صحــــتك

زيادة الوزن عند المراهقين قد تنقل صفات ضارة إلى الأبناء

إعداد وتحرير
تدقيق طبي
زيادة الوزن عند المراهقين قد تنقل صفات وراثية ضارة إلى الأبناء
زيادة الوزن عند المراهقين قد تنقل صفات ضارة إلى الأبناء

العواقب الصحية التي تؤدي إليها زيادة الوزن عند المراهقين معروفة جيداً، بدءاً من ارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري ووصولاً إلى تحديات الصحة النفسية، ولكن تشير الأبحاث الجديدة إلى أن زيادة الوزن لدى المراهقين قد يكون لها تأثيرات أعمق وأكثر ديمومة مما كان معروفاً في السابق، فقد توصلت دراسة أجرتها جامعة ساوثهامبتون البريطانية بالتعاون مع جامعة بيرغن في النرويج إلى أن الأولاد الذين يكتسبون وزناً زائداً خلال فترة المراهقة المبكرة قد يزيدون من احتمال حدوث مخاطر صحية لأطفالهم في المستقبل، خاصة من خلال تغيرات في الحمض النووي وظواهر فوق وراثية Epigenetic.

نُشرت هذه الدراسة في مجلة (Communications Biology)، وهي أول دراسة بشرية تحدد الآلية البيولوجية التي يمكن من خلالها أن تؤثر السمنة في سن المراهقة سلباً على السمات الجسمية لنسلهم في المستقبل. يمكن أن تغير هذه النتائج كيفية معالجة استراتيجيات الصحة العامة للسمنة لدى المراهقين، مما يحوّل التركيز من مخاطر السمنة الفردية إلى تأثيرها على الأجيال.

دراسة زيادة الوزن عند المراهقين

درس الباحثون 339 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 7 و51 عامًا، وحللوا العلاقة بين تكوين جسم الآباء عندما كانوا في سن المراهقة وعلاقة ذلك بصحة أطفالهم الآن، وبدلاً من استخدام قياسات دقيقة لوزن الآباء في مرحلة الشباب، اعتمدت الدراسة على تقييمات صورة الجسم المبلَّغ عنها ذاتيًا كمؤشرات لتكوين الدهون خلال فترة البلوغ.

نظر العلماء على وجه التحديد في العلامات اللاجينية Epigenetic، وهي التعديلات الكيميائية في الحمض النووي التي تنظم كيفية التعبير عن الجينات دون تغيير تسلسل الحمض النووي نفسه، وتؤدي هذه العلامات، ولا سيما مثيلة الحمض النووي، دورًا حيويًا في تحديد كيفية ومتى يتم تنشيط جينات معينة أو تعطيلها.

تم اكتشاف أكثر من 2000 تغيير لاجيني عبر ما يقرب من 2000 جين في أطفال الآباء الذين كانوا يعانون من زيادة الوزن في سن المراهقة المبكرة، وترتبط العديد من هذه الجينات بنمو الخلايا الدهنية والتمثيل الغذائي للدهون، مما يربطها مباشرة بزيادة مخاطر الإصابة بالربو والسمنة وانخفاض كفاءة وظائف الرئة لدى الأطفال، ومن المثير للاهتمام أن تأثير هذه التغيرات الجينية كان أكثر وضوحًا في البنات منه في الأبناء، وكان التأثير على مجموعات مختلفة من الجينات يعتمد على جنس الطفل.

نافذة حرجة في مرحلة المراهقة المبكرة

كان أحد أهم الاكتشافات هو أن فترة البلوغ المبكرة هي فترة حساسة بشكل خاص لحدوث هذه التغيرات اللاجينية، فخلال هذه المرحلة، يبدأ الأولاد في إنتاج الحيوانات المنوية، ويشير الباحثون إلى أن عوامل نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي والوزن، خلال هذه الفترة الحرجة من النمو يمكن أن تترك تأثيراً دائماً على المادة الوراثية التي تنتقل إلى أطفالهم في المستقبل.

يلقي هذا ضوءًا جديدًا على التوقيت المناسب لإجراء التدخلات الصحية، فالوقاية من زيادة الوزن عند المراهقين الفتيان قد لا يحمي صحتهم فحسب، بل ربما يقلل أيضًا من خطر إصابة أطفالهم بمشاكل مرَضية في المستقبل. تؤكد هذه العلاقة على الحاجة الملحة لبذل جهود مستهدفة لدعم عادات نمط الحياة الصحية بين المراهقين.

التأثيرات الأوسع نطاقاً على الصحة العامة

يرى الخبراء المشاركون في الدراسة أن هذه النتائج تحمل تأثيرات خطيرة على سياسة الصحة العامة، فمع استمرار ارتفاع معدلات زيادة الوزن عند المراهقين والأطفال على مستوى العالم، قد تمتد العواقب طويلة الأجل إلى ما هو أبعد من الجيل الحالي.

ويشير الباحثون إلى أن الفشل في معالجة زيادة الوزن لدى المراهقين اليوم يمكن أن يؤدي إلى دوامة من تدهور الصحة عبر الأجيال، وإلى توسيع نطاق التفاوتات الصحية القائمة، وقد لا يُنظر إلى السمنة بعد الآن على أنها مجرد مشكلة صحية فردية، بل كمساهم محتمل في توارث بعض الأمراض في الأجيال القادمة.

مع أخذ ذلك في الاعتبار، قد تحتاج مبادرات الصحة العامة إلى توسيع نطاق تركيزها، فبدلاً من التركيز فقط على الوقاية من مرض السكري أو أمراض القلب لدى الأفراد، يجب أن تراعي الاستراتيجيات أيضًا العواقب الوراثية اللاجينية الطويلة الأجل التي قد تؤثر على النسل، ويمكن أن يشمل ذلك التعليم المبكر في المدارس، والبرامج الغذائية القائمة على الأسرة، والتدخلات على مستوى المجتمع المحلي التي تهدف إلى الحد من زيادة الوزن عند المراهقين .

نصيحة من موقع صحتك

يعد هذا البحث بالنسبة للآباء والأمهات والمربين والمراهقين أنفسهم تذكيرًا قويًا بالتأثير البعيد المدى للعادات الصحية التي تتكوّن في وقت مبكر من الحياة، وفي حين أنه لم يفت الأوان بعد لاتخاذ خيارات أكثر صحة، فإن سنّ البلوغ يمثل فترة حساسة بشكل خاص للأولاد، وليس فقط من أجل صحتهم المباشرة، ولكن من أجل التغيّر الذي قد يورثونه لأبنائهم في المستقبل.

إذا كنت مراهقًا أو أحد والدَيه، فإن اتخاذ خطوات الآن للوقاية من زيادة الوزن عند المراهقين للحفاظ على وزن صحي يمكن أن يوفّر لكم فوائد صحية تمتد إلى المستقبل، ولهذا يجب الحرص على التغذية المتوازنة، والنشاط البدني المنتظم، ودعم الصحة النفسية كجزء من الحياة اليومية، إذ أن الأمر لا يتعلق فقط بالمظهر، بل قد يلعب دوراً في صحة الجيل القادم.

آخر تعديل بتاريخ
07 يونيو 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.