تظهر متلازمة الطفل الذهبي في الطفل الاستثنائي من خلال نمط تربوي يُمنح فيه طفل واحد في المنزل مكانةً خاصة، ويتوقع منه التصرف بشكل محترف ومميز في كافة الأوقات، دون أن يُسمح له بالتعبير عن مشاعره الخاصة، وقد يتم معاقبته عقاباً شديداً إذا قصّر في ناحية معينة أو خسر في مرحلة ما. تَظهَر هذه المتلازمة عادة في الأسر التي يعاني فيها أحد الأبوين من مشكلات واضطرابات نفسية، أو لدى الأبوين الذين يريدان إسقاط طموحاتهما أو توقعاتهما على طفلهما. ولكن ما مدى تأثير هذه السلوكيات على نفسية الطفل ونموه في مراحل الحياة القادمة؟
ماذا يعني أن تكون الطفل الذهبي ؟
يتساءل البعض عن العلامات التي تظهَر على الطفل الذهبي وكيفية تمييزه عن غيره من الأطفال. سنطرح في هذا المقال مجموعة من العلامات الثابتة للطفل الذهبي والتي تشمل:
-
صعوبات في تحديد الهوية
كلما كبر الطفل عرف نفسه وحاجاته وميوله، فيحدد بذلك هويته، أما الطفل الذهبي وبسبب الضغوطات التي يعيشها وما يُطلب منه، فقد يتطرق لتغيير شخصيته لإرضاء غيره، وربما يتصنّع أشياء ليست حقيقية، وبالتالي:
- يكافح للعثور على شخصيته الفريدة والحقيقية.
- يُغيّر شخصيته ليُشعر من حوله بالراحة.
- يجد صعوبة في اتخاذ القرارات أو الاستقلالية.
-
السعي لإرضاء الآخرين
يَعتقد بعض الأطباء أن محبة الآخرين مشروطة، وهذا ليس صحيح تماماً، إنما الطفل الذهبي يرى ذلك ويتعامل معه على أنه واقع، وبالتالي يسعى لإرضاء من حوله بغض النظر عن رغباته الشخصية وما إذا كان السلوك صائباً أو لا، فقط ليحصل على محبتهم.
-
انعدام المسؤولية
ينشأ بعض الأطفال المتفوقين معتقِدين أنهم لا يخطئون، لأن آباءهم لا يحاسبونهم، وبالتالي يكبر هؤلاء الأطفال بسلوكيات خاطئة منها:
- صعوبة الاعتذار للآخرين أو التعاطف معهم.
- إلقاء اللوم على الآخرين.
- صعوبة تقبّل النقد البناء.
- ضبط الانفعالات، مثل نوبات الغضب.
- تشجيع السلوكيات السلبية التي تسعى لجذب الانتباه.
-
الشعور بأنهم الشخصية الأهم
يكبر العديد من الأطفال المتفوقين وهم يشعرون أو يسمعون أنهم متفوقون على الآخرين، وأنهم يستحقون معاملة خاصة. عندما يصطدم هذا الشعور بالواقع، قد يكون الأمر مزعجًا للغاية.
-
التوتر المستمر مع الأشقّاء
عندما يكون هناك طفل يشكّل محور الاهتمام في العائلة تنمو لدى الأشقّاء الآخرين الكثير من المشاعر السلبية، وقد يؤدي ذلك إلى خلافات كبيرة بينهم، وربما نمو الشعور بالغيرة، ما قد يدفعهم لإيذاء بعضهم البعض.
-
الخوف من الفشل
يعاني كثير من الأطفال وفي مراحل مبكرة من حياتهم من ضغط شديد ليكونوا الأكثر تفوقاً والأكثر تميزاً، وهذا ما يجعلهم يعيشون تحت ضغط مستمر، وربما يمتد تأثير ذلك إلى مرحلة البلوغ. من المهم تشجيع الطفل ليكون متميزاً، ولكن هذا لا يعني أن نعاقبه إذا لم يحتل المرتبة الأولى في الدراسة مثلاً.
هل يمكن للطفل الذهبي أن يتعافى؟
يتساءل الأهل دوماً هل يمكن للطفل الذهبي التعافي من هذه المتلازمة؟ في الحقيقة نعم، هناك العديد من الخطوات التي يمكن القيام بها للتعافي من هذه المتلازمة وهي:
-
استشارة المعالِج النفسي
يمكن للمستشار النفسي مساعدة الطفل الذهبي في فهم التجارب السابقة والتعامل مع تفاعلاته الحالية. إذا كنت بحاجة إلى تغيير عقليتك أو سلوكك، فسيكون بمثابة مرشد لك. قد تكون هذه العملية مُرهقة، لذا من الجيد أن يكون لدى هذا الطفل شخص مُختص يدعمه.
-
التعرف على النفس والاهتمام برغباتها
إرضاء الآخرين غاية لا تدرك، فلكل طبعه ومزاجه وعقليته، لذا لا ينبغي التركيز بكافة الأحوال على الآخرين، ساعد الطفل أن يقوم بالاختيارات الصحيحة البناءة في إطار الأخلاق، مع الأخذ بعين الاعتبار الرغبات الشخصية لا رغبات الآخرين، فإن أرضى الطفل طرفاً فلا يعني هذا أن باقي الأطراف يرضيها هذا الأمر. التصرف بشكل سليم والاهتمام بالنفس لا ينافي محبة الآخرين.
-
ممارسة تمارين اليقظة الذهنية
قد يكون ذلك من خلال المشي في الطبيعة لساعة يومياً، أو ممارسة تمارين التنفس، بما في ذلك التنفس البطني الذي يساعد بشكل كبير على التخلص من التوتر والتصالح مع النفس. حاول تركيز طاقتك على اللحظة الحالية، ما الذي تفكر فيه وتشعر به؟ إنه أمر رائع لتخفيف التوتر وشفاء نفسية طفلك.
تؤثر طريقة تربيتك على كيفية نموك، ولكن بالعمل الجاد والدعم الكافي، يمكنك التغلب على التحديات واكتشاف طبيعتك الحقيقية.
الأسئلة الشائعة
ما الفرق بين الطفل الذهبي والطفل البطل؟
يعتمد الطفل الذهبي على مكانته الشخصية ليظهر وحده بصورة مميزة دائماً، بينما الطفل البطل يعتمد لتقوية نفسه على عائلته دون التغلب على أشقائه.
ما عكس الطفل الذهبي؟
عكس الطفل الذهبي هو الطفل الذي تُلقى على عاتقه جميع الأخطاء، سواء كانت منه أو من إخوته، ويشعر كأنه المسؤول عن جميع المشاكل في المنزل.
نصيحة من موقع صحتك
تُعتبر تربية العائلة للطفل أساس توازنه واستقراره النفسي، لذا من المهم التركيز على نوعية التربية. يُعتبر الطفل الذهبي إحدى المتلازمات التي تضع الطفل تحت ضغوطات كبيرة قد تؤثّر بشكل سلبي عليه في المستقبل. ادعموا أطفالكم لاكتشاف أنفسهم وميولهم ضمن الأخلاقيات المطلوبة، ولا تعاقبوهم إذا لم يكونوا الأكثر تميزاً، فلكل طفل قدراته الخاصة.