يُعرَّف العمل المؤقت بأنه العمل القائم على الدوام الجزئي بساعات متغيرة، وهو ما يسمى بعقد العمل المؤقت، ويزداد التوظيف الفردي الذاتي (المعروف أيضاً باسم "العمالة الذاتية الزائفة") عبر القوى العاملة، لكن كل منهما يعبّر عن حالة عدم الاستقرار الوظيفي بالنسبة للفرد.
وقد وجدت بعض الدراسات أن العمل المؤقت يؤثر على الصحة النفسية للناس العاملين وفق عقوده، ويمكن أن يؤثر على صحتهم البدنية أيضاً، وهو ما ينعكس على عدم قدرتهم في تأمين المسكن وإنشاء أسرة، لكن ما هي هذه الأمراض النفسية؟ وكيف لنا أن نتعامل مع حالة العمل المؤقت؟ هذا ما سنتكلم عنه في هذا المقال.
اقــرأ أيضاً
* أين توجد عقود العمل المؤقت؟
تنتشر عقود العمل المؤقت على نطاق واسع في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والآثار والنقل والتخزين والقطاع البريدي والفنون والإعلام والبناء، وكذلك في تجارة التجزئة والتموين وتصفيف الشعر والعمل في الفنادق وأعمال المقاولات مثل التنظيف والأمن.
وقد ظهرت هذه العقود نتيجة عدد من العوامل مثل: التغيرات في قوانين العمل، والتطور التقني، والعولمة.
* ماذا تقول التقارير والدراسات؟
للبحث في موضوع العمل المؤقت وكيف يؤثر على الصحة النفسية وحتى الجسدية للناس، تم إعداد تقرير عام 2018 بالاشتراك بين مؤسسة الدراسات التقدمية الأوروبية ومجموعة تاسك Tasc الفكرية المدعومة من النقابات العمالية، وقد استند التقرير إلى المكتب المركزي للإحصاء وبيانات المسح الوطنية الفصلية للأسر، وعلى 40 (مقابلة متعمقة ونوعية) مع أشخاص عملوا بعملٍ مؤقت.
وقد قال المشاركون إن عدم القدرة على التنبؤ بمصيرهم في العمل أثّر عليهم جسدياً ونفسياً، وغالباً ما أصابهم ذلك بالمرض، ولكن الكثيرين "لا يتحملون" المرض، لأن قضاء إجازة يعني عدم وجود داخل خلال الإجازة. كما يشعر الكثيرون بالقلق من تكلفة زيارة الطبيب، ودفع ثمن الأدوية عندما لا يعرفون مقدار ما سيكسبونه في الأسبوع التالي، فإذا مرض أحدهم ولم يذهب للعمل، عندها سيقلّ أجره، لذلك، فإن التغيُّر الكبير في الراتب الأسبوعي يعد جزءاً كبيراً من التغير في الحالة الصحية.
اقــرأ أيضاً
وفي دراسة أجريت في إيطاليا، بحثت في تأثير العمل المؤقت على الصحة النفسية باستخدام مجموعة كبيرة جداً من البيانات المتعلقة بعقود العمل لأكثر من 2.7 مليون موظف في إيطاليا جرى تتبعها على مدار الأعوام 2007-2011، مع وصفات الأدوية النفسية الخاصة بهم. وقد أظهرت النتائج التي توصلت إليها أن احتمال وصف الأدوية النفسية كان أعلى بالنسبة للعاملين بموجب عقود عمل مؤقتة. كما أنّ زيادة عدد أيام العمل بموجب العقد المؤقت والتغييرات المتكررة في العقد المؤقت تزيد بشكل كبير من احتمالات الإصابة بالمشكلات الصحية النفسية مثل القلق والاكتئاب، وهي تحتاج إلى علاج طبي، وخاصة بالنسبة للعمال الأكبر سناً.
ووجدت أيضاً أن الانتقال من وظيفة دائمة إلى وظيفة مؤقتة يزيد من المرض النفسي وتدهور الصحة النفسية. وبشكل مماثل، على الرغم من وجود تأثير أقل في القيمة المطلقة، إلا أن الانتقال من وظيفة مؤقتة إلى وظيفة دائمة يميل إلى تقليله، ويحسّن من حالة الصحة النفسية.
وخلصت الدراسة إلى أنه يجب أن تأخذ التدخلات السياسية الهادفة إلى زيادة مرونة سوق العمل من خلال زيادة العقود المؤقتة في الاعتبار التكلفة الاجتماعية والاقتصادية لهذه الإصلاحات، من ناحية الحالة النفسية للموظفين، فقد يفكر صانعو السياسة في توفير آلية تشجع أصحاب العمل على تحويل العقود المؤقتة إلى عقود دائمة، على سبيل المثال، من خلال الحوافز المالية، أو بالأحرى من خلال فرض عقوبات على أصحاب العمل الذين لديهم معدلات تحويل منخفضة لعقود ثابتة.
اقــرأ أيضاً
أي يجب أن تهدف هذه التدخلات إلى تعزيز الأمن الوظيفي بين الموظفين غير الدائمين، ومن ناحية أخرى، فإن أدوات السياسة المصممة لتخفيف الضغط النفسي الناجم عن هشاشة الوظائف والإدارة الأفضل لمشاكل الصحة النفسية المرتبطة بعدم الاستقرار الوظيفي، لا يمكن أن تحسن صحة العمال فحسب بل تزيد من إنتاجية الشركات، وبالتالي التأثير الأوسع على الاقتصاد.
ومن وجهة نظر الصحة العامة، سيكون من المهم تصميم حملات للوقاية من مشاكل الصحة النفسية بسبب عدم الاستقرار الوظيفي، وعلى سبيل المثال، يمكن أن يتمثل أحد التدخلات الفعالة في تنفيذ خطوط مباشرة لهيئة الصحة الوطنية التي يمكن الاتصال بها من قبل الموظفين الذين يشتبهون في ظهور علامات مبكرة من الضغط بسبب ظروف عملهم (على سبيل المثال، توقيع عقود مؤقتة منخفضة الأجور ومنخفضة الإنتاجية).
* ما هو تأثير الصحة النفسية على سوق العمل؟
إذا كان الأشخاص العاملين في وظائف مؤقتة يعانون من ضعف في الصحة النفسية مقارنة بأولئك الذين يعملون بشكل دائم، فإن ذلك يتماشى مع احتمالين: العمل المؤقت يولّد آثاراً سلبية على الصحة النفسية للأفراد، وقد يكون العكس صحيح؛ أي أن الأفراد الذين يعانون من ضعف في الصحة النفسية يختارون وظيفة مؤقتة بدلاً من وظيفة دائمة.
ففي دراسة أجريت في بريطانية على 8000 فرد بين عامي 1991 و2008، وجد أن الموظفين الدائمين الذين سيعملون في وظيفة مؤقتة في المستقبل لديهم صحة نفسية أضعف من أولئك الذين لم يعملوا مؤقتاً بعد، وقد كشفت هذه الدراسة أيضاً أن هذه العلاقة تتوسط فيها زيادة عدم الرضا الوظيفي. وتشير النتائج، بشكل عام، إلى أن العمال الدائمين ذوي الصحة النفسية الضعيفة يبدو أنهم يختارون العمل المؤقت.
اقــرأ أيضاً
* هل من نصائح؟
عندما تكون خاضعاً لعقد عمل مؤقت يمكنك الاستعانة بالنصائح الآتية:
1- وفّر "قرشك الأبيض ليومك الأسود"
في ظل ظروف عمل مؤقت قد تفقد عملك لأي سبب، وقد لا يكون لديك مصدر دخل آخر، عندها يمكنك الاستفادة مما أدخرته لتغطية نفقاتك المعيشية ريثما تعثر على عمل جديد، وهذا يعني ضرورة التفكير بطريقة اقتصادية حكيمة في إدارة المصروف خلال فترة عملك المؤقت.
2- هيّء نفسك للخطة "ب"
التخطيط واجب في كافة شؤون الحياة، حتى بالنسبة لأولئك الذين لديهم عمل دائم ومستقر تجدهم يخططون للأفضل في حال حدثت أية تغيرات مستقبلية.
3- لنفسك عليك حقاً
إذا كنت تعمل بعقد عمل مؤقت فلا يعني أن تهمل صحتك، بل امنح نفسك الراحة الضرورية، واحصل على ما تحتاجه من نوم، ومارس الرياضة بانتظام، وعليك بالطعام الصحي أيضاً.
4- اصنع شبكتك الخاصة
ابحث عن أشخاص ومؤسسات جدد، واحرص على بناء علاقات جديدة قد تحتاج إليها وقت الضيق.
5- طوّر من قدراتك
نعيش في عصر متغير وبسرعة، ولا مكانة فيه لمن يبقى ويفكر بطريقة تقليدية جامدة، بل لا بد من البحث دوماً عن مهارات جديدة نكتسب من خلالها المرونة الكافية لتواكب هذا العصر.
اقــرأ أيضاً
* خلاصة القول
يسعى جميع الناس للحصول على عملٍ مستقر يوفر لهم الأمان الوظيفي والدخل الثابت، إذْ من نتائج هذا الاستقرار الصحة النفسية والجسدية، وكذلك البحث عن إمكانية تأسيس أسرة وبناء مسكن.
ولكن في حال عدم توفر هذا العمل المستقر، فمن الضرورة بمكان الانتباه لحالتنا الصحية والنفسية، ورفع كفاءتنا وقدراتنا الشخصية حتى نحصل على ما هو أفضل.
وقد وجدت بعض الدراسات أن العمل المؤقت يؤثر على الصحة النفسية للناس العاملين وفق عقوده، ويمكن أن يؤثر على صحتهم البدنية أيضاً، وهو ما ينعكس على عدم قدرتهم في تأمين المسكن وإنشاء أسرة، لكن ما هي هذه الأمراض النفسية؟ وكيف لنا أن نتعامل مع حالة العمل المؤقت؟ هذا ما سنتكلم عنه في هذا المقال.
* أين توجد عقود العمل المؤقت؟
تنتشر عقود العمل المؤقت على نطاق واسع في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والآثار والنقل والتخزين والقطاع البريدي والفنون والإعلام والبناء، وكذلك في تجارة التجزئة والتموين وتصفيف الشعر والعمل في الفنادق وأعمال المقاولات مثل التنظيف والأمن.
وقد ظهرت هذه العقود نتيجة عدد من العوامل مثل: التغيرات في قوانين العمل، والتطور التقني، والعولمة.
* ماذا تقول التقارير والدراسات؟
للبحث في موضوع العمل المؤقت وكيف يؤثر على الصحة النفسية وحتى الجسدية للناس، تم إعداد تقرير عام 2018 بالاشتراك بين مؤسسة الدراسات التقدمية الأوروبية ومجموعة تاسك Tasc الفكرية المدعومة من النقابات العمالية، وقد استند التقرير إلى المكتب المركزي للإحصاء وبيانات المسح الوطنية الفصلية للأسر، وعلى 40 (مقابلة متعمقة ونوعية) مع أشخاص عملوا بعملٍ مؤقت.
وقد قال المشاركون إن عدم القدرة على التنبؤ بمصيرهم في العمل أثّر عليهم جسدياً ونفسياً، وغالباً ما أصابهم ذلك بالمرض، ولكن الكثيرين "لا يتحملون" المرض، لأن قضاء إجازة يعني عدم وجود داخل خلال الإجازة. كما يشعر الكثيرون بالقلق من تكلفة زيارة الطبيب، ودفع ثمن الأدوية عندما لا يعرفون مقدار ما سيكسبونه في الأسبوع التالي، فإذا مرض أحدهم ولم يذهب للعمل، عندها سيقلّ أجره، لذلك، فإن التغيُّر الكبير في الراتب الأسبوعي يعد جزءاً كبيراً من التغير في الحالة الصحية.
وفي دراسة أجريت في إيطاليا، بحثت في تأثير العمل المؤقت على الصحة النفسية باستخدام مجموعة كبيرة جداً من البيانات المتعلقة بعقود العمل لأكثر من 2.7 مليون موظف في إيطاليا جرى تتبعها على مدار الأعوام 2007-2011، مع وصفات الأدوية النفسية الخاصة بهم. وقد أظهرت النتائج التي توصلت إليها أن احتمال وصف الأدوية النفسية كان أعلى بالنسبة للعاملين بموجب عقود عمل مؤقتة. كما أنّ زيادة عدد أيام العمل بموجب العقد المؤقت والتغييرات المتكررة في العقد المؤقت تزيد بشكل كبير من احتمالات الإصابة بالمشكلات الصحية النفسية مثل القلق والاكتئاب، وهي تحتاج إلى علاج طبي، وخاصة بالنسبة للعمال الأكبر سناً.
ووجدت أيضاً أن الانتقال من وظيفة دائمة إلى وظيفة مؤقتة يزيد من المرض النفسي وتدهور الصحة النفسية. وبشكل مماثل، على الرغم من وجود تأثير أقل في القيمة المطلقة، إلا أن الانتقال من وظيفة مؤقتة إلى وظيفة دائمة يميل إلى تقليله، ويحسّن من حالة الصحة النفسية.
وخلصت الدراسة إلى أنه يجب أن تأخذ التدخلات السياسية الهادفة إلى زيادة مرونة سوق العمل من خلال زيادة العقود المؤقتة في الاعتبار التكلفة الاجتماعية والاقتصادية لهذه الإصلاحات، من ناحية الحالة النفسية للموظفين، فقد يفكر صانعو السياسة في توفير آلية تشجع أصحاب العمل على تحويل العقود المؤقتة إلى عقود دائمة، على سبيل المثال، من خلال الحوافز المالية، أو بالأحرى من خلال فرض عقوبات على أصحاب العمل الذين لديهم معدلات تحويل منخفضة لعقود ثابتة.
أي يجب أن تهدف هذه التدخلات إلى تعزيز الأمن الوظيفي بين الموظفين غير الدائمين، ومن ناحية أخرى، فإن أدوات السياسة المصممة لتخفيف الضغط النفسي الناجم عن هشاشة الوظائف والإدارة الأفضل لمشاكل الصحة النفسية المرتبطة بعدم الاستقرار الوظيفي، لا يمكن أن تحسن صحة العمال فحسب بل تزيد من إنتاجية الشركات، وبالتالي التأثير الأوسع على الاقتصاد.
ومن وجهة نظر الصحة العامة، سيكون من المهم تصميم حملات للوقاية من مشاكل الصحة النفسية بسبب عدم الاستقرار الوظيفي، وعلى سبيل المثال، يمكن أن يتمثل أحد التدخلات الفعالة في تنفيذ خطوط مباشرة لهيئة الصحة الوطنية التي يمكن الاتصال بها من قبل الموظفين الذين يشتبهون في ظهور علامات مبكرة من الضغط بسبب ظروف عملهم (على سبيل المثال، توقيع عقود مؤقتة منخفضة الأجور ومنخفضة الإنتاجية).
* ما هو تأثير الصحة النفسية على سوق العمل؟
إذا كان الأشخاص العاملين في وظائف مؤقتة يعانون من ضعف في الصحة النفسية مقارنة بأولئك الذين يعملون بشكل دائم، فإن ذلك يتماشى مع احتمالين: العمل المؤقت يولّد آثاراً سلبية على الصحة النفسية للأفراد، وقد يكون العكس صحيح؛ أي أن الأفراد الذين يعانون من ضعف في الصحة النفسية يختارون وظيفة مؤقتة بدلاً من وظيفة دائمة.
ففي دراسة أجريت في بريطانية على 8000 فرد بين عامي 1991 و2008، وجد أن الموظفين الدائمين الذين سيعملون في وظيفة مؤقتة في المستقبل لديهم صحة نفسية أضعف من أولئك الذين لم يعملوا مؤقتاً بعد، وقد كشفت هذه الدراسة أيضاً أن هذه العلاقة تتوسط فيها زيادة عدم الرضا الوظيفي. وتشير النتائج، بشكل عام، إلى أن العمال الدائمين ذوي الصحة النفسية الضعيفة يبدو أنهم يختارون العمل المؤقت.
* هل من نصائح؟
عندما تكون خاضعاً لعقد عمل مؤقت يمكنك الاستعانة بالنصائح الآتية:
1- وفّر "قرشك الأبيض ليومك الأسود"
في ظل ظروف عمل مؤقت قد تفقد عملك لأي سبب، وقد لا يكون لديك مصدر دخل آخر، عندها يمكنك الاستفادة مما أدخرته لتغطية نفقاتك المعيشية ريثما تعثر على عمل جديد، وهذا يعني ضرورة التفكير بطريقة اقتصادية حكيمة في إدارة المصروف خلال فترة عملك المؤقت.
2- هيّء نفسك للخطة "ب"
التخطيط واجب في كافة شؤون الحياة، حتى بالنسبة لأولئك الذين لديهم عمل دائم ومستقر تجدهم يخططون للأفضل في حال حدثت أية تغيرات مستقبلية.
3- لنفسك عليك حقاً
إذا كنت تعمل بعقد عمل مؤقت فلا يعني أن تهمل صحتك، بل امنح نفسك الراحة الضرورية، واحصل على ما تحتاجه من نوم، ومارس الرياضة بانتظام، وعليك بالطعام الصحي أيضاً.
4- اصنع شبكتك الخاصة
ابحث عن أشخاص ومؤسسات جدد، واحرص على بناء علاقات جديدة قد تحتاج إليها وقت الضيق.
5- طوّر من قدراتك
نعيش في عصر متغير وبسرعة، ولا مكانة فيه لمن يبقى ويفكر بطريقة تقليدية جامدة، بل لا بد من البحث دوماً عن مهارات جديدة نكتسب من خلالها المرونة الكافية لتواكب هذا العصر.
* خلاصة القول
يسعى جميع الناس للحصول على عملٍ مستقر يوفر لهم الأمان الوظيفي والدخل الثابت، إذْ من نتائج هذا الاستقرار الصحة النفسية والجسدية، وكذلك البحث عن إمكانية تأسيس أسرة وبناء مسكن.
ولكن في حال عدم توفر هذا العمل المستقر، فمن الضرورة بمكان الانتباه لحالتنا الصحية والنفسية، ورفع كفاءتنا وقدراتنا الشخصية حتى نحصل على ما هو أفضل.
