أظهرت دراسة جديدة أن إجراء تحليل بول لمرضى السكري من النوع الثاني قد يعطي فكرة واضحة عن المرضى المعرّضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وهي أخطر مضاعفات السكري، فما التفاصيل؟
تحليل بول للكشف عن مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية
بينت الدراسة أن الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني والذين يعانون أيضاً من بيلة ألبومينية (وجود الألبومين في البول) هم أكثر عرضة بأربع مرات للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، وأكثر عرضة لدخول المستشفى بنحو خمس مرات بسبب قصور القلب، وأكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية بثلاث مرات مقارنة بالأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني فقط والذين لا يعانون من بيلة ألبومينية.
بينت هذه الدراسة البحثية أنه عندما يتعلق الأمر بعوامل الخطر التي تزيد من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، فإن البيلة الألبومية عامل خطر مهم بنفس درجة خطورة وجود تاريخ مسبق للإصابة بنوبة قلبية.
يمكن الكشف عن البيلة الألبومينية من خلال تحليل بول شائع وغير مكلف. يقيس تحليل البول هذا نسبة الألبومين إلى الكرياتينين في البول، لكن للأسف لا يتم اللجوء دوماً لإجراء هذا التحليل لمرضى السكري، وحتى في حالة معرفة الأطباء بوجود بيلة ألبومينية فإنهم لا يقومون بعلاجها بشكل صحيح.
فحص نسبة الألبومين إلى الكرياتينين في البول
وفقاً للجمعية الأمريكية للسكري وجمعية القلب الأمريكية، يجب إجراء تحليل بول وفحص نسبة الألبومين إلى الكرياتينين في البول لدى جميع المصابين بداء السكري من النوع الثاني بمجرد تشخيص إصابتهم، ثم إعادة هذا التحليل مرة واحدة على الأقل سنوياً بعد ذلك للكشف عن تطور وظائف الكلى.
وإذا كانت نسبة الألبومين إلى الكرياتينين في البول أكثر من أو تساوي 30 ملغ/غ لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، يعتبر المريض مصاباً بالبيلة الألبومينية، وهي ليست مهمة فقط لتحديد مخاطر القلب والأوعية الدموية، ولكنها أيضاً علامة مبكرة على مرض الكلى المزمن. وبمجرد تشخيص إصابة المريض بالبيلة الألبومينية، يجب زيادة وتيرة اختبار نسبة الألبومين إلى الكرياتينين في البول. ويجب أن يتلقى المصابون بالبيلة الألبومينية العلاج في الوقت المناسب لخفض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
هل هناك توصيات من الجمعية الأمريكية للسكري؟
وفقاً للجمعية الأمريكية للسكري، يجب أن يعالَج مرضى السكري الذين أثبت تحليل البول لديهم أن نسبة الألبومين إلى الكرياتينين أكثر من أو تساوي 30 ملغ/غ بصورة فورية مع التركيز على نهج علاجي شامل لخفض مخاطر إصابتهم بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وتوصي الإرشادات بالنظر في إضافة علاج من فئة المضادات غير الستيرويدية لمستقبلات المعادن القشرية (مثل السبايرونولاكتون) مع مثبط الناقل المشترك للصوديوم والجلوكوز 2 (SGLT2)، والببتيد 1 الشبيه بالجلوكاجون (GLP-1). وتؤكد الإرشادات أن نقص العلاج يترك العديد من المرضى عرضة لمضاعفات القلب والأوعية الدموية وحتى الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.
لماذا التأكيد على إجراء هذا التحليل؟
لأن أمراض القلب والأوعية الدموية مسؤولة عن نصف الوفيات عند المصابين بداء السكري من النوع الثاني، ولأن هناك فرصة جيدة للتدخل والعلاج. لهذا، يتم التركيز على الكلى كمفتاح للوقاية من كل هذه المخاطر المحدقة بمرضى السكري من النوع الثاني، وذلك لأن الكلى هي نافذة على الدورة الدموية، إذ يكون التركيب التشريحي للأوعية الدموية للكلية مشابه جداً لتركيب جدران الأوعية الدموية الأخرى في الجسم، لذا فإن الضرر الذي يلحق بأوعية الكلية يعطي فكرة واضحة أن هناك ضرراً في الأوعية الأخرى للجسم.
وعلى الرغم من أن صحة الكلى تمثل دائماً مصدر قلق خطيرا للمصابين بداء السكري من النوع الثاني، فإن الضرر الذي يلحق بنظام القلب والأوعية الدموية أكثر خطورة. وفي الواقع، الشخص المصاب بمرض الكلى في مراحله المبكرة أكثر عرضة للوفاة بسبب مرض قلبي أكثر من احتمال وفاته بسبب مرض الكلية نفسه.
ومن هنا نفهم أن اختبار الكلى لا يجب أن يخبرنا فقط عن الكلى، بل يمكنه تقديم أدلة حول سلامة نظام الدورة الدموية بأكمله.
معلومات مهمة يجب معرفتها
- فحص نسبة الألبومين إلى الكرياتينين في البول ليس معقداً، بل هو تحليل بول غير مكلف وسهل ورخيص نسبيا، ولا يتطلب جمع البول على مدار 24 ساعة.
- تتنبأ نسبة الألبومين إلى الكرياتينين في البول بأحداث القلب والأوعية الدموية بما يتجاوز عوامل الخطر التقليدية مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول.
- على الرغم من الأدلة على أهمية هذا التحليل وسهولته، لكن معظم الأطباء لا يلجؤون له، ولا يأخذون نتيجته على محمل الجد، بل ويعتبرونه اختباراً خاصاً بمرض الكلى المزمن فقط.
- نحتاج إلى تغيير طريقة تفكيرنا في تحليل نسبة الألبومين إلى الكرياتينين في البول، وأن نفكر به بجدية وقلق كما لو كان تحليل المؤشر التراكمي للسكر مرتفعا أيضاً، فلا تقل البيلة الألبومينية خطورة عن ارتفاع السكر التراكمي.
المصدر: