من المعروف أن النساء يعانين بصمت، ما قد يؤدي إلى الكثير من المشاكل التي تتراكم مع الوقت بحيث يصعب علاجها. في هذا الحوار تتحدث الدكتورة شاستي أوكونيل Chasity O’Connell عن أبرز الأمراض النفسية لدى النساء وطرق علاجها.
ما أبرز الأمراض النفسية لدى النساء؟
تؤثر مشكلات الصحة النفسية على الرجال والنساء، ومع ذلك، تواجه النساء مجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية، ولكن بعضها أكثر شيوعًا بسبب عوامل اجتماعية، ومنهجية، وبيولوجية، وهرمونية، ومجتمعية. العديد من هذه الاضطرابات التي تصيب النساء تُعرف بأنها بيولوجية ونفسية واجتماعية، مما يعني أنها لا تنشأ من سبب واحد فقط، بل نتيجة تفاعل معقد بين العوامل البيولوجية مثل الهرمونات، والعوامل الوراثية، والنواقل العصبية، والعوامل النفسية مثل أنماط التفكير، والسمات الشخصية، وتنظيم المشاعر، والعوامل الاجتماعية مثل العلاقات، والصدمات العاطفية، والتوقعات الثقافية، والأدوار الاجتماعية.
بناءً على ذلك، فإن بعض الاضطرابات والأمراض النفسية لدى النساء الأكثر شيوعًا تشمل القلق، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الولادة، والتحديات النفسية المرتبطة بسن اليأس وما قبل انقطاع الطمث، واضطرابات الأكل، والصدمة النفسية واضطرابات ما بعد الصدمة.
ما أخطر أنواع الأمراض النفسية لدى النساء ؟
من اللافت أن فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa) يُعد من أخطر الاضطرابات النفسية، إذ يتميز بمعدل وفيات مرتفع ويُعتبر من أكثر الحالات تعقيدًا في العلاج نظراً لما يسببه من مضاعفات صحية خطيرة. في المقابل، هناك اضطرابات وأمراض نفسية أخرى تحمل مخاطر عالية، خاصة تلك التي تزيد من احتمالية السلوك الانتحاري، مثل الاكتئاب، واضطراب الشخصية الحدية، واضطراب تعاطي المخدرات، واضطراب طيف التوحد غير المشخص، والاضطرابات الذهانية التي تتجلى في الهلوسات السمعية والبصرية والأوهام.
ما أسباب الأمراض النفسية لدى النساء وكيف تعاني النساء من الاضطرابات النفسية؟
من الصعب تحديد سبب واحد للاضطراب النفسي، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة علاقة معقدة بين العوامل الوراثية (التاريخ العائلي)، وضغوط البيئة (مثل الإساءة، والإهمال، والعنف، والفقر، إلخ)، والأحداث الحياتية (مثل الصدمات، والحمل، والولادة)، بالإضافة إلى القدرة البيولوجية-الاجتماعية للشخص على التكيف. كلما كان الشخص أكثر ضعفًا، زادت احتمالية إصابته باضطراب نفسي. يعتمد هذا التفسير على نموذج الاستعداد للضغوط في الاضطرابات النفسية الذي ينصّ على أنه كلما زادت قابلية الشخص للتأثر، زادت احتمالية إصابته باضطراب نفسي عند التعرض لحدث محفِّز.
ما احتياجات المرأة النفسية؟
هذا السؤال معقد للغاية، فعلى مدار الحياة، تتغير احتياجات النساء بشكل مستمر. في مراحل الطفولة المبكرة، يحتاج الأطفال إلى رعاية مستمرة (ليست مثالية ولا متاحة دائمًا، ولكنها كافية). مع تقدمهم في العمر، تتحول احتياجاتهنّ مع مرورهنّ بمراحل مختلفة من الطفولة إلى المراهقة، ثم إلى مرحلة الشباب. بالطبع، الطبائع التي وُلدت بها كل امرأة تساهم في تنوّع هذه الاحتياجات. قد تكون الطريقة الأكثر إيجازًا للإجابة على هذا السؤال هي الرجوع إلى هرم ماسلو للاحتياجات. في البداية، يجب تلبية الاحتياجات الفسيولوجية الأساسية، تليها احتياجات الأمان والاستقرار، ثم الاحتياجات النفسية المرتبطة بالانتماء والرعاية والشعور بالكفاءة. بعدها تأتي احتياجات التقدير الذاتي، وأخيرًا تلبية احتياجات المعنى والهدف في الحياة. بالطبع، هذا التفسير يعد تبسيطًا للإجابة، لكنه يوفّر مقدمة أساسية لفهم موضوع الأمراض النفسية لدى النساء .
ما أعراض المرض النفسي عند النساء؟
هذا أيضًا من الأسئلة التي يصعب الإجابة عليها. بشكل عام، كل اضطراب له أعراضه الخاصة. على سبيل المثال، أحد معايير الاكتئاب هو المزاج المنخفض أو اليأس، بينما في القلق يكون هناك قلق مفرط أو مستمر وتوتر في العضلات. لذا، ليس من المجدي سرد جميع الأعراض، بل من الأفضل تقديم دليل لفهم متى يصبح التحدي مشكلة نفسية. أولًا، عندما تواجه المرأة صعوبة قد تؤذي نفسها أو شخصًا آخر، وهذه واحدة من أبرز علامات المرض العقلي إذا كانت تعاني لفترة طويلة وكان مستوى أدائها الوظيفي قد انخفض. وبالطبع، إذا كانت في حالة ضيق أيضًا، ولا يبدو أن ذلك سيختفي. يمكن أن تكون الأعراض جسدية (مثل آلام المعدة، والأرق)، أو عاطفية (مثل المزاج المنخفض، واليأس، والقلق المفرط)، أو معرفية (مثل صعوبة التفكير، والتركيز، أو اتخاذ القرارات)، أو سلوكية (مثل تجنب الأنشطة التي كانت تستمتع بها سابقًا، أو التصرف بعنف تجاه الآخرين).
كيف يمكن علاج الأمراض النفسية لدى النساء وتعزيز صحتها النفسية؟
هناك العديد من الطرق الفعّالة لدعم النساء اللاتي يعانينَ من تحديات الصحة النفسية، وقد يشمل ذلك العلاج النفسي وحده، أو العلاج مع الأدوية التي يصفها طبيب نفسي أو طبيب عام. بالإضافة إلى ذلك، هناك تغييرات في نمط الحياة قد تكون داعمة للغاية، مثل الخروج إلى الهواء الطلق، وممارسة الهوايات، والتمرين، واليقظة الذهنية، والصلاة والروحانية، ووجود شبكة دعم قوية، والتطوع. هناك العديد من الأشياء التي يمكننا القيام بها لدعم صحة المرأة النفسية.
حدثينا عن أهم الاستراتيجيات الفعالة للعناية بالصحة النفسية لدى النساء
تعتمد الإجابة على هذا السؤال حقًا على المرأة. بالنسبة لبعض النساء، قد يكون العلاج النفسي جنبًا إلى جنب مع التمارين الرياضية فعال للغاية. بالنسبة لنساء أخريات، قد يكون العمل على بناء شبكات دعم والتواصل مع الآخرين له تأثير كبير. ويعتمد الأمر حقًا على ما تعاني منه المرأة، وما احتياجاتها، وما الموارد المتاحة لها. وضْع استراتيجية للعناية الذاتية الفردية قد يكون مفيدًا للغاية (قد يكون هذا صعبًا جدًا على النساء، خاصة عندما تكون النساء قد تَعلمنَ أن يضعنَ احتياجات الآخرين أولاً). العناية بالجسد والعقل مهمة أيضًا. ربما تكون إحدى أكثر الاستراتيجيات فعالية هي المبادرات مثل التي تهدف إلى تعليم النساء ونشر الوعي، فكلما زادت معرفتك، زاد وعيك للقيام بشيء حيال ذلك.
حدثينا أخيراً عن دراستك وخبرتك المهنية
غالبًا ما يتم التقليل من معاناة النساء، سواء كانت الألم، والأرق، والإرهاق، والجوع الجسدي، والمعاناة النفسية، وانخفاض المزاج، وقلة الدافع، أو التحديات العامة، ويُنظر إليها على أنها تمتاز بالحساسية المفرطة أو عدم بذل جهد كافٍ. بعد أن شهدت مثل هذه المواقف، أصبحت شغوفة بفهم قضايا الصحة النفسية للمرأة وتعزيز الدعم المقدم لها، خاصة في مواجهة الضغوط المجتمعية والتحولات الحياتية مثل الأمومة، والتطور المهني، والتقدم في العمر. أحمل شهادات عليا في الصحة النفسية، بما في ذلك ماجستير في الإرشاد النفسي، وماجستير في العلوم النفسية، ودكتوراة في علم النفس. كما أجريت أبحاثًا حول الصحة النفسية وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي كأستاذة ممارسة في الجامعة الأمريكية في الشارقة ومركز "ثرايف ويلبينغ".
