تزداد شعبية أدوية مستقبلات (GLP-1)، مثل السيماغلوتايد، لفقدان الوزن بشكل كبير، ولكن تشير الأبحاث الحديثة إلى أن فوائدها قد تتجاوز المساعدة على إنقاص الوزن، فقد أظهَرت الدراسات بشكل متزايد أن أدوية إنقاص الوزن ترتبط بصحة القلب ، وتشير النتائج إلى أن هذه الأدوية قد تقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وغيرها من الأحداث القلبية الكبرى، حتى عند فقدان الوزن بشكل بسيط أو محدود.
أجرَت جامعة كوليدج لندن دراسة نُشرت في مجلة (The Lancet) لاستكشاف هذه العلاقة بشكل أعمق، وبناءً على نتائج سابقة، نظَر البحث فيما إذا كان دواء السيماغلوتايد، المكوّن النشط في أدوية شهيرة مثل أوزيمبيك، يمكن أن يقلل من خطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية وغيرها من الأحداث القلبية الكبرى بغض النظر عن فقدان الوزن.
أدوية إنقاص الوزن ترتبط بصحة القلب .. النتائج الرئيسية
لدراسة هل أدوية إنقاص الوزن ترتبط بصحة القلب ، حلّل البحث بيانات طبية من تجربة (SELECT) لأكثر من 17,000 في أشخاص تبلغ أعمارهم 45 عامًا فأكثر ولديهم أمراض قلبية وكانوا يعانون من زيادة الوزن. تم توزيع المشاركين عشوائيًا لتلقي حقن أسبوعية من السيماغلوتايد أو دواء وهمي، وكان الهدف الرئيسي هو متابعة حدوث الحالات القلبية الكبرى لديهم، بما في ذلك الوفاة الناتجة عن أمراض القلب، والنوبات القلبية التي لم تسبب الوفاة، والسكتات الدماغية.
أظهَرت النتائج أن السيماغلوتايد قلّل بشكل كبير من الأحداث القلبية الكبرى مقارنةً بالدواء الوهمي، والأهم من ذلك، أن هذه الفوائد كانت ثابتة بغض النظر عن الوزن الأساسي للمشارك، أو قياسات محيط الخصر، أي ان المرضى حصلوا على فوائد لصحة القلب حتى لو لم يفقدوا وزنًا كبيرًا.
محيط الخصر وصحة القلب
بينما لم يفسر فقدان الوزن وحده كل الفوائد، يبدو أن التغيرات في محيط الخصر لها دور مهم، فقد أظهَرت النتائج أن المشاركين الذين لديهم محيط خصر أقل، وهو دليل على انخفاض نسبة الدهون الحشوية في منطقة البطن، قد حققوا نتائج قلبية أفضل، وأظهَرت الدراسة أن حوالي ثلث الفائدة لصحة القلب من السيماغلوتايد يمكن أن ترجع إلى تقليل قياس محيط الخصر.
تسلّط هذه النتائج الضوء على أهمية دهون البطن كعامل خطر للإصابة بأمراض القلب، وحتى التغيرات البسيطة في محيط الخصر كانت مرتبطة بتحسن واضح في صحة القلب، مما يدعم فكرة أن فقدان الوزن ليس بالضرورة أن يكون كبيرًا لتحقيق فوائد للقلب.
أكثر من مجرد دواء لإنقاص الوزن
يشدد الخبراء على أن السيماغلوتايد لا ينبغي اعتباره مجرد دواء لإنقاص الوزن، فقد أظهَرت أدوية مستقبِلات (GLP-1) فوائدها في العديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك أمراض الكبد والكلى والأمراض العصبية، بالإضافة إلى التحكم في مرض السكري، وكانت الفوائد القلبية الملحوظة في تجربة (SELECT) واضحة بغض النظر عن الوزن الابتدائي للمريض أو مقدار الوزن المفقود أثناء العلاج.
تشير النتائج إلى أن السيماغلوتايد قد يحسّن صحة القلب من خلال آليات بيوكيميائية تتجاوز فقدان الوزن، مثل تقليل الالتهابات أو تحسين مستويات الدهون في الدم، وبينما لا تزال هذه الآليات قيد الدراسة، تؤكد هذه الدراسة أن المرضى الذين يفقدون وزنًا قليلًا أو يحافظون على وزنهم قد يحصلون على فوائد قلبية مهمة.
الحاجة إلى المزيد من البحث
على الرغم من أن هذه النتائج مشجعة، ينبه الباحثون إلى الحاجة لإجراء المزيد من الدراسات لفهم كيفية توفير أدوية (GLP-1) الحماية القلبية، فالنتائج الحالية تقدم دليلاً قويًا على هذه الفائدة، ولكن الآليات الدقيقة وراء أن أدوية إنقاص الوزن ترتبط بصحة القلب لا تزال غير واضحة، وقد تساعد الدراسات المستقبلية في تحديد ما إذا كانت الأدوية الأخرى في هذه الفئة تشارك نفس التأثيرات الوقائية، وكذلك تحديد المسارات البيولوجية المسؤولة.
نصيحة من موقع صحتك
إن دمج السيماغلوتايد كجزء من خطة شاملة لصحة القلب والأيض، بدلاً من استخدامه فقط كاستراتيجية لفقدان الوزن قد يقدم مزايا كبيرة، ويمكن أن تساعد المراقبة المنتظمة لصحة القلب ومحيط الخصر، جنبًا إلى جنب مع الفحوصات الدورية على تعظيم الفوائد المحتملة لهذا العلاج مع الحفاظ على صحة عامة جيدة، ولكن من المهم مناقشة الفوائد المحتملة مع الطبيب. يجدر بالذكر أيضاً أنه بينما قد يقلل السيماغلوتايد من حدوث الحالات القلبية الكبرى، إلا أنه لا يعد بديلاً عن تغييرات نمط الحياة مثل الحفاظ على نظام غذائي متوازن، وممارسة الرياضة بانتظام، والسيطرة على التوتر، وينبغي أيضاً العلم بأن الفوائد التي لوحِظت في التجارب السريرية قد تختلف حسب العوامل الصحية الفردية.



