في السنوات الأخيرة، حظي مجال تدريب الحياة أو ما يطلق عليه "اللايف كوتشينج" باهتمام خاص كطريقة لتحسين سلوكيات نمط الحياة الصحية. ونظرًا لانتشار مهنة اللايف كوتش في مجال الرعاية الصحية، واحتمالية توفيره أساليب جديدة لإشراك المرضى وسؤالهم عن صحتهم، فإن ذلك يبرر الحاجة إلى استعراض شامل للأدلة المتعلقة بدور اللايف كوتشينج المستخدمة في رعاية المرضى، وتأثيرها على صحة المرضى وخطة العلاج. فقد أثبت اللايف كوتشينج فائدته في تعزيز شخصية المريض وبناء السلوك المرغوب وتعزيزه في سياقات مختلفة كطريقة لتحسين سلوكيات نمط الحياة الصحي.
من هو اللايف كوتش أو مدرب الحياة؟
اللايف كوتش هو شخص متخصص يساعد الأفراد على تحسين جوانب حياتهم المختلفة وتحقيق أهدافهم الشخصية أو المهنية والصحية بشكل عام فكلمة "لايف" : تشير إلى الحياة بجوانبها المختلفة (الشخصية، المهنية، الصحية، الاجتماعية)، و"كوتش" : تشير إلى المدرب أو المرشد الذي يقدم الدعم والتوجيه لتحقيق النجاح والتطور.
لذا، فإنَّه يساعد الناس على استكشاف إمكانياتهم وتوضيح رؤيتهم وأهدافهم، ومساعدتهم في تجاوز التحديات، والعمل على تحسين جودة حياتهم من خلال وضع خطط عملية وخطوات واضحة لتحقيق الأهداف. ودوره أشبه بشريك يسير معك في رحلتك نحو حياة أفضل، وليس شخصًا يقدم حلولًا جاهزة.
فمن المعروف أن امتلاك البصيرة والموارد المطلوبة لاتخاذ خيارات تعزز نمط حياة صحي أمرٌ أساسي للمرضى، كما يعتبر نمط الحياة الصحي مهمًا لتحقيق أفضل النتائج في رعاية المرضى والوقاية من العديد من الأمراض النفسية والجسدية.
هل يمكن للايف كوتش أن يكون له دور في صحة المريض؟
في مراجعة حول استراتيجيات تحسين نتائج علاج مرضى السكري، تم اقتراح إضافة اللايف كوتشينج كطريقة تكميلية موازية لخطة العلاج الدوائية، ووُصف اللايف كوتشينج الصحي بأنه "ممارسة للتثقيف الصحي وتعزيز الصحة في سياق اللايف كوتشينج، لتعزيز رفاهية الأفراد، وتسهيل تحقيق أهدافهم المتعلقة بالصحة"، ومن هنا ظهر مصطلح "المدرب الصحي" أو اللايف كوتش الصحي.
يختلف اللايف كوتش الصحي عن اللايف كوتش العادي من خلال التركيز على مواضيع وأهداف محددة تتعلق بالصحة. بينما في التدريب الحياتي، قد يأتي العملاء إلى الجلسات بمشاكل حياتية شخصية يرغبون في معالجتها، فيكون الهدف حينئذٍ من التدريب الحياتي هو تغييرات معرفية وعاطفية وسلوكية مستدامة تُسهّل تحقيق الأهداف وتحسن الأداء.
يلتقي اللايف كوتش بالعملاء بنهج يُبيِّنُ أهمية مواقفنا وأحكامنا في تحديد مشاعرنا وقراراتنا وسلوكنا، لذلك، فإنَّ المدرب سوف يساعد العميلَ على كشف التشوهات في التفكير وتمكينه من تعلم طرق بديلة للتعامل مع العالم من أجل تحسين عملية اتخاذ القرار ومساعدته على تحقيق أهدافه.
يعتمد هنا اللايف كوتش الصحي على الافتراض بأن القضايا الأكثر أهمية للعميل يتم تحديدها ذاتيًا وأولويتها من قبل العميل نفسه. وبالتالي، فإن العملاء هم من يختارون الموضوع، والإجراء، والنتائج التي يرغبون في تحقيقها مع التركيز على الجانب الصحي بدلًا من المرض، فيعتمد في الأساس على احتياجات المرضى وقيمهم وأولوياتهم.
ما هو دور اللايف كوتش الصحي؟
يعتبر اللايف كوتش الصحي هو دليلك الصحي الشخصي، ومرشدك، وداعمك. ويساعدك على إجراء تغييرات في نمط حياتك لتحسين صحتك البدنية والنفسية ويساعدك اللايف كوتش الصحي على تحمل المسؤولية أثناء إجراء تغييرات هادفة تتعلق بـ:
- النشاط البدني.
- التغذية.
- إدارة الوزن.
- إدارة التوتر.
- التدخين وأنواع أخرى من تعاطي التبغ.
- النوم.
إذا كان واحد هذه الجوانب غير متوازن، فقد تكون الجوانب الأخرى كذلك، فمثلًا إذا كنت لا تحصل على قسط كافٍ من النوم، فقد لا تملك الطاقة لممارسة الرياضة أو التركيز على تخطيط مهامك. قد يبدو الأمر مجتمعًا صعبًا للغاية، إلا إنه بالتعاون مع مدرب الصحة الخاص بك، ستحدد من أين تبدأ وتجد طرقًا لإجراء تغييرات صغيرة تتطور مع مرور الوقت.
يساعدك اللايف كوتش الصحي على وضع أهداف منطقية، ووضع خطة لتحقيق أهدافك. كما يساعدك على تحديد ما قد يمنعك من تحقيقها، على سبيل المثال، ربما تعتقد أنك قادر على إجراء التغييرات التي يقترحها طبيبك، أو ربما تعتقد أن أي من هذه التغييرات التي تقوم بها ليست ذات أهمية، وربما تعمل في وظيفتين ولا تستطيع تخيل القيام بأي شيء آخر خلال يومك.
لذا يساعدك اللايف كوتش الصحي على النظر في جميع العوامل التي قد تؤثر على سلوكياتك الصحية، ومعًا، تضعان خطة عملية لتحقيق أهدافك. فعلى سبيل المثال، لنفترض أن طبيبك قد اقترح عليك تناول المزيد من الفاكهة والخضراوات للتحكم في مستوى سكر الدم لديك حيث إنك مريض بداء السكري، فيبدأ اللايف كوتش الصحي بطرح أسئلة مثل:
- على مقياس من 1 إلى 10، حيث 10 هي الأكثر أهمية، ما مدى أهمية إجراء هذا التغيير بالنسبة لك؟
- ما الذي يبدو منطقيًا بالنسبة لك؟
- ما الذي يعيقك، أو ما التحديات التي قد تواجهها في المتابعة؟
- ما هي الخطة التي يمكننا وضعها لمساعدتك على تناول المزيد من الفاكهة والخضراوات؟
لن يخبرك بما ينبغي عليك فعله، فهذا ليس جوهر اللايف كوتش الصحي، بل سيساعدك على التفكير في وضعك الحالي ويرشدك نحو إجراء التغييرات التي تراها مناسبة لك، كما يدرك اللايف كوتش الصحي أيضًا أن الخيارات الشخصية ليست سوى جزء واحد من اللغز.
فمجرد الرغبة في تناول المزيد من الفاكهة والخضراوات لا يكفي لتحقيق ذلك فقد تكون هناك عوامل أخرى في حياتك - تُسمى المحددات الاجتماعية للصحة - تؤثر على خياراتك الغذائية والعديد من الخيارات الأخرى المتعلقة بصحتك.
وقد يكون من الصعب جدًا التغلب على هذه العوائق، فيقترح عليك موارد تساعدك في إدارة هذه العوامل لتقليل تأثيرها على صحتك، لذا فإنَّ دوره ليس إصدار الأحكام أو إلقاء اللوم عليك بل هو دائما يكون داعمًا. وأخيرًا، أظهرت الأبحاث الحديثة أن التدريب الصحي أو اللايف كوتشينج الصحي يمكن أن يُؤدي إلى تحسينات ملموسة في أمور مثل:
- ضغط الدم.
- مستويات الكوليسترول.
- مستويات السكر في الدم.
- وزن الجسم.
- اللياقة البدنية.
نصيحة من موقع صحتك
قد تستيقظ في بعض الأيام وتشعر أنك لا تستطيع تحريك حصاة عن الأرض، وأثناء محاولتك تنظيم وإدارة وضعك الصحي من الطبيعي أن تعاني من بعض الصعوبات، وقد لا تعرف كيف تستجمع وترتب أهدافك لمواصلة التقدم. وهنا يظهر دور اللايف كوتش الصحي، فهو يدربك على كيفية إجراء التغييرات ويساعدك على تنمية قوتك الداخلية مع الاستفادة من جميع الموارد المتاحة لتحقيق أهدافك النفسية والصحية وننصحك بالتعامل مع مدربين ذوي سمعة طيبة وتدريب جيد لتتمكن من تحقيق أقصى استفادة من هذه الرحلة.



