يكون تدفق الهرمونات أثناء الحمل مسؤولًا عن عدد من التغييرات في جسم المرأة الحامل. يمكن أن تسبب هذه الهرمونات أيضًا أعراضًا غير مرغوب بها، خاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى. في حين أن الغثيان والتعب من أكثر أعراض الحمل شيوعًا، فإن بعض النساء يعانين أيضًا من تغيرات في التذوق. غالبًا ما يوصف هذا بأنه طعم "مر" أو "معدني".
إذا شعرتِ أن لديك طعمَ عملاتٍ معدنية قديمة في فمك، فقد تكون التغييرات الحسية من الحمل هي السبب.
التغيرات الحسية والحمل
عندما تكونين حاملًا، تزداد مستويات هرمونيْ الاستروجين والبروجسترون لمساعدة جسمك في الحفاظ على نمو طفلك. في حين أن الهرمونات ضرورية بالتأكيد، إلا أنها تساهم أيضًا في التغيرات العرضية في الجسم. وهذا صحيح بشكل خاص خلال الأشهر الثلاثة الأولى، حيث يتكيف جسمكِ مع الحمل.
بالنسبة لبعض النساء، يحدث الحمل تغييرات في الشهية وتفضيلات الطعام. قد يكون لديك رغبة قوية في تناول الشوكولاتة أو المخللات أو رقائق البطاطس التي لم تكن لديك من قبل، أو ربما يصير طعم بعض الأطعمة التي كنت تحبينها سيئًا أثناء الحمل. في أسوأ الحالات، يمكن أن تسبب بعض الأطعمة الشعور بغثيان الصباح. يمكن للتغيرات الحسية الناتجة عن الحمل أن تترك أيضًا مذاقًا غير عادي في فمك، مثل الطعم المعدني سيء السمعة.
التغييرات في حاسة التذوق لديك، والتي تسمى عسر التذوق، شائعة جدًا في فترة الحمل، حيث تعاني 93٪ من النساء من نوع من التغيير في التذوق. في البداية، اقترح بعض العلماء أن المستويات المنخفضة من الزنك أثناء الحمل قد تكون مرتبطة بطعم المعدن، لكن الباحثين لم يعودوا يعتقدون أن هذا هو الحال. يحدث نقص الزنك بشكل عام في وقت لاحق من الحمل، بينما يحدث عسر التذوق غالبًا في الأشهر الثلاثة الأولى عندما تكون مستويات الزنك طبيعية.
ما الذي يسبب الطعم المعدني؟
يمكن أن تؤدي عدة عوامل إلى ظهور طعم معدني في الفم. قد تختفي المشكلة دون تدخل، أو عندما يقوم الشخص بتغيير نمط حياته، مثل التوقف عن تناول دواء معين. ومع ذلك، في بعض الأحيان، يمكن أن يشير إلى حالة أساسية تحتاج إلى عناية طبية. وفيما يلي بعض الأسباب المحتملة لمذاق الطعم المعدني في الفم:
1. صحة الفم السيئة:
قد يعاني الأشخاص الذين لا ينظفون أسنانهم بالفرشاة أو الخيط بانتظام من تغيرات في المذاق، بما في ذلك الطعم المعدني. وقد يساعد علاج أي عدوى والحفاظ على نظافة الفم الجيدة في منع الطعم المعدني في الفم.
2. مشكلات الجيوب الأنفية:
نظرًا لارتباط الشم والذوق ارتباطًا وثيقًا مع بعضهما، يمكن أن تُضعف مشكلات الجيوب الأنفية حاسة التذوق لدى الشخص أو تسبب طعمًا معدنيًا في الفم. الأنف المسدود هو أحد أعراض مشكلة الجيوب الأنفية. ولكن بمجرد أن تهدأ مشكلة الجيوب الأنفية، يجب أن يختفي الطعم المعدني أيضًا.
3. متلازمة سجوجرن:
يمكن أن تسبب متلازمة سجوجرن جفاف الفم والجيوب الأنفية والعينين. أيضًا، يُبلِّغ الأشخاص المصابون بهذه الحالة أحيانًا عن طعم معدني ثابت في أفواههم وفي الطعام والماء.
4. أدوية معينة:
يمكن أن تتسبب بعض الأدوية في حدوث مذاق لاحق، حيث يمتصها الجسم. إذْ غالبًا ما يقول الأشخاص الذين يستخدمون الميتفورمين، على سبيل المثال، أن لديهم طعمًا معدنيًا باقيًا في الفم. والميتفورمين هو علاج لمرض السكري. وتظهر الأبحاث أن الجسم يفرز الميتفورمين في اللعاب. سيستمر الطعم طالما بقي الدواء في جسم الشخص. بالإضافة إلى ذلك، قد تسبب بعض الأدوية -مثل مضادات الكولين- جفاف الفم، وقد يجرّب الناس هنا طعمًا معدنيًا أيضًا.
5. علاجات السرطان:
تعد التغيرات في حاسة التذوق من الآثار الجانبية الشائعة للعديد من علاجات السرطان، بما في ذلك العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي.
6. الفيتامينات:
المواد التي تحتوي على معادن -مثل الحديد والزنك والنحاس- يمكن أن تسبب أيضًا طعمًا معدنيًا في الفم. يعتقد الخبراء أن هذا يحدث عندما يتسبب المعدن في أكسدة البروتين اللعابي.
7. الخَرَف:
يمكن أن تؤثر عدد من الحالات العصبية -ما في ذلك إصابات الرأس والرقبة والتصلب المتعدد والاكتئاب- على حاسة التذوق لدى الشخص.
8. الشيخوخة:
يمكن أن تؤثر الشيخوخة على طريقة عمل الأعصاب، ويمكن أن يؤثر ذلك على التعرف على التذوق. تشير الأبحاث إلى أن عسر التذوق يؤثر بشكل عام على كبار السن، وخاصة أولئك الذين يتلقون رعاية تلطيفية. قد يؤثر على شهيتهم وحالتهم الغذائية.
9. متلازمة غيلان باريه:
يمكن أن يكون الطعم المعدني في الفم أحيانًا أحد أعراض متلازمة غيلان باريه. وهي مرض من أمراض المناعة الذاتية تؤثر على الجهاز العصبي المحيطي.
10. الحساسية:
يمكن أن يكون الطعم المعدني من الأعراض المبكرة للتأق، وهو رد فعل تحسسي شديد.
11. الفشل الكلوي:
غالبًا ما يشتكي الأشخاص المصابون بمرض الكلى في مراحله الأخيرة من وجود طعم معدني في أفواههم.
12. أسباب أخرى:
تشمل الأسباب المحتملة الأخرى للطعم المعدني ما يلي:
- نزلات البرد.
- التهابات الجيوب الأنفية.
عادة ما تكون الأعراض مؤقتة، وتختفي عندما تختفي المشكلة الأساسية. وإذا لم يكن لديك أي من المشكلات الطبية المذكورة أعلاه، فمن المرجح أن يُعتبر عسر التذوق حميدًا. ومع ذلك، يجب أن يتم تقييم ذلك من قبل الطبيب، خاصة إذا كان لديك أعراض مزعجة أخرى أو جديدة إلى جانب طعم المعدن.
لا يؤثر عسر التذوق بحد ذاته بشكل مباشر على التغيرات في الوحام في تناول الطعام أو النفور منه. ولكن يمكن أن يجعل بعض الأطعمة مذاقها مريرًا أو مزعجًا. هذا هو الحال مع الأطعمة التي تترك مذاقًا، مثل تلك المصنوعة من المحليات الصناعية. يمكن أن تزيد المياه المعدنية أيضًا من طعم المعدن في فمك.
ماذا يشبه عسر التذوق؟
كل امرأة حامل تعاني من عسر التذوق بشكل مختلف. قد يختلف أيضًا من حمل إلى حمل في الشخص نفسه. على سبيل المثال، بعض النساء جرّبت طعمًا معدنيًا أثناء حملها الثاني ولكن ليس الأول. نساء أخريات قلن إنهن لم يتذوقن الطعم المعدني أبدًا أثناء الحمل، لكنهن وجدن أن طعامهن المفضل سابقًا صار مثيرًا للاشمئزاز.
حتى بعض الأطعمة يمكن أن تؤدي إلى طعم معدني. في الواقع، وجدت إحدى الدراسات أن 65٪ من النساء قلن إنّ عسر التذوق لديهن كان مرتبطًا بكيفية إدراكهن للأطعمة ذات المذاق الحامض.
ما مدة بقاء الطعم المعدني؟
عادة ما يتحلل طعم المعدن في نهاية الأشهر الثلاثة الأولى عندما تستقر مستويات الهرمون. في أوقات أخرى، قد يستمر طوال فترة الحمل. في إحدى الدراسات، ذكرت الأمهات الحوامل أن عسر التذوق لديهن كان أكثر حدة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
متى يجب أن تقلق المرأة؟
يعتبر عسر التذوق شائعًا للغاية في فترة الحمل مع توقع جميع الآباء والأمهات تقريبًا الإبلاغ عن بعض التغيير على الأقل في التذوق. بالإضافة إلى ذلك، فإنه عادة لا يكون مدعاة للقلق. ولكي تكوني في الجانب الآمن، أخبري طبيبك إذا كنت تعانين من طعم معدني أثناء الحمل، بهذه الطريقة، يمكن لطبيبك تحديد ما إذا كان الأمر متعلقًا بالحمل أو بحالة طبية أخرى.
كيفية التخلص من الطعم المعدني:
من الناحية الطبية، لا يوجد علاج يمكنه التخلص من الطعم المعدني الذي تشعرين به أثناء الحمل. ومع ذلك، هناك خطوات يمكنك اتخاذها لتقليل آثار عسر التذوق. تشمل التغييرات الغذائية التي يمكنك إجراؤها ما يلي:
- تناول النعناع الخالي من السكر، أو مضغ العلكة الخالية من السكر.
- تناول أشياء أكثر برودة مثل رقائق الثلج.
- تناول وجبات خفيفة على البسكويت المملح لتقليل الأذواق المعدنية.
- تناول الأطعمة الغنية بالتوابل لتخفيف الطعم الغريب.
- تناول الأطعمة والمشروبات الحامضة مثل المخللات والتفاح الأخضر.
- اختيار الأطعمة المنقوعة في الخل.
يمكنك أيضًا اختيار أدوات المائدة البلاستيكية على أدوات المائدة المعدنية. يمكن أن يساعد الحفاظ على رطوبة جيدة مع تناول السوائل أيضًا في منع جفاف الفم. كما يقترح الأطباء شرب عصائر الحمضيات أو عصير الليمون، أو تغيير فيتامين ما قبل الولادة.
كما يُنصَح أولئك الذين يعانون من عسر التذوق المزعج استخدام معجون أسنان يحتوي على صودا الخبز وكشط لسانهم بعد تنظيف أسنانهم بالفرشاة. وقد تضطرين إلى تجربة أشياء مختلفة لمعرفة ما يناسبك. يمكن أن يساعدك الاحتفاظ بملاحظات عندما تعانين من عسر التذوق، بما في ذلك ما تفعلينه أو تأكلينه، في تحديد النمط.
ضعي في اعتبارك أن عسر التذوق ليس هو عرض الحمل الوحيد الذي يؤثر على حواسك. مزيج الهرمونات الذي يغمر نظامك لمساعدتك على الحفاظ على حياة بشرية جديدة وتنميتها يمكن أن يتركك تتذوقين وتشمين وتسمعين بشكل مختلف.
على سبيل المثال، قد يؤدي احتباس السوائل المتزايد إلى ضعف حاسة السمع. والوحام في تناول أطعمة معينة يُعتقد أنها مدفوعة بالاحتياجات الغذائية المتزايدة. بغض النظر عن التغييرات التي تواجهينها أثناء الحمل، كوني مطمئنة أنها في الغالب مؤقتة، وعادة ما يتم حلها في منتصف فترة الحمل، أو على الأقل في نهايته.
العلاجات المنزلية:
قد يساعد إجراء تغييرات على النظام الغذائي أو عادات نمط الحياة في إزالة الطعم المعدني.
فيما يلي بعض النصائح التي قد تساعدك:
- تجنُّب التدخين والكحول.
- شرب الكثير من الماء.
متى ترى المرأة الطبيب؟
الطعم المعدني في الفم ليس مدعاة للقلق عادةً. ومع ذلك، يجب على الشخص مراجعة الطبيب إذا:
- كان الطعم لا يزول.
- كانت هناك أعراض أخرى.
- عدم وجود سبب واضح للتغيير.
إذا تطور الطعم بعد بدء تناول دواء معين، فقد يتمكن الطبيب من تغيير نوع الدواء أو جرعته.
الخلاصة:
في حين أن عسر التذوق يمكن أن يكون علامة على وجود مشكلة صحية كامنة لدى بعض النساء، فمن غير المحتمل أن يكون مصدر قلق عندما يكون سببه الحمل. المذاق المعدني الذي تعاني منه العديد من النساء الحوامل غير ضار، ولا يستمر عادة طوال فترة الحمل.
مثل العديد من أعراض الحمل الأخرى، سيختفي عسر التذوق في النهاية من تلقاء نفسه. إذا كنت لا تستطيعين تحمل المذاق المعدني، فناقشي التغييرات الغذائية والعلاجات الأخرى مع طبيبك. هذا مهم بشكل خاص إذا كان الطعم سيئًا لدرجة أنك تواجهين مشكلة في الأكل.
المصادر
