صحــــتك

العلاقة بين الصحة البدنية والنفسية وكيف يؤثران على بعضهما

الصحة البدنية والنفسية
الصحة البدنية والنفسية

نرى اليوم تزايداً في الأبحاث التي توضح أن الصحة البدنية والنفسية مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، وتظهر الدراسات أن التحسن أو الانخفاض في أحدهما يمكن أن يؤدي إلى تحسن أو انخفاض في الآخر، ولكن السؤال هنا: كيف يؤثر أحدهما على الآخر بالضبط؟ وما الذي يحدث في الجسم بالضبط بحيث أن التغيير على أحدهما يؤدي إلى حدوث تغيير في الآخر؟ في هذا المقال سنوضح العلاقة بين الصحة البدنية والنفسية وكيف يؤثر كل منهما على الآخر.

العلاقة بين الصحة البدنية والنفسية

قد نعتقد أن أفكارنا وحالاتنا المزاجية وحالتنا العقلية منفصلة عن الجسم، وأن فهم العلاقة بين حالة الجسم والعقل تبدو غير مهمة، ولكن هناك أعراض جسدية تحدث كجزء من نشاط الدماغ، ومن الأمثلة الدالة على مدى ترابط العقل بالجسد مجموعة التغيرات الجسدية والعقلية التي تحدث أثناء الدورة الشهرية، فقد أظهرت العديد من الأبحاث أن التغيرات الهرمونية خلال فترة الدورة الشهرية تؤثر على مناطق أخرى في الجسم غير الجهاز التناسلي، ومنها العقل، فيحدث الاكتئاب والتقلبات المزاجية والانفعالات والعصبية والحساسية المفرطة وغيرها.

كيف تؤثر الصحة البدنية على الصحة العقلية؟

يحدث عدد من التفاعلات المعقدة التي تُحدث تغييرات على الصحة البدنية والعقلية، ويشترك في هذه التفاعلات الإستروجين والدوبامين، ويعرف الدوبامين باسم "هرمون السعادة" الذي يقوم بوظيفة التحفيز والمكافأة في الدماغ، بينما الإستروجين يقلل من انتقال الدوبامين وبالتالي يحاكي تأثير بعض الأدوية المضادة للذهان، وبناء على هذا التأثير فبعد الولادة عندما ينخفض هرمون الإستروجين بشكل كبير يزداد خطر التعرض للذهان والاكتئاب لدى بعض النساء، وكذلك الأمر لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الأعراض.

وهناك أمثلة أخرى على التغيرات الهرمونية التي تؤثر على الصحة العقلية، وتشمل هرموني الإستروجين والسيروتونين، فلدى بعض النساء يؤدي انخفاض هرمون الإستروجين في نهاية الدورة الشهرية إلى انخفاض السيروتونين مما يساهم في ظهور أعراض عاطفية.

تُظهر الأبحاث أن التفاعل في الجسم يتم باتجاهين إذ يمكن أن تسبب المشاكل الأيضية، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والمعاناة الطويلة من سوء التغذية، تغيرات في الدماغ تؤدي إلى اضطرابات المزاج والنمو العصبي. وعلى العكس من ذلك؛ يمكن أن تسبب بعض الاضطرابات العقلية حدوث الإجهاد الذي يؤدي إلى تغيرات أيضية، والتي قد تتحول بمرور الوقت إلى الأمراض الأيضية.

كيف تؤثر الصحة العقلية على الصحة البدنية؟

أظهرت عدد من الدراسات أن الاضطرابات العقلية يمكن أن تسرّع الشيخوخة البيولوجية التي تؤدي إلى زيادة معدل الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها من الأمراض المرتبطة بالعمر. ارتبطت إحدى الحالات العقلية، وهي الفصام، بانخفاض متوسط العمر المتوقع بما يصل إلى 10-20 سنة، وهنا تتجلى أهمية العلاقة بين الصحة البدنية والنفسية. وقد أظهرت هذه الدراسات أن الأمراض العقلية قد ترتبط بالشيخوخة المبكرة بعدة طرق مختلفة:

  • يمكن أن تدفع إلى سلوكيات غير صحية مثل سوء التغذية وعدم ممارسة الرياضة وتعاطي المخدرات الضارة بالصحة الجسدية.
  • يمكن أن تسبب العديد من أمراض الصحة العقلية اضطرابات النوم، مما قد يؤثر على الصحة الجسدية بمرور الوقت.
  • يمكن أن يسبب التوتر والإجهاد النفسي ارتفاع مستويات الكورتيزول، مما قد يؤثر على جميع وظائف الجسم تقريباً، بما في ذلك الجهاز الهضمي والجهاز المناعي والقلب والأوعية الدموية والجهاز التناسلي.
  • الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمجموعة من الحالات الطبية، بما في ذلك:
    • ارتفاع ضغط الدم.
    • السكتة الدماغية.
    • السكري.
    • السرطان.
    • أمراض القلب.

نصائح للحفاظ على الصحة البدنية والنفسية

هناك نتائج مبشرة في الأبحاث تشير إلى أن الجسم والدماغ يستجيبان للتغيير ويمتلكان القدرة على التكيف، فأي تغيير ستقوم به للعناية بصحتك العقلية سيكون له تأثير لإحداث تغييرات إيجابية في جسمك أيضاً، وفيما يلي بعض النصائح التي يمكن أن تبدأ بها:

  • مارس التمارين الرياضية بانتظام مدى الحياة

تقدم التمارين الرياضية مجموعة من الفوائد للصحة النفسية والبدنية لأنها تحسّن كتلة العضلات ووظيفتها، وتحسّن التمثيل الغذائي وتقلل الالتهاب، وتقوي جهاز المناعة وتحسن صحة القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، كما تساهم في تحسين نوع الميكروبات المعوية المفيدة، وجميع هذه الفوائد الجسدية ستعمل بدورها على تحسين الصحة العقلية لأن الصحة البدنية والنفسية مترابطان.

كما أن التمارين الرياضية تؤثر بشكل مباشر وإيجابي على الدماغ، وتشمل هذه التأثيرات تحسين الوظيفة الإدراكية وتحسين الوظيفة التنفيذية وانخفاض أعراض الاكتئاب والقلق. ويجب التنويه إلى أن عدداً من هذه الفوائد المذكورة هي تراكمية، فيجب الالتزام بممارسة التمارين الرياضية لمدة من الوقت لملاحظة الفرق والحصول على الفوائد. وعلى الرغم من ذلك؛ قد تمنحك التمارين الرياضية بعض الفوائد الفورية مثل ارتفاع الحالة المزاجية لعدة ساعات بعد التمرين وتحسين مستويات الطاقة وتخفيف الألم. وللحصول على فوائد للتمارين على المدى الطويل والقصير اتبع النصائح التالية:

  1. لا تبالغ، فقد تؤدي التدريبات المكثفة جداً إلى إبطال الفوائد الجسدية والعقلية لأنها قد تسبب التوتر وتعرضك لخطر الإصابة.
  2. قم بممارسة نشاط بدني هوائي باعتدال لمدة 150-300 دقيقة أسبوعياً مع تضمين أنشطة لتقوية العضلات يومين في الأسبوع.
  3. قم باختيار الأنشطة التي تشعرك بالمتعة وليس فقط مجرد تمارين تقوم بها بأفضل أداء مثل التنزه والسباحة والرقص واللعب مع الكلب، مارس التمارين التي تحرك جسمك والتي تجعلك تشعر بطاقة لتحدي نفسك.
  4. ابدأ بوضع أهداف صغيرة حتى لا تتخلى عنها قبل أن تصبح عادة لديك، فابدأ بتحديد هذه الأهداف يومياً حتى لو كانت تبدو سهلة للغاية أو سخيفة، وكل أسبوع حدد هدفاً أعلى وأصعب قليلاً.
  • التزم بنظام غذائي صحي ومتوازن

سوء التغذية هو أحد أهم عوامل الخطر للإصابة بالأمراض، ولكن تغيير النظام الغذائي من أكبر التحديات التي قد نواجهها، وهناك عدد من الأنظمة الغذائية التي تحتوي على متطلبات مختلفة، لذا بدلاً من اتباع نظام غذائي محدد يمكن اتباع بعض المبادئ الأساسية للتغذية الجيدة، والتي تتضمن:

  1. شرب كمية كافية من الماء: التوصية العامة هي شرب ما بين 3-4 لترات من الماء يومياً، إذ تعتبر هذه الكمية كافية لترطيب الجسم بما يحتاجه من الماء.
  2. تناول المزيد من الفواكه والخضراوات: تناول المنتجات الطازجة، وإذا رغبت في تناول المنتجات المعلبة والمجمدة فتأكد من عدم وجود الكثير من السكر والملح المضاف.
  3. احذر الأطعمة المصنعة: الأطعمة المصنعة والجاهزة يمكن أن تحتوي على كمية هائلة من الملح والسكر، فإذا لم تكن لديك خيارات غير الأطعمة المصنعة فحاول التحقق من الملصق للعثور على بدائل منخفضة الصوديوم والسكر.
  • أعط نفسك وقتًا للراحة 

من المهم أن تتذكر أن التوتر هو عامل مهم في التفاعلات السلبية بين الصحة البدنية والنفسية، لذا يجب أن تجد لنفسك وقتًا لتخفيف القلق وعدم التفكير في أي شيء، فإذا كنت تتناول الطعام الصحي وتمارس الرياضة وكنت شخصاً منتجًا فلنفسك عليك حق، ويجب عليك ترك كل شيء جانباً ومنح نفسك بعض الراحة، ما عليك سوى تخصيص بعض الدقائق كل يوم والجلوس دون هاتف أو تلفاز أو أي عوامل تشتيت أخرى، ولا تفكر فيما عليك فعله بعد ذلك أو فيما تشعر به، ويمكن أن تمتد فترة الراحة هذه إلى 40-45 دقيقة إذا كان لديك وقت، ويطلق على هذا اسم اليقظة الذهنية، والهدف منها هو التركيز على نفسك فقط وأخذ استراحة من ضجيج الحياة قليلاً.

نصيحة من موقع صحتك 

وجَدت العديد من الأبحاث أن هناك علاقة تربط بين الصحة البدنية والنفسية وأنهما يؤثران على بعضهما البعض سلبًا وإيجابًا، فإذا انخفضت الصحة النفسية فقد تؤدي إلى حدوث حالات وأعراض جسدية، والعكس صحيح، لذا ننصح باتباع النصائح المذكورة في المقال لدعم الصحة النفسية والجسدية وللتمتع بحياة صحية متكاملة. ابدأ بوضع الأهداف المناسبة للحصول على نمط حياة صحي، وبالتالي على صحة بدنية ونفسية جيدة بعيداً عن الأمراض والحالات النفسية.

آخر تعديل بتاريخ
09 مارس 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.