إذا أردت تشخيص مرض السكري، فمن الطبيعي أن تقوم بعمل فحوصات الدم للتأكد من الإصابة بالمرض، فهي الطريقة الشائعة والأكثر دقة. لكن ما رأيك بتسجيل صوتك لعدة ثوانٍ فقط للكشف عن هذا المرض؟ وفقًا لدراسة جديدة، قد يتم تشخيص مرض السكري من النوع الثاني قريبًا من خلال تحليل صوت الشخص.
قام باحثون بإنشاء تحليل للصوت بمساعدة الذكاء الاصطناعي يمكنه اكتشاف هذا المرض بدقة عالية عند الرجال والنساء. فهل يمكن لصوت الشخص أن يكشف عن إصابته بمرض السكري من النوع الثاني؟ وهل يمكن لهذا الاختبار أن يحل محل اختبارات الدم؟ هذا ما سنتعرف إليه في هذه المقالة.
كيف يؤثر مرض السكري على الصوت؟
هناك عدة طرق يمكن أن يؤثر بها مرض السكري من النوع الثاني على صوت المريض، فارتفاع نسبة السكر في الدم بشكل مزمن، والتعب، وانخفاض سعة الرئة، والاعتلال العصبي هي بعض العوامل الرئيسية التي قد تفسر اختلاف بعض السمات الصوتية عند مرضى السكري عن الأشخاص غير المصابين بالسكري.
قد يصاب مرضى السكري من النوع الثاني باعتلال الأعصاب المحيطية الذي يمكن أن يسبب بحة في الصوت ويضع ضغطًا على الحبال الصوتية، كما يمكن أن يصابوا باعتلال عضلي وتلف في ألياف العضلات بشكل عام، مما قد يؤدي إلى ضعف العضلات داخل الحنجرة، وبالتالي زيادة مشكلات واضطرابات الصوت.
الإصابة بمرض السكري لمدة طويلة يمكن أن تؤثر على الأعصاب المتعلقة بالسمع، مما قد يؤثر أيضًا على الكلام، ففقدان السمع مرتبط بمرض السكري. كما قد يسبب مرض السكري الجفاف الذي يمكن أن يؤثر على أنسجة الحبال الصوتية، وكذلك على الأنسجة التي تبطن الفم واللسان، وبالتالي قد يؤثر على صوت النطق بالكلمات.
يعاني بعض الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري لأكثر من 10 إلى 20 عامًا من تغيرات في الصوت يمكن أن يحددها الطبيب بنفسه، إذ تكون واضحة ويمكن اكتشافها عن طريق السمع بالأذن. لكن بشكل عام، يرجع الفضل في ذلك في الغالب إلى تقدم معالجة الإشارات الصوتية والذكاء الاصطناعي، إذ يمكن الآن اكتشاف التغييرات الدقيقة التي يمكن أن تساعد في التمييز بين الخصائص الصوتية للأشخاص المصابين بالسكري وغير المصابين به.
دراسة توضح إمكانية تشخيص مرض السكري من خلال التسجيل الصوتي
طُلب من أكثر من 600 شخص بالغ مشارك في الدراسة بتقديم تسجيل صوتي لأنفسهم وهم يقرؤون بضعة جمل مباشرة من هواتفهم الذكية أو من أجهزة الحاسوب المحمولة، ومن ثم تحليل هذه العينات الصوتية التي كانت مدتها 25 ثانية باستخدام تقنيتَين متقدمتَين.
كان المشاركون المصابون بالسكري أكبر سنًا بشكل عام من غير المصابين بالمرض، وأكثر عرضة للإصابة بالسمنة، إذ كان متوسط عمر النساء المصابات بالسكري في الدراسة حوالي 50 عامًا، مقابل 40 عامًا لغير المصابات بالسكري. وبالنسبة للرجال، كان متوسط عمر الرجال المصابين بالسكري حوالي 48 عامًا مقابل 42 عامًا لغير المصابين.
قام العلماء بتحليل آلاف السمات الصوتية، وحددت خوارزمية الذكاء الاصطناعي المعتمدة على الصوت ثلثي النساء المصابات بالسكري، و7 من كل 10 رجال بشكل صحيح من خلال دمج بيانات صحية أساسية مثل مؤشر كتلة الجسم والعمر والجنس، بالإضافة إلى حالة ارتفاع ضغط الدم. كما أن أداء نموذج الذكاء الاصطناعي كان أفضل حتى لدى النساء في سن 60 عامًا أو أكثر، ولدى الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم.
يرجع ذلك إلى سهولة التمييز بين النساء باستخدام الصوت عندما تكون هناك مشكلة صحية، كما أن ارتفاع ضغط الدم يؤثر على معايير الصوت، وهي جوانب محددة من صوت الشخص مثل التنفس وبحة الصوت. هذا ما يُفسر أيضًا سبب وجود صوت أكثر تميزًا لدى الأشخاص المصابين بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم.
وأثبتت النتائج المقدمة في الاجتماع السنوي لهذا العام للرابطة الأوروبية لدراسة مرض السكري (EASD) أن نموذج الذكاء الاصطناعي الذي تم تطويره حديثًا يمكنه اكتشاف مرض السكري من خلال عينة صوتية بدقة 66% عند النساء و71% عند الرجال.
ومن هنا؛ يأمل الباحثون تشخيص مرض السكري يومًا ما بواسطة اختبار صوتي للمريض لمساعدة أكثر من 240 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لا يدركون أنهم مصابون بمرض السكري من النوع الثاني، خاصةً بعد ما أظهرت الأبحاث والدراسة أن الأشخاص المصابين بالسكري لديهم أنماط صوتية مختلفة عند مقارنتهم بأشخاص مماثلين غير مصابين بالسكري.
هل يمكن تشخيص أمراض أخرى بواسطة الصوت غير السكري؟
إمكانية تشخيص مرض السكري من خلال التسجيل الصوتي للمريض لن تكون أول مرة يُستخدم فيها الصوت لتشخيص الأمراض، فالأطباء استخدموا الصوت أو تسجيلات الكلام في تشخيص بعض الأمراض، مثل الأمراض العصبية وسرطان الرئة وسرطان المريء لسنوات عديدة، خاصةً عندما لا يوجد فحص دم أو أي أداة فحص موثوقة أخرى.
الكلام عملية معقدة تتطلب التنسيق مع الدماغ والعضلات والجهاز التنفسي. تُظهِر الأبحاث الحديثة أن التغييرات الطفيفة في الكلام، مثل التلعثم أو ارتعاش الحبال الصوتية، قد تكون علامات مبكرة على مرض معين مثل مرض باركنسون، والاكتئاب، ومشكلات القلب، والصرع. فعلى سبيل المثال، يتحدث الأشخاص المصابون بالاكتئاب بصوت رتيب، ويتحدث المرضى الذين يعانون من الصرع بطريقة مشوهة غير واضحة للأصوات الكلامية المتحركة، ونطق غير دقيق للحروف الساكنة، بالإضافة إلى فرط الخنة أو الخنف.
كيف يتم تشخيص مريض السكري؟
الطريقة الوحيدة الحالية التي يمكن من خلالها معرفة ما إذا كان الشخص مصابًا بمرض السكري هي من خلال فحوصات الدم التي تقيس مستويات الجلوكوز (السكر) في الدم.
ما هو التحليل الذي يكشف مرض السكري؟
هناك عدة اختبارات لتشخيص مرض السكري، عادةً ما يلزم تكرار كل طريقة للتأكد من تشخيص مرض السكري وشدته. سيسأل الطبيب عن أي أعراض لدى المريض، وسيقرر بعد ذلك نوع اختبار الدم الذي يجب استخدامه. تشمل اختبارات الدم المختلفة لتشخيص مرض السكري ما يلي:
- تحليل السكر التراكمي (HbA1c).
- تحليل السكر العشوائي (Random blood glucose test).
- تحليل سكر الدم الصائم (Fasting blood sugar test).
- اختبار تحمُل الجلوكوز (GTT)
كيف يعرف الشخص أنه مصاب بالسكري؟
يختلف كل شخص عن الآخر، فالأعراض التي تظهر عليك قد لا تتطابق مع أعراض شخص آخر. يبدأ مرض السكري غالبًا بأعراض خفيفة، وتظهر أعراض النوع الأول بسرعة وتكون أكثر حدة، بينما تتطور أعراض النوع الثاني ببطء. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا التي يعاني منها العديد من مرضى السكري ما يلي:
- زيادة العطش.
- الشعور بالجوع.
- فقدان الوزن.
- كثرة التبول.
- الشعور بالتعب.
- عدم وضوح الرؤية.
في النهاية، على الرغم من أن الدراسة أشارت إلى إمكانية تشخيص مرض السكري من خلال تحليل صوت المريض، وأن الكشف من خلال تقنية الذكاء الاصطناعي هذه كان متوافقًا بنسبة 93% مع تقييم أو تحديد درجة المخاطر المعتمدة على الاستبانة لجمعية السكري الأميركية، لكن تظل اختبارات الدم هي المعيار الأساسي للكشف عن مرض السكري وتشخيصه، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. وما يزال من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت ستوفر اختبارات الصوت هذه قيمة سريرية، فهي بحاجة إلى مزيد من البحث قبل أن يصبح من الممكن استخدامها على نطاق واسع كأداة معتمدة لتشخيص مرض السكري.