هدر الطعام في شهر رمضان من أكبر المشاكل التي تواجه العائلات على المستوى المالي والصحي، وحتى على مستوى ارتكاب خطيئة إهدار للنعمة. فكيف تتخلص من هذه المشكلة، وما أسبابها، ولماذا في رمضان بالتحديد؟
تتعدد أسباب هدر الطعام في شهر رمضان نظراً لبعض العادات والتقاليد التي تربط بين الصوم طوال ساعات النهار، وبين تناول أطباق كثيرة على مائدة الإفطار، وفي السحور، الأمر الذي يزيد من مشكلة هدر الطعام في شهر رمضان.
ويُعد إهدار الطعام مشكلة عالمية لا تخص المسلمين فقط في شهر رمضان، وهي ذات آثار سلبية خطيرة على المستويين الاجتماعي والبيئي.
هدر الطعام في شهر رمضان
لا يعد الصيام عبادة فقط، بل هو وسيلة للتواصل مع الذات والشعور بالآخرين وبمعاناة الفقراء، لكن للأسف؛ أصبح من المعروف في مجتمعاتنا العربية أن شهر رمضان هو شهر المقبلات والحلويات والأكلات المتعددة الكثيرة التي يذهب ثلثها أو نصفها تقريباً في حاويات القمامة أو إلى الحيوانات.
تُشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن حوالي ثلث الغذاء المنتَج عالميًا يُفقَد أو يُهدَر سنويًا، أي ما يعادل 1.3 مليار طن من الغذاء، بقيمة تقارب تريليون دولار أمريكي. في المقابل، يعاني ما يزيد عن 800 مليون إنسان حول العالم من الجوع وسوء التغذية.
ويزيد إهدار الطعام الوضع سوءًا، إذ يَسحب الموارد الغذائية من الأشخاص الأكثر احتياجًا. ولا يقتصر تأثير هدر الغذاء على فقدان الطعام فحسب، بل يتعداه إلى المساهمة بنسبة 8% من انبعاثات الغازات الدفيئة عالميًا، وإلى استنزاف المياه والموارد الطبيعية الضرورية لإنتاجه.
آثار هدر الطعام في شهر رمضان
يتعدى موضوع هدر الطعام في شهر رمضان، أو هدر الطعام بالعموم، لأبعاد أكثر خطورة مثلًا:
- استنزاف الموارد الطبيعية، سواء الماء أو التربة أو الطاقة لإنتاج الطعام الذي يتم إهداره.
- فقدان التنوع البيولوجي نتيجة تدمير الغابات، وانقراض بعض الحيوانات والنباتات.
- إنتاج الطعام يستهلك الكثير من المبيدات الحشرية والمواد الكيمياوية.
- يزيد تلوث المياه والتربة بسبب تراكم النفايات وتسرب المواد الكيمياوية.
- تحلل الطعام يسبب انبعاث غاز الميثان الذي يسبب تغير المناخ.
- يزيد هدر الطعام من فجوة عدم المساواة بين البشر.
- هدر الطعام يسبب تفاقم الجوع في العالم.
- كما يزيد من معدلات الفقر بين البشر.
ماذا يقول الإسلام عن هدر الطعام؟
في الإسلام، يُحرّم هدر الطعام. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "ولا تُسرفوا إن الله لا يُحب المُسرفين" (الأعراف، 7:31). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه» (سنن ابن ماجه)، وحث المؤمنين على تجنب الإفطار بما لا طاقة لهم به. لذا، يجب علينا أن ندرك حجم الطعام الذي نهدره، خاصة في هذا الشهر الكريم، شهر الشكر والتأمل.
كما جاء في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) هذا الحديث النبوي الشريف يحثّ على التكافل الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء، ومن هذا المنطلق، يجب على الميسورين تقديم العون لإخوانهم المحتاجين، وتوفير وجبات الإفطار والسحور لهم.
هدر الطعام في شهر رمضان كيف يمكننا تجنبه؟
بعد الانتهاء من وجبة الإفطار، إذا بقي لديك كمية من الطعام تفوق حاجتك، يمكنك الاستفادة منها بطرق متعددة ومبتكرة.
-
التخطيط للوجبات
يمنحنا التخطيط للوجبات فرصة لاختيار مكونات صحية ومتنوعة، وضمان حصولنا على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم. كما يمكننا تضمين مجموعة متنوعة من الخضراوات والفواكه والبروتينات والحبوب الكاملة في وجباتنا، مما يعزز صحتنا العامة. ويساعدنا أيضاً في التحكم بحجم الحصص الغذائية المتناوَلة، مما يساعد في الحفاظ على وزن صحي. ونقلل بالتخطيط من شراء الأطعمة غير الصحية التي قد تبدو جذابة في لحظة الجوع.
-
التسوق بحكمة
عند التسوق، من المهم أن نتسوق بذكاء يمكّننا تجنب الشراء الاندفاعي بالالتزام بقائمة مشترياتنا وشراء ما نحتاجه فقط.
-
تخزين الطعام بشكل صحيح
يُعتبر التخزين الصحيح للطعام أمرًا حيويًا لتقليل الفاقد منه، فمن خلال حفظ المواد الغذائية في عبوات محكمة الإغلاق، وفصل الفواكه عن الخضراوات، يمكننا إطالة عمرها الافتراضي ومنع تلفها، وهذا الإجراء يساهم في توفير المال وتقليل كمية الطعام المهدورة.
-
تقديم أجزاء أصغر
قد يميل البعض في شهر رمضان إلى الإكثار من الطعام، مما يؤدي إلى هدره. يمكننا تقليل هذه المشكلة عن طريق تقديم وجبات أصغر واستخدام أطباق وأوعية أصغر، وهذا مفيد أيضًا لصحتنا.
-
استخدم بقايا الطعام بطريقة إبداعية
يمكننا إطلاق العنان لإبداعنا وتحويل بقايا الطعام إلى أطباق شهية جديدة. على سبيل المثال، يمكننا استخدام بقايا الأرز لحشو الدجاج مثلاً. هذه الطريقة لا تقلل فقط من هدر الطعام، بل تضفي أيضًا تنوعًا رائعًا على مائدتنا. وبدلاً من التخلص من بقايا الطعام، يمكن تحويلها إلى وجبة إفطار شهية في اليوم التالي. يمكن استخدامها كمقبلات أو طبق جانبي، أو إضافتها إلى الكاري، أو الفطائر، أو الطواجن. ولتغيير برنامج السحور، يمكن دمج بقايا الخضار والخبز مع البيض لعمل شَكشوكَة لذيذة.
-
التبرع بالطعام الزائد
في نهاية المطاف، التبرع بما يفيض عن حاجتنا من طعام يُشكل وسيلةً قيّمةً للتخلص من فائض الطعام بشكل مسؤول، وتقديم يد العون للمحتاجين. إنه عمل يُمكننا من خلاله أن نترك بصمةً إيجابيةً في مجتمعاتنا، وأن نُساند من هم في أمس الحاجة. ويمكنك مشاركته مع الأصدقاء والعائلة، أو تقديمه للجيران كعمل خيري، أو التبرع به لمأوى للمشردين، أو استخدم تطبيقات مشاركة الطعام لإيصال الطعام الزائد إلى شخص قريب محتاج.
7- تجميد بقايا الطعام ليوم آخر
يمكنكِ أيضًا تجميد ما تبقى من الطعام لتناول وجبة سريعة في يوم آخر، أو لتخفيف عبء الطهو بعد رمضان، فالتجميد يحافظ على جودة معظم الأطعمة، ويمكنك تحضير وجبات منزلية شهية ومجهزة مسبقًا عن طريق تجميد الأطباق الكاملة. ولتحضير وصفات أخرى، جمّدي الخضراوات واللحوم المشوية في أكياس تجميد قابلة لإعادة الاستخدام، ولا تنسي تجميد الخبز، لتستمتعي به في وجبات الغداء بعد رمضان أو لتقديمه كمقبلات مميزة في العشاء.
إذا قمتِ بطهو كمية كبيرة من الأرز، يمكنكِ تجميدها بسهولة. لكن تذكري، لا يمكن إعادة تسخين الأرز واللحم المجمد إلا مرة واحدة فقط.