صحــــتك

الهيموفيليا مرض نادرا ما يصيب النساء.. تعرّف على أسراره

إعداد وتحرير
كل ما تود معرفته عن مرض الهيموفيليا
كل ما تود معرفته عن مرض الهيموفيليا

مرض الهيموفيليا أو الناعور، هو اضطراب وراثي نادر في الدم يمنع الدم من التجلط بشكل صحيح، مما يؤدي إلى النزيف. يَحدث مرض الهيموفيليا بسبب نقص أو غياب أحد عوامل التخثر في الدم. في حوار مشترك، يحدّثنا كل من الطبيب العماني الدكتور عبد الحكيم الرواس، استشاري أول أمراض الدم والأورام وزراعة خلايا الدم الجذعية، والدكتور أحمد توفيق، عن مرض الهيموفيليا وأسبابه وأعراضه وطرق علاجه. للحصول على تفاصيل عن هذا المرض نسأل الدكتور عبد الحكيم الرواس: 

ما هو الهيموفيليا وما أسبابه وأعراضه، وكيف يمكن الوقاية منه وعلاجه؟

الهيموفيليا هو اضطراب نزفي وراثي نادر ناتج عن نقص أحد البروتينات الضرورية لتخثر الدم، وغالبًا ما يكون ذلك هو نقص العامل الثامن (هيموفيليا A) أو العامل التاسع (هيموفيليا B). في غياب هذه العوامل، قد يؤدي حتى الجرح الطفيف إلى نزيف مطوّل، وقد تحدث حالات نزيف داخلي تلقائي في الحالات الشديدة.

ينتقل هذا المرض في الغالب بالوراثة، ويصيب الذكور بشكل أكبر لأنه مرتبط بالكروموسوم X، فيما تكون الإناث حاملات للمرض غالبًا دون أن تظهر عليهنّ الأعراض. ومع ذلك، تشير الإحصاءات إلى أن نحو ثلث الحالات تنجم عن طفرات جينية عفوية، أي دون وجود سجل عائلي سابق.

تبدأ علامات الهيموفيليا عادة في الظهور في سنّ مبكرة، وتتمثل في سهولة حدوث الكدمات، واستمرار النزيف لفترات طويلة بعد الجروح أو العمليات، إضافة إلى حدوث نزيف تلقائي في المفاصل والعضلات، ما قد يؤدي إلى ألم ومضاعفات طويلة الأمد إذا لم يتم علاجه بشكل صحيح. وقد يظهَر أحيانًا دم في البول أو البراز، وفي حالات نادرة، قد يحدث نزيف داخلي خطير، مثل نزيف في الدماغ.

يُشخَّص المرض من خلال اختبارات دم تقيس مستويات عوامل التخثر، وغالبًا ما يُثبت التشخيص عبر الفحوصات الجينية لتحديد الطفرة المسببة بدقة. هذا الأمر لا يفيد في تحديد خطة العلاج فحسب، بل يُسهم أيضًا في الإرشاد الوراثي وتخطيط الإنجاب مستقبلًا.

ورغم أنه لا يمكن الوقاية من الإصابة بمرض الهيموفيليا، فهناك خطوات يمكن للعائلات التي لديها سجل مرضي اتخاذها. تشمل هذه الخطوات فحص الحاملات من النساء، والتشخيص المبكر خلال الحمل، والتشخيص الوراثي قبل الحمل بالتلقيح الاصطناعي (IVF)، ما يتيح للعائلات خيارات مدروسة لتفادي انتقال المرض للأجيال القادمة.

أما من حيث العلاج، فقد شهدت السيطرة على مرض الهيموفيليا تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. يُعالَج العديد من هؤلاء المرضى اليوم عبر الحقن الوقائي المنتظم لعوامل التخثر لتفادي النزيف التلقائي والحفاظ على مستوى آمن في الجسم، بينما يتلقى البعض الآخر العلاج حسب الحاجة عند حدوث النزيف. وقد ظهرت في السنوات الأخيرة علاجات غير تقليدية مثل دواء إيميسيزوماب (emicizumab)، الذي يُحاكي وظيفة عامل التخثر المفقود ويوفر جرعات أقل تكرارًا وأكثر سهولة في الاستخدام.

أما على صعيد المستقبل، فإن العلاج الجيني يحمل آمالًا كبيرة. ورغم كونه ما يزال في مرحلة الدراسة، فإن التجارب السريرية الأولية أظهرت نتائج واعدة في معالجة جذور المشكلة على المستوى الجيني. وبالتوازي مع هذه التطورات، يظل الدعم الشامل جزءًا أساسيًا من تدبير هذا المرض، بما في ذلك العلاج الفيزيائي لحماية صحة المفاصل، والعناية بالأسنان لتفادي النزيف أثناء الإجراءات الروتينية، وتثقيف المرضى وأسرهم لتمكينهم من التعامل مع المرض وتحسين جودة حياتهم.

 

ما أهمية حملات التوعية للمصابين بمرض الهيموفيليا، وما الجهود المبذولة في سلطنة عمان لرفع الوعي، وما أبرز التحديات في الحصول على الرعاية؟

تمثل التوعية الخطوة الأولى نحو تحسين نتائج المرضى المصابين بأمراض مزمنة مثل الهيموفيليا. عندما يفهم المرضى وعائلاتهم طبيعة المرض وأعراضه وأهمية التدخل المبكر، يكونون أكثر قدرة على التعايش معه بفعالية. كما أن التوعية تلعب دورًا كبيرًا في إزالة الخوف أو التردد، وتشجع على الالتزام بالعلاج، مما يؤدي إلى تحسين جودة الحياة. وبالنسبة لمرض مزمن يمتد طوال الحياة، فإن هذه المعرفة ليست فقط مفيدة، بل ضرورية.

في سلطنة عمان، شهدنا خطوات إيجابية في هذا المجال، فقد ساهمت الفعاليات التوعوية المرتبطة باليوم العالمي للهيموفيليا في فتح حوارات مهمة، ليس فقط ضمن الأوساط الطبية، بل أيضًا على مستوى المجتمع. كما تم تعزيز قدرات التشخيص في عدد من المستشفيات، إلى جانب تقديم تدريبات متخصصة للكادر الطبي حول كيفية التعرف على المرض وتدبيره بشكل مبكر. وتُعد هذه الخطوات حاسمة في منطقتنا، إذ يمكن للتشخيص المبكر أن يُحدث فارقًا كبيرًا. كما ساهمت الحملات الإعلامية والتواصل المجتمعي في نشر المعرفة حول هذا المرض وتقليص الوصمة المرتبطة به.

رغم هذا التقدم، ما تزال هناك تحديات حقيقية نواجهها، فالتوزيع الجغرافي لدولة عمان، ووجود العديد من المناطق الجبلية أو النائية، قد يُصعّب من الوصول إلى الرعاية المتخصصة. كما أن الأطفال يواجهون تحديات إضافية، إذ إن الحقن المتكررة أمر مرهق جسديًا ونفسيًا. ورغم تنامي الوعي، ما زلنا بحاجة إلى تعزيز الفهم المجتمعي الأوسع، فبعض المفاهيم المغلوطة حول اضطرابات النزيف قد تؤخّر التدخل الطبي، أو تمنع العائلات من طلب المساعدة في الوقت المناسب.

كما نواجه حاجة ملحة إلى تحسين التنسيق بين خدمات الرعاية الأولية والمراكز المتخصصة، لضمان حصول المرضى على دعم مستمر وفي الوقت المناسب.

هذه التحديات ليست فريدة من نوعها لدولة عمان، ولكن التصدي لها يتطلب تعاونًا مستمرًا على جميع مستويات النظام الصحي. فالتوعية وحدها لا تكفي، بل يجب أن تترافق مع تحسين الوصول، وتدريب الكوادر، وتبني نهج متكامل في تقديم الرعاية.

 

للتوعية بهذا المرض تلعب المؤسسات الطبية وشركات الأبحاث دوراً بارزاً يتحدث عنه الدكتور أحمد توفيق، المدير العام لشركة روش الخليج.

عندما يتعلق الأمر بالأمراض النادرة مثل الهيموفيليا فإن التعاون غالبًا هو عنصر أساسي. ما الدور الذي تلعبه الشراكات في تشكيل رعاية أكثر استجابة؟

تلعب سلطنة عمان دوراً أساسياً في توفير الحلول الطبية المتطورة لكل من يحتاجها، ونحن في شركة روش لا ننظر إلى أنفسنا كشركة رعاية صحية، بل كشريك طويل الأمد ملتزم بدعم أنظمة الصحة المستدامة. نحن لا نرى أنفسنا مجرد شركة رعاية صحية، بل شريكًا طويل الأمد ملتزمًا بدعم أنظمة صحية مستدامة ومستعدة لمواجهة تحديات. نحن نؤمن بأن التقدم الحقيقي في مجال الرعاية الصحية يحدث عندما يجتمع القطاعان العام والخاص حول هدف مشترك: تحقيق نتائج أفضل للناس.

في حالة الهيموفيليا وغيرها من الأمراض النادرة، يصبح هذا التعاون مهماً. عمَلنا في سلطنة عمان متجذّر في الشراكة مع وزارة الصحة، ومستشفى جامعة السلطان قابوس، وأطباء الدم، ومع المجتمع الصحي الأوسع. معًا، نعمل على ضمان وصول المرضى السريع والكامل إلى أحدث الابتكارات. ويشمل ذلك تطوير حلول تسعير مصمّمة خصيصًا وآليات لضبط التكاليف تُراعي العبء الكامل للمرض، بما في ذلك التكاليف المباشرة للرعاية، والتأثيرات غير المباشرة على المرضى وعائلاتهم والنظام الصحي بأكمله.

نحن نؤمن أيضًا بأن الوصول إلى العلاج يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع التوعية والتعليم. لهذا السبب، نشارك في ابتكار حملات مجتمعية وندعم المبادرات التعليمية بالتعاون مع المؤسسات المحلية، لضمان وصول معلومات دقيقة وموثوقة حول المرض وعلاجه إلى الجمهور العام وإلى العاملين في مجال الرعاية الصحية. ويظل التدريب والتعليم الطبي المستمر للعاملين الصحيين ركيزة أساسية في جهودنا لتعزيز منظومة الرعاية ككل.

هذه الشراكات لا تقتصر على توفير العلاج؛ بل تهدف إلى بناء أطر رعاية مستدامة، إذ يتم تبادل المعرفة، وتعزيز الأنظمة، ودعم المرضى بشكل حقيقي في كل مرحلة من مراحل رحلتهم.

 

ما الدور الذي يلعبه العاملون على تحسين الرعاية في هذا المجال؟

على مدار رحلتي، حظيت بامتياز لقاء المرضى ومقدّمي الرعاية والمتخصصين في الرعاية الصحية الذين تمسّ الهيموفيليا حياتهم يوميًا. ووراء كل حالة، هناك قصة صمود وأمل، وتطلّع إلى حياة ذات جودة أفضل.

ويضيف: غايتنا دائمًا تحسين الحياة. وفي مجال الهيموفيليا لا يقتصر ذلك على تطوير العلاجات فحسب، بل يعني إعادة التفكير بما هو ممكن، والانتقال من مجرد السيطرة على الأعراض إلى تمكين الأشخاص من العيش بقيود أقل. نحن فخورون بمساهمتنا في بناء مستقبل يتمكّن فيه المرضى من التمتّع بحرية أكبر، وزيارات أقل للمستشفيات، وثقة أكبر في حياتهم اليومية.

ندرك أن الابتكار لا يكتسب قيمته إلا عندما يصل إلى مَن يحتاجه. وفي مختلف دول الخليج، نعمل عن كثب مع الجهات الصحية والشركاء وأصحاب المصلحة المحليين لضمان أن تكون الرعاية المتقدّمة حقًا وليس امتيازًا. كل بلد في مجموعتنا يتميّز بنظام صحي فريد، ونتعامل مع كل منها بالالتزام ذاته: تقديم حلول تجمع بين التقدّم العلمي والملاءمة المحلية.

وتنبع جهودنا في مجال الهيموفيليا من قناعة بسيطة لكنها قوية: الناس لا يريدون أن تُعرّفهم أمراضهم، بل يريدون أن يعيشوا ويعملوا ويسافروا ويحلموا دون قيود. هذا ما نسعى إليه: تمكين الناس ليس فقط من خلال علاج أفضل، بل من خلال حياة أفضل.

آخر تعديل بتاريخ
03 يوليو 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.