إلى أي مدى تؤثر الحالةُ النفسيةُ للمريض على قابليته للشفاء؟ وهل يؤثر تصورُ المريض حول العلاج الذي يتلقاه على شفاءِ المرض أو اختفاءِ أعراضِه؟ هذا ما سنحكي عنه اليومَ في هذه الحلقةِ من إكسير. نتساءل جميعاً، كيف أعطت المكملاتُ الغذائيةُ مفعولاً مشابهاً للعلاج السابق الذي كان يتعاطاه "روي"؟ وكيف خلَّصته من التوتر والهوس؟ للإجابة على هذه الأسئلة، علينا أن نتعرفَ على البلاسيبو.
ما هو البلاسيبو ؟
البلاسيبو، أو الدواءُ الوهمي، هو دواءٌ يُصنع بطريقةٍ تجعلُه مشابهاً تماماً للأدوية الحقيقية، إلا أنه خالٍ تماماً من المواد الفعالة، إذ يمكن أن يُوضعَ داخلَ كبسولات الحبوب نشاءٌ أو سكرٌ مثلاً بدلاً من المادة الدوائية الفعالة.
خلال مرحلةِ تطويرِ دواءٍ جديد، يعكُفُ الباحثون على اختبار مدى فاعليتِه، فيلجؤون إلى طريقةٍ قائمةٍ على المقارنةِ بين تأثيرِ ذلك الدواءِ ودواءٍ آخرَ وهميٍ، أي لا يحوي على أيِّ مادةٍ فعالة.
في مثل هذه الدراسات، يُقسَم المشاركون عادة إلى مجموعتين: الأولى تأخذ العقارَ الحقيقيَ، والثانية تأخذ العقارَ الوهميَ، دون أن يتمَ إعلامُهم بذلك. وبعد انتهاءِ المدةِ المطلوبة لاختبارِ العلاج، تقارَن التغيراتُ الملاحَظَةُ في نتائج لفحوصاتِ عند الذين استعملوا الدواءَ الفعالَ مع التغيراتِ الملاحَظَةِ عند الفئة الأخرى التي استعملت الدواءَ الوهمي. وبالطبع، ينبغي أن يكون تأثيرُ الأدويةِ الحقيقيةِ أقوى بكثيرٍ من تأثيرِ الأدويةِ الوهميةِ كي يتمَ اعتماد استعمالِه.
ما هي تأثيرات البلاسيبو ؟
في بعضِ هذه الدراساتِ يلاحظ الباحثون استجابةَ المشاركين الذين تعاطوا الدواءَ الوهميَ وتحسنَهم بنسبة كبيرة، وتسمى هذه الظاهرةُ بـ Placebo effect أو تأثيرِ الدواءِ الوهمي. وطبعاً هذا يجعلُ تمييزَ فاعليةِ الدواءِ الحقيقيِ أمراً صعباً. عند دراسة أسبابِ هذا التحسنِ وجد الباحثون أن الدواءَ الوهميَ يؤثر فعلياً في التصورِ العقليِ للشخص، فينعكس هذا التأثيرُ على التفاعلاتِ الكيميائيةِ والفيزيولوجيةِ في جسمِه، فالمريضُ دائماً لديه تصورٌ عقليٌ أنه سوف يتحسن بعد تعاطي العلاج. في هذه الحالة غالباً ما يكون تأثيرُ الدواء الوهمي مقتصراً على الأعراضِ وليس على المرض نفسِه. على سبيل المثال: لا يؤدي استعمالُ الدواءِ الوهميِ إلى شفاءِ عظمٍ مكسور، لكنه يجعل الألمَ يبدو أقلَّ شدة.
ما هي أنواع البلاسيبو ؟
يُستخدم البلاسيبو عادة في البحوث الطبية لتقييم فعالية العلاجات الجديدة، فهو جزء من الدراسات العشوائية لمقارنة العلاج الحقيقي به، ويهدف إلى قياس تأثير العلاج الفعلي من خلال عزل تأثير الدواء عن التأثير النفسي، وله العديد من الأنواع بما في ذلك:
- حبوب وحقن تصنع لتبدو مثل الأدوية الحقيقية لكنها خالية من أي مادة فعالة.
- إجراءات طبية مثل التدخلات الجراحية الزائفة أو العلاج بالإبر، إذ لا يتم تنفيذ الإجراء الفعلي.
- التدخلات النفسية مثل تقديم نصائح أو علاجات ظاهرية دون تأثير عملي.
كيف يعمل البلاسيبو ؟
يعتمد تأثير البلاسيبو على العقل والجسم، وربما لأن المريض يتوقع تحسنه فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تخفيف الألم عن طريق إطلاق الإندروفين في الجسم، وتحسين الأعراض نتيجة تقليل التوتر وزيادة الإيجابية، وتغيير في المؤشرات الحيوية عبر انخفاض ضغط الدم أو تحسين معدلات ضربات القلب.
هل ينجح العلاج بالبلاسيبو دائماً؟
البلاسيبو لا يعالج المرض نفسه، لكنه قد يحسن الأعراض، أو يعطي شعوراً بالراحة النفسية، إنما ليس كل مريض يستجيب للعلاج بالبلاسيبو، وذلك لأن التأثير على العوامل الفردية كالتوقعات والثقة تختلف من مريض لآخر.