قلق المكالمات الهاتفية هو ذلك الخوف والقلق الذي ينتابك عندما تسمع صوت رنين هاتفك، مما يجعل بدء محادثة هاتفية بمثابة الدخول في عالم مجهول يمكن أن يحول المحادثة الهاتفية إلى كابوس حقيقي، فيصبح تلقي أي مكالمة بمثابة محنة صعبة على أقل تقدير، إذ يخشى الأشخاص الذين يعانون من قلق المكالمات الهاتفية المواقف التي لا يمكن التنبؤ بها أو غير المخطط لها، أو تلقي أخبار سيئة عاجلة.
ما أسباب قلق المكالمات الهاتفية؟
قبل سنوات كان لدى كل عائلة خط هاتف أرضي في المنزل، ثم وصلت الهواتف المحمولة والإنترنت والرسائل النصية القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني، فحلت الأجهزة محل المكالمات الهاتفية وأصبحت هذه مخصصة للمحادثات مع الأحبة أو لحالات الطوارئ.
اليوم بات ممكناً أن نفعل كل شيء تقريباً دون الحاجة إلى التحدث مع إنسان آخر، ولكن هذه العملية جعلت العديد من الناس يصابون بحالة قلق المكالمات الهاتفية، لأنها تكون دوماً مصحوبة بعنصر المفاجأة وعدم اليقين، خاصة عند التحدث مع أشخاص لا يعرفونهم أو بالكاد يعرفونهم.
أصبح الناس اليوم يبتعدون أكثر فأكثر عن التواصل اللفظي، وغدت وظيفة الاتصال الصوتي في أيامنا هذه من أقل الوظائف أهمية على الهواتف المحمولة. أما عن أسباب القلق من المكالمات الهاتفية فتضم:
الخوف من الظهور بمظهر سيء
إنه القاسم المشترك الذي يجمع المصابين بقلق الهاتف، إذ يخشى هؤلاء الموافقة أو الرفض أو الانتقاد أو الأحكام المسبقة من الأشخاص الذين يتحدثون معهم، وهم غالباً ما يبالغون في تحليل نبرة الصوت وفي التوقفات والتوقعات والاستجابات أثناء المكالمات الهاتفية.
الخجل من الصوت
قد يشعر المصابون من قلق الهاتف بالخجل من نبرة صوتهم، خاصة عند التحدث مع الغرباء.
عدم امتلاك القدرة اللازمة على المحادثة
تتطلب المكالمات الهاتفية تفكيراً سريعاً وردوداً فورية لا تترك مجالاً كبيراً للتفكير والرد المدروس، الأمر الذي يثير مشاعر القلق، ومن يدري فقد يكون سبب قلق الهاتف هو بكل بساطة عدم معرفة الشخص بكيفية التحدث عبر الهاتف.
استخدام الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني
شاع استعمال الرسائل النصية والبريد الإلكتروني كوسيلة أساسية للتواصل، لأنها تعطي إحساساً بالسيطرة والتحدث بحرية، وقد أدى هذا إلى تناقص استخدام المكالمات اللفظية الأمر الذي ساهم في زيادة قلق الهاتف.
المرور بتجارب سلبية في الماضي
قد تترك التجارب السلبية السابقة المتعلقة بالمكالمات الهاتفية تأثيراً دائماً على أصحابها ما يجعلهم يشعرون بالقلق العام عند إجراء أي حوار لفظي عبر الهاتف.
الخوف من الأداء
قد ينبع قلق المكالمات الهاتفية من الخوف من عدم القدرة على التحدث بوضوح، تمامًا كما الحال عند التحدث أمام الجمهور.
علامات قلق المكالمات الهاتفية
قد يشتكي المصابون بقلق الهاتف من أعراض نفسية وجسدية تضم ما يلي:
- تجنب إجراء أو تلقي المكالمات الهاتفية.
- التأخر في إجراء المكالمات أو الرد عليها.
- الخوف المستمر من التحدث مع الغرباء.
- القلق بشأن إزعاج الشخص الآخر والاتصال به والخوف من مضايقته.
- الهوس بكل ما قيل خلال المحادثة الهاتفية.
- عدم الارتياح عند تلقي مكالمة هاتفية عادية من دون سابق إنذار.
- الصعوبة في التركيز.
- أعراض جسدية متعددة:
- صعوبة التنفس.
- زيادة دقات القلب.
- الرعشة في اليدين.
- التوتر العضلي.
- الغثيان, التعرق والدوار.
عواقب قلق المكالمات الهاتفية
إن قلق الهاتف قد يضر بالصحة العقلية، وقد يؤدي إلى الخوف، وإلى زعزعة الثقة بالنفس، وإلى إضاعة الفرص، وإلى التوتر في العلاقات الشخصية والاجتماعية، وإلى زيادة مخاطر الإصابة بالاكتئاب، وإلى العزلة، وإلى تعطيل الحياة المهنية، وإلى التأثير على جودة الحياة.
كيفية التغلب على قلق المكالمات الهاتفية
يمكن التغلب على قلق الهاتف من خلال تطبيق تقنية العلاج السلوكي المعرفي الذي يتضمن استراتيجيتين اثنتين هما:
٠1العلاج بالتعرض والاستجابة
وهو يقوم على التعرض التدريجي لمواقف أكثر صعوبة في بيئة خاضعة للرقابة تحت إشراف الطبيب، فعلى سبيل المثال، قد يطلب الطبيب من الشخص:
- إجراء مكالمة هاتفية قصيرة مع صديق أو قريب، لتعلم كيفية تحمل القلق من دون إغلاق الهاتف.
- الرد على رقم غير معروف.
- ترك رسائل صوتية.
- الاتصال بشخص لا تعرفه لتطرح عليه سؤالاً بسيطاً.
- الاتصال بشخص تعرفه جيداً بشأن قضية معقدة.
- إجراء المحادثات الهاتفية السابقة أعلاه في حضور شخص واحد.
- إجراء الاتصال الهاتفي السابقة أمام مجموعة من الأشخاص.
قد يواجه الشخص الذي يعاني من قلق الهاتف في كل مرحلة من المراحل السابقة، خاصة تلك التي يطلب منه التحدث أمام الآخرين أو مع الغرباء، صعوبات كثيرة، ولكن النتائج غالباً ما تكون جيدة، ومع التدرب المستمر يمكن أن يتحسن أداء الشخص.
٠2 إعادة الهيكلة المعرفية
ويساعد هذا النوع من العلاج على تحدي الأفكار والمعتقدات السلبية التي تشعل فتيل قلق المكالمات الهاتفية، والعمل على استبدالها بأفكار بناءة أكثر إيجابية. فمثلاً، إذا كنت تشعر بالقلق باستمرار خوفاً من إزعاج الشخص الآخر الذي تتصل به أو خوفاً من أنه لا يرغب في التكلم معك، فقد تساعدك إعادة الهيكلة المعرفية تحت إشراف الطبيب في التوضيح أنه من غير المحتمل أن تسبب إزعاجاً للطرف الآخر أو أن الأخير لا يريد التحدث معك.
استراتيجيات التأقلم مع قلق المكالمات الهاتفية
إذا كان من الصعب عليك زيارة الطبيب بشأن قلق الهاتف، أو إذا سبق لك أن خضعت للعلاج السلوكي المعرفي، فإن استراتيجية التأقلم التالية قد تفيدك:
- ارسم ابتسامة على وجهك قبل إجراء أي دردشة هاتفية، فهذا يساعد على الاسترخاء وينقل الود إلى الشخص الذي تتكلم معه.
- كافئ نفسك بالقيام بشيء ما تحبه بعد الانتهاء من إجراء مكالمة صعبة.
- تخيل بأن المحادثة الهاتفية ستكون إيجابية وأنك ستشعر بالسعادة بعدها.
- إذا كنت قلقاً بشأن مقاطعة شخص ما عند اتصالك به، فبادر إلى سؤاله عما إذا كنت اتصلت به في وقت غير مناسب، فهذا يمنحه الفرصة ليعرض عليك الاتصال بك مرة أخرى.
- إذا قال لك الشخص الذي تتحدث معه هاتفياً لا، أو رفض لك طلباً، فاعلم أن الأمر قد لا يكون له علاقة بك شخصياً، لهذا لا تعمل من الحبة قبة كما يقول المثل.
- خطط لما ستقوله أثناء المكالمة الهاتفية، لكن ضع في ذهنك بأن المحادثة قد لا تسير كما كنت تتوقع. حاول أن تدون الأشياء المهمة التي تريد التكلم بها مع الشخص الآخر.
- إذا اتصل بك شخص ما في وقت غير مناسب، أو إذا كنت في حالة قلق شديدة بحيث لا تستطيع الرد على الهاتف، فإنه يمكنك ترك المكالمة تنتقل إلى البريد الصوتي ما بين الحين والآخر.
- جرب وسيلة أخرى للتواصل، فقد يكون الهاتف ليس الوسيلة الأفضل. دع الشخص الذي يهتف لك أن يترك لك رسالة صوتية، وامنحه وقتاً للتفكير قبل الرد عليه بوسيلة أخرى مثل البريد الإلكتروني.
نصيحة من موقع صحتك
على الرغم من أن الهاتف أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فإن القلق منه أمر شائع، قد يبدو ذلك غريباً، ولكن هذا هو الواقع. يحدث قلق الهاتف لأسباب متعددة يمكن من خلال رصدها التغلب على قلق الهاتف بخطوات بسيطة، لعل من أبرزها الدردشة أكثر عبر الهاتف، فهذا يساعد على بناء الثقة بالنفس وتبديد القلق المتعلق به. إذا لاحظت أن قلق الهاتف بدأ يؤثر على جودة حياتك الشخصية والعائلية والاجتماعية والمهنية، فحري بك التواصل مع مقدم الرعاية النفسية للمساعدة لتلقي العلاج المناسب.