تُعرف النوبة الإقفارية العابرة باسم السكتة الدماغية الصغيرة، وتتمثل بانسداد مؤقت لتدفق الدم إلى جزء من الدماغ يسبب أعراضًا تزول بسرعة عادة في وقت لا يتجاوز يومًا واحدًا، ولكن دراسة جديدة وجدت علاقة بين هذا النوع من السكتة الدماغية والإرهاق. وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يصابون بهذا النوع من السكتة الدماغية العابرة قد يعانون أيضًا من إرهاق طويل الأمد يستمر لمدة تصل إلى عام واحد.
ما النوبة الإقفارية العابرة؟
النوبة الإقفارية العابرة المعروفة أيضاً بالسكتة الدماغية الصغيرة هي انسداد مؤقت لتدفق الدم إلى جزء من الدماغ، وتسبب أعراضًا مثل تدلي الوجه أو ضعف الذراع أو التداخل في الكلام، وتزول هذه الأعراض في غضون يوم واحد، ولكن أبلغ البعض عن استمرار الأعراض بما في ذلك انخفاض جودة الحياة ومشاكل التفكير والاكتئاب والقلق والتعب. وجدت هذه الدراسة الحديثة أن الإرهاق كان من الأعراض الشائعة التي استمرت لمدة تصل إلى عام واحد بعد النوبة الإقفارية العابرة لدى البعض، ونُشرت نتائجها في مجلة (Neurology) على الإنترنت.
إجراءات الدراسة
شملت الدراسة في العلاقة بين السكتة الدماغية والإرهاق 354 شخصًا بلغ متوسط أعمارهم 70 عامًا أصيبوا بسكتة دماغية عابرة، وتمت متابعتهم لمدة عام. لفحص العلاقة بين هذا النوع من السكتة الدماغية والإرهاق أكمل المشاركون استبيانات حول مستوى الإرهاق لديهم خلال الأسبوعين الأولين من السكتة الدماغية الصغيرة، ومرات أخرى بعد ثلاثة أشهر وستة أشهر و12 شهراً.
بحث أحد الاستبيانات في خمسة أنواع مختلفة من الإرهاق، بما في ذلك التعب العام والتعب البدني وانخفاض النشاط وانخفاض الحافز والتعب الذهني، وتراوحت الدرجات من أربعة إلى 20 درجة مع درجات أعلى تشير إلى مزيد من التعب، وعرَّف الباحثون الإرهاق بأنه درجة 12 أو أعلى. وكان متوسط درجات المشاركين 12.3 درجة في بداية الدراسة، وانخفض المتوسط قليلاً إلى 11.9، بعد ثلاثة أشهر، وإلى 11.4 بعد ستة أشهر، وإلى 11.1 بعد 12 شهراً.
ما العلاقة بين السكتة الدماغية والإرهاق ؟
تبين في الدراسة أن 61% من المشاركين عانى من الإرهاق بعد أسبوعين من السكتة الدماغية الصغيرة، و54% منهم عانوا من الإرهاق في كل فترة من فترات الاختبار الثلاث الأخرى بعد ثلاثة أشهر وستة أشهر و12 شهرًا.
خضع المشاركون أيضاً لفحوصات تصوير الدماغ، ووجد الباحثون أن ظهور علامات جلطة في الصورة كان متساوياً بين الأشخاص الذين يعانون من التعب على المدى الطويل وأولئك الذين لا يعانون منه، لذلك لم يفسِّر ذلك سبب اختلاف مستويات التعب، وقد وجد الباحثون أن القلق أو الاكتئاب السابق كان شائعاً أكثر بمرتين لدى المشاركين الذين أبلغوا عن إصابتهم بإرهاق طويل الأمد.
كان التعب الطويل الأمد شائعاً في مجموعة المشاركين في الدراسة، ووجد الباحثون أنه إذا عانى الأشخاص من التعب خلال أسبوعين بعد مغادرة المستشفى، فمن المحتمل أن يستمر التعب لمدة تصل إلى عام، وقالوا إنه بالنسبة للدراسات المستقبلية التي تبحث في العلاقة بين السكتة الدماغية والإرهاق فإنه يجب متابعة الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بنوبة إقفارية عابرة في الأسابيع والأشهر التالية لتقييم مدى استمرار الإرهاق، وقد يساعد ذلك على فهم أفضل للأشخاص الذين قد يعانون من الإرهاق على المدى الطويل ويحتاجون إلى مزيد من الرعاية.
قيود الدراسة
من أبرز قيود الدراسة هو أنه طُلب من المشاركين إكمال الاستبيانات بأنفسهم، فمن المحتمل أن تكون بعض الإجابات قد تم إكمالها بمساعدة الأقارب أو فريق الرعاية، وربما أثّر ذلك على الإجابات، بما في ذلك تلك المتعلقة بالإرهاق.
نصيحة من موقع صحتك
قد تبدو السكتة الدماغية الصغيرة أو النوبة الإقفارية العابرة حدثاً قصيراً تختفي أعراضه بسرعة، ولكن الأبحاث الجديدة تُظهر أن تأثيراتها قد تستمر لفترة أطول بكثير، وخاصة فيما يتعلق بالإرهاق المستمر. في هذه الدراسة في العلاقة بين هذا النوع من السكتة الدماغية والإرهاق أبلغ أكثر من نصف المشاركين عن إرهاق مستمر وانخفاض الحافز وانخفاض الطاقة الذهنية أو البدنية لمدة تصل إلى 12 شهرًا بعد النوبة الإقفارية العابرة.
على الرغم من أن الدراسة لم تثبت أن السكتة الدماغية الصغيرة تسببت هذا التعب، فإنها سلطت الضوء على وجود صلة قوية بين هذا النوع من السكتة الدماغية والإرهاق، خاصةً بين الأشخاص الذين لديهم تاريخ من القلق أو الاكتئاب.
يشير هذا إلى أن الإرهاق بعد النوبة الإقفارية العابرة قد يكون أكثر من مجرد تأثير جانبي عابر، فقد يكون جزءًا من عملية تعافي أطول تؤثر على جودة الحياة، فإذا كنت تعاني أنت أو أحد أحبائك من إرهاق مستمر بعد نوبة إقفارية عابرة فلا تتجاهله، إذ يمكن أن تلعب الرعاية اللاحقة والدعم العاطفي واستراتيجيات إدارة الإرهاق دوراً حاسماً في التعافي وتحسين جودة الحياة، كما أن التعرف المبكر والتقييم المستمر هما مفتاح تحسين النتائج على المدى الطويل.