التحدث مع النفس خاصة عند الشعور بالوحدة سلوك شائع جدًا، وليس بالضرورة علامة على مرض نفسي. يقوم العديد من الأشخاص بذلك لتنظيم أفكارهم، أو لحل مشكلات، أو مراجعة حوارات سابقة، أو حتى للتشجيع الذاتي. كما أن تخيل الحوارات مع أشخاص نحبهم، خاصة إذا كنا نفتقدهم أو لا نستطيع رؤيتهم، قد يكون آلية للتأقلم أو طريقة للحفاظ على الشعور بالارتباط بهم، أو لمعالجة مشاعر الشوق أو الوحدة.
لكن، من المهم قبل الاسترسال في القراءة حول التحدث مع النفس، عليك معرفة أن التحدث مع النفس قد يكون دلالة على حالة مرضية نفسية في الحالات الآتية:
- الانخراط في حوار لا واعٍ مع أصوات تدور في الذهن.
- وجود عدة أصوات داخلية تشترك في الحوار في نفس الوقت.
- سماع أصوات، أو شم روائح، أو رؤية صور حية مع الحوار.
هل التحدث مع النفس أمر إيجابي؟
لا يقتصر التحدث مع النفس على كونه سلوكًا بشريًا طبيعيًا فحسب، بل قد تكون له آثار إيجابية متعددة عليك.
- قد يساعد التحدث مع النفس في العثور على الأشياء، فقد تبين أن التلفظ باسم الشيء الذي تود إيجاده قد يُسهل عليك مهمة العثور عليه مقارنةً بالتفكير به فقط. ويعزى ذلك إلى قدرة سماع اسم الشيء على تنشيط المنطقة الدماغية المسؤولة عن تصوره، مما يسهل عملية الرصد والملاحظة.
- قد يساعد التحدث مع النفس على البقاء مركزًا خاصة في لحظات الإحباط، ربما يكون التحدث مع النفس متنفسًا للتعبير عن مشاعرك ومواجهة التحديات. وربما ساعدك هذا الحوار الذاتي على تذكُّر تقدمك والتشبث بالأمل. وفي النهاية، تمكنت من تحقيق هدفك.
- أيضا، التحدث مع النفس عن خطواتك بصوت عالٍ أثناء حل المشكلات يساعدك في إيجاد الحلول المناسبة ويمنحك تركيزًا أفضل.
- قد يساعد التحدث مع النفس على التحفيز، فالتحدث بلطف مع نفسك يمكن أن يساعدك على البقاء متحفزًا ومركزًا، كما أن الكلمات التشجيعية التي تنطق بها بصوت عالٍ يكون لها تأثير أقوى من تلك التي تفكر بها فقط، فالاستماع إلى شيء ما بشكل متكرر يساعد على ترسيخه في الذهن.
- قد يساعد التحدث مع النفس على معالجة المشاعر الصعبة، لأن التحدث مع النفس قد يساعدك على فهمها بشكل أفضل. أيضا، هناك منطقة عميقة في داخلنا حيث نحتفظ ببعض المشاعر والتجارب التي قد لا نكون قادرين على مشاركتها مع أي شخص، حتى مع الأشخاص الذين نثق بهم أكثر من غيرهم.
- إخراج الأفكار والمشاعر السلبية من ذهنك والتعبير عنها يساعدك على تخفيف حدتها، فهذا التعبير يمنحك القدرة على رؤية هذه الأفكار والمشاعر بوضوح أكبر، مما يسهل عليك التعامل معها والسيطرة عليها.
كيفية تحقيق أقصى استفادة من التحدث مع النفس
- استخدم الكلمات الإيجابية فقط، فعلى الرغم من أن النقد الذاتي قد يبدو خيارًا جيدًا للمحاسبة والبقاء على المسار الصحيح، فإنه عادة لا يفيد. إلقاء اللوم على النفس أو التحدث إليها بقسوة قد يؤثر على التحفيز والثقة بالنفس.
- قد يساعد التحدث إلى النفس، خاصة عند التوتر أو محاولة اكتشاف شيء ما، في فحص المشاعر والمعرفة بالموقف. لكن هذا لن يفيد كثيرًا إذا لم يتم الاستماع حقًا إلى ما تريد قوله. أنت تعرف نفسك أكثر من أي شخص آخر، لذا حاول ضبط هذا الوعي عندما تشعر بالضيق أو الانزعاج أو عدم اليقين.
- لا تنسَ التمسك بضمير المخاطب، وقد تساعد كلمات مثل "أنا قوي" و"أنا محبوب" و"يمكنني مواجهة مخاوفي اليوم" على الشعور بمزيد من الثقة. ولكن، عندما تصاغ كما لو كنت تتحدث إلى شخص آخر، قد يكون من الأسهل تصديقها.
- إذا كان التحدث مع النفس يسبب حرجًا في بعض الأحيان، كالتحدث بصوت عالٍ في مكان العمل، فقد تساعد كتابة الأفكار أو المشاعر أو أي شيء تريد استكشافه على تبادل الأفكار مع النفس حول الحلول المحتملة أو المهام المطلوب إنجازها.
كيفية السيطرة على موضوع التحدث مع النفس
- حاول ملاحظة متى ولماذا تبدأ في التحدث مع نفسك أو تخيل الحوارات، وقد تساعد كتابة يوميات عن هذه الملاحظات في زيادة الوعي. كما أن الاعتراف بأنك تفعل ذلك هو الخطوة الأولى للحد منه.
- ابحث عن طرق لزيادة التفاعلات الاجتماعية بشكل عام، مثل الانضمام إلى نادٍ رياضي أو اجتماعي، وممارسة هواية جماعية، والتطوع، أو التواصل أكثر مع المعارف الحاليين، فهذا قد يساعد في تقليل الشعور بالوحدة، والذي قد يكون أحد أسباب التحدث مع النفس.
- ابحث عن طرق أخرى للتعامل مع مشاعر الوحدة أو الشوق أو الضغوط، وقد يشمل ذلك ممارسة الرياضة، والكتابة، والرسم، وقضاء الوقت في الطبيعة، أو تعلم مهارة جديدة.
- حاول الحفاظ على الحديث بداخل عقلك بدلاً من التحدث بصوت عالٍ، وحالما تجد نفسك تتحدث بصوت عالٍ، حاول تحريك الحديث إلى العالم الداخلي الخاص بك.
- يمكن أيضًا كتابة الأفكار والمشاعر واليوميات بدلاً من التحدث بصوت مرتفع مع النفس، وشراء مذكرة وتدوين ما يدور في عقلك قد يساعد في تنظيم الأفكار وتصحيح الأفكار السلبية.
- تشتيت الفم بمضغ العلكة أو قطعة حلوى يمكن أن يساعد في منع التحدث بصوت مرتفع، خصوصًا في الأماكن التي تتطلب الصمت.
- اسمح لنفسك بالحديث مع النفس بصوت عالٍ فقط في حالات معينة، مثل أثناء وجودك في المنزل منفردًا أو في السيارة، وحاول تقليل عدد المرات تدريجيًا.
- إذا كان التحدث مع النفس يسبب ضيقًا كبيرًا، أو يتداخل مع حياتك، أو تشعر أنه خارج عن السيطرة، أو كان مصحوبًا بأعراض أخرى مقلقة مثل الهلاوس أو الانفصال عن الواقع، فمن المهم استشارة أخصائي الصحة النفسية.
