البيدوفيليا هي انجذاب جنسي مستمر للأطفال غير البالغين، وهي حالة تعتمد فيها الإثارة الجنسية للشخص وإشباعها على أشياء وأنشطة أو حتى مواقف تعتبر غير نمطية، وتعرّف البيدوفيليا بأنها تخيلات أو رغبات جنسية متكررة وشديدة تنطوي على نشاط جنسي مع طفل أو أطفال أعمارهم قبل سن البلوغ، وعادة ما يتراوح أعمارهم 13 عاماً أو أقل. وغالباً ما يكون المتحرشون بالأطفال من الرجال، وقد ينجذبوا إلى أي من الجنسين أو كليهما. ولتشخيص هذه الحالة يجب على الفرد إما أن يتصرف بناء على رغباته الجنسية وينجر خلفها، أو يواجه ضائقة كبيرة أو صعوبة في التعامل مع الآخرين نتيجة لرغباته أو تخيلاته، وبدون هذين المعيارين لا يمكن تشخيصه باضطراب التحرش بالأطفال، فقد يكون وقتها لديه رغبات جنسية للتحرش بالأطفال، وقد لا يرتبط هذا بأي اضطراب نفسي.
أعراض البيدوفيليا
وفقاً للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية لتشخيص اضطراب الاعتداء الجنسي على الأطفال يجب استيفاء المعايير التالية:
- وجود تخيلات أو رغبات أو سلوكيات جنسية متكررة وشديدة مع طفل أو طفلة قبل سن البلوغ (عادة ما يكون العمر 13 عاماً أو أقل) لمدة 6 أشهر على الأقل.
- أن تكون هذه الرغبات الجنسية تسبب حدوث ضيق أو ضعف كبير في المجالات الاجتماعية أو المهنية أو غيرها من المجالات المهمة.
- أن يكون عمر الشخص الذي يعاني من هذه الرغبات 16 عاماً على الأقل، وأن يكون أكبر بخمس سنوات على الأقل من الطفل الذي يمارس معه سلوكاً جنسياً.
بالإضافة إلى ذلك؛ ينبغي أن يحدِّد تشخيص اضطراب الاعتداء الجنسي (البيدوفيليا) على الأطفال ما إذا كان الشخص ينجذب حصرياً إلى الأطفال أم لا، ونوع الجنس الذي ينجذب إليه، وما إذا كانت الرغبات الجنسية تقتصر على أطفال عائلته. وهناك عدد من التحديات التي تواجه تشخيص الاعتداء الجنسي على الأطفال، ونادراً ما يطلب الأشخاص المصابون بهذه الحالة المساعدة طواعية، بل غالباً ما تأتي الاستشارة والعلاج نتيجة لأمر قضائي، ومن هنا يجب التنويه إلى أن هذا الاضطراب لا يعفي أبداً من العقوبة القضائية.
هل البيدوفيليا شائعة أكثر بين النساء أم الرجال؟
يُعتقد أن الاعتداء الجنسي على الأطفال ظاهرة ذكورية، ولا يوجد دلائل موثوقة لوجود هذا الاضطراب لدى النساء، ويعتبر حدوث ذلك نادراً، وقد وجدت إحدى الدراسات أن 6% إلى 24% من ضحايا الاعتداء الجنسي على الأطفال أفادوا بتعرضهم للاعتداء من قبل أنثى، ويجب الأخذ بعين الاعتبار أيضاً أن العديد من الأطفال الذين يتعرضون للاعتداء الجنسي لا يتعرضون للاعتداء من قبل أشخاص مصابين بمرض الاعتداء الجنسي على الأطفال (البيدوفيليا)، بل من قِبل أشخاص متورطين في حالات اعتداء جنسي فردية، وتندرج ما يصل إلى 50 إلى 60% من الجرائم الجنسية ضد الأطفال ضمن هذه الفئة.
كيف تشخص حالة البيدوفيليا ؟
غالباً ما يتم تشخيص اضطراب التحرش الجنسي بالأطفال بعد تحقيق جنائي، وتَستخدم السلطات المقابلات مع المتهم أو المراقبة أو سجلات الانترنت لتشخيص هذا الاضطراب، ويعد استخدام المواد الإباحية للأطفال مؤشراً مهماً على وجود اضطراب التحرش الجنسي بالأطفال. بالإضافة إلى ذلك؛ يمكن قياس مدى شدة الإثارة الجنسية في بيئة مختبرية من خلال المحفّزات الجنسية، ويَستند ذلك إلى التغير النسبي في استجابة القضيب، ويُجرى هذا القياس المختبري عادة بعد إلقاء القبض على الشخص بتهمة ارتكاب جريمة متعلقة بالتحرش الجنسي بالأطفال.
أسباب البيدوفيليا
أسباب اضطراب الاعتداء الجنسي على الأطفال غير معروفة جيداً، وتبحث النماذج الفسيولوجية في العلاقة المحتملة بين الهرمونات والسلوك، خاصة دور الهرمونات الجنسية الذكرية، وتُجرى أبحاث مبكرة لاستكشاف الأسباب العصبية المحتملة. وهناك بعض الأدلة على أن الاعتداء الجنسي على الأطفال قد يكون وراثياً على الرغم من أنه قد يكون من غير الواضح ما إذا كان هذا وراثياً أو سلوكاً مكتسباً.
وجود قصة سابقة لحدوث الاعتداء الجنسي على الأطفال عامل محتمل آخر في تطور اضطراب الاعتداء الجنسي على الأطفال على الرغم من عدم إثبات ذلك دائماً، وتشير نماذج التعلم السلوكي إلى أن الطفل الذي يكون ضحية أو أنه مراقب لسلوكيات جنسية غير لائقة، قد يصبح مستعداً لتقليد هذه السلوكيات نفسها، وقد يكون الاعتداء الجنسي على الأطفال حالة تستمر مدى الحياة، لكن اضطراب الاعتداء الجنسي على الأطفال يتضمن عناصر قد تتغير بمرور الوقت مثل: الضيق والضعف النفسي والاجتماعي وميل الشخص إلى التصرف بناء على دوافعه وميوله.
علاج اضطراب الاعتداء الجنسي على الأطفال
يشمل علاج اضطراب الاعتداء الجنسي على الأطفال العلاجات السلوكية والأدوية، ويمكن لهذه العلاجات أن تقلل الرغبة الجنسية واحتمالية التصرف بناء عليها، إلا أن حالة الاعتداء الجنسي على الأطفال غالباً ما تستمر مدى الحياة، وتشمل العلاجات إعادة هيكلة التشوهات المعرفية، والتدريب على التعاطف، وتصحيح أفكار المتحرش بالأطفال، ويتضمن التدريب على التعاطف مساعَدة الضحية على فهم الضرر الذي أصابها.
تركّز مناهج التكييف الإيجابي على تدريب المهارات الاجتماعية واتباع سلوكيات بديلة أكثر ملائمة. على سبيل المثال؛ تتضمن إعادة التأهيل إعطاء المريض ملاحظات فورية مما قد يساعده على تغيير سلوكه. وقد دحضت بعض الأبحاث الاعتقاد بأن مرتكبي الجرائم الجنسية أكثر عرضة للعودة إلى الإجرام، ففي الواقع؛ فإن معدلات العودة إلى ارتكاب الجرائم الجنسية أقل من جميع أنواع الجرائم الأخرى، فقد وجِد أن حوالي 3% فقط من مرتكبي الجرائم الجنسية يرتكبون جرائم جنسية أخرى خلال ثلاث سنوات من إطلاق سراحهم من السجن.
في حين أن العلاج قد يساعد المتحرشين بالأطفال على مقاومة تصرفاتهم وانجذابهم للأطفال، فإن الكثيرين منهم لا يطلبون المساعدة الطبية خوفاً من العواقب القانونية المترتبة على قوانين الإبلاغ الإلزامي للمهنيين المرخصين بمن فيهم المعالجين النفسيين، ويصعب الحد من الرغبة الجنسية لدى المتحرشين بالأطفال، ويمكن للمختصين المساعدة في تقليل شدة التخيلات، ومساعدة المريض على تطوير استراتيجيات للتكيف. وقد يفيد العلاج النفسي الديناميكي والتقنيات السلوكية والأساليب الدوائية، ولكن قد يكون العلاج مدى الحياة هو النهج الأكثر فائدة.
ما الأدوية الطبية المستخدَمة لعلاج البيدوفيليا؟
يمكن استخدام الأدوية بالتزامن مع العلاج النفسي لعلاج اضطراب الاعتداء الجنسي على الأطفال، وتشمل هذه الأدوية: أسيتات ميدروكسي بروجيستيرون وأسيتات ليوبروليد ومضادات الأندروجين لخفض الرغبة الجنسية، ولا ترتبط شدة الرغبة الجنسية ارتباطاً وثيقاً بسلوك الاعتداء الجنسي على الأطفال، كما أن ارتفاع مستويات هرمون التستوستيرون في الدم لا يهيئ الرجل للاعتداء الجنسي على الأطفال.
تقلل هرمونات مثل أسيتات ميدروكسي بروجستيرون وأسيتات سيبروتيرون من مستوى هرمون التستوستيرون في الدم، مما قد يقلل من الرغبة الجنسية، وبالتالي الاعتداء الجنسي، وقد تقلل هذه الهرمونات التي تُستخدَم عادة بالتزامن مع العلاجات السلوكية المعرفية من تكرار الانتصاب والتخيلات الجنسية، وبدء السلوكيات الجنسية بما في ذلك الاستمناء والجماع، كما وجِد أن مضادات الاكتئاب مثل دواء الفلوكسيتين تقلل من الرغبة الجنسية، لكنها لم تعالج التخيلات الجنسية بفعالية.
الأسئلة الشائعة
هل تعدّ البيدوفيليا اضطراباً نفسياً؟
نعم، صُنِّف اضطراب الاعتداء الجنسي على الأطفال اضطرابًا نفسيًا بموجب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية منذ عام 1968، ويعاني المصابون باضطراب الاعتداء الجنسي من ارتفاع معدل الإصابة بالقلق والاكتئاب الشديد، أو اضطرابات المزاج واضطراب تعاطي المخدرات.
ما السنّ المتوقع لبداية التحرش بالأطفال؟
يبدأ التحرش بالأطفال قبل سن البلوغ، وغالباً خلال فترة المراهقة، وفي بعض الدراسات أفادت أقلية من المشاركين أنهم تعرّفوا على هذه المشاعر قبل سن البلوغ، ففي الغالب المصاب لا يعي أن ما يفعله هو تحرش إلا بعد البلوغ.
ما معدل انتشار البيدوفيليا؟
نظراً لكثرة المصابين بالبيدوفيليا الذين يُخفون حالتهم لا يمكن تقدير معدل انتشار البيدوفيليا إلا بشكل تقديري، وتتراوح التقديرات بين 1% إلى 5% من الذكور.
نصيحة من موقع صحتك
البيدوفيليا هو اضطراب يثير لدى المصاب به ميولاً جنسية وتخيلات جنسية تجاه الأطفال دون سن ال 13 عاماً، وفي الغالب لا يطلب المصاب بهذا الاضطراب أي علاج نفسي خوفاً من العقوبة القانونية، ويتم تشخيص معظم الحالات بعد التجريم في قضايا تحرش، ولكن يجب العلم بأن أغلب حالات التحرش والاعتداء الجنسي على الأطفال تصدر من أشخاص غير مصابين بهذا الاضطراب، فإذا كنت على علم بأن شخصاً ما قد يكون مصاباً بهذا الاضطراب فيجب توجيهه ودعمه لتلقي العلاج النفسي.
جنب أطفالك التعامل مع هذا الشخص بشكل مباشر، وإذا كنت شخصاً تشك بإصابتك بهذا الاضطراب أو تعاني من أي ميول جنسية تجاه الأطفال، فلا تتردد في طلب المساعدة، وعليك أن تعلم بمدى الضرر الذي تلحق به نفسك وبالأطفال، فانظر بعين الرأفة والرحمة لهم ولضعفهم وقلة حيلتهم. ويجب العلم أن هذه الحالة لا تحميك من العقوبة القضائية، وهنا تقع عليك مسؤولية الخضوع للعلاج، ولا تخَف من العواقب القانونية، لأن تجريمك بالتحرش الجنسي للأطفال مع الأدلة والإثباتات ستكون عقوبته أشد كثيراً، فيجب عليك تدارك الوضع في بدايته، والمسارعة في الحصول على العلاج.