صحــــتك

كيف يتخلص جسمنا من الدواء؟

كيف يتخلص جسمنا من الدواء؟
جميعنا نتناول الأدوية لعلاج مختلف الحالات المرضية التي تعترينا، وقد نتساءل كيف يتخلص جسمنا منها بعد أن تقوم بوظيفتها، وهو سؤال مهم جداً، لأن عدم كفاءة التخلص من الدواء يؤدي إلى إطالة عمر النصف للدواء وخطر التراكم مع الآثار السامة المحتملة له، ويبرز هذا الأمر بشكل خاص في حالات القصور الكلوي.

في الواقع يتم التخلص من الأدوية من الجسم إما بطرحها من دون تغيير كدواء أساسي أو كشكل متحول من الدواء، حيث تزيل أعضاء الجسم أدوية المركبات القابلة للذوبان في الماء بسهولة أكبر من المكونات ذات قابلية عالية للذوبان في الدهون، والاستثناء من هذه الحالة هو الرئتين. ولا يتم التخلص من الأدوية القابلة للذوبان في الدهون بسهولة حتى يتم تحويلها إلى مركبات أكثر قابلية للذوبان في الماء، وسنتعرف في هذا المقال على أعضاء الجسم وأجهزته التي تقوم بوظيفة التخلص من الأدوية، وكيف تنجز مهمتها بالغة الأهمية هذه.

* الكبد ودورها المهم في تحويل واستقلاب الأدوية

تقوم الكبد بعملية تحويل Conversion الأدوية القابلة للذوبان في الدهون إلى مواد قابلة للذوبان في الماء يمكن أن تطرحها الكلى، وتقلل عملية التحويل عادة (ولكن ليس دائماً) من النشاط الدوائي للدواء، وعلى الرغم من أن الدواء بعد تحويله قد يبقى في الجسم (في انتظار الطرح)، إلا أنه عادة ما يكون غير نشط دوائياً، أو يكون أقل نشاطاً، ولن ينتج عنه آثار الدواء الأصلي بالدرجة نفسها.

يمكن للعديد من الأدوية زيادة معدل نشاط الإنزيمات التي تقوم بتحويل مجموعة متنوعة من الأدوية، وبالتالي زيادة سرعة التخلص من الدواء، وبعض هذه الأدوية تؤدي لزيادة نشاط الإنزيم، وبعض الأدوية تقلل من الاستجابة لبعض المواد المستقلبة في الكبد، وعلى سبيل المثال، يحفز الفينوباربيتال إنتاج الإنزيمات التي تستقلب عادة الوارفارين المضادة للتخثر. وبالتالي يقلل الفينوباربيتال من تأثير الوارفارين عن طريق زيادة التمثيل الغذائي للوارفارين.

يمكن لبعض الأدوية أيضاً أن تحفّز عملية التمثيل الغذائي الخاصة بها، وهذا قد يؤدي للاحتياج لإعطاء جرعات متزايدة من الدواء من أجل إنتاج نفس التأثير الذي أنتجته الجرعات الصغيرة في وقت سابق.




* التخلص من الأدوية عن طريق الجهاز البولي

تعمل الكليتان كمرشح للدم للتخلص من جميع المواد المذابة في هذا الماء (بما في ذلك الأدوية) من خلال البول، ويعمل النيفرون، وهو الوحدة الأساسية للكلية (هناك ما يقرب من مليون نيفرون في كل كلية)، من خلال ثلاث آليات مختلفة، وهي الترشيح الكبيبي، والطرح الأنبوبي وإعادة الامتصاص الأنبوبي سنتكلم عنها فيما يأتي:

1- الترشيح الكبيبي

يتم ترشيح ما يقرب من 20% من البلازما من خلال الكبيبة، وبعد ذلك تتم إعادة امتصاص معظم الماء والشوارد بشكل سلبي أو نشط في الدم من الأنابيب الكلوية، ولا يتم طرحها في البول. على النقيض من ذلك، فإن المركبات الذائبة في الماء، مثل معظم مستقلبات الأدوية يتم طرحها من الجسم في البول، ويمكن اعتبار الكبيبة بمثابة مرشح غير انتقائي، أي يمكن لجميع المركبات التي يقل وزنها الجزيئي عن 65000 تقريباً أن تخترقه. 

2- الطرح الأنبوبي

يتم الطرح الأنبوبي من خلال نقل مركب من السائل الأنبوبي إلى التجويف الأنبوبي، ويجب أن نتذكر أن السائل المحيط بالأنابيب يتكون من الدم الذي جرى ترشيحه بالفعل على مستوى الكبيبة حيث تم تخليصه من العديد من المركبات منخفضة الوزن الجزيئي.

3- إعادة الامتصاص الأنبوبي

تحدث إعادة الامتصاص الأنبوبي في نقل الجزيئات من تجويف النيفرون إلى الدم. ويمكن أن يتم ذلك وفق آليتين: إحداهما نشطة والأخرى سلبية. لكن بعض الجزيئات لا يتم إعادة امتصاصها، مثل حمض شبه أمينوبوريك، والمانيتول، والأنسولين.




* التخلص من الأدوية عن طريق الجهاز الهضمي

يقوم الجهاز الهضمي بامتصاص والتخلص من الأدوية، ويكون الامتصاص سائداً بالطبع بعد تناول الدواء عن طريق الفم، ولكن الطرح لا يكاد يذكر في البداية، وغالباً ما يتبع الامتصاص طرح الدواء، ثم إعادة الامتصاص، وتعتبر الدورة المعوية والكبدية للأملاح الصفراوية وعدد معين من الأدوية حالة خاصة لهذه العملية العامة.

يمكن أن يحدث طرح للأدوية على طول الجهاز الهضمي: في اللعاب، وسوائل المعدة، والصفراء، والإفرازات المعوية، وهذا الطرح لا يعني بالضرورة التخلص من الأدوية، لأنه يمكن إعادة امتصاص الأدوية المطروحة، ويظهر الطرح النهائي في البراز نتيجة الفرق بين الطرح في تجويف الأمعاء وإعادة الامتصاص. علاوة على ذلك، وفي أثناء نقلها في الجهاز الهضمي، يمكن أن تخضع الأدوية للتحولات الحيوية تحت تأثير الإنزيمات الهضمية أو الميكروبية أو بسبب عدم استقرارها وفقاً لدرجة الحموضة.

1- الطرح عن طريق اللعاب

يمكن أن يصل إفراز الغدد اللعابية إلى لتر أو لترين يومياً. هذا الإفراز، المتغير خلال اليوم، والذي يحفزه بشكل خاص الوجبات، يكاد يتوقف أثناء النوم.

إن التخلص اللعابي من المركبات المختلفة، مثل مشتقات الزئبق، معروف منذ فترة طويلة، ومن المسلم به عموماً أن التركيز اللعابي للأدوية القابلة للذوبان في الدهون هو انعكاس لتركيزها في البلازما في شكل حر. لكن بعض المركبات مثل اليوديد وسبيرامايسين تصل إلى تراكيز لعابية أعلى من تلك الموجودة في البلازما.

2- الطرح عن طريق المعدة

أجريت دراسة لطرح المعدة للأدوية التي تدار عن طريق الحقن وخاصة في الحيوانات، وفي الواقع يتم طرح الأدوية الأساسية مثل الكينين في سائل المعدة.

3- الطرح عن طريق المرارة

يعد الكبد هو العضو الرئيسي للتحولات الحيوية للأدوية مع تفاعلات المرحلة الأولى والأكسدة والمراحل الثانية من الاقتران، وتنتج هذه التحولات الحيوية مواد يسهل التخلص منها في العصارة الصفراوية.

4- الطرح المعوي

تكمن أهمية الطرح المعوي، بصرف النظر عن طرح المرارة أو البنكرياس، بأنه يساعد في التخلص من المعادن بشكل جيد، وخاصة الزنك. لكن أهمية الطرح المعوي في التخلص من الأدوية منخفضة بشكل عام وغير معروفة.

* التخلص عن طريق الجهاز التنفسي

الطرح الرئوي يحدث لعدد قليل من الأدوية، وبالنسبة لهذه الأدوية فهو يمثل طريقا رئيسيا للتخلص منها، والأدوية المعنية هي المنتجات المتطايرة مثل مواد التخدير العام، كالهالوثان على سبيل المثال، حيث يتم التخلص من 60% منه في هواء الزفير.

ويستخدم التخلص من الكحول الإيثيلي عن طريق الرئة لقياس تركيزه في البلازما، ويشكل هواء الزفير أيضاً طريقاً للقضاء على المذيبات المتطايرة (الأثير، أو الهكسان، أو البنزين، أو ثلاثي كلورو إيثيلين.. إلخ)، والتي يمكن أن تكون سبب التسمم بالامتصاص الرئوي. ويعتمد الامتصاص أو الطرح على التراكيز النسبية لهذه المنتجات في الهواء والدم.




* طرق التخلص الأخرى من الأدوية

يوجد عدة طرق أخرى للتخلص من الأدوية من الجسم يمكن التعرف عليها فيما يأتي:

1- الطرح عن طريق الحليب

إن طرح الأدوية في الحليب لا يشكل سوى طريقةً ثانويةً للتخلص من الأدوية عند المرأة، ولكنه يمكن أن يشكل خطراً على الوليد إذا كانت حاملا أو مرضعا، وعندما يكون من الضروري وصف الأدوية للأم، فإن المشكلة تكمن في معرفة ما إذا كان من الضروري التوقف عن الرضاعة الطبيعية، إما بشكل مؤقت أو نهائي.

بشكل عام، فإن النسبة المئوية للجرعة الدوائية المنتقلة للحليب خلال 24 ساعة أقل من 1%، باستثناء بعض المنتجات مثل اليود 131، والثيوراسيل حيث يمكن أن تصل إلى 5%، وآليات نقل الأدوية في الحليب معقدة: فهي نشطة وسلبية وتتأثر بتغيرات تكوين الحليب.

على الرغم من انخفاض مرور الأدوية في الحليب، إلا أنه يجب الحرص من الأدوية المستخدمة في الطب البيطري، أو المركبات المختلفة مثل المبيدات الحشرية، ومبيدات الأعشاب التي قد تطرح في حليب الأبقار وتؤدي لأخطار صحية جمة.

نشير أخيراً إلى ما يتعلق بوصول الأدوية إلى الجنين؛ حيث قد تطرح الأدوية من خلال الحبل السري مرة أخرى إلى مجرى الدم للأم، ويمكن للأم بعد ذلك التخلص من الدواء من خلال الكبد والكليتين. ولكن بعد الولادة، لا يعود المولود الجديد مرتبطاً بالأم ويجب عليه التعامل بمفرده مع أي دواء في دمه، ولكن لسوء الحظ، يعاني المولود الجديد من نقص أنزيمات استقلاب الدواء في الكبد وقد لا تعمل الكليتان بشكل كامل بعد. وهذا يعني أن الرضيع يواجه صعوبة كبيرة في استقلاب وطرح الأدوية.

2- الطرح عن طريق التعرق

يمكن أن يحتوي العرق على آثار لمركبات مثل اليود والبروم والإيثانول وحمض الساليسيليك والكبريتيدات وعناصر أخرى مختلفة، لكن الطرح عن طريق العرق يبدو ثانوياً مقارنة بالتخلص الكلوي والكبدي والرئوي.

3- الطرح عن طريق الإفرازات المختلفة

يمكن أن توجد الأدوية، أو على الأقل آثارها، في جميع الإفرازات: الدمعية، أو الأنفية، أو الشعب الهوائية أو الأعضاء التناسلية، وهي طرق ثانوية للتخلص من الأدوية ولكن لها أهمية علاجية، ولا سيما في علاج الالتهابات الموضعية ذات المنشأ الميكروبي أو الطفيلي.

* طرق التخلص الصناعية من الأدوية

يتم استخدام طرق الإزالة الصناعية في حالة التسمم بالعقاقير أو المركبات التي تعرّض حياة المرضى للخطر، ثم يسعى المرء للتخلص منها بأسرع ما يمكن.

- الطرح عن طريق الجهاز الهضمي

يمكن زيادة التخلص من الجهاز الهضمي من خلال عمليات مختلفة:
  1. غسل المعدة الذي يستخدم بشكل متكرر لأنه يمكن أن يسحب كمية كبيرة من السم، حتى بعد عدة ساعات من تناوله.
  2. الإسهال أو الحقنة الشرجية المحرّضة عند وجود السم بكميات كبيرة في الأمعاء.
  3. الفحم المنشط معروف منذ فترة طويلة بقدرته على امتصاص عدد كبير من الجزيئات، وخاصة الأدوية، ويتم استخدامه، عن طريق الفم أو عن طريق مسبار المعدة، لتقليل امتصاص الجهاز الهضمي للمنتجات السامة والأدوية التي يتم تناولها بشكل زائد عن طريق الفم، ويجب إعطاء الفحم المنشط في أقرب وقت ممكن بعد تناول السم المفترض.
يتعلق هذا الطرح الهضمي الاصطناعي بالدرجة الأولى بالدواء الذي لم يتم امتصاصه بعد.

- التخلص الكلوي المسرّع

لتسريع الطرح الكلوي للمركبات السامة، هناك احتمالان:
  1. تعديل الرقم الهيدروجيني للبول (أي تعديل القلوية للحث على التخلص من الأحماض وتحمض للقواعد).
  2. زيادة إدرار البول عن طريق تناول المحاليل التي تساعد على إدرار البول (باستخدام المانيتول على سبيل المثال).
ويتم استخدام الغسيل الكلوي البريتوني، وأحياناً نقل الدم خارج الجسم للتعويض عن القصور الكلوي.

* خلاصة القول

التخلص من الدواء هو العملية التي يتم من خلالها إزالة المواد الدوائية من الجسم بعد أن قامت بمهمتها، ويتم التخلص من جميع الأدوية في نهاية المطاف من الجسم، وعلى الرغم من وجود مسارات مختلفة قد تشارك في العملية، وتخضع بعض الأدوية لعملية التمثيل الغذائي قبل طرحها.

الكلى مسؤولة عن غالبية طرح المواد القابلة للذوبان في الماء، ويتم طرح الأدوية غير القابلة للذوبان في الماء من خلال العصارة الصفراوية، وفي معظم الحالات، تكون كمية الدواء المطروحة في الأمعاء واللعاب والعرق وحليب الثدي والرئتين ضئيلة، ومع ذلك، يمكن للزفير أن يخلصنا من مواد التخدير المتطايرة عن طريق الرئتين. وقد تؤثر تراكيز الدواء الصغيرة في حليب الثدي عند النساء المرضعات على الرضاعة الطبيعية للطفل.
وفي حال حدوث تسمم دوائي يمكن الاستعانة بإحدى طرق الطرح الاصطناعية سواء عن طريق الجهاز الهضمي أو البولي.



المصادر
Elimination of drugs
Excretion
Drug Excretion / Elimination

آخر تعديل بتاريخ
10 مايو 2020

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.