أظهرت بعض الدراسات أن السيدات اللاتي يعانينَ من بطانة الرحم المهاجرة أو انتباذ بطانة الرحم قد يكنَّ أكثر عرضةً للإصابة بأمراض القلب أو للنوبات القلبية مقارنةً بغير المُصابات بهذا المرض. وبينما يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى النساء عادةً بعد انقطاع الطمث، فإن الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة قد تُؤدي إلى زيادة مشاكل القلب لدى النساء دون سن الأربعين.
ما هي بطانة الرحم المهاجرة أو انتباذ بطانة الرحم؟
تعد بطانة الرحم المهاجرة حالة تبدأ فيها أنسجة مشابهة لتلك الموجودة داخل الرحم (تسمى بطانة الرحم) بالنمو في مناطق أخرى من الجسم (خارج الرحم). وفي أغلب الأحيان، يوجد هذا النسيج في مناطق الحوض الأنثوي وأجزاء من الجهاز التناسلي الأنثوي، بما في ذلك المبايض وقناتي فالوب.
قد تسبب هذه الحالة، والتي تُقدر نسبتها بـ 10% من النساء، آلامًا في الحوض، خاصةً أثناء الدورة الشهرية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تراكم هذه الأنسجة الزائدة حول المبايض وقناتي فالوب قد يؤثّر أيضًا على الخصوبة.
أكّد أطباء النساء على أنه "نظرًا لأن تراكمات الأنسجة هذه تُشبه تلك الموجودة داخل الرحم، فإنها تتفاعل مع تقلبات الهرمونات". "لذلك، عندما يستعد جسمكِ للدورة الشهرية، تُصاب جميع مناطق الانتباذ البطاني الرحمي بالالتهاب والتهيج، وقد يؤدي هذا إلى الألم، وغزارة الدورة الشهرية، وتطور النسيج الندبي وأكياس المبيض".
بالإضافة إلى الأعراض المنهِكة التي تسببها بطانة الرحم المهاجرة، فإن وجود هذه الحالة يزيد أيضًا من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم، وتصلب الشرايين، وأمراض القلب التاجية (CHD)، وخلل شحميات الدم، وأمراض المناعة الذاتية.
بطانة الرحم المهاجرة وأمراض القلب والأوعية الدموية
ترتبط بطانة الرحم بالتهابات عامة مزمنة، وبارتفاع مستويات الدهون، وكلها عوامل تُسهم في تصلب الشرايين.
يزيد تكوّن تصلب الشرايين التاجية وتطوره من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل مرض الشريان التاجي، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول، وداء السكري. لذلك، قد يكون لبطانة الرحم علاقة بتطور أمراض القلب والأوعية الدموية.
أكّدت دراسات سابقة أن مرضى بطانة الرحم المهاجرة معرّضون لخطر نسبي متزايد للإصابة بارتفاع ضغط الدم، وفرط كوليسترول الدم، واحتشاء عضلة القلب بنسبة 14%، و25%، و52% على التوالي.
ما يزال الارتباط الإيجابي بين بطانة الرحم المهاجرة وأمراض القلب والأوعية الدموية غير واضح، مما حال دون تمكن الأطباء من علاج مرضى بطانة الرحم المهاجرة المعرضين لخطر أكبر للإصابة بهذه الأمراض بشكل مناسب.
كيف يمكن للنساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب؟
للأسف، تُعدّ بطانة الرحم المهاجرة حالة مزمنة، ويتعيّن على العديد من النساء اللواتي يعانينَ منها تعلّم كيفية التعامل معها طوال حياتهنّ. عندما يتعلق الأمر بتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، يُعدّ تشخيص وعلاج بطانة الرحم المهاجرة نقطة انطلاق جيدة. ومع ذلك، هناك تغييرات أخرى في نمط الحياة يجب عليكِ مراعاتها أيضًا للمساعدة في تحسين صحة قلبكِ بشكل عام. ونقدم لك هذه الاقتراحات للحفاظ على صحة قلبكِ:
- السيطرة على الأمراض المزمنة: بطانة الرحم المهاجرة ليست الحالة الالتهابية الوحيدة التي تؤثر على القلب، تحدثي مع طبيبكِ لاستكشاف الخيارات المتاحة لكِ لتقليل الالتهاب في الجسم.
- اتّبعي نظامًا غذائيًا صحيًا للقلب: ركّزي في نظامكِ الغذائي على إعطاء الأولوية للبروتينات النباتية والحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات، وتجنّبي الأطعمة المصنّعة أو الأطعمة الغنية بالدهون أو السكر، فهذه الأطعمة لا تزيد من التهاب الجسم فحسب، بل تزيد أيضًا من مستويات السكر في الدم والكوليسترول.
- مارسي الرياضة بانتظام: قد يساعد تحريك جسمكِ في الواقع على تقليل الالتهاب، وبالتالي، يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب. حسّني أداء قلبكِ يوميًا بأي طريقة ممكنة، بدءًا من المشي السريع حول الحي وصولًا إلى رفع الأثقال التي تُحسّن قوتكِ في صالة الألعاب الرياضية.
- حافظي على وزن صحي: يُعدّ داء السكري والسمنة من عوامل الخطر الرئيسية لأمراض القلب. باتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة، يمكنكِ تجنّب أي زيادة مفرطة في الوزن.
- تجنّبي التدخين: لا يُساهم التدخين في التهابات الجسم فحسب، بل يزيد أيضًا من خطر ارتفاع ضغط الدم، ناهيك عن أن التدخين يُلحق الضرر بالأوعية الدموية، مما يزيد من خطر الإصابة بالانسدادات المُسببة للنوبات القلبية.
ويؤكد الأطباء أنه بغض النظر عما إذا كنت تعاني من مرض بطانة الرحم أم لا، يجب على جميع النساء أن يدركنَ احتمالية إصابتهن بأمراض القلب وإجراء تغييرات في نمط حياتهنّ في وقت مبكر للمساعدة في تقليل المخاطر الأكبر في المستقبل.
ما هو علاج بطانة الرحم المهاجرة؟
قد تساعد بعض الأدوية على تخفيف أعراض بطانة الرحم المهاجرة مثل:
- المسكنات: يمكن التخفيف من الألم الذي تعاني منه النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة خاصة ألم الدورة الشهرية عن طريق استخدام الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهاب مثل الديكلوفيناك، أو الإيبوبروفين.
- تثبيط نمو خلايا بطانة الرحم المهاجرة: ويتم ذلك باستخدام الهرمونات للحد من إنتاج هرمون الإستروجين في الجسم أو إيقافه، عن طريق كبت الإباضة الشهرية من المبيض، ويكون العلاج على شكل حقن لعلاج بطانة الرحم المهاجرة تؤخذ كل 3 شهور، أو باستخدام اللولب الهرموني، أو أي شكل من أشكال العلاج الهرموني مثل الحبوب عن طريق الفم، وتؤدي جميع هذه الخيارات الهرمونية إلى نفس المفعول في علاج بطانة الرحم المهاجرة.
وقد يلجأ الأطباء إلى الجراحة المتمثلة في إجراء عمليات المنظار الجراحي، فيعتبر المنظار الجراحي هو المعيار المثالي للتشخيص والاستئصال الجراحي لبطانة الرحم المهاجرة لانخفاض مخاطر هذه الجراحة، ونتائجها المُرضية، وإمكانية عودة المريضة إلى ممارسة نشاطاتها الطبيعية خلال فترة أسبوعين أو أقل. ويتم علاج بطانة الرحم المهاجرة بالمنظار، من خلال ما يلي:
- تتم العملية تحت تأثير التخدير العام؛ لذلك ستكون المريضة نائمة ولن تشعر بأي ألم أثناء إجرائها.
- يتم إجراء جروح صغيرة، أو شقوق في بطن المريضة.
- يمرَّر أنبوب صغير به مصدر ضوئي، وكاميرا ترسل صوراً من داخل البطن أو الحوض إلى شاشة تليفزيون، حتى يتمكن الطبيب من تدمير أنسجة بطانة الرحم المهاجرة، أو قطعها.
وعلى الرغم من أن علاج بطانة الرحم المهاجرة بالمنظار قد يخفف الأعراض، ويساعد في بعض الأحيان على تحسين الخصوبة، إلا أن هذه الحالة المرَضية يمكن أن تتكرر، خاصة إذا تُركت بعض أنسجة بطانة الرحم موجودة، إلا أن استخدام أدوية علاج بطانة الرحم المهاجرة الهرمونية لدى النساء اللاتي خضعنَ للجراحة بالمنظار، قد يخفض من حالات الانتكاس وتكرار حدوث المرض.
كلمة من موقع صحتك
تشير نتائج الدراسات الحديثة إلى أن وجود الانتباذ البطاني الرحمي أو بطانة الرحم المهاجرة يزيد من خطر الإصابة بكل من أمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم، وتؤكد هذه الملاحظات على أهمية مراقبة السيدات المعرّضات للخطر عن كثب، وبدء التدخلات الوقائية في الوقت المناسب. على سبيل المثال، يمكن للأطباء دمج العلاجات التي تستهدف الالتهاب المزمن، والإجهاد التأكسدي، والمسارات الهرمونية في استراتيجياتهم لعلاج المرضة المصابات ببطانة الرحم المهاجرة.
ويهمنا إدراك وجود بطانة الرحم المهاجرة أو الانتباذ البطاني الرحمي كعامل خطر لحدوث أمراض القلب والأوعية الدموية يَسمح بتقييم مخاطر القلب والأوعية الدموية والتدخل المبكر، مع التركيز على تغييرات نمط الحياة والرعاية الشخصية للحد من مخاطر القلب والأوعية الدموية لدى السيدات المصابات ببطانة الرحم المهاجرة.