جراحة الأجنة في نجاح مستمر مع د. أروى الرفاعي

لم تعد جراحة الأجنة حلماً، بل أصبح هذا الإجراء الجراحي المميز أملاً للكثيرين. في هذا السياق سجلنا حواراً مع د. أروى الرفاعي، المتخصصة بجراحة الأجنة.

بدأت جراحة الأجنة عام 1961 مع أول عملية نقل دم جنيني ناجحة عبر الجلد، مما مثّل بداية مجال ثوري في الطب. وبناءً على هذا الأساس، حققت الجراحة الجنينية تقدماً بارزاً في عام 1981 عندما أُجريت أول عملية جراحية جنينية مفتوحة في مركز UCSF، أول مركز للعلاج الجنيني في الولايات المتحدة. استمر هذا المجال الثوري في التطور من تقنيات الجراحة المفتوحة إلى الإجراءات الأقل تدخلاً، مما غيّر علاج بعض المشاكل لدى الجنين، وأدى إلى تجارب سريرية رائدة أظهرت تحسناً في النتائج. فما هي أنواع جراحة الأجنة وما هي دواعي استخدامها؟

ما هي أنواع جراحة الأجنة ؟

هناك أنواع متعددة في جراحة الأجنة حين يكون الجنين في بطن أمه، تعتمد التقنية الجراحية التي يستخدمونها على حالة الجنين وصحة الأم، وتشمل:

• الجراحة الجنينية المفتوحة

تشبه الجراحة الجنينية المفتوحة إجراء العملية القيصرية ولكنها ليست مماثلة تماماً، نقوم تقنياً بعمل شق مختلف في الرحم ثم نغلق كل شيء ويستمر الحمل بعد ذلك. بينما كانت هذه الطريقة في العلاج ثورية عندما بدأنا إجراء الجراحة الجنينية لأول مرة، لكننا نحاول تجنبها في الوقت الحاضر ما لم تكن ضرورية للغاية، لأنها تدخلية جداً لكل من الأم والجنين. إنها أشبه بفتح طرد مغلف بعناية، وإصلاح ما بداخله، ومحاولة إعادة تغليفه بشكل مثالي. نعم يمكن القيام بذلك، ولكن هناك طرق أسهل وأقل توغلاً..

• جراحة المنظار الجنيني

أصبحت جراحة المنظار الجنيني هي نهجنا المفضل الآن. إذا كنت على دراية بالجراحة بالمنظار (حين يُجري الجراحون العمليات من خلال فتحات صغيرة)، فإن جراحة المنظار الجنيني هي نفس المفهوم، ولكنها تجرى على الجنين بينما هو موجود في الرحم. نستخدم كاميرات وأدوات صغيرة جداً للعمل من خلال الرحم، إنه أشبه بالعمل من خلال ثقب المفتاح بدلاً من فتح الباب بأكمله. هذا النهج عادةً ما يحمل مخاطر أقل لحدوث الولادة المبكرة والمضاعفات على الأم والجنين.

• جراحة أثناء الولادة

إجراء مثير للاهتمام هو العلاج خارج الرحم أثناء الولادة (EXIT)، إذ نقوم بولادة الطفل جزئياً مع الحفاظ على الدورة الدموية المشيمية، بحيث يحصل على الأكسجين وكل شيء، ونُجري الإجراء الضروري، ثم نكمل الولادة. يُستخدم هذا غالباً لعلاج حالات تؤثر على مجرى الهواء، مثل وجود كتلة كبيرة تضغط على مجرى الهواء.

نقوم أيضاً بالعديد من الإجراءات المتخصصة. على سبيل المثال، عندما نضع التحويلات، نقوم في الأساس بعمل مسارات تسريب صغيرة للسائل المتراكم حيث لا ينبغي أن يكون، سواء كان ذلك في الصدر بشكل انصباب الجنب (سائل حول الرئتين)، أو آفات الرئة الكيسية، أو في المثانة عندما يكون هناك انسداد في مجرى البول. فكر في الأمر مثل تركيب أنبوب تصريف صغير يفرغ السائل المتراكم.

•  التخثر الضوئي بالليزر

هو تقنية متخصصة أخرى نستخدمها خاصة في حالات الحمل بالتوائم ووجود الأوعية الدموية المتصلة، إذ يرسل توأم واحد المزيد من الدم إلى التوأم الآخر، وهذه الحالة ضارة لكلا التوأمين. باستخدام الليزر، يمكننا إغلاق هذه الاتصالات بين الأوعية الدموية عند التوائم.

ما هي دواعي استخدام جراحة الأجنة ؟

هناك العديد من المشكلات الصحية المرتبطة بالجنين والتي قد تستدعي تدخلاً جراحياً بينما هو في بطن أمه، وتشمل الأمراض الأكثر شيوعاً وطلباً لجراحة الأجنة ما يلي:

• السنسنة المشقوقة.
• متلازمة انتقال الدم بين التوائم.
• آفات الرئة.
• انسداد مخرج المثانة.

حدّثينا عن تخدير الأم والجنين أثناء الجراحة

فيما يتعلق بالتخدير، هذا أحد أكثر جوانب الجراحة الجنينية تعقيداً. ينبغي أن نراعي كلاً من الأم والجنين، إذ تتلقى الأم عادةً تخديراً عاماً يعبر المشيمة ليوفر أيضاً تخديراً للجنين. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما نعطي تخديراً مباشراً للجنين ودواءً للألم حتى يكون مرتاحاً ولا يتحرك أثناء الجراحة.

ما هي مضاعفات جراحة الأجنة الأكثر شيوعاً؟ 

أي جراحة تشمل امرأة حاملاً هي في الأساس عملية على مريضَين في وقت واحد، مما يجعل الأمور معقدة بشكل خاص. دعوني أوضح هذه المضاعفات وأشرح سبب حدوثها.

بالنسبة للأمهات

 القلق الأكبر هو الولادة المبكرة، ومن المثير للاهتمام -ولكنه أيضاً تحدٍ صعب- هو كيفية استجابة الرحم لأي تدخل. عندما نُجري عملية على الرحم، فإنه يتحفز طبيعياً لكي ينقبض. يمكن أن تؤدي هذه الانقباضات إلى الولادة المبكرة، ولهذا السبب نحن حذرون للغاية ونستخدم الأدوية لمنع ذلك. رغم أقوى جهودنا، ما تزال هذه المشكلة الأكثر شيوعاً التي نواجهها.

بالنسبة للجنين

المضاعفات مختلفة قليلاً. الولادة المبكرة هي أكبر مصدر قلق لنا، لأن الأمر لا يتعلق بالجراحة نفسها فحسب، بل يتعلق بمنح الطفل وقتاً كافياً للتطور وامتلاك أعضاء ناضجة. بضعة أسابيع إضافية من الحياة الجنينية يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً في تطور الرئة والأنظمة الحيوية الأخرى عند الطفل الوليد.

عندما يولد الأطفال قبل الأوان، يمكن أن يواجهوا تحديات مختلفة، قد لا تكون الرئتان متطورتين بالكامل، وقد يواجهون صعوبة في الحفاظ على درجة حرارتهم، وهم أكثر عرضة للالتهابات. إنه أشبه بطلب من شخص ما أن يجري ماراثوناً عندما لا يزال يتعلم المشي، أجسادهم ليست مستعدة بعد لتحديات الحياة خارج الرحم.

ما هي التدابير التي تعتنون بها أثناء جراحة الأجنة ؟

في حين أن  المضاعفات تبدو مخيفة، فقد أصبحنا أفضل بكثير في منعها والسيطرة عليها على مر السنين. لدينا بروتوكولات مفصلة لكل شيء، من منع الولادة المبكرة إلى ضبط الألم بعد العملية. الأهم من ذلك على الأرجح هو أن لدينا معايير محددة لاختيار الحالات المناسبة للجراحة الجنينية، ونحن نمضي قدماً فقط عندما تفوق الفوائد المتوقعة احتمال حدوث هذه المخاطر.