يُعتبر الكالسيوم أحد المعادن الهامة التي يحتاجها الجسم للقيام بالوظائف الحيوية، فهو يقوم بدور كبير في بناء العظام وتنظيم حركة العضلات، والحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية، فضلًا عن دوره في الحفاظ على صحة الأسنان والمساعدة على نقل الإشارات العصبية بين الدماغ وأجهزة الجسم المختلفة. ومع ذلك، فإن العلاقة بين الكالسيوم وحصوات الكلى تُثير كثيرًا من التساؤلات، خصوصًا عند مَن يتناولون مكملات الكالسيوم بشكل يومي.
يعتمد مقدار الكالسيوم الذي يحتاج إليه الإنسان على عمره وجنسه، ولكن يُقدر الحد الأقصى الموصى به يوميًا للبالغين بنحو 2500 ملغم. من أبرز مصادر الكالسيوم الطبيعية: الحليب ومنتجات الألبان، والمكسرات، وسمك السردين والسلمون، بالإضافة إلى البقوليات والخضراوات الورقية الداكنة.
الكالسيوم وحصوات الكلى
حصوات الكلى الكالسيومية هي أكثر أنواع حصوات الكلى شيوعًا، إذ يحتوي حوالي 85% من حصوات الكلى على هذا المعدن. حصوات الكلى هي كتل صلبة تتشكل في الكلى عند ارتفاع مستويات الكالسيوم، أو الأكسالات، أو الفوسفات في البول، أو عند قلة البول، أو بسبب تركيز البول الزائد.
وعادة ما يكون ذلك بسبب الجفاف أو قلة شرب كمية كافية من الماء. يمكن أن تختلف الحصى في الحجم، من صغيرة مثل حبة الأرز إلى حجم الحمص أو أكبر. وهنا يظهَر الترابط الوثيق بين الكالسيوم وحصوات الكلى كأحد أهم محاور الفهم والوقاية.
كيف يُشكل الكالسيوم والأوكسالات الحصوات؟
يُصاب بهذا النوع من الحصوات عدد أكبر من الناس مقارنة بأي نوع آخر. وهي تتشكل عندما يتحد الكالسيوم في البول مع الأكسالات، وهي مادة كيميائية موجودة بشكل طبيعي في العديد من الأطعمة. يَحدث هذا عندما تكون مستويات الأوكسالات أو الكالسيوم في البول مرتفعة جدًا. تحتوي العديد من الأطعمة على الأوكسالات، لذا يصعب تجنبها تمامُا. لكن بعض الأطعمة تحتوي على نسبة أكسالات أعلى بكثير من غيرها. حاول الحد منها مثل:
- السبانخ
- اللوز والكاجو
- البطاطس المخبوزة بقشرها
- الشمندر
- مسحوق الكاكاو
- البامية
- حبوب القمح
- البطاطس المقلية
- التوت
- مُحليات ستيفيا
- البطاطا الحلوة
- السلق السويسري
مكملات تحوي الاوكسالات
قد تحتوي بعض المكملات الغذائية أيضًا على كميات عالية جدًا من الأوكسالات، مثل:
- مكملات القرفة
- مكملات الكركم
إذا كنت تتناول أو تشرب أطعمة غنية بالكالسيوم في نفس الوقت، فيمكنها مساعدة جسمك على التعامل مع الأوكسالات دون تحويلها إلى حصوات كلوية، مما يفسر جانبًا مهمًا من العلاقة بين الكالسيوم وحصوات الكلى.
مَن هم المعرضون لخطر الإصابة بحصوات الكالسيوم؟
هناك عوامل خطر معينة تزيد من احتمالية تشكل حصوات الكالسيوم. تشمل عوامل الخطر هذه:
-
تاريخ عائلي للإصابة بحصوات الكلى.
-
الجفاف الناتج عن قلة شرب السوائل، أو التعرق المفرط.
-
اتباع نظام غذائي غني جدًا بالبروتينات من أطعمة مثل لحم البقر ولحم الخنزير والدواجن والأسماك والمأكولات البحرية، والصوديوم (الملح)، والسكر المضاف (وخاصة شراب الذرة عالي الفركتوز).
-
تناول نظام غذائي لا يحتوي على ما يكفي من الكالسيوم، والألياف، والفواكه والخضراوات.
حالات طبية أكثر عرضة للاصابة بحصوات الكالسيوم
- فرط نشاط الغدة جارة الدرقية،
- اضطرابات سوء الامتصاص مثل داء كرون أو التهاب القولون التقرحي،
- متلازمة الأمعاء القصيرة،
- جراحة تحويل مسار المعدة،
- داء السكري،
- بعض اضطرابات الأكل،
- فرط الأوكسالات في البول.
زيادة الكالسيوم ليست السبب الرئيسي لحصى الكلى
قد يُنصح بعض المرضى بتناول مكملات الكالسيوم لصحة العظام أو لأسباب أخرى. إذا حصلوا على ما يكفي من الكالسيوم من مصادر غذائية، فقد تزيد هذه المكملات الغذائية من الكمية اليومية الموصى بها من الكالسيوم، والتي تتراوح بين 1000 و1300 ملليغرام، وقد يُطرح هذا الفائض في البول. ومع ذلك، فإن الإفراط في تناول الكالسيوم ليس السبب الرئيسي لتشكل حصوات الكلى. بل على العكس، أظهَرت دراسات أن اتباع نظام غذائي منخفض الكالسيوم يرتبط بزيادة خطر تشكل حصوات الكلية.
عند تناول الكثير من الخضراوات والفواكه الغنية بالأوكسالات، مثل البنجر واللوز، فأنت بحاجة إلى كمية كافية من الكالسيوم للارتباط بالأوكسالات وإخراجها مع البراز. وإلا، تُمتص الأوكسالات وتُطرح في البول، حيث يُمكن أن تُشكل حصوات. النظام الغذائي الغني بالصوديوم (الملح) يُعد أحد أهم العوامل التي تربط بين الكالسيوم وحصوات الكلى، إذ يؤدي الصوديوم إلى زيادة طرح الكالسيوم في البول، ما يعزز فرص تشكيل الحصوات.
عوامل أخرى قد ترفع الكالسيوم في البول
- تناول الكثير من الفيتامين (د): يؤدي تناول جرعات يومية عالية من الفيتامين (د) على مدى عدة أشهر إلى زيادة كمية الكالسيوم المُمتص من الجهاز الهضمي بشكلٍ كبير.
- الفيتامين (ج): الإفراط في تناوله قد يُحفز جسمك على إنتاج الأوكسالات. لذا، لا تتناول أكثر من 500 ملغ يومياً.
- السرطان: قد تطرح الخلايا الموجودة في سرطانات الكلية، أو الرئة، أو المبيض كميات كبيرة من البروتينات التي تشبه هرمون جارات الغدة الدرقية الذي يزيد من مستوى الكالسيوم في الدم.
- اضطرابات العظام: إذا جرى تفكيك جزئيات مادة العظام، فإنه يحرر الكالسيوم إلى الدم، مؤديًا إلى حدوث فرط كالسيوم الدم.
- الإصابة بداء باجيت يزيد من ارتفاع مستوى الكالسيوم في الدم.
- الخمول الطويل أو الشلل: في حالاتٍ نادرة، يُصاب الأشخاص الذين يعانون من عدم الحركة بفرط كالسيوم الدم.
- يميل الأشخاص الذين خضعوا لجراحة تحويل مسار المعدة أو المصابين بمرض كرون وأمراض الجهاز الهضمي الأخرى إلى امتصاص الأوكسالات بسهولة، مما يزيد من خطر الإصابة بالحصوات.
الوقاية من حصوات الكالسيوم
تختلف الوقاية من حصوات الكلى من شخص لآخر، لكن معرفة العلاقة بين الكالسيوم وحصوات الكلى يساعد على اتباع الإجراءات الوقائية المناسبة. فيما يلي بعض التوصيات الأكثر شيوعًا للوقاية من حصوات أكسالات الكالسيوم وفوسفات الكالسيوم في الكلى:
- تناول الأدوية: قد يوصي الطبيب بأدوية مثل سترات البوتاسيوم ومدرات البول الثيازيدية لتقليل تشكل الحصى.
- اشرب كمية كافية من السوائل: شرب كمية كافية من الماء يجعل البول أقل تركيزًا ويصعّب ترسب البلورات وتشكل الحصوات. استهدف شرب حوالي 12 إلى 13 كوبًا يوميًا.
- تناول الكثير من الفاكهة والخضراوات: فهي غنية بالبوتاسيوم والألياف والمغنيسيوم.
- قلل من البروتينات الحيوانية: تناول كميات كبيرة من اللحوم والأسماك يزيد تشكل الحصى.
- قلل من الملح (الصوديوم): النظام الغذائي الغني بالملح يزيد من طرح الكالسيوم في البول.
- احرص على تناول كمية كافية من الكالسيوم من الطعام: تناول الكالسيوم الكافي (1000-1200 ملغ يوميًا) يساعد على تقليل امتصاص الأوكسالات.
- تجنب الإفراط في تناول مكملات الفيتامين (ج): لأن الكبد قد ينتج الأوكسالات من الجرعات العالية.
- قلل من الأطعمة الغنية بالأوكسالات: مثل السبانخ والبطاطا الحلوة والشمندر.
نصيحة من موقع صحتك
العلاقة بين الكالسيوم وحصوات الكلى أكثر تعقيدًا مما يُعتقد. فليس الإفراط في الكالسيوم وحده يؤدي إلى تشكل الحصوات، بل النظام الغذائي غير المتوازن، والجفاف، وكثرة الملح، وسوء الامتصاص يمكن أن تفعل ذلك أيضاً. تناول الكالسيوم من مصادر طبيعية وبكميات معتدلة، مع شرب الماء بكثرة، واتباع نظام غذائي غني بالخضروات والفواكه وقليل الملح، يبقى الركيزة الأساسية للوقاية من الحصوات والحفاظ على صحة الكلى والعظام معًا.
