مضاعفات ما بعد الولادة
قد يدفع التفكير بفترة ما بعد الحمل أو مضاعفات ما بعد الولادة وكيفية التعامل معها بعض النساء للامتناع عن الإنجاب أو الاقتصار على طفل واحد أو اثنين، ولكن في الحقيقة، هي رد فعل طبيعي للجسم بعد مضي تسعة أشهر من رعاية طفلكِ. وهنا سنورد أهم مضاعفات ما بعد الحمل والولادة وكيف يمكن التعامل معها.
أولاً: آلام المهبل
تعد آلام المهبل من أهم مضاعفات ما بعد الولادة المهبلية، إذا كنتِ قد تعرضتِ لشق العجان أو لتمزق مهبلي أثناء الولادة، فقد يستغرق التئام الجرح بضعة أسابيع، وقد يستغرق التئام التمزقات الشديدة وقتًا أطول من ذلك. وفي تلك الأثناء، يمكنك المساعدة في تعجيل التماثل للشفاء من خلال ما يلي:
- إذا كان الوقوف غير مريح، فاجلسي على وسادة أو حلقة مبطَّنة.
- استخدمي زجاجة انضغاطية لصب الماء الدافئ على منطقة الفرج عند التبول، واضغطي بمنشفة أو وسادة نظيفة بقوة على الجرح عند الدفع من أجل التغوط.
- قومي بتبريد الجرح بكمادات باردة، أو ضعي وسادة هماميليس (وسادة مائية، والهماميليس أو ما يسمى بندق الساحرة، نبتة عشبية لها قدرة فائقة على تقليل النزيف) مبردة بين فوطة صحية والجرح.
- تناولي مسكنات الألم أو ملينات البراز.
ثانيًا: الإفرازات المهبلية
قد لا يخطر على بالك أن من مضاعفات ما بعد الولادة ظهور الإفرازات المهبلية، ولكن ستعانين من إفرازات مهبلية أو سائل النفاس لعدة أسابيع بعد الولادة، وتوقعي تدفق دم ذي لون أحمر برّاق وكثيف في الأيام القليلة الأولى، وسوف تقل الإفرازات تدريجيًا وتصبح مائية، وتتغير من اللون الوردي أو البني إلى اللون الأصفر أو الأبيض. ولكن اتصلي بالطبيب المختص في الحالات التالية:
- إذا كنتِ تعانين من نزيف مهبلي شديد.
- إذا كان الإفراز له رائحة كريهة.
- إذا كنتِ تُعانين من حمى بدرجة حرارة 38 درجة مئوية أو أكثر.
ثالثًا: آلام ما بعد الولادة
هذه الآلام التي تشبه التشنجات المصاحبة للحيض غالبًا، تُساعد على الوقاية من النزيف الشديد عن طريق الضغط على الأوعية الدموية في الرحم. وعادةً، تكون هذه الانقباضات أكثر قوة في حالات الولادة المتعاقبة، وقد ينصحك الطبيب بتناول مسكنات الألم التي تُصرف بدون وصفة طبية، ولكن اتصلي بالطبيب إذا كنتِ تعانين من حمى أو إذا كان بطنكِ يؤلمك بمجرد لمسه، وقد تشير هذه العلامات والأعراض إلى الإصابة بعدوى في الرحم.
رابعاً: مشاكل التبول
من الممكن أن تكون مشاكل التبول أحد مضاعفات ما بعد الولادة فإذا حدث تورم أو كدمات في الأنسجة المحيطة بالمثانة والإحليل، فقد يؤدي ذلك إلى صعوبة التبول، كما أن الخوف من ألم التبول في منطقة العِجان قد يكون له الأثر نفسه. وتنتهي صعوبة التبول في العادة من تلقاء نفسها، وفي تلك الأثناء، قد يفيد صب الماء على منطقة الفرج أثناء الجلوس على المرحاض. اتصلي بالطبيب في حالة ظهور أي علامات أو أعراض لعدوى المسالك البولية، على سبيل المثال:
- رغبة قوية ومستمرة في التبول.
- إحساس بالحرقان عند التبول.
- تكرار التبول بكميات صغيرة.
خامساً: سَلَس البول
السَّلَس البولي هو من مضاعفات ما بعد الولادة إذ يُمدِّد الحمل والولادة النسيج الضام في قاعدة المثانة، وقد يؤديان إلى تلف الأعصاب والعضلات في المثانة أو مجرى البول. وقد تتسرب قطرات من البول عند السعال أو الإجهاد أو الضحك، ولا داعي للقلق من ذلك، إذ تتحسن هذه المشكلة عادةً بمرور الوقت، وفي هذه الأثناء، استعملي الفوط الصحية ومارسي تمارين كيجل لمساعدة عضلات قاع الحوض على التعافي.
وللقيام بتمارين كيجل، قومي بشد عضلات الحوض كما لو أنك تمنعين نزول البول، جربي ذلك مدة خمس ثوانٍ في كل مرة، بمعدل أربع أو خمس مرات على التوالي، واعملي على انقباض العضلات مدة 10 ثوانٍ في كل مرة، واسترخي مدة 10 ثوانٍ بين الانقباضات، ثمّ قومي بالشّد لثلاث مجموعات على الأقل، كل منها عبارة عن 10 تكرارات في اليوم.
سادساً: البواسير
إذا شعرتِ بألم أثناء التغوط ووجود تورم بالقرب من الشرج، فقد تعانين من بواسير (وهي عبارة عن أوردة متمددة ومتورمة في الشرج أو أسفل المستقيم)، ولتخفيف أي شعور بعدم الراحة من البواسير، اجلسي في ماء دافئ في حوض الاستحمام وضعي وسادة هماميليس مبرَّدة على المنطقة المصابة، وقد تُوصي الطبيبة أيضًا بأخذ دواء موضعي لعلاج البواسير.
وإذا وجدتِ نفسكِ تتجنبين التبرز بدافع الخوف من تضرر منطقة العجان أو تفاقم ألم البواسير أو ألم جرح في شق العجان، فاتخذي خطوات للحفاظ على بقاء البراز ليَّنًا ومنتظمًا، مثل:
- تناولي أطعمة غنية بالألياف، بما في ذلك الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة.
- تناولي كمية كبيرة من الماء.
- اسألي طبيبكِ عن ملينات البراز إذا لزم الأمر.
سابعًا: تقرّح الثدي وتسرب الحليب
من مضاعفات ما بعد الولادة والتي تظهر بعدها بأيام عديدة، قد يصبح ثدياكِ مشدودين ومتورمين ويؤلمان عند لمسهما (التحفّل). ولتخفيف عدم الراحة والرضاعة، استخدمي مضخة الثدي أو ضعي منشفة دافئة أو استحمي بماءٍ دافئ لسَحب اللبن، وضعي منشفة باردة أو كمادات ثلجية على ثدييكِ فيما بين الرضعات. ويمكن لمُسكنات الألم المتاحة من دون وصفة طبية أن تساعد أيضًا في هذا الأمر.
وإذا كنتِ لا تقومين بالرضاعة الطبيعية، فارتدي حمّالة صدر متماسكة وداعمة، مثل حمّالة الصدر الرياضية، لمساعدتك في إيقاف إفراز اللبن، ولا تضغطي على ثدييكِ أو تفركيهما، فسوف يجعل ذلك ثدييك ينتجان المزيد من اللبن. وإذا كانت الرضاعة من الثديين مؤلمة، فاطلبي المساعدة من استشاري الرضاعة. وإذا حدث تسرب من الثديين فيما بين الرضعات، فارتدي قطع شاش أو قماش ماصة الثدي داخل حمالة الصدر لمساعدتك في الحفاظ على ملابسك جافة، وقومي بتغيير الرفادات بعد كل رضعة وحينما تبتل.
ثامناً: تساقط الشعر وتغيّرات في الجلد
أثناء الحمل، سوف تؤدي زيادة مستويات الهرمونات إلى إيقاف تساقط الشعر العادي، وتكون النتيجة في الغالب هي زيادة كثافة شعر الرأس، ولكن الآن سوف يعود لحالته الأصلية، ويبدأ الجسم بالتخلص من الشعر الزائد كله في وقتٍ واحد، وعادة يتوقف تساقط الشعر خلال ستة أشهر. ولسوء الحظ؛ لن تختفي علامات تمدد الجلد بعد الولادة، ولكن سوف تتحول في النهاية من اللون الأرجواني المائل للحمرة إلى اللون الفضي أو الأبيض، وتوقّعي أن اسمرار البشرة أثناء الحمل، على سبيل المثال منطقة رفيعة أسفل البطن (خطوط سوداء)، سيختفي ببطء بعد ذلك.
تاسعًا: تغيرات الحالة المزاجية
تتسبب الولادة في إثارة مجموعة من العواطف الجياشة، ويشيع حدوث التقلبات المزاجية والتهيج والشعور بالأسى والقلق. وتتعرض العديد من الأمهات الجدد لاكتئاب طفيف، والذي يسمى أحيانًا بالاكتئاب النفاسي، ولكن يزول الاكتئاب النفاسي عادة في غضون أسبوع أو أسبوعين. وفي هذه الأثناء، احصلي على الرعاية الجيدة لنفسك، وشاركي مشاعركِ واطلبي من زوجكِ أو أحبائك أو أصدقائك الدعم، وإذا كان اكتئابك عميقًا أو تشعرين باليأس والحزن معظم الوقت، فاتصلي بطبيبكِ، فالعلاج الفوري ضروري.
عاشرًا: فقدان الوزن
من مضاعفات ما بعد الولادة أن تشعري بأنكِ لا تتمتعين بجسم مثالي أو مظهر جيد، وقد تشعرين كذلك بأنكِ ما زلتِ حاملاً، ويُعد هذا طبيعيًا. وتفقد معظم النساء أكثر من 10 أرطال من أوزانهن أثناء الولادة، بما في ذلك وزن الرضيع والمشيمة والسائل الأمينوسي. وفي الأيام التي تلي الولادة، سوف تفقدين وزنًا إضافيًا من السوائل المتبقية، وبعد ذلك، من خلال اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام، يمكن أن يعود وزنك لما كان عليه قبل الحمل بالتدريج.
في الختام، يُعد الوعي بهذه المضاعفات ومراقبة الأعراض بدقة أمرًا بالغ الأهمية لضمان صحة الأم والمولود، ويجب على المرأة استشارة الطبيب فور ملاحظة أي أعراض غير طبيعية، مع الالتزام بالمتابعة الدورية بعد الولادة لتجنب أي مخاطر صحية.