يمثل التعايش مع الاكتئاب تحديات يومية عديدة، وقد يكون النهوض من الفراش أحد أصعبها. بالنسبة لكثيرين، يبدو الصباح وكأنه أثقل جزء من اليوم، إذ تتطلب حتى الأفعال البسيطة جهدًا هائلاً. لا يقتصر النهوض من الفراش مع الاكتئاب على الاستيقاظ من النوم فحسب، بل يتعلق الأمر بالتغلب على الثقل العاطفي والإرهاق ونقص الحافز.
في حين أن خطط العلاج التي تشمل العلاج والأدوية وشبكات الدعم هي مكونات أساسية للسيطرة على الاكتئاب، فإن التغييرات الصغيرة في برنامجك اليومي قد تحدث فرقًا كبيرًا أيضًا. تركز الخطوات العملية التالية على تسهيل بداية اليوم، مما يساعدك على الانتقال بلطف من الفراش إلى الحركة.
النهوض من الفراش مع الاكتئاب .. البرنامج الصباحي
يقع العديد من الأشخاص المصابين بالاكتئاب في دائرة الاستيقاظ في الوقت المناسب للذهاب إلى العمل أو القيام بالالتزامات، ولا توجد مساحة كبيرة لغير ذلك. قد يؤدي إنشاء برنامج صباحي تتطلع إليه بالفعل إلى تغيير طريقة تفكيرك، فبدلاً من أن ترى الصباح كشيء تخشاه، قد تبدأ في رؤيته كلحظة هدوء أو رعاية ذاتية.
هذا لا يعني ملء جدولك بالمهام، بل يعني تحديد بعض الإجراءات المريحة أو المحفزة لبدء يومك بشكل أكثر إيجابية.
ابدأ بشيء بسيط: اجلس
يمكن أن يبدأ النهوض من الفراش مع الاكتئاب بأبسط إجراء: الجلوس. اسند ظهرك بالوسائد، وإذا لزم الأمر، احتفظ بوسادة إضافية بالقرب منك للمساعدة في دعم وضعيتك، فإن تحويل وضعيتك من الاستلقاء إلى الجلوس قد يساعد جسمك على البدء في الاستيقاظ تدريجياً. قد لا تبدو هذه الخطوة الصغيرة مهمة، ولكنها تشير إلى بداية الحركة والنية، ومن ثم، قد تجد أنه من الأسهل تحريك ساقيك على جانب الفراش أو الوقوف أو التوجه إلى الحمام.
استخدِم الطعام كمحفّز
قد يكون التفكير في الطعام محفزًا قويًا، حتى لو كانت شهيتك منخفضة، لذا فكر في طعام مألوف مثل كوب من الشاي أو القهوة أو خبز محمص أو فاكهة مفضلة، وبالنسبة لأولئك الذين يتناولون الدواء في الصباح، غالبًا ما يكون تناول الطعام معه أمرًا ضروريًا. إذا كانت شهيتك غائبة بسبب الاكتئاب، فحاول تناول شيء خفيف، وقد يساعد تناول القليل في تخفيف الغثيان وتعزيز الطاقة ودعم خطة العلاج.
استخدم المنبهات بشكل استراتيجي
ما تزال أساليب التنبيه التقليدية مهمة، ويمكنك وضع هاتفك وساعة المنبه في أماكن مختلفة من الغرفة. اضبط أكثر من منبه يفصل بينها بضع دقائق، وبهذه الطريقة، يتم تشجيعك على التحرك جسديًا من الفراش لإطفائها، وربما ستعود إلى الفراش، ولكن مع وجود منبهات متعددة، ستجد نفسك على الأرجح تصل إلى عدم العودة إلى الفراش.
التركيز على المحيط والامتنان
قد يكون التذكير المرئي مشجعًا، لذا احتفظ بدفتر يوميات أو مفكرة بالقرب من سريرك لكتابة أو قراءة قائمة امتنان قصيرة، وحاول تدوين شيء واحد تشعر بالامتنان له كل مساء وقراءته في الصباح. حتى لو كان شيئًا صغيرًا، مثل حيوانك الأليف أو كوبك المفضل، قد يجلب لك ذلك الدفء أو التحفيز. لا تعالِج هذه الممارسة الاكتئاب، لكنها تساعد على إعادة توجيه التركيز، ولو لفترة وجيزة، إلى شيء يبعث على الاستقرار.
استخدم الضوء لصالحك
يلعب الضوء دورًا حاسمًا في إرسال إشارات لجسمك للاستيقاظ، فإذا أمكن، افتح الستائر أو استخدم ضوءًا ساطعًا، إذ يُستخدم العلاج بالضوء الساطع في حالات الاكتئاب الموسمي، ولكن بعض الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب غير الموسمي يجدونه مفيدًا أيضًا.
ليس عليك القفز من الفراش للاستفادة منه، فمجرد تشغيل الضوء أو مواجهة المصباح أثناء الاستلقاء قد يساعد جسمك على بدء عملية الاستيقاظ. بعد 15-20 دقيقة، يشعر كثير من الناس بمزيد من اليقظة والاستعداد للحركة.
أضف شيئًا ممتعًا إلى برنامجك الصباحي
يأتي التحفيز في بعض الأحيان من شيء صغير وممتع، لذا امنح نفسك 10 إلى 15 دقيقة للتحقق من البريد الإلكتروني، أو لتصفح مقاطع الفيديو اللطيفة، أو لعب لعبة مهدئة، ولمنع تحولها إلى ساعات في الفراش، اضبط مؤقتًا، وضع هاتفك في مكان بعيد عن سريرك. إن معرفة أن بإمكانك القيام بشيء ممتع قد يجعل النهوض من الفراش مع الاكتئاب أسهل قليلاً.
إجراءات لطيفة لبدء الحركة
الحركة في الصباح مهمة، ولكن لست بحاجة إلى ممارسة التمارين الرياضية، بل يمكن للحركات الخفيفة مثل مد ذراعيك أو تدوير رقبتك أو الوقوف والتمايل أن تساعدك على بدء الحركة، وإذا كنت تستمتع بالموسيقى، فقم بتشغيل موسيقى هادئة أو أصوات الطبيعة. أضف إلى ذلك مشروباً دافئاً أو رائحة الزيوت العطرية لتحفيز حواسك بلطف. تشمل الأفكار الأخرى ما يلي:
- الجلوس في الخارج لمدة خمس إلى عشر دقائق مع تناول الشاي أو القهوة.
- الاستماع إلى الموسيقى التي ترفع من مزاجك.
- تناول الطعام أثناء التركيز على النكهات والقوام.
- القيام بتمارين قصيرة للتنفس أو تمارين اليقظة الذهنية.
هذه الإجراءات الصغيرة تخلق روتينًا حسيًا يرحب بك في يومك دون ضغط.
احتفظ بالماء بالقرب منك
يؤدي الاحتفاظ بكوب من الماء بالقرب من سريرك وظيفة ذهنية وجسدية على حد سواء، إذ يساعد رشف الماء صباحًا على تنشيط الجسم، ويدعم أي روتين دوائي قد يكون لديك، بالإضافة إلى أنه يزيل عذراً آخر للبقاء في الفراش، فلا داعي للذهاب إلى المطبخ بعد.
خصص أيامًا للصحة النفسية عند الحاجة
ستأتي أيام تشعر فيها أن النهوض من الفراش مع الاكتئاب أمر مستحيل حقًا، ولا بأس في ذلك. إن أخذ يوم للصحة النفسية بين الحين والآخر هو جزء من الاعتناء بنفسك. يمكن للاكتئاب أن يستنزفك، خاصة عندما يقترن بالتوتر أو الإرهاق أو النوم المتقطع، وإذا كنت بحاجة إلى الراحة، فاسترح دون الشعور بالذنب، فإن معرفة متى تتوقف مؤقتًا قد يمنع الإرهاق على المدى الطويل وتفاقم الأعراض.
الأسئلة الشائعة
لماذا يكون النهوض من الفراش مع الاكتئاب صعبًا للغاية؟
غالبًا ما يؤثر الاكتئاب على الطاقة والتحفيز وأنماط التفكير، ويمكن لثقل المشاعر أو التعب الجسدي أو حتى الشعور بالذنب أن يجعل المهام الأساسية مثل الاستيقاظ من النوم تبدو شاقة، وهذا ليس كسلًا، وإنما هو عرَض حقيقي لحالة صحية نفسية.
ماذا يمكنني أن أفعل إذا كنت ما أزال أشعر بصعوبة الخطوات الصغيرة؟
إذا كانت الإجراءات الأساسية مثل الجلوس أو شرب الماء تبدو مستحيلة، فلا تتردد في طلب الدعم. راسل صديقًا أو تحدث إلى معالِج نفسي أو عدّل خطة علاجك، فأنت تستحق المساعدة، وهناك موارد متاحة، وحتى أبسط الجهود نحو ذلك مهمة.
نصيحة من موقع صحتك
يتطلب النهوض من الفراش مع الاكتئاب قوة، حتى عندما لا تشعر بذلك. إذا كان فوزك الوحيد اليوم هو الجلوس أو احتساء الماء، فإن ذلك ما يزال مهمًا. عامل نفسك بلطف، وتخلَّ عن التوقعات التي لا تخدمك. إن بناء برنامج لطيف يناسبك، مهما كان صغيرًا، قد يخلق أساسًا لصباح أفضل، وتذكر أنه مسموح لك أن تأخذ وقتك. ومسموح لك طلب المساعدة، والأهم من ذلك كله، مسموح لك أن تهتم بصحتك النفسية بقدر اهتمامك بصحتك البدنية. لن يكون كل صباح سهلاً، ولكن كل جهد مبذول مهم، وبالصبر والدعم والتعاطف، قد يصبح النهوض من الفراش مع الاكتئاب أكثر سهولة كل يوم.