العلاقة بين الإخوة من أكثر العلاقات تأثيرًا في الحياة، فمِن خلالها يتعلم الأخ المشاركة، والتعاطف، والتضحية، والوفاء، وحسن المعاملة، وغيرها من الأخلاقيات، لذا من المهم الاهتمام بسير العلاقة بين الإخوة وتأمين بيئة منسجمة ومتناغمة في المنزل. إلا أنَّ هذه العلاقة تصطدم أحيانًا بالغيرة بين الأطفال، وهي حالة شائعة جدًا، خاصة إذا كان الطفل الأكبر ما زال صغيرًا، ولكن إيجاد الطرق الملائمة لفض الغضب والتنافس بين الأشقاء دون اللجوء للعقاب هو فنٌّ ينبغي على الأهل اتقانه جيدًا حتى لا تَكبر الضغائن والمكائد فيما بينهم. نطرح في هذا المقال العوامل التي قد تزيد من الغيرة بين الأطفال وبعض الطرق الفعالة للحد من تأثيراتها السلبية.
كيف تَظهَر الغيرة بين الأطفال ؟
تَحدث الغيرة بين الأطفال بمختلف الأعمار، ورغم أن أكثر أشكال الغيرة تظهَر لدى صغار السن المتقاربين في العمر إلا أنها قد تحصل بين إخوة ذوي فجوة عمرية كبيرة. بالنسبة للطفل الصغير الأول الذي حَظِيَ منذ ولادته بالاهتمام الكبير من الأم والأب يصعب عليه تقبّل شقيق جديد يقاسمه الحب والاهتمام والعطاء، مما يجعله يقوم ببعض التصرفات التي تُظهِر مشاعره المخفية، مثل أن:
- يؤذي الطفل جسديًا
- يُعبّر عن رغبته في رحيل الطفل الأصغر
- يُشكّل تحديًا مع الوالدين أو في دور الحضانة، مع أنه يُظهر حبًا للطفل
- يُظهر تراجعًا في النمو، وربما يُقلّد سلوكيات أخيه الأصغر
- يُصبح منعزلًا
كيف يمكن الحد من تأثيرات الغيرة بين الأطفال دون اللجوء لأساليب العقاب؟
من المهم معرفة أن التوافق بين الأشقاء يَعتمد وبشكل أساسي على تعامل الأهل واهتمامهم، فإذا كان الأهل يتعاملون بمساواة بين أولادهم دون التمييز بينهم، كانت العلاقة بين الأشقاء أكثر جمالًا وتوافقًا. ومن أكثر ما لا يراعيه الأهل هو أن الطفل الأكبر يبقى طفلًا بفارق العمر فقط، وله احتياجات ورغبات، ويبحث عن الاهتمام، لذا فإن توقّع أو رؤية الكثير من الرعاية تجاه أخيه الأصغر أو أخته الصغرى ينمّي في داخله شعور الغيرة دون دراية منه. تشمل بعض الطرق التي يمكنك استخدامها لربط الإخوة بعضهم ببعض بمحبة:
- منح الطفل الأكبر سنًا الكثير من الاهتمام والوقت المنفرد.
- إشراكهم في الاستعداد لقدوم الطفل. دعهم يُساعدون في اختيار اسم الطفل أو في تجهيز أغراضه.
- سؤالهم عن مشاعرهم، وإخبارهم أن هذه المشاعر طبيعية.
- طمأنتهم، ومنحهم الاهتمام والحب.
- إذا رغبوا في ذلك، أشركوهم في مهام بسيطة تحت الإشراف للمساعدة في "رعاية" الطفل الجديد، واشكروهم على المساعدة.
- اعترفوا بالسلوكيات الإيجابية تجاه الطفل وعززوها، مثل اللمسة اللطيفة والتحدث.
- إن أمكن، اطلبوا من العائلة والأصدقاء المساعدة لقضاء وقت خاص مع الطفل الأكبر سنًا.
- حافظ على هدوئك وسيطرتك. انتبه لما يفعله أطفالك لتتمكن من التدخل قبل أن يبدأ الموقف أو يتفاقم. حافظ على هدوئك وسيتعلم أطفالك أن يفعلوا الشيء نفسه.
ما هي فوائد وجود الأشقاء في البيت نفسه؟
يلعب الأشقاء دورًا فريدًا في تشكيل التعاطف العاطفي بينهم. فإذا كان للطفل شقيقٌ له تأثيرٌ إيجابيٌّ عليه، فسيكون أكثر انسجامًا مع مشاعر الآخرين عندما يكبر. حتى لو اختلف الأشقاء، فإن أوجه التشابه بينهم يمكن أن تُوفر لهم دعمًا عاطفيًا طوال حياتهم.
يُعد وجود الأشقاء طريقة رائعة لتعلم كيفية التفاعل مع الآخرين في العالم الخارجي. ويمكن أن تستمر هذه الفوائد بقيةَ حياتهم. ويمكن أن يساعد هذا الأطفال على:
- تعلّم كيفية التفاعل مع رفقاء اللعب
- التعاطف مع الآخرين والتعامل معهم بحساسية
- إدارة الخلافات، بما في ذلك مهارات التفاوض والاستماع
- تعلّم كيفية تنظيم المشاعر الإيجابية والسلبية بطرق مقبولة اجتماعيًا
- يمكن أن تساعد الأنشطة العائلية المنتظمة، مثل سرد القصص، في تحسين الصحة الاجتماعية والعاطفية.
نصيحة من موقع صحتك
عندما ينتهي كل نزاع جديد، تَشعر وكأنك رَبحت المعركة حتى تأتي الحرب التالية. لكن التنافس بين الأشقاء لا يدوم دائمًا، طالما أنك تخصص وقتًا ومساحة لمعالجة كل نزاع وجهًا لوجه.
كلما زاد وعيك بأهمية التربية، كان من الأسهل عليك اجتياز هذه الصراعات بين الأشقاء. في الحقيقة، أطفالك يقِظون دائمًا ويراقِبون باستمرار. من خلال القيادة بالقدوة، وتخصيص وقت لمعالجة أي عداوة باقية، وتعزيز روح التعاون، سيتعلم أطفالك الاعتماد على بعضهم البعض ودعم بعضهم البعض بمرور الوقت. الخبر السار هو أن العديد من العائلات تستطيع تجاوز التنافس وتحويل الخلاف إلى رابط عميق.
