صحــــتك

هل يوجد فعلاً فحص دم لتشخيص ارتجاج المخ ؟

إعداد وتحرير
تدقيق طبي
هل يوجد فعلاً فحص دم لتشخيص ارتجاج المخ ؟

ارتجاج المخ (Concussion) هو نوع من إصابات الدماغ الرضية الخفيفة (Mild Traumatic Brain Injury - mTBI) التي تحدث نتيجة تلقي ضربة أو صدمة على الرأس، مما يؤدي إلى اضطراب مؤقت في وظائف الدماغ. قد يصاحب ذلك فقدان وعي قصير، وتشوش ذهني، أو مشاكل في التوازن والذاكرة. في السنوات الأخيرة، انتشرت أخبار حول وجود فحص دم لتشخيص ارتجاج المخ بدقة وسهولة، مما أثار تساؤلات حول مدى صحة هذه الادعاءات، فهل يمكن فعلاً تشخيص ارتجاج المخ من خلال تحليل بسيط للدم؟

كيف يعمل فحص الدم للكشف عن إصابات الدماغ؟

تعتمد الفحوصات الدموية المستخدمة في تقييم إصابات الدماغ على قياس مستويات بعض المواد، مثل البروتينات والإنزيمات التي يفرزها الدماغ عند تعرضه لإصابة. عند حدوث ضرر دماغي، تتسرب هذه المواد من خلايا الدماغ المتضررة إلى مجرى الدم، مما قد يشير إلى وجود تلف داخلي يمكن كشفه من خلال التصوير المقطعي المحوسب (CT scan - Computed Tomography) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI - Magnetic Resonance Imaging).

إذا كانت مستويات هذه المواد منخفضة، يمكن الاستنتاج بأن الدماغ لم يتعرض لإصابة خطيرة تستدعي التصوير، مما يساعد على تجنب الفحوصات غير الضرورية وتقليل التعرض للإشعاع المرتبط بالتصوير المقطعي. ومع ذلك، فإن فحص الدم هذا ليس مصمماً لتشخيص ارتجاج المخ، بل لتحديد ما إذا كان هناك تلف دماغي أعمق يستدعي مزيدًا من الفحوصات.

متى يتم استخدام فحص الدم في حالات إصابات الرأس؟

عند تعرض شخص لإصابة في الرأس، يتم تقييم حالته في قسم الطوارئ لتحديد ما إذا كان بحاجة إلى رعاية طبية متقدمة. في حالات الإصابات الدماغية المتوسطة أو الشديدة (Moderate to Severe Traumatic Brain Injury - TBI)، يكون القرار واضحًا بضرورة إجراء التصوير الطبي، لكن عندما يعاني الشخص من أعراض ارتجاج المخ دون وجود علامات واضحة على إصابة خطيرة، يصبح القرار أكثر تعقيدًا.

في معظم الحالات، لا تَظهر أي تشوهات على الأشعة المقطعية للأشخاص الذين يعانون من ارتجاج المخ، مما يجعل التصوير غير ضروري في كثير من الأحيان. وهنا يأتي دور فحص دم لتشخيص ارتجاج المخ إذ يمكنه المساعدة في تحديد الإصابة التي تحتاج إلى التصوير الطبي أم لا. تشير بعض الدراسات إلى أن استخدام هذا الفحص قد يقلل الحاجة إلى التصوير المقطعي بنسبة تصل إلى 30%.

هل يوجد فحص دم لتشخيص ارتجاج المخ يؤكد وجوده؟

حتى الآن، لا يوجد فحص دم لتشخيص ارتجاج المخ بشكل مباشر، والفحوصات الدموية المتاحة حالياً تساعد فقط في الكشف عن الإصابات الأكثر خطورة، مثل النزيف الدماغي أو التلف العصبي الشديد، لكنها ليست دقيقة بما يكفي لاكتشاف الارتجاج بحد ذاته.

إذا تم استخدام هذه الفحوصات لهذا الغرض، فقد تؤدي إلى نتائج سالبة خاطئة (False Negatives)، أي أن الفحص قد يشير إلى عدم وجود إصابة بينما يعاني الشخص في الواقع من ارتجاج في المخ. لذلك، لا يمكن الاعتماد على فحوصات الدم كبديل عن التقييم الطبي السريري الدقيق.

كيف يتم تشخيص ارتجاج المخ؟

يعتمد تشخيص ارتجاج المخ على التقييم الذي يجريه الطبيب، والذي يشمل:

  • أخذ التاريخ المرضي: يسأل الطبيب عن طبيعة الإصابة، والأعراض التي تبعت الضربة، وما إذا كان المريض قد فقد وعيه أو عانى من تشوش ذهني.
  • الفحص العصبي: يتم تقييم التوازن، والتناسق الحركي، والذاكرة، وحدّة الإدراك.
  • اختبارات معرفية: تشمل تقييم التركيز، وسرعة المعالجة الذهنية، والقدرة على استرجاع المعلومات.
  • متابعة الأعراض: في بعض الحالات، يُطلب من المريض العودة من أجل فحصه بعد بضعة أيام لتقييم استمرار الأعراض أو تطورها.

لماذا لا يمكن للاختبارات الدموية تشخيص الارتجاج حتى الآن؟

السبب الرئيسي لعدم وجود فحص دم لتشخيص ارتجاج المخ هو أن هذا النوع من الإصابات لا يؤدي عادة إلى تلف مهم في أنسجة الدماغ، أو لتسرب كبير للبروتينات من خلايا الدماغ إلى مجرى الدم. في معظم حالات الارتجاج، يكون الخلل وظيفيًا وليس هيكليًا، أي أن الدماغ يتعرض لاضطراب مؤقت في نشاطه الكهربائي والكيميائي دون حدوث تلف دائم في الخلايا العصبية.

لذلك، حتى مع وجود فحوصات متطورة تقيس المؤشرات الحيوية المرتبطة بإصابات الدماغ، فإنها ما تزال غير قادرة على التمييز الدقيق بين الارتجاج الخفيف والإصابات الدماغية الأكثر خطورة.

الأعراض المرتبطة بارتجاج المخ

حتى لو لم يُظهر فحص الدم أو التصوير الطبي أي علامات تلف دماغي، فإن الشخص قد يعاني من أعراض ارتجاج المخ، والتي تشمل:

  • الصداع.
  • الغثيان أو القيء.
  • الدوخة وفقدان التوازن.
  • مشاكل في الذاكرة أو التركيز.
  • تغيرات مزاجية مثل التهيّج أو الاكتئاب.

هذه الأعراض قد تستمر لبضعة أيام أو أسابيع، وفي بعض الحالات، قد تستمر لفترة أطول فيما يعرف بمتلازمة ما بعد الارتجاج (Post-Concussion Syndrome - PCS).

هل يمكن أن يصبح فحص الدم أداة موثوقة في المستقبل؟

يعمل الباحثون على تطوير فحوصات دموية أكثر دقة يمكنها الكشف عن المؤشرات الحيوية المرتبطة بالارتجاجات الخفيفة. بعض الدراسات واعدة، لكن هذه الفحوصات ما تزال في مراحل التطوير، ولم تُعتمد بعد كأداة تشخيصية روتينية.

في المستقبل، قد يتم التوصل إلى فحص دم لتشخيص ارتجاج المخ بشكل مباشر، مما يسهل على الأطباء اتخاذ قرارات دقيقة بشأن العلاج والمتابعة. وحتى ذلك الحين، يظل التقييم السريري هو الأساس في تشخيص هذه الحالات.

 

نهايةً، على الرغم من التقدم في مجال الفحوصات الطبية، لا يوجد حاليًا فحص دم لتشخيص ارتجاج المخ بدقة تامة. الفحوصات الدموية المتاحة يمكن أن تساعد في الكشف عن الإصابات الدماغية الأكثر خطورة، لكنها ليست بديلاً عن الفحص الطبي السريري. لذا، إذا تعرضت لإصابة في الرأس وظهرت عليك أعراض مثل الصداع والدوخة، أو فقدان التركيز، فمن الأفضل استشارة طبيب لتقييم حالتك بدقة واتخاذ الخطوات العلاجية المناسبة.

آخر تعديل بتاريخ
20 فبراير 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.