كيف يؤثر الحب على الدماغ وهل الحب ينبع من القلب أم العقل؟ هذه الكلمة البسيطة المكونة من أربع حروف والتي تعبر عن المشاعر القوية التي تجعل قلوبنا تخفق بقوة وتتسارع عقولنا وتتعرق أيدينا هي منبعها العقل فالمخ هو الذي يولد هذه المشاعر ويجعل ضربات القلب تتسارع، ويعتبر الحب شعور قوي وغالباً ما يكون الشعور مختلفاً اعتماداً على ما يقدمه الشخص أو يتلقاه من الشخص الذي يحبه وهذه المشاعر كلها جزء من علم الأعصاب، وفي هذا المقال سنوضح كيف يؤثر الحب على الدماغ ومناطق الدماغ التي يؤثر عليها الحب.
مناطق الدماغ المشاركة في الدماغ
في الواقع الحب لا يأتي من القلب وشعور الحب عبارة عن مجموعة من العواطف المختلفة بما في ذلك الانجذاب الجسدي والرومانسية والمودة، وقد اختلف العلماء في تفسير الحب وكيفية حدوثه لكنهم خلصوا على أنه تأثير سيل من المواد الكيميائية على الدماغ وتؤثر هذه المواد على مناطق مختلفة من الدماغ ومنها الفص الجبهي الذي يشارك في الجوانب الاجتماعية للحب الرومانسي والمنطقة السقيفية البطنية التي تشارك في الانجذاب والحصول على ردود فعل إيجابية.
-
مناطق الدماغ المشاركة في الشهوة والعاطفة
مشاعر الشهوة تنبع من منطقة ما تحت المهاد في الدماغ ويكون هذا الجزء الصغير بحجم حبة اللوز والموجود فوق جزع الدماغ مباشرة، كما ترتبط هذه المنطقة أيضاً بالاحتياجات والرغبات الأساسية مثل العطش والجوع كما أنه يتحكم في عمليات الجسم الداخلية مثل درجة حرارة الجسم وضغط الدم ودورة النوم، كما أن هذا الجزء من الدماغ يساعد في تنظيم الدافع الجنسي فهو يؤدي إلى إطلاق الهرمونات التي تزيد من الرغبة الجنسية، وعندما تحفز منطقة ما تحت المهاد في الدماغ فسوف تشعر بالحب والعاطفة الشديدة والرومانسية خاصة في الأشهر القليلة الأولى من علاقة الحب.
-
مناطق الدماغ المسؤولة عن الانجذاب والرومانسية
هناك منطقتان محددتان في الدماغ تلعبان دوراً رئيسياً في الانجذاب والرومانسية وهما المنطقة السقيفية البطنية والنواة المتكئة وهما يلعبان دوراً في الانجذاب حيث تغمر هذه المناطق الجسم بالدوبامين وهو ناقل عصبي ينتج مشاعر النشوة والمتعة لهذا السبب الفترة الأولى من الحب تغمرك بالسعادة وتشعرك بالمتعة والنشوة وكأنك تشعر بالإدمان فمن الطبيعي أن تشعر كأنك لا تستطيع التوقف عن التفكير في الشخص الآخر وتريد أن تكون معه طوال الوقت.
-
مناطق الدماغ المشاركة في الارتباط
الحب لا يدور حول الانجذاب والرومانسية فقط فقط يتضمن أيضاً الارتباط والالتزام والمودة وهذا يتأثر بقوة بمنطقة ما تحت المهاد وذلك لأن هذه المنطقة في الدماغ تفرز مواد كيمائية تلعب دوراً في تعزيز الثقة والروابط العاطفية.
-
مناطق الدماغ الأخرى المشاركة في الحب
تشارك مناطق أخرى من الدماغ أيضاً في تجربة الحب ومن هذه المناطق اللوزة الدماغية والتي تساعد في معالجة المشاعر التي نختبرها وهذه المناطق كذلك تخلق الارتباطات القوية التي نطورها في المراحل الأولى من العلاقة الرومانسية، فعندما تقع في حب شخص ما تبدأ هذه المنطقة في الدماغ بالتباطؤ وقد يفسر ذلك سبب تجاهلنا للإشارات الحمراء في العلاقة وعدم رؤية المساوئ والعيوب في المرحلة الأولى من العلاقة.
كيف يؤثر الحب على الدماغ ؟
التغيرات العصبية التي تحدث في الدماغ عندما نقع في الحب ليست مجرد تأثير مؤقت خلال تجربة الحب وخاصة الحب الرومانسي بل له تأثيرات قوية طويلة المدى على الدماغ هنا سنوضح كيف يؤثر الحب على الدماغ :
- ترابط أقوى: عندما نقع في الحب يحدث تغييرات كيميائية وتعزز هذه التغييرات الترابط وبالتالي تساعد في جعل الدماغ أكثر انسجاماً مع الأشخاص الذين نهتم لأمرهم.
- تحسين الاستجابة: قد يحدث أيضاً تغيرات في المسارات العصبية للدماغ مما يؤدي إلى إعادة توصيل بعض الاتصالات وتقوية بعضها الآخر وهذه التغيرات تربطنا أكثر باحتياجات من نحبهم وتحسن قدرتنا على التواصل معهم في السنوات القادمة.
- زيادة الرضا: علاقتنا مع من نحب تجلب الحافز والمتعة لحياتنا ويمكن أن يساعدنا هذا في الشعور بمزيد من الرضا في علاقتنا وحياتنا.
- تحسين الأداء الإدراكي: يتربط الحب بتحسين بعض الوظائف الإدراكية في المخ مثل الذاكرة.
- مرونة أكبر في مواجهة التوتر: يساعد الحب على التعامل بشكل أفضل مع التوتر وتعزيز المرونة والقدرة على مواجهة تحديات الحياة.
وفي النهاية قد تختلف كل علاقة عن الأخرى وقد تختلف الجربة في الحب من شخص لآخر حسب طبيعة ونوعية العلاقة ولكن قد ثبت أن العلاقات الصحية طويلة الأمد لها نطاق واسع من التأثيرات الصحية الإيجابية.
الناقلات العصبية المسؤولة عن مشاعر الحب
هناك العديد من الناقلات العصبية التي تفسر كيف يؤثر الحب على الدماغ وكيف تنشأ المشاعر فعندما تقع في الحب تحفز هذه العاطفة إطلاق مواد كيميائية مثل الأوكسيتوسين، والفازوبريسين، والدوبامين وترتبط هذه المواد بالمراحل المختلفة من الوقوع في الحب فيما يلي نوصح بعض هذه الناقلات والدور الذي تلعبه:
-
التستوستيرون والإستروجين
كثيراً ما نتساءل في بداية العلاقة هل هو حب حقيقي أم مجرد شهوة عابرة وقد يستغرق التمييز بين الشعورين القليل من الوقت لأن الشهوة تبقى موجودة خلال وقوعك في الحب وتنطوي هذه الشهوة على الرغبة الجنسية وذلك بسبب فطرتنا التي خلقنا عليها لتلبية الاحتياجات الأساسية بالإضافة إلى التكاثر وتشارك في هذا الشعور بشكل كبير منطقة ما تحت المهاد حيث تحفز هذه المنطقة الخصيتين والمبيضين على إطلاق الهرمونات الجنسية التستوستيرون والإستروجين وكلاهما يلعب دوراً في إشعال مشاعر العاطفة والشهوة.
-
الدوبامين والنورإبينفرين والسيروتونين
يرتبط شعور الانجذاب بإفراز مواد كيميائية في الدماغ مثل الدوبامين والنورإبينفرين والسيروتونين ويعتبر الدوبامين هرمون السعادة لأنه يجعلنا نشعر بمشاعر المتعة كما يتم أيضًا إطلاق النوربينفرين، مما يجعلنا نشعر بالبهجة ويتحكم بشعورنا في الإثارة خاصة خلال المراحل الأولى من علاقة الحب، وبينما يكون الدماغ تحت تأثير سيل من المواد الكيميائية التي تسمى "مواد الحب" إلا أنه أيضاً يكون تحت تأثير انخفاض ناقل عصبي مهم وهو السيروتونين والذي يتحكم بالحالة المزاجية.
-
الأوكسيتوسين والفاسوبريسين يعززان الترابط
مع التقدم في العلاقة فإن المشاعر الفياضة والاندفاع والشعور بالإثارة والحماس تقل تتحول إلى مشاعر أعمق وأكثر حميمية وذلك بسبب التغير في المواد الكيميائية التي يتم إطلاقها من الدماغ حيث يبدأ الدوبامين والنورإبينفرين في الانخفاض، ويحتل هرمونان آخران مركز الصدارة وهما الأوكسيتوسين والفاسوبريسين:
- الأوكسيتوسين (Oxytocin): يتم إنتاجه عن طريق منطقة ما تحت المهاد في الدماغ ويشار إليه أحياناً بإسم هرمون الاحتضان ويتم إطلاقه أثناء ممارسة الجنس والولادة الطبيعية ويساعد على تعزيز الترابط والاتصال العاطفي.
- الفاسوبريسين (Vasopressin): يلعب دوراً مهماً في الترابط الاجتماعي ويعزز السلوكيات الوقائية، حيث يعتمد الحب الرومانسي أيضًا في كثير من الأحيان على العمليات العقلية الاجتماعية الإيجابية، والتي تتضمن ما إذا كان الشخص يعتقد أن إقامة علاقة رومانسية مع شخص معين سوف تكون مقبولة أو محل إعجاب داخل دائرته الاجتماعية، ومع تقدم العلاقات، تصبح هذه العمليات الاجتماعية ذات أهمية متزايدة في تجربتنا في الحب.
الصورة العامة للعلاقة بين حب وعلم الأعصاب
الناقلات العصبية والهرمونات ومنطقة ما تحت المهاد إلى جانب مناطق أخرى من الدماغ هي التي تتحكم في قصة حبك وهي التي تفسر كيف يؤثر الحب على الدماغ فالدوبامين وهو هرمون الشعور بالسعادة يلعب الدور الرئيسي حيث يمنحك مشاعر النشوة والسرور وتلعب مواد كيميائية أخرى أيضاً دوراً بما في ذلك الأوكسيتوسين والسيروتونين والإستروجين والتستوستيرون وعلى الرغم من أن الحب يمكن أن يأتي بأشكال مختلفة لكن الأبحاث وجدت أن جميعها تشترك بآلية عصبية حيوية واحدة.
فعلى سبيل المثال وجدت إحدى الدراسات أن الحب الأمومي والحب العاطفي يزيدان من نشاط منطقة السقيفية البطنية وعندنا نقع في حب شخص ما فهناك بعض المناطق الرئيسية في الدماغ يتم تحفيزها، وتقوم المنطقة السقيقية البطنية بإشباع الدماغ بمادة الدوبامين ويبدأ ظهور المشاعر الجياشة مثل الارتباط والعواطف والمودة لهذا السبب قد تشعر بالإدمان على هذا الشخص المميز ولا تستطيع التوقف عن التفكير به وبهذا أصبحت تعرف جيداً كيف يؤثر الحب على الدماغ وأصبح لديك معرفة بأنك الحب ينبع من العقل وليس القلب كما يقول الشعراء.
نصيحة من موقع صحتك
الجميع يعتقد أن الحب مكانه القلب وذلك بسبب خفقان القلب بشدة وتسارعه عند رؤية من نحب لكن الحقيقة أن الحب يتحكم به الدماغ حيث يحدث إفراز لمواد كيميائية في الدماغ تقوم بتحفيز مناطق معينة وهي التي تجعل قلبك يتسارع ويداك تتعرق وجسمك يرتعش ولا تكف عن التفكير فيمن تحب، فإذا كنت تشعر بهذه المشاعر الجميلة كن سعيداً واستمتع بها واسمح لعقلك يطلق العنان للشعور بالنشوة والسعادة.
المصادر: