تمر أدمغتنا ببعض التغييرات مع تقدمنا في العمر، فهي تفقد بعضاً من حجمها، مما قد يؤدي إلى مشاكل في الإدراك، مثل مشاكل في تذكّر الأشياء، وتصبح الطبقة الخارجية من الدماغ التي تسمى بالقشرة، أكثر رقّة، ويبدأ الدماغ بإنتاج مستويات أقل من الناقلات العصبية، مثل الدوبامين، وقد تساهم هذه الأمور جميعها في حدوث التدهور المعرفي. تشير هذه الدراسة الحديثة إلى أن ممارسة الرياضة تحمي صحة الدماغ مع التقدم في السن، وأن ممارستها لمدة 5 دقائق يومياً تكفي لبدء تحقيق هذه النتائج الجيدة.
تُظهر الدراسات السابقة أن هناك عددًا من الطرق التي يمكن من خلالها المساعدة في الحفاظ على صحة الدماغ مع التقدم في العمر، بما في ذلك اتباع نظام غذائي صحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد، والإقلاع عن التدخين، والحصول على ما يكفي من التحفيز الذهني من خلال ممارسة أنشطة مثل حل الألغاز والقراءة، والنشاط البدني. نُشرت نتائج هذه الدراسة الحديثة في مجلة (Age and Ageing)، وأظهرت أن ممارسة الرياضة تحمي صحة الدماغ مع التقدم في السن، وبممارسة نشاط بدني متوسط إلى شديد يستمر لأقل من 5 دقائق يومياً.
ارتباط عوامل نمط الحياة
حلل الباحثون في هذه الدراسة البيانات الصحية لـ 585 شخصًا من كبار السن الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و80 عامًا والذين شاركوا في دراسة (IGNITE) التي أجريت في الولايات المتحدة، إذ فَحصت هذه الدراسة العلاقة بين أنشطة الشخص على مدار 24 ساعة مثل النوم، والوقت الخامل، والنشاط البدني الخفيف، والنشاط البدني المتوسط إلى الشديد من جهة، وبين أدائه المعرفي من جهة أخرى. تشمل أمثلة النشاط البدني المتوسط إلى الشديد: الركض، والمشي السريع، والسباحة، وركوب الدراجات الهوائية، والتنس، والرقص.
قال القائمون على الدراسة إن الدراسات السابقة ركّزت على عوامل مثل النوم والسلوكيات الخاملة والنشاط البدني كما لو كانت مستقلة عن بعضها البعض، ولكن يبدو أن عوامل نمط الحياة هذه ترتبط من خلال سياق الوقت، وقالوا إن النتائج السابقة كانت محدودة بسبب صعوبات إحصائية تمكنوا من التغلب عليها باستخدام تقنيات جديدة، ولهذا فحصوا تأثيرات الوقت على مدار 24 ساعة من أجل فهم ما إذا كانت طريقة استخدام الوقت على مدار اليوم قد تكون مرتبطة بالوظيفة الإدراكية مع التقدم في السن.
ممارسة الرياضة تحمي صحة الدماغ
في ختام الدراسة، وجَد الباحثون أن المشاركين الذين قضوا وقتًا أطول خلال اليوم في أداء نشاط بدني متوسط إلى شديد كانوا أفضل بكثير في:
- سرعة المعالجة، وهو مدى سرعة الدماغ في تلقي المعلومات والاستجابة لها.
- الذاكرة العاملة، والمعروفة أيضًا باسم الذاكرة القصيرة المدى.
- الوظائف التنفيذية، مثل القدرة على التخطيط والتركيز.
أكد الباحثون على أن أهمية هذه النتيجة تكمن في التأكيد على أن الطريقة التي يتم بها استخدام الوقت على مدار الـ24 ساعة في اليوم قد تكون مرتبطة بالوظيفة الإدراكية في مرحلة البلوغ المتأخرة، وأن هذه العلاقة قد تكون خاصة بالمجال. وهذا يعني وفقاً للباحثين أن الوقت المستغرق في ممارسة النشاط البدني المتوسط إلى الشديد قد لا يؤثر على جميع مجالات الوظائف الإدراكية بشكل متماثل، ومع ذلك، يظل سبب ذلك مسألة تكهنات، وستحتاج إلى مزيد من البحث.
5 دقائق قد تكفي لتحقيق فوائد
بالإضافة إلى ذلك، اكتشف الباحثون أن أكبر المكاسب المعرفية شوهدت لدى المشاركين الذين انتقلوا من عدم ممارسة أي نشاط بدني متوسط أو شديد إلى ممارسة 5 دقائق منه على الأقل يوميًا، وتشير الدراسة إلى أهمية زيادة أو استمرار ممارسة النشاط البدني المتوسط أو الشديد في مراحل متأخرة من العمر لتحقيق الاستفادة لصحة الدماغ.
هل أكتفي بـ5 دقائق من الرياضة؟
بالرغم من أن نتائج هذه الدراسة تشير إلى أن ممارسة الرياضة تحمي صحة الدماغ ولو مارستها لمدة 5 دقائق فقط يومياً، فإن معظم الخبراء ينصحون بممارسة ما لا يقل عن 150 دقيقة من النشاط البدني أسبوعياً، وذلك لتحقيق أقل قدر من فوائد الرياضة مثل تعزيز صحة القلب، والحفاظ على الوزن الصحي، والوقاية من مختلف الأمراض مثل السكري.
نصيحة من موقع صحتك
تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن ممارسة الرياضة تحمي صحة الدماغ حتى لو كانت 5 دقائق منها على الأقل تمارين متوسطة إلى شديدة في اليوم الواحد، ولهذا إذا كنت لا تمارس الرياضة نهائياً، أو كنت تمارس رياضات خفيفة فقط، حاول ممارسة الرياضة المتوسطة أو الشديدة لمدة 5 دقائق يومياً على الأقل، ولكن احرص على استشارة طبيبك أولاً كي يساعدك على اختيار التمارين الأنسب لك ولحالتك، ولكي تتفادى الإصابات.