تم تطوير العلاج بالصراخ الذي يُعرف أيضاً بالعلاج البدائي في سبعينيات القرن الماضي على يد عالِم النفس آرثر جانوف، الذي اعتقد بأن الصراخ يمكن أن يساعد الناس في التخلص من الألم العاطفي أو الصدمة النفسية التي لم يتم تخطيها أو لم يتم حلها، وتكمن الفكرة في أن الصراخ يعمل بمثابة صمام أمان يسمح للشخص بالتخلص من المشاعر المكبوتة العميقة. والعلاج بالصراخ لا يشمل الصراخ فقط، بل يتابع الشخص مع أخصائي مدرّب يجعله يعيد النظر بالصدمات الماضية ثم يصرخ ليتجاوزها. نظرياً يوفّر هذا العلاج مساحة آمنة للتعبير عن أي مشاعر قد يكون الشخص قد تعلّم كبتها أو إخفاءها في حياته اليومية.
فوائد العلاج بالصراخ
يقدّم الصراخ بعض الفوائد حتى لو كان مجرد الشعور بالتخلص من التوتر المكبوت. تذكّر أن العلاج بالصراخ ليس كأي علاج تقليدي، ولا يمكن اعتباره علاجاً جذرياً للحالات النفسية، فقد يوفر تنفيساً مؤقتاً، ولكن إذا كنت تعاني من مشاكل صحية نفسية أكثر خطورة فاستشر أخصائيًا نفسيًا لوضع خطة علاجية مناسبة، ومن الفوائد المحتملة للعلاج بالصراخ:
- التحرر العاطفي: قد يوفّر العلاج بالصراخ تحرراً عاطفياً ويَسمح لك بالتعبير عن مشاعرك المكبوتة بطريقة ربما تكون مفيدة، وقد يؤدي هذا إلى الشعور بالتحرر خاصة عندها يُنظر إلى التعبير العلني عن المشاعر على أنه محظور على البالغين.
- تخفيف التوتر: قد يساعد هذا العلاج على تقليل مستويات التوتر من خلال تحفيز التحرر من التوتر وإخراجه من الجسد.
- تعزيز الوعي الذاتي: قد تؤدي مواجهة مشاعرك والتعبير عنها إلى زيادة الوعي الذاتي وفهم محفزاتك العاطفية وعمق مشاعرك ويشجع على تطوير الذكاء العاطفي.
- التعبير عن المشاعر الصعبة: قد يساعد العلاج بالصراخ في التعبير عن المشاعر التي يصعب التعبير عنها بالكلمات، مثل الغضب العميق أو الحزن أو حتى الفرح.
- التمكين واستعادة الصوت: قد يشعرك الصراخ بالتمكين، مما يسمح لك باستعادة صوتك والتعبير عن نفسك، وقد يعزز التمكين تقدير الذات والثقة بالنفس خاصة بالنسبة لأولئك الذين شُجعوا على الصمت في طفولتهم أو لم يشعروا بأن أحداً ينصت إليهم.
- أداة تكميلية: الصراخ من الحلول البدائية التي استُخدمت للتفريغ النفسي، لكنه بحد ذاته ليس علاجاً، بل هو أداة تكميلية ضمن استراتيجية متكاملة للعلاج النفسي التي قد تشمل العلاج بالكلام واليقظة الذهنية والتأمل والتعاطف مع الذات والأدوية.
كيف يعمل العلاج بالصراخ؟
للحصول على فوائد العلاج عن طريق الصراخ وضمان فعاليته وأمانه، اتبع الخطوات التالية:
- افهم أهدافك: افهم الهدف من الجلسة للعلاج بالصراخ: هل تحاول التخلص من الغضب، أو تخفيف التوتر والقلق، أو التعبير عن شعور آخر؟ لأن تحديد الهدف من الجلسة يساعدك على التركيز على المشاعر التي تحتاج إلى التخلص منها.
- ابحث عن مكان مناسب: ابحث عن مكان يمكنك فيه الصراخ دون إثارة الفزع أو الإزعاج للآخرين، فقد يكون صوت الصراخ مخيفاً ويزيد من قلق الآخرين، وقد يكون هذا في مكان خارجي منعزل، أو في غرفة مصممة لعزل الصوت. الخصوصية والأمان يسمحان لك بالتعبير عن نفسك بحرية تامة.
- استعد ذهنياً وجسدياً: قبل البدء بجلسة الصراخ خصّص بعض الوقت لتهدئة نفسك، ومارس تمارين التنفس العميق أو التأمل لمساعدتك على التركيز على أفكارك ومشاعرك التي ترغب في التعبير عنها. أما جسدياً فتأكد من وقوفك أو جلوسك بشكل مريح مع استرخاء الجسد.
- ابدأ بتمارين الإحماء الصوتي: ابدأ بالهمهمة أو الغناء الهادئ قبل الصراخ، فهذه التمارين تساعد على عدم إجهاد حبالك الصوتية وتجعل الجلسة أكثر فعالية وأمان.
- ابدأ بالصراخ: لا تتردد، اسمح لنفسك بالتعبير عن مشاعرك بكل حرية، ويمكنك الصراخ في وسادة، أو الصراخ بالكلمات، أو حتى إطلاق صرخات بدائية، وركّز على التخلص من مشاعرك لتحقيق التحرر العاطفي، ولا تركّز على قوة أو صوت الصراخ.
- استرخ وتأمل: امنح نفساً وقتاً للعودة إلى حالة الهدوء، وجرّب الكتابة في مذكراتك، أو التمدد أو حتى الجلوس بهدوء، وتأمل في أحداث الجلسة، وأي مشاعر أو أفكار خطرت ببالك خلال الجلسة.
- اطلب التوجيه المهني: إذا كنت مهتماً بهذا النوع من العلاج لكنك لا تعرف كيف تبدأ فيمكنك طلب التوجيه من أخصائي نفسي ذي خبرة في العلاجات التعبيرية يمكنه مساعدتك على توفير بيئة مناسبة لذلك.
- تدرّب بانتظام للحصول على أفضل النتائج: كما هو الحال مع أي إجراء علاجي فإن العلاج بالصراخ يقدّم نتائج أفضل عند ممارسته بانتظام، فيمكن تطبيقه كل أسبوع أو بتكرار أقل من ذلك. لذا استمع لجسدك ومشاعرك لمعرفة احتياجاتك، وأنشئ برنامجاً يساعدك على معالجة مشاعرك بشكل أكثر فعالية من أجل تجربة راحة مستمرة من التوتر والقلق.
هل العلاج بالصراخ فعال حقاً، وهل يخفف التوتر والقلق؟
الدليل العلمي حول العلاج بالصراخ محدود، لكن بعض الدراسات تشير إلى أن العلاجات التعبيرية التي تشمل الصراخ قد توفّر راحة عاطفية وتساهم في تحسين الصحة النفسية، وتشير هذه الدراسات إلى أن الفعل الجسدي للصراخ قد يحفز إطلاق مواد كيميائية تشعرك بالرضا والراحة، وبالتالي تخفض مستويات القلق والتوتر.
ورغم محدودية الأبحاث في هذا المجال، ربما يفيد العديد من الأشخاص الذين شاركوا في العلاج بالصراخ البدائي بشعورهم بالتنفيس أو التحرر العاطفي بعد الجلسات، وكثيراً ما يصِفون حدوث انخفاض في مستويات القلق والتوتر، والشعور بالخفة والحرية بعد التعبير عن مشاعرهم بوضوح، والصراخ يشعرك كالبكاء بالراحة تماماً، ومع ذلك يتساءل العلماء إذا كان الصراخ قد يدعم الصحة النفسية حقاً، ويشكك البعض في فوائده الطويلة المدى.
يقول العديد من علماء النفس إن الصراخ قد يوفّر راحة مؤقتة، إلا أنه لا يعالج أسباب التوتر والقلق. بالإضافة إلى ذلك؛ هناك أدلة تشير إلى أن التعبير عن الغضب قد يؤدي إلى زيادة العدوان، وحتى لتفاقم الأعراض.
طرق أخرى لتخفيف التوتر والقلق
من الطرق الفعالة الأخرى للتعامل مع التوتر والقلق ما يلي:
- ممارسة المزيد من الأنشطة البدنية مثل ممارسة الرياضة واليوغا وغيرها.
- ممارسة اليقظة الذهنية كالتأمل.
- اتباع نمط حياة صحي مثل اتباع نظام غذائي متوازن.
- المشاركة في أنشطة مثل كتابة المذكرات والقراءة والزراعة وغيرها من الأنشطة المفضلة.
- قضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء.
- الاستعانة بالعلاج النفسي.
الأسئلة الشائعة
هل الصراخ علاج نفسي؟
قد يكون الصراخ مفيداً ويساعد في التعبير عن المشاعر واطلاق المشاعر المكبوتة، وقد استُخدم هذا الأسلوب كعلاج بدائي لمساعدة الأشخاص الذين عانوا من صدمات في مرحلة الطفولة، ولكنه لا يُعتبر بحد ذاته علاجاً نفسياً، بل هو أحد أساليب التعبير، ويعمل كمكمّل لاستراتيجيات العلاج النفسي.
لماذا الصراخ يخفف الألم؟
يمكن للصراخ أن يوفر راحة مؤقتة من الألم بفضل إفراز الإندورفين، وهي مواد كيميائية طبيعية تخفف الألم في الجسم. بالإضافة إلى ذلك؛ يمكن للصراخ أن يخفف التوتر جسدياً، كما تُشير بعض الأبحاث إلى أن الصراخ قد يُساعد على إغلاق "البوابات" في الدماغ التي تنقل إشارات الألم.
هل الصراخ يفرّغ الطاقة السلبية؟
يساعد الصراخ على إطلاق الطاقة السلبية بطريقة مريحة، مما يساعد في التعبير عن المشاعر المكبوتة والتخلص منها، وقد يوفّر راحة مؤقتة من التوتر والقلق. ومع أن الصراخ قد لا يكون حلاً طويل الأمد للسيطرة على التوتر، إلا أنه يُمكن أن يكون استراتيجية قصيرة المدى لتخفيف التوتر، واكتشاف حلول أخرى طويلة الأمد.
نصيحة من موقع صحتك
قد يكون العلاج بالصراخ حلاً مؤقتاً للتوتر والقلق، فهو وسيلة مفيدة في التنفيس عن الغضب والتخلص من المشاعر القوية التي ظلت كامنة لفترة طويلة، ومع ذلك يقول الأطباء إن هذا النوع من العلاج قد لا يكون حلاً صحياً على المدى الطويل، ومن المفيد دائماً استشارة الأخصائي النفسي الذي يمكنه توجيهك بشكل أفضل بشأن العلاج النفسي المناسب.