساعدة في إعادة توجيه الانتباه وترسيخ الشعور بالواقع. النجاح في التعامل مع هذا الاضطراب يتطلب الوعي، والالتزام، والصبر، إلى جانب طلب الدعم النفسي المتخصص عند الحاجة.

في رسالة توعية أخيرة، ما هي أهم نصيحة توجهونها للأشخاص الذين يُشتبه بمعاناتهم من اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة، وكيف يمكنهم الحصول على المساعَدة المتخصصة؟

إذا كنت تعتقد أنك قد تعاني من اضطراب الشرود التخيلي المفرط أو اضطراب الإفراط في أحلام اليقظة، فإن طلب المساعَدة النفسية يُعد خطوة أولى مهمة ومشجعة على طريق التعافي. التحدث إلى مختص في الصحة النفسية مُطّلع على هذا النوع من السلوك يمكن أن يوفّر لك إرشادًا عمليًا ودعمًا نفسيًا حقيقيًا.

لا تتردد في مشاركة تجربتك بصراحة، فالإفصاح عمّا تمرّ به يُساهم في الوصول لفهم أعمق لحالتك، ويُمهّد لوضع خطة علاجية تناسب احتياجاتك وتُساعدك على التعامل بشكل صحي مع التخيلات المتكررة. تذكّر أنك لست وحدك، فهناك الكثير ممَّن يمرّون بتجارب مشابهة، والمهم هو أن تبدأ بخطوة صغيرة نحو التغيير، مدعومًا بالوعي والمساعدة المناسبة.

 

كارولين يافي،  مستشارة ومعالِجة معرفية سلوكية في قسم علم النفس بمركز ميدكير الطبي في جميرا. حصلت على بكالوريوس الآداب من كلية إيميرسون في بوسطن، ودرجة الماجستير في العمل الاجتماعي من كلية ويلوك للتعليم والتطور البشري بجامعة بوسطن، في بوسطن، وشهادة في العلاج المعرفي السلوكي والتقويم والعلاج للصدمة النفسية، من جامعة بوسطن في بوسطن.

وقد أمضت يافي سنوات مسيرتها المهنية المبكرة في تقديم المشورة والتدخل في الأزمات للمراهقين الذين كانوا في حاجة إلى عناية خاصة بسبب الصعوبات الانفعالية، والتغيب عن الدراسة، والفشل الدراسي، ومواجهة السلوكيات المسيئة لفظيًا وبدنيًا. وقد عملت في البداية أخصائية اجتماعية سريرية، ثم معالِجة نفسية في عدة منشآت متنوعة بالولايات المتحدة.

وبعد انتقالها إلى دبي، عملت لفترة من الوقت استشارية سلوكية في مركز دوريس دوان-يونغ وخدمات كيدز إن موشن لعلاج الأطفال. وتتمتع بخبرة هائلة في تقديم التقويمات السريرية والمشورة للبالغين والأطفال والمراهقين مِن خلفيات ثقافية واجتماعية واقتصادية متنوعة.

تتعامل مع التحديات التي تتضمن التأقلم مع اضطرابات الصحة العقلية، وتعاطي المخدرات، والصدمة. وتسهّل إنشاء مجموعات للعلاج الجدلي السلوكي والإدمان، وتَستخدم أحدث التقنيات المتاحة، مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، والعلاج القائم على الانفعالات، والعلاج الجدَلي السلوكي، والعلاج النفسي الحركي، وإزالة تحسس حركة العين وإعادة المعالَجة (EMDR).

 وتتمتع كذلك بالكفاءة في معالجة اضطرابات الاكتئاب والقلق، ونقص الثقة بالنفس، والمشكلات المتعلقة بالتوتر، والسلوكيات الإدمانية،  والصدمة، واضطرابات الشخصية، والمشكلات المرتبطة بالغضب، ومشكلات العلاقات الاجتماعية، واضطراب طيف التوحد/اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة، واضطراب كرب ما بعد الصدمة.

 

آخر تعديل بتاريخ
05 نوفمبر 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.