من المعروف أن النشاط البدني المنتظم يدعم صحة القلب، ولكن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن طريقة المشي قد تكون مهمة بقدر مقدار المشي. يرتبط المشي وصحة القلب ارتباطًا وثيقًا، وحتى كميات صغيرة من الحركة اليومية يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة. أجرى فريق من الباحثين في الجامعة الأوروبية في مدريد دراسة شملت أكثر من 33,500 بالغ لفهم تأثير مدة المشي على صحة القلب والأوعية الدموية، وتشير النتائج التي نُشرت في مجلة (Annals of Internal Medicine) إلى أن المشي لفترات أطول في المرة الواحدة قد يوفر حماية أكبر للقلب مقارنة بالفترات القصيرة من النشاط.
كيف أُجريت الدراسة
استخدَم الباحثون بيانات من (UK Biobank)، وهو مشروع طويل الأمد يجمع معلومات صحية من المشاركين، فقد كان كل المشاركين في هذا التحليل يمشون بمعدل 8,000 خطوة يوميًا أو أقل، وكانوا خالين من أمراض القلب والسرطان عند بداية الدراسة. ارتدى المشاركون أجهزة تتبع الخطوات لمدة تصل إلى أسبوع، وتمت متابعتهم لمدة تقارب ثماني سنوات لمراقبة الأحداث الصحية المرتبطة بالقلب والوفيات بشكل عام.
لتمييز نمط المشي، قُسّم المشاركون إلى أربع مجموعات حسب طول فترات المشي المعتادة لديهم: أقل من خمس دقائق، من خمس إلى أقل من عشر دقائق، من عشر دقائق إلى أقل من 15 دقيقة، و15 دقيقة أو أكثر. قارنَ الباحثون بعدها بين حدوث إصابة بأمراض القلب والوفاة في هذه المجموعات، مع مراعاة عوامل مثل العمر والتدخين وإجمالي الخطوات اليومية والوقت الذي يقضيه الشخص دون نشاط بدني.
المشي وصحة القلب .. النتائج الرئيسية
أظهَرت الدراسة أن الأشخاص الذين يمشون لفترات أطول دفعة واحدة، وخصوصًا من 10 إلى 15 دقيقة أو أكثر، كان لديهم احتمال أقل بشكل كبير للإصابة بأمراض القلب والوفاة المبكرة. أما أولئك الذين يمشون لفترات قصيرة جدًا أقل من خمس دقائق فقد كانوا الأكثر عرضة للمخاطر.
من المثير للاهتمام أيضاً أن هذه الفوائد ظهَرت حتى بين المشاركين الذين كان إجمالي عدد خطواتهم اليومية متقارب، وهذا يعني أن توزيع الخطوات على مدار اليوم على شكل فترات قصيرة قد يكون أقل فائدة من تجميعها في جلسات مشي أطول. كما أن المشاركين الذين يمشون أقل من 5,000 خطوة يوميًا حصلوا على أكبر فائدة نسبية من المشي لفترات أطول، مما يبرز أهمية مدة المشي للأشخاص الأقل نشاطًا. حتى عند استبعاد الإصابات التي وقعت خلال السنوات الخمس الأولى من الدراسة، بقي النمط نفسه: المشي لفترات أطول مرتبط دائمًا بصحة قلب أفضل.
لماذا تعتبر مدة المشي مهمة
يبدو أن المشي وصحة القلب مرتبطان ليس فقط بمقدار النشاط الكلي، ولكن أيضًا بطريقة تراكم الحركة. قد يساعد المشي لفترات أطول على تحسين الدورة الدموية، وتقوية عضلة القلب، ودعم وظائف القلب والأوعية الدموية بشكل أفضل من النشاط القصير والمجزأ جدًا، ومع ذلك، يُحذر الباحثون من أن هذه النتائج قائمة على ملاحظات، أي أن الدراسة لا تثبت أن المشي لفترات أطول يسبب التحسن مباشرة، فقد يكون هناك عوامل أخرى، مثل ممارسة تمارين القوة أو الحالات الصحية المسبقة.
نصائح عملية لدمج المشي الطويل
إذا كنت تمشي حاليًا لفترات قصيرة، توصي هذه الأبحاث بتعديل بسيط: حاول المشي لمدة تستمر من 10 إلى 15 دقيقة أو أكثر في كل مرة، ولا تحتاج إلى زيادة كبيرة في إجمالي خطواتك اليومية، فمجرد تمديد مدة المشي قد يمنح فوائد مهمة للقلب، كما أنه من المفيد دمج المشي مع عادات صحية أخرى مثل اتباع نظام غذائي متوازن، والسيطرة على التوتر، والحصول على قسط كافٍ من النوم، لأن تعزز جميعها صحة القلب والأوعية الدموية.
نصيحة من موقع صحتك
يرتبط المشي وصحة القلب ارتباطًا وثيقًا، وإجراء تغييرات بسيطة في برنامجك يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا. إذا كنت جديدًا على ممارسة الرياضة ابدأ بما تشعر أنه مريح لك وزد مدة المشي تدريجيًا، وحاول على الأقل أن تمشي في كل مرة لمدة 10 إلى 15 دقيقة متواصلة. اجمع بين المشي وأنشطة أخرى، مثل تمارين القوة أو التمدد، لإنشاء برنامج متكامل.
بينما تبدو هذه النتائج واعدة، هناك حاجة لمزيد من البحث لتأكيدها واستكشاف أفضل مدة للمشي لكل الفئات، ومع ذلك، فإن إدخال المشي لفترات أطول ضمن حياتك اليومية يعد وسيلة عملية ومنخفضة التكلفة لدعم صحة القلب والصحة العامة.



