صحــــتك

فقدان الذاكرة الانفصالي ثقب أسود يبتلع الذكريات المؤلمة

فقدان الذاكرة الانفصالي
فقدان الذاكرة الانفصالي

فقدان الذاكرة الانفصالي أو الانفصامي أو ما يسمى فقدان الذاكرة التفارقي (Dissociative Amnesia) هو عدم القدرة على تذكّر معلومات مهمة عن نفسك، وغالباً ما تكون هذه الذكريات عبارة عن أحداث مؤلمة أو مزعجة، وغالباً ما يحدث ذلك مع الصدمات النفسية الشديدة أو الطويلة الأمد، خاصة عند التعرض للإساءة أو الإهمال أو العنف من أي نوع، وهذه الحالة قابلة للعلاج، ويمكن لمعظم الناس استعادة ذكرياتهم والتعافي من هذه الحالة المؤقتة.

ما فقدان الذاكرة الفصامي؟

يَحدث فقدان الذاكرة الانفصالي عندما يَحجب عقلك معلومات وأحداث مهمة عن نفسك، مما يسبب فجوات في الذاكرة، ومن أكثر الأسباب شيوعاً لحجب المخ لهذه الأحداث هو حماية النفس من التجارب المؤلمة أو الصادمة، ويختلف الأمر عن مجرد نسيان شيء ما، فالذكريات ما تزال موجودة لديك ولكنك لا تستطيع الوصول إليها.

وغالباً ما يَحدث فقدان الذاكرة الانفصامي نتيجة لتجارب مؤلمة للغاية، بما في ذلك الإساءة والحرب والكوارث الطبيعية، والأشخاص المصابون بفقدان الذاكرة الانفصالي أكثر عرضة لإيذاء أنفسهم أو لإظهار سلوكيات انتحارية، ويجب عليك طلب الرعاية الطارئة إذا كان لديك أفكار حول إيذاء نفسك بما في ذلك أفكار انتحارية أو إيذاء الآخرين.

ما الانفصال؟

تعتمد جميع التجارب التي نمر بها على عدد من العمليات والقدرات الدماغية التي تعمل معاً، وتشمل هذه:

  • الذاكرة.
  • الوعي (إدراك الذات ومحيطها).
  • الهوية.
  • العواطف.
  • الإدراك (حواس مثل البصر والسمع).
  • القدرة الحركية (التحكم في العضلات لتتمكن من الحركة).
  • السلوك.

والانفصال هو آلية دفاعية يَستخدمها العقل لمنع واحد أو أكثر من القدرات من التفاعل مع البقية، وقد يؤثّر ذلك على كيفية تجربتك وفهمك للأحداث، وما يمكنك تذكّره منها، وفقدان الذاكرة الانفصالي هو عندما يسبب هذا الانفصال نوعاً من فقدان الذاكرة.

كيف يعمل فقدان الذاكرة الانفصالي ؟

عندما تَسترجع أحداث حياتك فأنت تَستخدم ما يسمى بالذاكرة الذاتية، فهي أشبه بمكتبة داخل العقل، ويمثّل كل كتاب ذكرى لحدَث في حياتك، ولإنشاء ذكريات تملأ تلك المكتبة يمر الدماغ بعملية تدريجية:

  • الترميز: في هذه العملية يشكّل الدماغ الذاكرة، ويشبه هذا الأمر كتابة دماغك لكتاب ونشره لمكتبتك.
  • التخزين: بهذه الطريقة يخزن الدماغ الذاكرة ويحفظ الدماغ الكتاب في المكتبة، كما يصنف الدماغ الذكريات لتتمكن من العودة إليها والعثور عليها عند الحاجة.
  • الاسترجاع: في هذه العملية تعود إلى مكتبتك وتفتح الكتاب وتستعرض تفاصيل الذكرى لتتذكر ما حدث.

أنواع فقدان الذاكرة الانفصالي 

هناك نوعان رئيسيان لفقدان الذاكرة الانفصالي، نفصّل كل نوع على حدة على النحو التالي:

  • فقدان الذاكرة التراجعي: ويحدث عندما يؤثّر فقدان الذاكرة الانفصامي على استعادة الذكريات القديمة، ويشبه ذلك خللاً أو خطأً يمنعك من الوصول إلى ذكرى معينة أو التحقق منها.
  • فقدان الذاكرة التقدمي: يحدث عندما يعوق فقدان الذاكرة الانفصامي تكوين أو تخزين ذكريات جديدة، ويشبه ذلك وجود فجوة في التسجيل، أو وضع الذكريات في الدماغ في غير مكانها بعد إنشائها، وهذا النوع أقل شيوعاً من فقدان الذاكرة الانفصامي التراجعي.

ما أعراض فقدان الذاكرة الانفصالي ؟

العرَض الرئيسي لفقدان الذاكرة الانفصالي هو فقدان الذاكرة، وقد يتخذ فقدان الذاكرة أشكالاً مختلفة، ويعاني بعض الأشخاص من شكل واحد فقط، بينما يعاني آخرون من أشكال متعددة، وتشمل هذه الأشكال:

  • موضعي: يؤثّر فقدان الذاكرة هذا على كل شيء خلال فترة زمنية قصيرة ومحددة من حياتك.
  • انتقائي: يؤثّر فقدان الذاكرة هذا على حدث واحد أو على جميع الأحداث من نوع معين خلال فترة زمنية محددة من حياتك، ويُطلق الخبراء أحيانًا على هذا النوع من فقدان الذاكرة "المتقطع" لأنه يؤثر على ذكريات معينة دون غيرها.
  • عام: يؤثر فقدان الذاكرة على كل شيء خلال فترة أطول (أشهر أو سنوات).
  • مستمر: هذا هو الشكل المتقدم من فقدان الذاكرة الانفصامي، وتعني صفة التقدمي أنه يؤثر على قدرتك على تكوين ذكريات جديدة، لذا فهو فقدان ذاكرة يحدث مع وقوع الأحداث الحالية وليس القديمة.
  • منهجي: يؤثّر فقدان الذاكرة هذا على كل شيء ضمن موضوع محدد أو فئة معينة، ويمكن أن ينطبق أيضاً على شخص معين أو عدة أشخاص (مثل عائلتك).
     
  • وقد يُظهر الأشخاص المصابون بفقدان الذاكرة الانفصالي سلوكيات أو سمات معينة مرتبطة بفقدان الذاكرة، وتشمل هذه الأعراض:
    • نقص الوعي: قد لا يدرك الأشخاص الذين يعانون من فقدان الذاكرة الانفصامي وجود فجوات في ذاكرتهم، وقد يستمر هذا حتى يؤثر فقدان الذاكرة على جزء من إحساسهم بهويتهم، أو إذا طرح أحدهم أو سأل عن شيء يعلم الشخص أنه يجب عليه تذكره ولكنه لا يستطيع.
    • استرجاع الذكريات: قد يصاب الأشخاص المصابون بهذه الحالة باسترجاع الذكريات عند استعادة ذكرياتهم، واسترجاع الذكريات هو أكثر من مجرد تذكر شيء غير سار، ويصفه الأشخاص الذين يعانون منه بأنه يُعيد عيش حدث أو تجربة صادمة لدرجة أنهم لا يستطيعون تمييزها عن الواقع.
    • الارتباك أو فقدان التوجه: قد يبدو الأشخاص المصابون بفقدان الذاكرة الانفصامي (وخاصةً في شكله العام) غير مُدركين لذلك، أو كما لو أنهم يواجهون صعوبة في فهم ما يدور حولهم، وفي الحالات الشديدة جدًا، قد لا يبدو الأشخاص مُدركين لهويتهم.
    • مشاكل في العلاقات والثقة: غالبًا ما يواجه المصابون بفقدان الذاكرة الانفصامي صعوبة في تكوين صداقات أو علاقات عاطفية.
    • السفر أو التجوال (الهروب الانفصامي): عندما يتجول شخص ما أو يسافر خلال فترة لا يتذكرها، تُعرف هذه الحالة باسم الهروب الانفصامي وهذا نادر، وعادةً ما يؤثر فقدان الذاكرة على فترات قصيرة فقط.

ما أسباب فقدان الذاكرة الانفصالي ؟

قد يَحدث فقدان الذاكرة الانفصامي نتيجة لأحداث منفردة أو ضغوط نفسية أو صدمة طويلة الأمد، وتشمل العوامل التي قد تسبب هذا النوع من الصدمات ما يلي:

  • التعرض للإهمال أو الإساءة سواء كانت جسدية أو جنسية أو عاطفية، خاصة في مرحلة الطفولة (ولكن محتمل الحدوث للبالغين أيضاً) وينطبق هذا بشكل خاص عندما يكون المسيء قريباً أو شخصاً مقرباً أو موثوقاً به.
  • التعرض للعنف أو مشاهدته.
  • التعرض للعنف الجنسي، بما في ذلك الاعتداء الجنسي أو الاغتصاب أو الإتجار بالبشر.
  • مشاهدة إصابة خطيرة أو وفاة لشخص آخر أو تعرضك لإصابة خطيرة.
  • تجارب أخرى تغير مجرى الحياة أو تسبب صدمة نفسية مثل اللجوء.
  • قد يسبب التوتر والأحداث المؤلمة في وقت لاحق من الحياة أيضاً ظهور أعراض فقدان الذاكرة الانفصامي أو تفاقمها.

ما عوامل خطر الإصابة بفقدان الذاكرة الانفصامي؟

يَعتقد الخبراء أن عوامل متعددة قد تزيد من خطر الإصابة بفقدان الذاكرة الانفصامي، ويعود ذلك جزئياً إلى أن الخطر تراكمي، أي أنه يرتفع كلما زادت عوامل الخطر لدى الشخص، فعندما تكون الصدمة طويلة الأمد أو متكررة أو أكثر شدة، فإن ذلك عادةً ما يزيد من سوء الحالة.

وتشير الأبحاث أيضاً إلى احتمال وجود صلة لهذه الظاهرة بالوراثة، فبينما لا يمكن للوراثة بمفردها أن تسبب فقدان الذاكرة الانفصامي، إلا أنها قد تخفض من احتمالية حدوثه، وهذا يعني أن الشخص الذي لديه تاريخ عائلي من فقدان الذاكرة الانفصامي قد يُصاب به مع وجود عوامل مساهمة أقل.

علاج فقدان الذاكرة الانفصالي

لا يمكن علاج فقدان الذاكرة الانفصالي بشكل مباشر، ولكن هناك العديد من أساليب العلاج التي قد تساعد، وتتمثل إحدى الخطوات الأولى في إزالة أو إيقاف أي شيء قد يسبب أو يساهم في فقدان الذاكرة، ومن الأمثلة على ذلك إخراج العسكريين من المواقف الصعبة، خاصة الصدمات القتالية التي قد تحفز فقدان الذاكرة أو تفاقمه، وقد يحتاج بعض الأشخاص إلى رعاية في منشأة طبية أو مستشفى متخصص لتحقيق أقصى استجابة.

لا توجد أدوية تعالج فقدان الذاكرة الانفصامي تحديداً، ولكن يمكن للعديد من الأدوية علاج الحالات المصاحِبة مثل القلق والاكتئاب، ويساعد العلاج في حال ظهور الذكريات، وبالنسبة للكثيرين تكون الذكريات التي يستعيدونها مزعجة أو مرهقة، وقد يساعد العلاج النفسي على التأقلم مع هذه المشاعر وضبطها بطريقة صحية وآمنة، وقد تختلف العلاجات التي يمكن وصفها، وسيقوم الطبيب أو الأخصائي بتقديم أفضل الخيارات وأساليب العلاج، وستكون توصياته هي الأنسب لحالتك واحتياجاتك الخاصة.

الأسئلة الشائعة 

كيف أعرف أنني أعاني من فقدان الذاكرة الانفصامي؟

يتميز فقدان الذاكرة الانفصالي بعجز كبير عن تذكر معلومات شخصية مهمة، خاصة المعلومات المتعلقة بحدث صادم أو مرهق، ويتجاوز هذا مرحلة النسيان الطبيعي، وقد يؤثّر فقدان الذاكرة على أحداث محددة أو فترات زمنية أو حتى على تاريخ حياة الفرد بأكمله، فإذا كنت تعاني من فجوات حادة ومفاجئة في الذاكرة، خاصة فيما يتعلق بتجارب صادمة سابقة، وتسبب هذه الفجوات في الذاكرة حدوث ضائقة نفسية كبيرة، أو أثرت على حياتك اليومية، فمن المهم استشارة أخصائي الصحة النفسية لإجراء تقييم مناسب.

كم مدة فقدان الذاكرة ما بعد الصدمة؟

قد يستمر فقدان الذاكرة التالي للصدمة لبضع دقائق أو ساعات أو أيام أو أسابيع أو حتى في حالات نادرة لأشهر، وللأسف لا توجد عادة طريقة لمعرفة المدة التي سيستمر فيها هذا الفقدان بالضبط.

هل الصدمة النفسية تسبب فقدان الذاكرة؟

نعم، قد تُسبب الصدمة النفسية فقدان الذاكرة، وهي حالة تُعرف بفقدان الذاكرة التفارقي، ويحدث هذا عندما يعاني الأفراد من فجوات في الذاكرة تتعلق بالحدث الصادم الذي مروا به، غالبًا كوسيلة للتعامل مع الضيق النفسي الشديد، كما يُمكن للصدمة أن تُعطل قدرة الدماغ على معالجة الذكريات واسترجاعها، مما يؤدي إلى ضعف مؤقت أو حتى طويل الأمد في الذاكرة.

نصيحة من موقع صحتك

يحدث فقدان الذاكرة الانفصالي عندما يحاول عقلك حجب ذكريات مهمة عن نفسك، وغالباً ما تكون هذه الذكريات أحداثاً صادمة أو مؤلمة، والهدف من ذلك هو الحماية من شدة الصدمة التي مررت بها، ولكن غالباً يكون هذا مجرد حل مؤقت، وقد تشعر بالانزعاج أو الإحراج أو الخجل من عدم قدرتك على تذكّر أحداث معينة، وإذا كنت تعاني من فقدان الذاكرة الانفصامي فيمكن للخبراء الآن تشخيصها وتقديم خيارات العلاج، وهذا يقدّم أملاً لك في استعادة ذكرياتك والتعافي من الصدمة أو التغلب على آثارها.

آخر تعديل بتاريخ
07 يونيو 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.