صحــــتك

وباء كورونا الجديد.. التوازن مطلوب والهلع ضار

وباء كورونا الجديد.. التوازن مطلوب والهلع ضار
خلال أيام معدودة أصبح وباء كورونا الجديد Novel coronavirus 2019-nCoV محط نظر العالم أجمع، كل وسائل الإعلام تنشر تحديثات يومية لتتبع تطورات انتشار الوباء، والعلماء يدرسون الفيروس ليحددوا مصادره بدقة، وليتعرفوا على تركيبته الجينية، مما ييسر إنتاج سبل للتشخيص الدقيق، وأدوية ولقاحات للوقاية والعلاج، وتستنفر جهود المؤسسات الصحية في بلدان العالم المختلفة إما لمنع دخول الفيروس، أو للحد من انتشاره إن كانت هناك بالفعل إصابات.

وهذا الزخم - الإعلامي منه تحديداً وما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي بالأخص - يسبب ضغطاً نفسياً رهيباً على جهازنا النفسي المرهق والمثقل أصلاً، مما يرفع من مستويات القلق عند الكثير منا، فالأم قلقة على أطفالها، وقلقة من الوجود في التجمعات، وكل أعراض برد عادية يمكن أن تصيبنا بحالة من الهلع.


وحقيقة الأمر أن تسليط الضوء على أمر أشبه باقتراب الكاميرا من نقطة صغيرة في صورة كبيرة.. هذا الاقتراب يجعلنا نرى تفاصيل هذه النقطة ضخمة وأحياناً مرعبة، ولكن الابتعاد بعدسة الكاميرا للخلف يساعدنا على أن نرى الصورة الكاملة أكثر وضوحاً، مما يمكننا من معرفة حجم النقطة الصغيرة وتفاصيلها وسط الصورة الكلية، ولأجل توسيع مجال النظر سأتناول في مقالي هذا أهم المعلومات عن حجم خطر وباء كورونا الجديد، ومن هم المعرضون للخطر بالفعل، مقارنة بالأوبئة الفيروسية الأخرى التي حدثت في الأعوام السابقة، كما سأتطرق إلى مقارنة حجم الوفيات من الوباء الجديد حتى الآن مقارنة بالإنفلونزا الموسمية، ووباء التدخين، والوفيات العالمية بصفة عامة.

* معلومات مهمة عن فيروس كورونا الجديد

فيروس كورونا الجديد ظهر في مقاطعة ووهان في الصين، ورغم الأقوال التي ترجح انتقاله من الحيوان إلى الإنسان إلا أنه حتى الآن لا توجد حقيقة مؤكدة لمصدر الفيروس.

الفيروس انتشر في العديد من دول العالم، ولكن حتى الآن:
- معظم الإصابات غير خطيرة.
- معظم الإصابات حدثت في الصين تليها إيطاليا وإيران، ثم كوريا الجنوبية، كما سجلت إصابات أخرى في معظم الدول، لكن، عدد الوفيات ما زال قليل.
- نسبة الوفيات حوالي 3.5% ، وهذه نسبة أقل بكثير من وباء سارس مثلاً، والذي كانت نسبة الوفاة في المصابين به حوالي 10%.
- معظم الوفيات حدثت في أشخاص مسنين يعانون من مشاكل صحية موجودة من قبل، بما في ذلك مرض السكري ومشاكل في القلب والتهاب الشعب الهوائية المزمن وغيرها من الحالات. 
- من المرجح انخفاض معدلات الوفيات أكثر مع التدابير الصحية التي تتخذها السلطات الصحية للكشف عن الحالات الأقل خطورة.



* تاريخ الأوبئة في القرن الحالي والماضي

لن نتناول تفصيلات الأوبئة، ولكن فقط سنشير إلى حجم الانتشار وأعداد الوفيات حتى نتمكن من رؤية الوباء الجديد في حجمه الطبيعي.
- الجدري - 1901
أدى وباء الجدري في بوسطن إلى إصابة 1500 شخص، ووقعت 270 حالة وفاة.

- الطاعون - 1910
حدثت أكبر حالات تفشي الطاعون في القرن العشرين في منشوريا بين عامي 1910 و1911، ومات حوالي 60.000 شخص.

- وباء الإنفلونزا الكبير - 1918
تشير التقديرات إلى أن وباء الإنفلونزا الكبير، الذي حدث في عامي 1918 و1919، قد تسبب في وفاة ما بين 30 إلى 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، من بينهم 675،000 أمريكي.

- شلل الأطفال - 1952
بلغ شلل الأطفال ذروته في الولايات المتحدة؛ حيث أصيب ما يقرب من 60.000 طفل وتوفي أكثر من 3000.

- فيروس نقص المناعة البشري - 1984
في هذا العام حدد العلماء أن فيروس نقص المناعة البشرية هو سبب الإيدز، وفي نفس العام قتل هذا المرض الفتاك أكثر من 5500 شخص في الولايات المتحدة، واليوم أكثر من 35 مليون شخص حول العالم يعيشون مع عدوى الفيروس، وتوفي أكثر من 25 مليون شخص بسببه منذ الإبلاغ عن الحالات الأولى.

- مرض الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (سارس) - 2003
ظهر سارس عام 2003 لأول مرة في الصين أيضاً، رغم أنه يعتقد أن أول حالة حدثت في نوفمبر 2002، وبحلول يوليو تم الإبلاغ عن أكثر من 8000 حالة و774 حالة وفاة، واقترب معدل الوفيات لحوالي 10٪ من المرضى الذين يعانون من العدوى المؤكدة، وكان معدل الوفيات أعلى بكثير لأولئك الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، حيث اقترب من 50٪ لهذه المجموعة الفرعية من المرضى.


- إنفلونزا الخنازير - 2009
هذا الوباء اعتبرته منظمة الصحة العالمية جائحة عالمية، وكانت الوفيات المؤكدة بسبب المرض 18500 حالة وفاة فقط.

- الكوليرا - 2010
تسبب وباء الكوليرا في مقتل ما لا يقل عن 10000 شخص في هايتي في عام 2010، بعد الزلزال المميت الذي أصاب البلاد بالشلل، مما أعاق الجهود لإعادة البناء.

- الحصبة وأوبئة أخرى - 2012
في عام 2012، توفي حوالي 122000 شخص في جميع أنحاء العالم بسبب الحصبة، وهو مرض شديد العدوى يسببه فيروس، وفي نفس العام قتلت حمى التيفود حوالي 216000 شخص، وقتل مرض السل ما يقدر بنحو 1.3 مليون شخص في عام 2012.

- الإيبولا - 2014
كان وباء حمى الإيبولا النزفية لعام 2014 في غرب أفريقيا أكبر تفشي للإيبولا على الإطلاق. قتل الفيروس أكثر من 11300 شخص قبل الإعلان عنه في عام 2016.

- زيكا - 2016
في هذا العام أعلنت منظمة الصحة العالمية عن حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا بشأن فيروس زيكا، حيث توقعت إصابة 3 إلى 4 ملايين شخص بالعدوى خلال العام، ويسبب المرض عيبًا خلقيًا في الأجنة، ويرتبط أيضًا بالإجهاض والإملاص والعجز العصبي. 


* الوفيات بسبب الإنفلونزا الموسمية
حسب إحصائيات الولايات المتحدة فإنه يموت ما بين 20 ألفا إلى 37 ألف حالة كل عام بسبب الإنفلونزا الموسمية.

* حجم الوفيات بسبب أمراض أخرى
حسب الإحصائيات العالمية فإن أكثر من نصف الوفيات العالمية السنوية تحدث بسبب الأسباب العشرة الأولى للوفيات، وهي أمراض القلب الإقفارية والسكتة الدماغية، والتي تتسبب في أكثر من 15 مليون وفاة سنوياً، ثم مرض الانسداد الرئوي المزمن الذي يسبب وفاة عدة ملايين سنوياً، ويتسبب سرطان الرئة في وفاة حوالي مليوني شخص، ومرض السكري يتسبب في وفاة حوالي 1.6 مليون شخص في العام، وتضاعفت الوفيات بسبب الخرف.

والتهابات الجهاز التنفسي السفلي هي أكثر الأمراض المعدية فتكًا، حيث تسببت في وفاة عدة ملايين شخص في جميع أنحاء العالم، كما تسبب إصابات الطرق ما يزيد عن 1.5 مليون شخص في العام، حوالي ثلاثة أرباعهم من الرجال والفتيان. وبالطبع فهذه الإحصائيات تقريبية، ولكنها بمعظمها في إزدياد مطرد. (هذه الإحصائيات من عام 2016).


* الوفيات بسبب وباء تدخين التبغ
تشير التقارير الصحية العالمية إلى أن الوفيات التي تحدث نتيجة الإصابة بأمراض مرتبطة بالتدخين تصل إلى 12% من إجمالي الوفيات العالمية، ما يعني أن عدة ملايين يموتون سنويا بسبب عادة ضارة، ويمكن، إذا امتلك الإنسان إرادته أن يتخلص منها.

* الخلاصة
يتضح من الإحصائيات السابقة أن الخطورة التي يمثلها فيروس كورونا الجديد - حتى الآن على الأقل - لا تستدعي كل حالة الهلع والمبالغة، فرغم معدل الانتشار السريع نوعا ما على نطاق جغرافي واسع، إلا أن عدد الوفيات لا يتجاوز عدة مئات، واحتمالية أن يموت الإنسان نتيجة حادث طريق، أو حتى إنفلونزا موسمية، أعلى من أن يموت بكورونا الجديد.

وكلامنا هذا لا يعني التوقف عن اتخاذ التدابير الاحترازية للوقاية والاكتشاف المبكر، ولكن فقط أن نعود لمنطقة التوازن من دون إفراط ولا تفريط، ومن دون اتباع الشائعات المضللة واللهاث وراء التسخين الإعلامي.




* المصادر
The top 10 causes of death
Deadly Diseases: Epidemics throughout history
‘Outlier’ victim profiles raise questions over the impact of coronavirus
Novel Corona Virus map
Seasonal flu death estimate increases worldwide
Mortality attributable to tobacco

آخر تعديل بتاريخ
13 مارس 2020
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.