في 26 مايو/ أيار 2016 أعلَنَ باحثون في الولايات المتحدة الأميركية اكتشافَهم لأول حالةٍ في أميركا لإصابة مريضةٍ بجرثومة لا تَتأثَّر بأيّ من المُضادات الحَيوية المَعروفة حتى الآن، وكانت المريضة امرأة عمرها 49 سنة أصيبتْ بالتهابٍ بولي شديد بجرثومة مقاوِمة ليس لدى الأطباء أي دواء فَعَّالٍ ضدها.
واكتُشِفَ وجودُ هذه الجرثومة في أوروبا أيضاً، وقد اكتُشِفتْ بضعة أنواع من هذه الجراثيم القاتِلة خلال العَقد الأخير، والتي تؤدي إلى وفاة 50% من المُصابين، ويَخشَى الأطباءُ من أن انتشار هذه الجراثيم قد يؤدي إلى وفاة ملايين من البشر في وباء عالَمي، ولذا أطلَقوا عليها اسم: "البكتيريا الكابوس Nightmare Bacteria"، لأنها تُشكِّلُ كابوساً خطيراً يَخشاه الأطباء بسبب عدم قدرتهم على قَتلِها بالمُضادات الحَيوية (الأنتيبيوتيك) المَعروفة حتى الآن.
ويَخشى العلماء من أن البشرية تَدخُلُ الآن تدريجياً في عصر "ما بَعدَ المُضادات الحَيوية" الذي يُشبِهُ ما كنَّا عليه في عصر "ما قَبل البنسلين" حينما كانت الالتهابات الجرثومية تقضي على ملايين البشر في أوبئة عالَمية شاملة.
ويَخشى العلماء من أن البشرية تَدخُلُ الآن تدريجياً في عصر "ما بَعدَ المُضادات الحَيوية" الذي يُشبِهُ ما كنَّا عليه في عصر "ما قَبل البنسلين" حينما كانت الالتهابات الجرثومية تقضي على ملايين البشر في أوبئة عالَمية شاملة.
اكتُشِفتْ حتى الآن بضعةُ أنواعٍ من هذه الجراثيم المقاوِمة، كانت أولها المُكَوَّراتُ العنقودية المقاوِمة لِلمِثيسلين MRSA التي اكتُشِفتْ في بريطانيا سنة 1961، ولم يكن لها علاج سوى المُضاد الحَيوي فانكومايسين، ولكن في سنة 1996 اكتُشِفَ في اليابان نوعٌ منها لا يَتأثَّر حتى بهذا الدواء، وأظهَرَتْ دراسةٌ أميركية نُشرتْ سنة 2006 أن الإصابة بهذه الجراثيم المقاوِمة تؤدي إلى وفاة ثلث المُصابين، ثم اكتُشِفتْ أنواعٌ أخرى من الجراثيم المقاوِمة في الهند وإيطاليا وأوروبا، وتَذكُرُ تقديراتٌ طبية أن البكتيريا المقاوِمة مسؤولة عن 700 ألف وفاة في العالَم سنوياً، ويَتَخَوَّفُ الخبراءُ من أن تَقضي على 10 ملايين شخص سنوياً بحلول عام 2050.
وقد انتَبَهَ العالِم ألكسندر فلمينغ منذ أن اكتَشَفَ البنسلين إلى ضرورة الحَذَرِ في استِخدامِهِ، وحَذَّرَ من احتمال ظهور جراثيم مقاوِمة له، وذلك ما حَدَثَ بالفعل نتيجة سوء استخدام هذا الدواء الذي كانت نتائجه شافية في البداية بما يشبه المعجزات إلا أن معظم الجراثيم أصبَحتْ مقاوِمة له حتى لم يَعد فَعَّالاً ضد مُعظمِها، وخَسِرَ الإنسان دواءً عظيماً.
ذَكَرَ فلمينغ طُرُقاً عديدة لسوء استِخدام البنسلين، وحَذَّرَ من إعطائه دون اثبات ضرورة طبية صريحة، ومن إعطائه بجرعات صغيرة أو لفترة قصيرة، وكلها أمورٌ لا تؤدي إلى قَتلِ الجراثيم تماماً بل تَقضي على الجراثيم الحسَّاسَة، وتُبقي على الجراثيم المقاوِمة التي تزداد تدريجياً حتى تُصبح هي الغالِبة، ومن أكثر طُرُقِ إساءة استِخدام المُضادات الحَيوية هي استعمالُها ضد الأمراض الفيروسية أو لِمُجرَّد وجود أي ارتفاع في درجة حرارة المريض.
كما أنّ استِخدام المُطَهِّرات السَّطحِية بطرق غير فعّالة قد يؤدي أيضاً إلى زيادة مقاوَمة الجراثيم للمُضادات الحَيوية.
كما يَسعَى الباحثون إلى دراسة بعض الحشرات لفهم طريقة جديدة في مجابهة مقاوَمة الجراثيم، ودُرِسَ ذلك على نوعٍ من أنواع النّمل، وكذلك على حليب حيوان "شيطان تسمانيا" في استراليا، وفي تطوير أنواع سليمة من الفيروسات آكلة البكتيريا، وفي تطوير مواد جديدة بتقنيات النَّانو لإنتاج مواد (النَّانوبيوتيكس) التي تستطيع القضاء على الجراثيم دون أن تَضرَّ بالخلايا الطبيعية في جسم الإنسان.
المصادر
د. طارق قابيل، "دك حصون مقاومة المضادات الحيوية"، مجلة التقدم العلمي الكويتية، أكتوبر/ تشرين الأول 2019 ص 57-64.
Carbapenem-resistant enterobacteriaceae
Methicillin-resistant Staphylococcus aureus