في فصل الشتاء، نلاحظ شعور النساء بالبرد أكثر من الرجال حتى ولو تواجدوا في نفس المكان وفي نفس درجات الحرارة، سواء في المنزل أو في مكان العمل، إنها ظاهرة شائعة عند بنات حواء، فما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء شعور النساء بالبرد أكثر من الرجال ؟ تعالوا معنا لنستكشف المزيد حول هذا الموضوع.
أسباب شعور النساء بالبرد أكثر من الرجال
هناك عدة أسباب وراء شعور النساء بالبرد أكثر من الرجال وهي:
1. انخفاض معدل الأيض (النشاط الكيميائي الحيوي في الجسم)
قد يكون انخفاض معدل الأيض أحد أسباب شعور النساء بالبرد أكثر من الرجال ، ويعرف معدل الأيض بكمية الطاقة التي ينفقها الجسم على مدار فترة زمنية معينة. هناك فرق جوهري في معدل الأيض بين الرجال والنساء لوجود عوامل عديدة تلعب دورها مثل الجنس والهرمونات والنظام الغذائي والنشاط البدني. إن معدل الأيض المتزايد يعني حرق المزيد من الطعام لتزويد الجسم بالطاقة بشكل أسرع، فتكون النتيجة أن ترتفع حرارة الجسم.
تتمتع النساء بمعدل أيضي أقل من الرجال، مما يؤدي إلى إنتاجهنّ حرارة أقل أثناء العمليات الأيضية الطبيعية، وهذا بالتالي ما يجعلهنّ يشعرن بالبرد بشكل أسرع، والدفء بشكل أبطأ من نظرائهن من الرجال. كشفت دراسة أن معدل الأيض عند الرجال أعلى بنسبة 23% في المتوسط من معدل الأيض عند بنات حواء.
2. التقلبات الهرمونية
قد تكون التقلبات الهرمونية أحد أسباب شعور النساء بالبرد أكثر من الرجال إذ يمكن للتقلبات الهرمونية التي تحصل في جسم المرأة أن تزيد من حساسية الشعور بالبرد من خلال تأثيرها على آلية تنظيم حرارة الجسم. عندما تتناول المرأة هرمونات منع الحمل، التي تحتوي غالبيتها على الإستروجين، فإن حساسية جسمها للبرد تزداد بشكل واضح، وذلك لسببين: الأول هو أن هرمون الإستروجين يعمل على زيادة كثافة الدم، ما يقلل جريان الدم، ويقلل من تدفق الدم إلى الشعيرات الدموية التي تروي اليدين والقدمين. أما السبب الثاني فهو أن وسائل منع الحمل الفموية تساهم في رفع درجة حرارة الجسم الأساسية.
أيضاً، يمكن لعملية التبويض، التي تستمر عادة لفترة 24 ساعة بعد اليوم 14 من الدورة الشهرية، أن تؤثر على حساسية المرأة للبرودة بسبب ارتفاع مستوى هرمون الإستروجين خلال تلك المدة، إذ يؤدي هذا الأخير إلى توسع الأوعية الدموية، فترتفع درجة حرارة الجسم الأساسية بشكل ملحوظ، الأمر الذي يسمح بفقدان المزيد من الحرارة من خلال سطح الجلد. علاوة على ذلك، فبعد الإباضة تزداد مستويات هرمون البروجسترون الذي يرفع من درجة حرارة الجسم الأساسية، وبالتالي يزيد من درجة حرارة الجسم الداخلية، الأمر الذي يعزز من حساسية الشعور بالبرد بسبب التباين الحاصل مع الهواء الخارجي البارد.
3. وجود كتلة عضلية أقل
هناك فارق كبير في الكتلة العضلية بين الجنسين، فالنساء يمتلكن كتلة عضلية تبلغ 30 إلى 35% من بنية الجسم، مقابل 40 إلى 45% عند الرجال، وبما أن الكتلة العضلية تلعب دوراً في توليد الحرارة وفي استجابة أجسامنا في البيئات الباردة، فقد تبين أن الذين يملكون كتلة عضلية أكبر يفقدون حرارة أقل من الذين لديهم كتلة عضلية أقل، وهذا ما يفسر شعور النساء بالبرد أكثر بالمقارنة مع الرجال. لهذا، قد يكون الفارق بالكتلة العضلية بين الرجال والنساء هو أحد أسباب شعور النساء بالبرد أكثر من الرجال .
4. حجم جسم أقل
نعم، إن حجم الجسم الإجمالي يمكن أن يؤثر فعلياً على مدى الشعور بالبرد، ونظراً لأن النساء يكنّ بشكل عام أصغر حجماً وبنية من الرجال، فإن مساحة سطح الجسم لديهن تكون أقل، الأمر الذي يحد من انبعاث الحرارة من أجسامهن، وإذا أخذنا في عين الاعتبار أنهن يملكن كتلة عضلية أقل، فلا عجب أن تميل النساء إلى الشعور بالبرودة بشكل أكثر وأسرع من الرجال.
5. نسبة دهون أكثر
تمتلك النساء نسبة أكثر من الدهون بالمقارنة مع الرجال من نفس الفئة العمرية، وبما أن الدهون تميل إلى الاحتفاظ بالحرارة في داخل الجسم وليس في الأطراف والجلد، فستظل النساء يشعرن بالبرد في الجلد والأطراف. أظهرت دراسة أجراها باحثون من جامعة كامبريدج عام 2018 أن دهون الجسم لا تبقينا دافئين كما الحال مع العضلات، وهذا هو أحد أسباب شعور النساء بالبرد أكثر من الرجال.
3 نقاط مهمة
بقي أن نذكر ثلاث نقاط مهمة تتعلق بموضوع شعور النساء بالبرد أكثر من الرجال وهي:
- مع التقدم في العمر يزداد الشعور بالبرد، وهذا يرجع إلى فقدان الكتلة العضلية، وإلى بطء التمثيل الغذائي، ويعتقد أن هذين السببين هما من بين الأسباب التي تجعل كبار السن يشعرون بالبرد أكثر، الأمر الذي يفسر رغبة كبار السن أن تكون منازلهم أكثر دفئاً، لأنهم يميلون إلى إنتاج حرارة أقل مما كانوا ينتجونه في مراحل سابقة من حياتهم.
- أظهرت الدراسات أن أطراف النساء تكون أكثر برودة من أطراف الرجال بمعدل 1.5 درجة مئوية، وقد فسرت إحدى النظريات هذا الأمر بأن النساء تعطي الأولوية لتدفئة الأعضاء الحيوية بما في ذلك الأعضاء التناسلية، وهذا يعني توجيه الدم بعيداً عن أطراف النساء في محاولة للحفاظ على دفء بقية أنحاء الجسم، مما يؤدي إلى برودة اليدين والقدمين.
- قد يكون الشعور بالبرد المتكرر علامة على ضعف الدورة الدموية، وقد يؤدي ذلك إلى حرمان الجسم من الوقود الذي يحتاجه للحصول على الطاقة والدفء، ولعل أكبر مثال على ذلك، هو مرض رينود الذي يصيب النساء بالدرجة الأولى، ويحدث نتيجة ضعف الدورة الدموية يقلل تدفق الدم الى أصابع اليدين والقدمين، ويعطي أعراضاً مزعجة وغير مريحة ومؤلمة أحياناً، وفيه تبدو الأصابع بيضاء أو زرقاء. وتختلف درجة التأثر بهذا المرض من شخص لآخر، فالبعض قد يعاني من أعراض خفيفة فقط، في حين البعض الآخر قد يشكو من أعراض شديدة لدرجة أنها يمكن أن تؤثر على الحياة اليومية، من هنا ضرورة علاجه بالأدوية لتحسين الدورة الدموية.
كلمة من موقع صحتك حول شعور النساء بالبرد أكثر من الرجال
تشعر النساء بالبرد أكثر من الرجال، وهنّ يملنَ إلى هذا الشعور بشكل أسرع عندما يكنّ في بيئة باردة، وهذا يرجع إلى أسباب عديدة، منها الاختلافات البيولوجية، والتقلبات الهرمونية، والكتلة العضلية، ومساحة سطح الجسم، ومستوى الدهون في الجسم، ومعدل التمثيل الغذائي. إذا كنت تشعرين بالرد طوال الوقت، فقد يكون السبب وجود مشكلة في الدورة الدموية لا بد من كشفها وعلاجها قبل أن تخلق وراءها مضاعفات بعضها قد يكون خطيراً للغاية، لهذا يبدو مهماً استشارة مقدم الرعاية الصحية، لتحديد السبب وعلاجه.