مشاكل الغدة الدرقية وتأثيرها على رعاية الأسنان وقصور الغدة الدرقية
يُعرف قصور الغدة الدرقية بأنه الانخفاض في إنتاج هرمونها ووظيفتها، وينتج عادة عن التهاب الغدة المزمن (مرض هاشيموتو)، وبعد أخذ علاجات اليود المشع، وبعد استئصال الغدة الدرقية، وأحيانًا عند تناول أدوية مثل الليثيوم والأميودارون. تُظهر المستويات غير الكافية من هرمون الغدة أعراضاً مختلفة، منها تباطؤ معدل الأيض، وزيادة الوزن، والإمساك، والخمول، وعدم تحمل البرد والجفاف، وانتفاخ الوجه والجفون، ووذمة الساقين، وبطء معدل ضربات القلب.
يحدث قصور الغدة الدرقية الأولي بسبب خلل في الغدة نفسها، بينما يحدث القصور الثانوي بسبب فشل الغدة النخامية في إفراز الهرمون المحفز للغدة الدرقية (TSH)، وعادة ما يكون سبب الوفاة عند مرضى قصور الغدة الدرقية المسنين بسبب حدوث أمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بها، ومن غير المحتمل أن تحدث غيبوبة الوذمة المخاطية في عيادة الأسنان، لكن إذا حدثت فإن علاج هذه الحالة الطارئة هو دعم النشاطات الحيوية الأساسية حتى وصول الإسعاف، ومرضى قصور الغدة الدرقية حساسون جداً للأدوية المثبطة للجهاز العصبي المركزي التي يكثر استخدامها في طب الأسنان.
1. تغيرات الفم في حالات قصور الغدة الدرقية
يجب أن يكون طبيب الأسنان على دراية بالمظاهر الفموية والجهازية لأمراض الغدة الدرقية حتى يتمكن من تحديد أي مضاعفات يمكن أن تحدث، فإذا وجد اشتباهًا بمرض الغدة الدرقية لمريض لم يتم تشخيصه من قبل، يجب إيقاف جميع علاجات الأسنان غير الضرورية حتى يُجرى له تقييم طبي كامل، ويجب تقييم المرضى الذين لديهم تاريخ من أمراض الغدة بعناية لتحديد مستوى العناية الطبية، ويجب أن يجرى علاجهم بطريقة تحد من الإجهاد والعدوى.
وقد تشمل المظاهر الفموية الشائعة لنقص نشاط الغدة الدرقية:
- تضخم الغدد اللعابية.
- تضخم اللسان.
- التهاب اللسان.
- تأخر ظهور الأسنان.
- ضعف صحة اللثة.
- خلل في التعرق.
- عسر الهضم.
- تغير شكل الأسنان.
- تأخر التئام الجروح.
2. رعاية أسنان مرضى قصور الغدة الدرقية
المرضى الذين يعانون من قصور الغدة الدرقية حساسون لأدوية مثبطات الجهاز العصبي المركزي والباربيتورات التي تُستخدم من قبل أطباء الأسنان، لذلك يجب استخدام هذه الأدوية باعتدال.
وقد وجد أن التعرض للمطهّرات الجراحية التي تحتوي على اليود (مثل البوفيدون) يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالتهاب الغدة الدرقية أو قصورها، ويبدو أن المرضى الذين يعانون من الأجسام المضادة للغدة الدرقية والميل نحو حدوث أمراض المناعة الذاتية لديهم معرّضون لخطر أكبر. كما أن الاستخدام المتزامن لمضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات يرفع مستويات هرمون الغدة الدرقية، ويجب أن تكون اختبارات التخثر المناسبة متاحة عندما يتناول المريض مضادات التخثر عن طريق الفم والعلاج بهرمون الغدة الدرقية.
فرط نشاط الغدة الدرقية
فرط نشاط الغدة الدرقية هو حالة ناتجة عن الإنتاج الزائد لهرمونات الغدة، ويتميز بالارتعاش والرجفان، وزيادة الشهية وفقدان الوزن، وعدم الاستقرار العاطفي، وعدم تحمل ارتفاع حرارة الطقس، وعدم انتظام ضربات القلب، والتوتر النفسي، وتضخم القلب، وزيادة التعرض لقصور القلب الاحتقاني، وارتفاع ضغط الدم.
تظهر الأمراض المرتبطة بفرط نشاط الغدة الدرقية أكثر عند الإناث اللاتي تتراوح أعمارهنّ بين 20 و40 عاماً بنسبة 8 نساء مقابل رجل واحد. ويعدّ التعرف على علامات وأعراض فرط نشاط الغدة الدرقية مهماً جداً في طب الأسنان، إذ إن المستويات المرتفعة لهرمونات الدرقية لدى هؤلاء المرضى تجعلهم حساسين جداً للأدوية التي تحاكي هرمونات الجهاز العصبي السمبثاوي (الودي)، مثل الإبينفرين الذي يُستخدم في طب الأسنان لتقليل النزيف ودعم تأثير التخدير الموضعي.
ويمكن أن يؤدي استخدام هذه الهرمونات لإصابة المريضة بأزمة ارتفاع ضغط الدم و/أو عدم انتظام ضربات القلب، وهؤلاء المرضى عادة ما يكونون مقاومين لتأثيرات مثبطات الجهاز العصبي المركزي مثل الديازيبام والأدوية الأخرى المضادة للقلق، وهو العلاج المعتاد لتقليل التوتر ولكنه لن يحسن من تخوف أو عصبية هؤلاء المرضى، خاصة إذا لم يُشخصوا أو لم يُعالجوا بشكل كافٍ.
وعند الفحص، قد تلاحظ تضخم الغدة الدرقية بشكل ملحوظ، وقد تكون التغيرات أحادية الجانب أو ثنائية أو عقدية أو غير عقدية، وقد يعاني هؤلاء المرضى من ألم في تلك المنطقة من الرقبة، وقد لا يكونون قادرين على تحمل الياقات المغلقة أو أي شيء حول الرقبة، وإذا كان المريض يعاني من تضخم في الغدة الدرقية، سواء مع مجموعة من علامات وأعراض فرط نشاط الغدة الدرقية أو حتى بدون أعراض، فتجب إحالته للطبيب لتقييم حالته قبل أي إجراء فموي له.
قد يحتاج المرضى الذين يعانون من مستويات عالية بشكل خطير من هرمونات الغدة الدرقية إلى علاج قوي لمنع (أزمة الغدة الدرقية)، وهي حالة طبية طارئة ونادرة تهدد الحياة، ويجب على طبيب الأسنان في هذه الحالة استدعاء الإسعاف على الفور، وتقديم دعم الحياة الأساسي للمريض إلى حين وصول المسعفين.
مظاهر في الفم قد تدل على فرط نشاط الغدة الدرقية
- الإصابة المتكررة بأمراض اللثة.
- زيادة خطر حدوث تسوس الأسنان.
- تسارع ظهور الأسنان.
- تضخم أنسجة الغدة الدرقية خارج الغدة، خاصة في جزء اللسان الخلفي الجانبي.
- هشاشة العظام أو الفك السفلي.
- متلازمة الفم الحارق التي تسبب ألماً حارقاً في الفم.
- متلازمة سجوجرن، وهي حالة تسبب جفاف الفم.
وفي حالة مرض جريفز يظهر جحوظ العينين، وقد تتضخم الغدة الدرقية بدرجة بسيطة، قد تكون ملحوظة بشكل أكبر عندما يكون المريض مستلقياً على كرسي علاج الأسنان، وذلك بعكس تضخم الغدة الدرقية لأسباب أخرى غير داء جريفز، إذ يكون الانتفاخ في الرقبة ملحوظاً حتى عندما يكون المريض جالساً أو واقفاً.
رعاية الأسنان في حالة فرط نشاط الغدة الدرقية
قبل علاج مريض لديه تاريخ من أمراض الغدة الدرقية، يجب على طبيب الأسنان الحصول على التشخيص الصحيح ومسببات اضطراب الغدة الدرقية، بالإضافة للمضاعفات الطبية السابقة والعلاج الطبي.
المرضى الذين يعانون من فرط نشاط الغدة الدرقية قد يكون لديهم ارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات قلب مرتفع بسبب تأثيرات هرمون الغدة على نشاط الجهاز العصبي الودي، وقد يحتاج المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم إلى مزيد من الاهتمام ومدة أطول من الضغط الموضعي لوقف النزيف.
يجب أيضاً استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية بحذر عند المرضى الذين يعانون من فرط نشاط الدرقية والذين يتناولون حاصرات بيتا، لأن الأولى يمكن أن تقلل من كفاءة الأخيرة. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي الألم إلى تعقيد وظائف القلب لدى المرضى الذين يعانون من فرط نشاط الدرقية، ويجب استخدام أدوية بديلة للألم.
المرضى الذين يعانون من فرط نشاط الدرقية لديهم مستويات متزايدة من القلق، ويمكن أن يؤدي الإجهاد أو الجراحة لحدوث أزمة تسمم الدرقية، ويُمنع استخدام الإبينفرين لديهم، ويجب تأجيل رعاية الأسنان غير الضرورية لدى هؤلاء المرضى الذين يعانون من فرط نشاط الدرقية، وتظهر عليهم علامات أو أعراض التسمم الدرقي.
الفلور واليود قد يسببان الضرر في هذه الحالة، إذ عندما يكون هناك فائض من الفلورايد في الجسم يمكن أن يتداخل مع وظيفة الغدة الدرقية، وبالتالي، فقد رُبط الفلورايد بمشاكل الغدة الدرقية، ويمكن للمرضى الذين يرغبون في تجنب تأثيره على الغدة الدرقية أن يستخدموا معجون أسنان خالياً من الفلورايد.
قد تكون تعديلات علاج الأسنان ضرورية لمرضى الأسنان الذين يعانون مشاكل الغدة الدرقية، وذلك بالحد من الإجهاد، والوعي بالآثار الجانبية للأدوية أو التفاعلات، والانتباه لظهور علامات أو أعراض تسمم الهرمونات من بين مسؤوليات طبيب الأسنان.
مشاكل الغدة الدرقية وتأثيرها على رعاية الأسنان ودور أخصائي الغدد الصماء
يمكن للأطباء الذين يعالجون الأطفال والبالغين الذين يعانون من مشاكل الغدة الدرقية التنبيه إلى تأثيرها السيئ على الأسنان، لذلك يعد التواصل المنتظم بين طبيب الأسنان وأخصائي الغدد الصماء أمراً مهما في العلاج الآمن والأمثل لمرضى الغدة الدرقية، ويجب أن يكون أخصائي الغدد الصماء على علم بالمظاهر الفموية للمرض، كما يجب أن يكون أطباء الأسنان على علم بأدوية التحكم في الغدة الدرقية لمساعدتهم على الحفاظ على صحة فم المريض.
مشاكل الغدة الدرقية وتأثيرها على رعاية الأسنان ودور طبيب الأسنان
يعد فهم الخلل الوظيفي في مشاكل الغدة الدرقية وتأثيرها على الأسنان ذا أهمية كبيرة بالنسبة لطبيب الأسنان لسببين:
- أولاً: قد يكون طبيب الأسنان هو أول من يشتبه بوجود اضطراب بالغدة الدرقية، ما يساعد في التشخيص المبكر، وبالتالي، قد يؤدي طبيب الأسنان دوراً مهماً في الكشف عن اضطرابات عمل الغدة الدرقية.
- ثانياً: تجنب مضاعفات الأسنان المحتملة الناتجة عن علاج مرضى اضطرابات الغدة الدرقية، وتجب مراعاة العناية بالأسنان عند علاج المرضى المصابين بأمراض الغدة الدرقية (فرط أو قصور).
إحدى الطرق التي يمكن لطبيب الأسنان من خلالها حماية مرضى مشاكل الغدة الدرقية وتأثيرها على رعاية الأسنان هي استخدام طوق الغدة الدرقية أثناء أخذ المريض الأشعة السينية، لأن الغدة الدرقية حساسة جداً للإشعاع، والتعرض المفرط للإشعاع هو عامل خطر معروف لأمراض الغدة الدرقية المختلفة، ومن مسؤولياته أيضاً إدراك الأبعاد المختلفة للمرض والعلاجات التي يمكن أن تؤثر على المريض أثناء علاج أسنانه.
نصيحة من موقع صحتك
في نهاية مقالنا عن مشاكل الغدة الدرقية وتأثيرها على رعاية الأسنان يمكن أن نقول إن معاناة المرضى من قصور الغدة الدرقية أمر شائع في ممارسة طب الأسنان في جميع أنحاء العالم، وتعتبر الحالات غير المكتشَفة عاملاً من عوامل الخطر المرتفع، فقد تشكل تهديداً خطيراً للمريض في أي من إجراءات الأسنان المتبعة، لذلك، فإن الكشف عن مثل هذه الحالات ومعالجتها بشكل صحيح وفي الوقت المناسب لهما أهمية كبيرة لطبيب الأسنان، وكذلك من أجل صحة المرضى.
المصادر
Patients with thyroid dysfunctions
Patients with Thyroid Disease
Dental Management of Thyroid Dysfunction
Oral manifestations of thyroid disorders