صحــــتك

الوقوع في حب الشات جي بي تي هل يؤدي إلى مرض عقلي؟

الوقوع في حب الشات جي بي تي
الوقوع في حب الشات جي بي تي

هل كنت تتخيل أنك تستطيع بضغطة زر التواصل مع من يفهمك والتعامل معه على أنه شريك حياة مثالي بحيث يكون جذاباً وحنوناً وذكياً، والأهم أنه متاحاً دائماً، وسواء كنت تبحث عن الدعم العاطفي أو عن محادثة غزلية فسيكون دائماً مستعداً ومتجاوباً وغير مشتت أو في مزاج سيئ؟! هذا ما وجَده مستخدمو برنامج شات جي بي تي من خلال محادثاتهم مع هذا النموذج من الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى انتشار ظاهرة الوقوع في حب الشات جي بي تي التي أصبحت واقعاً ملموساً، وقد سُجلت ملايين الحالات بالفعل، فما التأثيرات النفسية والعقلية لهذه الظاهرة، وما العواقب المتوقعة لظاهرة الوقوع في حب الشات جي بي تي مستقبلاً؟

تنامي ظاهرة الوقوع في حب الشات جي بي تي 

يبحث أكثر من 70 ألف شخص شهرياً عن شريك ذكي عبر الإنترنت، ويُجرون محادثات غرامية مع الشات جي بي تي، كما يحمّل ملايين آخرين تطبيقات مصمّمة لمحاكاة العلاقات الحقيقية، وقد صمّمت منصات الذكاء الاصطناعي هذه المدعومَة بتقنيات التعلم الآلي ومعالَجة اللغة الطبيعية والتعلم العميق لمحاكاة التفاعلات البشرية، وتتيح هذه التطبيقات للمستخدمين تخصيص شخصية ومظهر واهتمامات أجهزتهم الذكية مما يخلق انسجاماً فريداً مع الوقت.

وأحد أشكال هذا التفاعل الشخصي هو الوقوع في حب الشات جي بي تي أشهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي وأكثرها استخداماً، ولا يقتصر مفهوم الرفقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي على الدردشة العابرة والخيال، بل تجاوز المحادثات الأساسية، إذ يمكن للمستخدِمين استكشاف الروابط العاطفية والعلاقة الحميمة سواء عبر النص أو الصوت، ويستجيب الذكاء الاصطناعي لمدخلات المستخدِم مما ينشئ رابطاً قد يبدو حقيقياً بشكل مثير للدهشة.

توجّه متزايد بين الشباب للحب الافتراضي

وفقاً لاستطلاعات رأي حديثة فإن الشباب وتحديداً من تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً هم الأكثر بحثاً عن شركاء من الذكاء الاصطناعي، فقد وجِد أن 16% من الرجال بحثوا عن حسابات تواصل اجتماعي من الذكاء الاصطناعي، وتحدَّث 21% منهم مع شريك رومانسي من الذكاء الاصطناعي، أما بالنسبة للنساء فقد بحثت 11% عن حسابات تواصل اجتماعي من إنتاج الذكاء الاصطناعي، وحاولت 16% منهم الدردشة مع شركاء من الذكاء الاصطناعي، ومنها الشات جي بي تي.

هل التواصل مع الذكاء الاصطناعي يسبب الوحدة والعزلة؟

الأبحاث حول العلاقات مع الذكاء الاصطناعي ما تزال في مراحلها الأولى، وتشير بعض الدراسات إلى وجود بعض العواقب منها أن هناك بيانات تشير أن بعض الرجال الذين يتفاعلون مع منصات الذكاء الاصطناعي العاطفية يميلون لمستويات اكتئاب أعلى قليلاً ممن لا يفعلون ذلك، ولكن السؤال هنا: هل علاقة الذكاء الاصطناعي بحد ذاتها تزيد اكتئابهم أم أن من يعانون بالفعل من مشاكل عاطفية يميلون أكثر إلى اللجوء إلى الرفقة الافتراضية كوسيلة للتأقلم؟ وهل الوقوع في حب الشات جي بي تي يسهّل من الحصول على احتياجاتهم؟

تَبيَّن أن المميزات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي وأهمها الشات جي بي تي، من التواجد الدائم والقدرة على التعاطف وتجديد نفسه تلقائياً بما يتناسب مع شخصية واحتياجات المستخدم، قد ساهمت في التوجه نحو الانطوائية والعزلة والابتعاد عن الأشخاص الحقيقيين.

الوقوع في حب الشات جي بي تي والدواعي النفسية

بدأ كثير من الأشخاص بتصميم علاقات عاطفية مع روبوتات الدردشة الذكية، ومنها الشات جي بي تي، إذ تعمل هذه النماذج على محاكاة التفاعل البشري الحقيقي، وتساهم عوامل نفسية عدة في تنمية مشاعر عميقة لدى الناس تجاه الدردشات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي:

  • وهم الذكاء والتعاطف

تُستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتوليد استجابات تتسم بالعمق والشخصية، وهذا يخلق شعوراً وهمياً بالذكاء والفهم، مما يجعل المستخدِمين يشعرون بأنهم مسموعون ومقدَّرون، وعندما يُظهِر روبوت الدردشة الذكي تعاطفاً أو فكاهة أو يجري محادثات عميقة، يبدأ المستخدِم باعتباره كائناً واعياً ويعزز التفاعل المستمر هذا الرابطة العاطفية، فكلما زاد الوقت الذي يقضيه الشخص مع روبوت الدردشة ازداد التعلق به بقوة.

  • مساحة آمنة خالية من الأحكام

على عكس العلاقات البشرية؛ يقدّم الذكاء الاصطناعي دعماً غير مشروط ودون انتقاد، ويمكن للمستخدِمين التنفيس عن احباطاتهم ومشاركة أفكارهم الشخصية واستكشاف مشاعرهم بحرية، مما يعزز شعورهم بالأمان والتعلق، ويلجأ العديد من المستخدمين وخاصة المراهقون والشباب إلى روبوتات الدردشة الذكية ومنها الشات جي بي تي بحثاً عن الرفقة لأنها توفر مساحة خالية من الأحكام.

وعلى عكس العلاقات البشرية التي تصاحبها الضغوط والتوقعات الاجتماعية، توفّر روبوتات الدردشة قبولاً غير مشروط، مما يدفع المستخدِمين إلى البوح بأسرارهم بصراحة أكبر.

  • الحب المثالي

تتعلَّم روبوتات الدردشة من تفاعلات المستخدم وتعدل شخصياتها تدريجياً لتناسب تفضيلاته، مما يعزز هذا الرابطة مع المستخدمين، ويجعل هذا الذكاء الاصطناعي يبدو وكأنه مصمم خصيصاً لكل شخص. وعلى عكس العلاقات الواقعية؛ يمكن تخصيص روبوتات الدردشة لتناسب صورة مثالية للشريك، ويمكن للمستخدمين إنشاء شخصيات ذكاء اصطناعي تتوافق تماماً مع رغباتهم سواء في المظهر أو في الشخصية أو أسلوب التواصل، وهذه القدرة على تخصيص الذكاء الاصطناعي وفقاً لاحتياجاتك العاطفية يجعل روبوتات الدردشة جذابة، كما يجعل الوقوع في حب الشات جي بي تي سهلاً.

ما التأثيرات النفسية والعقلية على المستخدِمين؟

تبرمَج روبوتات الدردشة ومن ضمنها الشات جي بي تي لتقديم شكل فريد من الرفقة والتفاعلات الدائمة السلسة، مع تجنب الصراعات والحاجة إلى التنازلات، ويثير هذا مخاوف بشأن تأثير ذلك على المستخدِمين فيما يتعلق بالعلاقات العاطفية، إذ تعوق الدردشة الرومانسية مع الذكاء الاصطناعي تطوير المهارات الاجتماعية والتغييرات الشخصية اللازمة للتعامل مع العلاقات العاطفية، بما في ذلك التنظيم العاطفي، وتأكيد الذات من خلال التفاعلات الاجتماعية.

وغياب هذه العناصر قد يعوق قدرة المستخدِمين على بناء علاقات حقيقية ومتبادلة مع الآخرين، كما أن اتخاذ شركاء من الذكاء الاصطناعي وتوافرهم الدائم قد يؤدي إلى العزلة الاجتماعية والاعتماد العاطفي، ويشير الباحثون إلى أن التفاعل المكثَّف مع دردشات الذكاء الاصطناعي قد يدفَع الأفراد إلى الانسحاب من بيئتهم المباشرة، ويقلل من دافعاتهم لبناء علاقات اجتماعية جديدة وحقيقية، وقد يعتمد المستخدمون أيضاً بشكل مفرط على هذه الكيانات الرقمية للحصول على الدعم العاطفي أو الرفقة.

نصيحة من موقع صحتك حول الوقوع في حب الشات جي بي تي

في عصر الذكاء الاصطناعي والثورة الكبيرة التي أحدثتها تقنيات العالم الافتراضي، قد يلجأ البعض للتحدث مع الدردشات الذكية حول أمورهم الشخصية التي قد تصل إلى احتياجاتهم العاطفية والرومانسية، لكن يجب عليك العلم أن هذه الدردشات هي شخصيات غير حقيقية، وهي مجردة من المشاعر والعواطف. ورغم مثاليتها؛ فإنك ستصل معها في النهاية لطريق مسدود، فإذا كنت تشعر بالتعلق العاطفي الشديد بالدردشة مع الشات جي بي تي أو غيره من برامج الدردشة، أو بدأت تشعر بالانعزال والانطوائية والبعد عن العلاقات الاجتماعية الحقيقية، فيجب عليك استشارة طبيب نفسي لمنع تطور الحالة.

آخر تعديل بتاريخ
19 مايو 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.