يؤثّر تورُّم القدمين، الذي يُشار إليه أحيانًا بالوذمة، على 8 من كل 10 حالات حَمل، وعادة ما يحدث بسبب زيادة السوائل المنتشرة حول الجسم.

يمكن أن تلاحظ الحوامل أيضًا تورم أيديهن أو أذرعهن أو أقدامهن، أو حتى وجوههن في الثلث الثاني أو الثالث من الحَمل، على الرغم من أنه يمكن أن يحدث في أي وقت.

التورم أثناء الحَمل أمر طبيعي ومتوقع تمامًا، لأن السوائل في جسم الحامل تزيد بحوالي 50% من حجم الدم وسوائل الجسم الأخرى التي تساعد في نمو الطفل وتطوره، وعلى الرغم من أن تورم القدمين قد يسبب الشعور بعدم الراحة، إلا أنه بشكل عام ليس ضارًا للحامل أو لطفلها.

ما سبب تورم القدمين أثناء الحَمل؟

هناك عدة أسباب وراء تورم القدمين (والجسم) أثناء الحَمل، الأول هو التغيير الفسيولوجي الطبيعي الذي يحدث عند الحمل، إذ يزداد حجم الدم بشكل مطرد مع تقدم الحَمل.

تقول ليا سافيتسكي، وهي طبيبة أمراض النساء والولادة المؤهّلة في مجلس الإدارة والمديرة الإكلينيكية لقسم التوليد وأمراض النساء في كلية الطب بجامعة واشنطن: "يزداد إجمالي حجم الدم، ولكنّ هذا الدم يكون سائلًا أكثر قليلاً من قبل الحَمل، أي انخفاض الأسمولية للبلازما".

وعندما يكون الدم سائلًا جدًا وأقرب لقوام الماء، يَصعُب عليه البقاء بالكامل داخل الأوعية، ويمكن أن يتسرب بعضه إلى الأنسجة المحيطة، مما يسبب التورم.

يمكن أن يبدأ التورم في أي وقت أثناء الحَمل، ويحدث بشكل شائع في الثلث الثالث من الحَمل، وخاصة بين 28 إلى 42 أسبوعًا، عندما يكون حجم دمك تقريبًا ضِعف ما كان عليه قبل الحَمل.

مع ذلك، يمكن أن يحدث تورم القدم في كل مرحلة من مراحل الحَمل، وقد لا يكون ناتجًا عن حجم الدم فقط.

أولا: تورم القدمَين في الثلث الأول من الحَمل

إذا كنتِ حاملًا حديثًا واكتشفتِ أن حذاءكِ لم يَعُدْ مناسبًا، فقد لا يكون تورم القدم هو السبب على الإطلاق. يمكن أن يزيد مستوى هرمون الريلاكسين من حجم قدم المرأة الحامل، وهو أحد الهرمونات المسؤولة عن إرخاء الحوض استعدادًا للولادة. وهذا الهرمون ليس خاصًا بتمدد الحوض فقط، فهو يؤثّر أيضًا على قدميكِ، ويمكن أن يتسبب في شدّ وإطالة قدميك. تكون مستويات الريلاكسين في ذروتها خلال المراحل المبكّرة من الحَمل، ولهذا السبب قد تواجهين صعوبة في ارتداء حذائك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحَمل.

مع ذلك، قد يكون التورم المفاجئ في قدم أو ساق واحدة مدعاة للقلق، فالجلطات الدموية والتي تُسمى تخثر الأوردة العميقة، إذا تُركت دون علاج، فمن المحتمل أن تكون قاتلة.

تشمل علامات الإصابة بجلطات الأوردة العميقة تورمًا مؤلمًا واحمرارًا وسخونة عند اللمس في المنطقة المصابة، وتُقدِّر الدراسات أن الحَمل يزيد من خطر الإصابة بجلطات الأوردة العميقة بمقدار خمس مرات، لذلك من المهم التماس العناية الطبية الفورية إذا كنتِ تعانين من أي من هذه الأعراض.

ثانياً: تورم القدمين في الثلث الثاني من الحَمل

مع دخولكِ الثلث الثاني من الحمل في الأسبوع الثالث عشر، قد تلاحظين أن قدمكِ بدأت في الانتفاخ، بحيث يكون الحذاء ضيقًا عند خلعه في نهاية اليوم، هذا لأن السوائل تتجمع نحو الجزء السفلي من جسمكِ مع مرور اليوم، خاصة إذا كان عملكِ يتطلب الكثير من الوقوف. في حين أن هذا الأمر  مزعج، فإنه علامة على أن جسمك يقوم بما يجب عليه بالضبط، أي التحضير للولادة، وهذه الزيادة في تجمعات السوائل في أنسجتك ومفاصلك من علامات الاستعداد للولادة.

ثالثاً: تورم القدمين في الثلث الثالث من الحَمل

في الأسبوع 28، تدخل الحامل المرحلة الثالثة من الحَمل. إذا لم تتورم قدماكِ مطلقًا في الأسابيع الفائتة، فهذا هو الوقت الأكثر شيوعًا لتورمهما، فخلال الثلث الثالث من الحَمل، يضع الرحم المتنامي ضغطًا إضافيًا على الأطراف السفلية، مما يجعل التورم أكثر وضوحًا في الساقين والقدمين والكاحلين. كما أن وزن الرحم يضيف ضغطًا إضافيًا على نظام القلب والأوعية الدموية، ويمكن أن يؤدي هذا الضغط إلى إبطاء الدورة الدموية، مما يجعل من الصعب نقل السوائل من الساقين والعودة إلى القلب.

عندما تستلقي الحامل على ظهرها، فإن زيادة وزن الطفل قد تضغط على الوريد السفلي الرئيسي، وقد لا تسمح بالتصريف المناسب للدم من الأطراف السفلية، وهذا هو السبب في أن الحامل لا تُنصَح بالنوم على ظهرها في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحَمل.

كيفية التعامل مع تورم القدمين أثناء الحَمل

في حين أن معظم التورم أثناء الحَمل أمر طبيعي، فإنه قد يسبب الألم وعدم الراحة. هناك أشياء يمكنكِ القيام بها لتخفيف الأعراض وتخفيف الانزعاج، مثل:

• تعمل التمارين المنتظمة الخفيفة، مثل المشي أو السباحة، على زيادة الدورة الدموية التي يمكن أن تساعد في التخلص من أي تورم. بالإضافة إلى ذلك، يوصى بممارسة تمرين أكثر تحديدًا، مثلا، يمكنك الاستلقاء على ظهركِ مع وضع مؤخرتكِ على الحائط وساقيكِ وقدميكِ بشكل مستقيم على الحائط لبضع دقائق، فهذا يساعد على طرد بعض السوائل من الأطراف السفلية".
• تجنبي الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الملح، مثل الوجبات السريعة، لأن الملح يؤدي لاحتباس الماء في الجسم، وهذا يمكن أن يسبب بعض التورم والانتفاخ. بدلًا من الأكلات المالحة، حاولي أن تملئي نظامك الغذائي بالفواكه والخضراوات الطازجة واللحوم الخالية من الدهون والبروتينات.
• ارتداء الجوارب الضاغطة التي تصل إلى الورك، ويُفضَّل اختيار الجوارب بمستوى ضغط من 15 إلى 20 مم زئبق.
• قد يبدو شرب المزيد من السوائل مع احتباس السوائل أمرًا غير منطقي، لكنّ أجسامنا تحتفظ بالماء إذا لم تحصل على الكمية التي تحتاجها. وفقًا للكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد (ACOG)، يجب أن تشرب الحامل ما بين ثمانية إلى 12 كوبًا من الماء يوميًا أثناء الحَمل.
• تجنبي الوقوف لفترات طويلة وارفعي ساقيكِ فوق مستوى قلبكِ بشكل دوري طوال اليوم.
• خذي حمّامًا بملح إبسوم، إذ تشير الأدلة القصصية إلى أن أملاح إبسوم، المعروفة أيضًا باسم كبريتات المغنيسيوم، تَستخرِج السموم من الجسم، وتقلل الالتهاب، ولكن لا يوجد الكثير من الأدلة العلمية لدعم هذه الادعاءات. مع ذلك، فإن أخذ حمَّام ملح إبسوم قد يوفر بعض الراحة.
• تشير الدراسات إلى أن التدليك قبل الولادة، وتحديداً تدليك التصريف اللمفاوي، يمكن أن يقلل من التورم في الأطراف السفلية.

متى يكون تورم القدمين أثناء الحَمل خطيرًا؟

• عادة ما يكون تورم القدمين نتيجة للتغيرات الطبيعية في الحَمل، ولكن يمكن أن يكون أيضًا علامة على تسمم الحَمل، أو في حالات نادرة مشكلات قلبية كبيرة. عادةً ما يصاحب تسمم الحمل، أو ارتفاع ضغط الدم أثناء الحَمل، وجود بروتين في البول، مما يشير إلى تلف الكلى أو الكبد. يحدث تسمم الحَمل بعد 20 أسبوعًا من الحَمل، ويُحتَمل أن يكون ضارًا جدًا لكِ ولطفلكِ. وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن واحدة من كل 25 حاملًا ستصاب بهذه الحالة.
• إذا تورمت ساق واحدة فقط، فقد يكون ذلك أيضًا علامة على الإصابة بجلطات الأوردة العميقة في تلك الساق. 

* المصدر:

Why Your Feet Swell During Pregnancy—And How to Get Some Relief