وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية نهاية الأسبوع الماضي على دواء كوبينفي (زانوميلين وكلوريد التروسبيوم) لعلاج الفصام لدى البالغين، وهو أول دواء مضاد للذهان معتمد ضمن أدوية علاج الفصام يستهدف المستقبلات الكولينية بدلاً من مستقبلات الدوبامين، مما يجعلنا نشهد نوعًا جديدًا من أدوية علاج الفصام لم نره منذ عقود.
توفر هذه الموافقة بديلاً جديدًا للأدوية المضادة للذهان التي عادةً ما كانت توصف للأشخاص المصابين بالفصام، إذ يعمل الدواء بآلية مختلفة تمامًا عن أدوية علاج الفصام الأخرى التي كانت تستهدف مستقبلات الدوبامين، كما أنه لا يسبب الآثار الجانبية الشديدة التي لوحظت مع أدوية الفصام السابقة.
سنتعرف في هذه المقالة إلى كل ما يخص دواء كوبينفي من دواعي استعماله، وآلية العمل، والآثار الجانبية، إلى التحذيرات والاحتياطات اللازمة أثناء الاستخدام.
ما هو الفصام؟
الفصام أو انفصام الشخصية هو مرض عقلي يؤثر على طريقة تفكير المريض وشعوره وتصرفه، ويعتبر الفصام أحد الأسباب الرئيسية للإعاقة النفسية في جميع أنحاء العالم، ويصيب 221 شخصًا من كل 100 ألف شخص حول العالم. تظهر علامات وأعراض الفصام عادةً في سنوات المراهقة أو أوائل مرحلة البلوغ.
أعراض الفصام
هناك أعراض موجبة وسالبة للفصام، تشمل الأعراض الموجبة وجود الهلوسة والأوهام، أما الأعراض السالبة فتشمل الانسحاب الاجتماعي، وعدم الاستمتاع بالحياة. هناك أيضًا أعراض تشمل الضعف الإدراكي، مثل مشكلات في التركيز والذاكرة واتخاذ القرار. تستهدف أدوية الفصام التقليدية بشكل أساسي الأعراض الموجبة، أما دواء كوبينفي يعمل على تحسين الأعراض الموجبة والسالبة معًا.
ما هو دواء كوبينفي ؟
دواء كوبينفي Cobenfy هو علاج جديد يُستخدم بوصفة طبية لعلاج الفصام لدى البالغين. يحتوي دواء كوبينفي على المادة الفعالة زانوميلين التي تساعد في علاج أعراض الفصام الموجبة والسالبة، كما يحتوي على مادة تروسبيوم التي تعمل على تقليل الآثار الجانبية. يتوفر كوبينفي (زانوميلين/تروسبيوم) على شكل كبسولات بتركيز 50/20 مجم، 100/20 مجم، 125/30 مجم، ويتم تناوله مرتين يوميًا على معدة فارغة، قبل ساعة واحدة على الأقل من تناول الطعام أو بعد ساعتين على الأقل من الأكل.
آلية عمل دواء كوبينفي
يعمل كوبينفي عن طريق تنشيط المستقبلات المسكارينية في الجهاز العصبي المركزي في الدماغ بسبب المادة الفعالة زانوميلين التي تستهدف بشكل انتقائي مستقبلات M1 وM4 في الدماغ دون حجب مستقبلات الدوبامين D2، مما يوفر نهجًا جديدًا للعلاج، إذ يحسن أعراض الفصام الذي يرتبط باختلال التوازن في أنظمة النواقل العصبية في الدماغ مثل الأستيل كولين والدوبامين.
كما تعمل مادة كلوريد التيوسبيوم، التي تنتمي إلى مضادات الفعل الكوليني، على إغلاق المستقبلات المسكارينية بشكل أساسي في الأنسجة الطرفية. دور كلوريد التيوسبيوم لا يقل أهمية عن دور زانوميلين، فهذه المادة لا تستطيع العبور لداخل الدماغ بسهولة، وبالتالي تعمل بشكل أساسي في الجسم، مما يقلل من الآثار الجانبية عن طريق إغلاق المستقبلات المسكارينية. هذا ما يفسر أيضًا تفوق دواء كوبينفي على أدوية علاج الفصام الأخرى مثل الأدوية القديمة المضادة للذهان، فالدواء لا يسبب نفس الآثار الجانبية الشديدة مثل حركة العضلات اللاإرادية، وزيادة الوزن، والنعاس الشديد.
دراسات تؤكد أمان وفعالية دواء كوبينفي لعلاج الفصام
أكدت دراسات أمان وفعالية دواء كوبينفي لعلاج الفصام، وأعطت إدارة الغذاء والدواء الموافقة على علاج كوبينفي بناءً على دراستين متطابقتين، إذ أثبتت الدراستان أن دواء كوبينفي آمن وفعال للبالغين المصابين بالفصام الذين يعانون من نوبة ذهانية حادة. خصصت كلتا التجربتين عشوائيًا حوالي 250 مريضًا لتناول دواء كوبينفي أو دواء وهميًا لمدة خمسة أسابيع.
ثم استخدم الباحثون نظام تصنيف يُعرف باسم مقياس الأعراض الموجبة والسالبة للفصام (PANSS) لمعرفة مدى تحسن أعراض المريض بسبب العلاج. شهد المشاركون الذين تلقوا علاج كوبينفي انخفاضًا ملحوظًا في الأعراض من البداية إلى الأسبوع الخامس مقارنةً بالمجموعة التي تلقت الدواء الوهمي، في كلتا الدراستين.
الآثار الجانبية لدواء كوبينفي
كانت الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا لدواء كوبينفي، والتي حدثت مع 5% أو أكثر من المرضى في التجارب السريرية، ما يلي:
- الشعور بالغثيان.
- عسر الهضم والإمساك.
- القيء وآلام البطن.
- الإسهال والدوار.
- حرقة المعدة (داء الارتداد المعدي المريئي).
- سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم.
التحذيرات والاحتياطات اللازمة أثناء استخدام علاج كوبينفي
هناك بعض الحالات التي يحذر فيها استخدام دواء كوبينفي إذا كان المريض يعاني منها، تشمل هذه الحالات:
- حساسية من زانوميلين أو كلوريد التروسبيوم.
- احتباس البول.
- أمراض الكبد المتوسطة أو الشديدة.
- الزَّرَق الضيق الزاوية في العين.
الحالات الطبية الخاصة
يجب إخبار الطبيب المعالج عن جميع الحالات الطبية للمريض قبل تناول دواء كوبينفي، خاصةً إذا كان يعاني من:
- تضخم البروستاتا.
- مشكلات في التبول, أو انسداد في المثانة.
- حصيات المرارة.
- مشكلات في القنوات الصفراوية أو البنكرياس.
- مشكلات في المعدة أو الأمعاء، مثل التهاب القولون التقرحي.
- الحمل والرضاعة الطبيعية.
الشخصية الفصامية أعراضها وعلاجها
يغير الفصام طريقة تفكير الشخص وسلوكه، وقد تتطور الحالة ببطء. عادةً ما يكون من الصعب التعرف على العلامات الأولى للفصام لأنها غالبًا ما تتطور ببطء خلال سنوات المراهقة. الطبيب النفسي هو الذي يحدد ما إذا كان المريض مصابًا بالفصام أم لا، إذ لا يوجد اختبار محدد لتشخيص مرض الفصام، وعادة ما يتم تشخيص الحالة بعد التقييم والمتابعة.
أعراض الشخصية الفصامية
تشمل أعراض الفصام ما يلي:
- أعراض موجبة: تشمل تغييرًا في السلوك أو الأفكار، مثل الهلوسة أو الأوهام.
- أعراض سالبة: حالات انسحابية يفتقر فيها المريض للمشاعر، وغالبًا ما تظهر قبل عدة سنوات من تعرض الشخص لأول نوبة من الذهان. ينسحب المريض من العالم من حوله، ولا يهتم بالتفاعلات الاجتماعية اليومية.
أدوية مضادة للذهان تستخدم في علاج الفصام
إذا كنت تعاني من الفصام، فيجب عليك الحصول على العلاج في أسرع وقت ممكن. تعتبر الأدوية العلاج الرئيسي للفصام، والأدوية المضادة للذهان هي أدوية علاج الفصام الأكثر وصفًا. يهدف العلاج بالأدوية المضادة للذهان لتقليل الأعراض، مثل الأوهام والهلوسة، بأقل جرعة ممكنة. تشمل أنواع الأدوية المضادة للذهان المستخدمة لعلاج الفصام ما يلي:
- مضادات الذهان التقليدية (الجيل الأول)، مثل: دواء كلوربرومازين، فلوفينازين، هالوبيريدول.
- مضادات الذهان غير التقليدية (الجيل الثاني)، مثل: دواء أريبيبرازول، كلوزابين، أولانزابين، كويتيابين، ريسبيريدون.
أدوية علاج الفصام الأخرى
قد يصف الطبيب أدوية أخرى إلى جانب الأدوية المضادة للذهان كعلاج إضافي بناءً على الأعراض التي يعاني منها المريض، على الرغم من أنها قد تكون بحاجة إلى المزيد من البحث للتأكد من مدى فعاليتها في علاج الفصام. تشمل أدوية علاج الفصام الأخرى التي قد يجربها الأطباء ما يلي:
مثبتات المزاج
تستخدم مثبتات المزاج ضمن كورس أدوية علاج الفصام, ومنها:
- دواء كاربامازيبين
- لاموتريجين
- حمض الفالبرويك
- الليثيوم
مضادات الاكتئاب
مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية هي أكثر أنواع مضادات الاكتئاب المستخدمة، وتشمل:
- دواء إسيتالوبرام
- فلوكستين
- باروكستين
- سيرترالين
متى يبدأ مريض الفصام بالتحسن؟
تشير إحدى الدراسات أن الأعراض تتحسن أو تختفي لدى حوالي 70٪ من الأشخاص الذين يتلقون العلاج، وغالبًا ما تتحسن تفاعلاتهم الاجتماعية في غضون 6 أشهر. تتحسن حالة أغلب المصابين بالفصام بمرور الوقت، ولا تزداد سوءًا في الغالب.
هل يوجد علاج نهائي للفصام؟
لا يوجد علاج نهائي للفصام حاليًا، ولكن يمكن علاج أعراض المرض والتحكم بها بنجاح. يساعد الدعم النفسي والاجتماعي القوي والحصول على العلاج المناسب في علاج الأعراض والاستمتاع بالحياة من جديد.