الدورة الشهرية أثناء الرضاعة هي واحدة من الفترات التي تسودها الريبة والشك لدى السيدات، فهل من الطبيعي غياب الدورة الشهرية أثناء الرضاعة ؟ وهل غيابها يعني وجود حمل أم يعني أن السيدة محمية من الحمل بسبب الرضاعة؟ سنحاول في السطور التالية أن نتناول تغييرات الدورة الشهرية أثناء الرضاعة ومتى يجب على السيدة طلب المشورة الطبية.
الدورة الشهرية أثناء الرضاعة .. متى ينتظم الحيض؟
إنه السؤال الأبرز الذي تطرحه المرأة بعد ولادتها، وما يمكن قوله جواباً على هذا السؤال هو إن الرضاعة الطبيعية يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على الدورة الشهرية، لكن هناك اختلافات واسعة بين النساء المرضعات حول عودة الدورة الشهرية، فلدى بعضهن قد يتم استئناف الدورة الشهرية بعد أسابيع أو أشهر قليلة من الولادة، في حين أن أخريات لا تأتيهن الدورة الشهرية إلى حين فطام الطفل كلياً، وهذا الأمر قد يحصل بعد فترة تتراوح بين عدة أشهر وأكثر من سنتين وفقاً لمدة إرضاع الطفل وكمية الهرمونات التي يفرزها جسم المرأة.
وهناك عوامل عديدة تلعب دورها في توقيت عودة الدورة الشهرية لعل من أهمها التغيرات الهرمونية، والاختلافات الفيزيولوجية الفردية، والتغذية، وعدد مرات إرضاع الطفل، ومدة الرضاعة. تقريباً، يمكن القول إن كل امرأة تُرضع طفلها بالكامل، يحدث عندها انقطاع في الدورة الشهرية لمدة تتراوح من 3 إلى 6 أشهر أو أكثر، فالرضاعة المتكررة تمنع عودة الدورة الشهرية، أما السبب فيعود إلى هرمون الحليب البرولاكتين، الذي تقفز مستوياته بشكل ملحوظ، ما يحول دون إفراز الهرمونات التي تجعل جسم المرأة يبدأ في الاستعداد لحمل جديد.
ومتى عادت الدورة الشهرية، فإنها لن تكون كما كانت عليه قبل الحمل، فبعض النساء تكون دوراتهن الشهرية شبه عادية مع بعض الاضطرابات البسيطة التي تتلاشى لاحقاً. في المقابل، فإن نساء أخريات قد يعانين من دورات شهرية مضطربة وغير منتظمة، وأقل أو أكثر غزارة بالدم، وأقصر أو أطول فترة، وأخف أو أشد إيلاماً، ومن الشائع مشاهدة هذا النوع من الدورة الشهرية كلما كانت المرأة أكثر تقدماً في العمر.
متى تبدأ أول دورة شهرية بعد الولادة؟
قد تبدأ الدورة الشهرية الأولى في وقت مبكر بعد الولادة، أي بعد أسابيع قليلة تصل 5 إلى 6 أسابيع، أو قد لا تأتي طيلة فترة الرضاعة الطبيعية، ولكن بمجرد أن تتوقف الأم عن إرضاع طفلها في الليل، أو تبدأ بإعطائه الحليب الصناعي أو الأطعمة الصلبة، أو عندما يرضع الطفل بشكل أقل، أو عندما ينام الطفل لمدة 6 ساعات أو أكثر في الليل، فإن الدورة الشهرية ستعود قريباً. قد تكون الدورة الشهرية الأولى بعد الولادة غزيرة الدم، وقد يرافقها ظهور جلطات دموية وتشنجات مؤلمة.
قد تعاني بعض النساء من خروج بعض النزيف أثناء الرضاعة الطبيعية فيعتقدن أنه الدورة الشهرية، إلا أنه في الحقيقية ليس كذلك، بل هو مجرد إفرازات وبقايا بطانة الرحم المضرَّجة بالدم تشاهد بشكل عادي في فترة ما بعد الولادة.
هل النزيف بعد الولادة مباشرة هو دورة شهرية؟
قد يبدو أن النزيف الذي يحصل عند المرأة مباشرة بعد الولادة وكأنه دورة شهرية، ولكن هذا ليس صحيحاً، فهذا النزيف جزء من مرحلة النفاس ما بعد الولادة، وهذا النزيف عبارة عن مزيج من الدم والمخاط وأنسجة بطانة الرحم، ويكون لونه وردياً، وقد يكون غزيراً جداً، ويحتوي على جلطات دموية.
هل تؤثر الدورة الشهرية على إدرار الحليب؟
يمكن أن تؤثر الدورة الشهرية على إدرار الحليب، خاصة في نهاية الدورة الشهرية أو أثناءها، أما السبب فيرجع إلى تدهور مستويات هرمون الحليب البرولاكتين، ما يجعل الرضاعة غير مريحة، وقد تدفع بالطفل إلى أخذ حليب الثدي بشكل متكرر في هذه الفترة.
هل يمكن إرضاع الطفل بشكل طبيعي أثناء الدورة الشهرية؟
يمكن إرضاع الطفل خلال فترة الدورة الشهرية، ولكن قد تلاحظ الأم أن وليدها لا يرغب في الرضاعة بسبب حدوث تغيرات طارئة في طعم الحليب جراء ارتفاع نسبة الكلوريد والصوديوم وانخفاض نسبة البوتاسيوم وسكر اللاكتوز، فيصبح طعم الحليب أقل حلاوة، بل مالحاً بعض الشيء، فتكون النتيجة صعوبة إرضاع الطفل، فيرضع بوتيرة أقل أو قد يتوقف عن الرضاعة كلياً، وفي هذه الحالة فإنه يمكن طمأنة الأم بأن هذه الحالة وقتية، وأن كل شيء سيرجع إلى مجراه الطبيعي بمجرد انتهاء الدورة الشهرية فيعود الطفل إلى روتين الرضاعة الطبيعي.
أمر آخر قد يحدث أثناء الدور الشهرية هو الحساسية الزائدة في حلمتَي الثديين، خاصة في الأيام القليلة الأولى من الدورة، وهذا شيء عادي سببه التقلبات الهرمونية، ولكن في بعض الأحيان قد تصبح تلك الحساسية مزعجة للغاية، وفي هذه الحالة فإن النصائح التالية قد تفيد في التقليل من هذا الانزعاج:
- إبقاء الطفل على الثدي لضمان إرضاعه بالحليب.
- استخدام أحد الكريمات المخدرة لدهن فم الطفل من أجل جعل الرضاعة أكثر راحة للأم.
- إذا كانت الرضاعة مؤلمة للغاية، فإنه ينصح بشفط حليب الثدي ريثما يختفي الألم، أو التحدث إلى مقدم الرعاية الطبية لوصف بعض مسكنات الألم المتاحة.
هل تكفي الرضاعة الطبيعية لمنع حدوث الحمل؟
يمكن لروتين الرضاعة الطبيعي أن يمنع حدوث الحمل، بسبب غياب الإباضة أو لعدم سقوط البويضة من أجل عملية التخصيب، ويمكن أن يستمر هذا الأمر لمدة لا تقل عن 6 أسابيع بعد الولادة، إلا أن هذه المدة قد تطول مع زيادة المرضع لعدد مرات الرضاعة الطبيعية التي يقدرها البعض بأكثر من 6 مرات في اليوم، مع الحرص على القيام بالرضاعة الليلية لأنها تطيل من فترة انقطاع الدورة الشهرية، فإذا تخلت الأم عن إرضاع طفلها في الليل فهذا من شأنه أن يسرع من عودة الدورة.
أيضاً، هناك عوامل أخرى من شأنها أن تعجل من مجيء الدورة الشهرية مثل البدء بإعطاء الطفل الأطعمة الصلبة اعتباراً من الشهر السادس من العمر، وشفط الحليب من صدر الأم. على صعيد الحمل، فإنه ينبغي على المرأة ألا تعتمد على الرضاعة الطبيعية لمنع وقوع حمل جديد، فالإباضة قد تحصل قبل عودة الدورة الشهرية، لهذا فإن احتمالات حدوث الحمل واردة، من هنا ضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع حدوث الحمل خلال تلك الفترة.
كلمة حول تغيرات الدورة الشهرية أثناء الرضاعة
من الطبيعي أن تؤثر الرضاعة الطبيعية على عودة الدورة الشهرية بعد الولادة، وهي ظاهرة مألوفة تعرف باسم انقطاع الطمث الرضاعي، الذي يعتبر حالة فريدة لكل أم مرضعة. يدوم انقطاع الطمث الرضاعي ما بين عدة أشهر إلى سنتين، وهناك عوامل عديدة تدلي بدلوها، يمكنها أن تؤثر على موعد عودة أول دورة شهرية بعد الولادة، لعل من أهمها التبدلات الهرمونية، وعدد مرات الرضاعة، والرضاعة ليلاً نهاراً، وإدخال الغذاء الصلب إلى تغذية الطفل، وسحب حليب الثدي. وعندما تعود الدورة الشهرية لأول مرة أثناء الرضاعة الطبيعية، فإنها تكون مضطربة وغير منتظمة، لدرجة أنها قد تحتاج أحياناً إلى التدخل الطبي لتنظيمها وإعادة إيقاعها الطبيعي.