في عالم يسعى فيه الناس إلى بدائل طبيعية للأدوية الكيميائية، يبرز زيت الزيتون بدلًا من مسكنات الألم كخيار واعد، فقد أظهرت دراسات حديثة أن مركّبات محددة في زيت الزيتون البكر الممتاز (Extra Virgin Olive Oil) قد تكون فعالة في تقليل الالتهاب وتخفيف الألم، بطريقة مشابهة لعقار الإيبوبروفين (Ibuprofen).
ما الذي تقوله الأبحاث؟
على الرغم من أن الدراسات البشرية المباشرة ما تزال محدودة، فإن مجموعة متزايدة من الأبحاث المختبرية والدراسات ما قبل السريرية أظهرت أن مركَّبين موجودَين في زيت الزيتون البكر الممتاز، وهما الأوليوكانثال (Oleocanthal) والأولوريسين (Oleoresin)، يعملان على تثبيط نفس الإنزيمات التي يستهدفها الإيبوبروفين لتقليل الالتهاب والألم.
وفقًا للخبراء في مستشفى الجراحة الخاصة بنيويورك، فإن استخدام زيت الزيتون بدلًا من مسكنات الألم قد يعمل بآليات متعددة تشمل التثبيط المباشر لمسارات الالتهاب والألم، وكذلك تقليل الالتهاب العام (Systemic Inflammation) والإجهاد التأكسدي (Oxidative Stress) في الجسم.
وقد بينت الدراسات أن الأوليوكانثال والأولوريسين يؤثّران على الجسم بطريقة تحاكي الإحساس الناتج عن تناول الإيبوبروفين، مما يعطي استخدام زيت الزيتون بدلًا من مسكنات الألم قوة محتملة لتسكين الآلام المزمنة.
هل توجَد هذه المركّبات فقط في زيت الزيتون؟
ما زال العلماء يبحثون في أفضل الطرق للحصول على فوائد مركّبات الأوليوكانثال والأولوريسين. في دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة International Journal of Molecular Sciences، طُرح تساؤل حول إمكانية استخراج هذه المركّبات من نباتات أخرى، مثل شجيرة دائمة الخضرة تُعرف باسم Ligustrum vulgare.
ومع ذلك، يؤكد الخبراء في جامعة روتجرز، على أن زيت الزيتون كغذاء متكامل يوفّر فوائد علاجية قد لا تتحقق عند استهلاك هذه المركّبات كمكملات غذائية منفصلة. وتشير إلى أن التآزر (Synergistic Effect) بين مكونات زيت الزيتون المختلفة هو ما يعطيه هذه القوة العلاجية.
هل يمكن الاعتماد على زيت الزيتون بدلًا من مسكنات الألم فعلًا؟
من المهم أن نوضح أن استخدام زيت الزيتون بدلًا من مسكنات الألم لا يعني التخلي عن الأدوية تمامًا، فمقارنة تأثير زيت الزيتون بالإيبوبروفين له حدود، خاصة وأن الأوليوكانثال يوجد بكميات قليلة فقط في زيت الزيتون العالي الجودة، الطازج والمعصور على البارد، الذي تم تخزينه بطريقة صحيحة.
بكلمات أخرى، استخدام زيت الزيتون بدلًا من مسكنات الألم قد يكون مفيدًا كجزء من نمط حياة صحي، لكنه لا يجب أن يكون بديلاً عن الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب.
كيف يمكن استخدام زيت الزيتون لتخفيف الألم؟
ينصح الخبراء بتناول ما بين 2 إلى 4 ملاعق طعام يوميًا من زيت الزيتون البكر الممتاز، للمساعدة في تقليل الالتهاب المزمن المنخفض الدرجة (Low-Level Chronic Inflammation)، مما قد يؤدي إلى تحسّن تدريجي في مستويات الألم بمرور الوقت.
وتضيف بعض الدراسات أن التطبيق الموضعي لزيت الزيتون قد يكون مفيدًا في حالات مثل التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid Arthritis)، لكن الأدلة على فعالية هذا الأسلوب ما تزال غير كافية حتى الآن.
فوائد أخرى لزيت الزيتون
بعيدًا عن استخدام زيت الزيتون بدلًا من مسكنات الألم، تشير جونسون إلى أن الزيت غني بالدهون الأحادية غير المشبعة (Monounsaturated Fats)، مما يجعله مفيدًا لصحة القلب، فهو يساعد على خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL)، وتحسين وظيفة الأوعية الدموية، وتقليل ضغط الدم، وخفض خطر الإصابة بالجلطات الدموية، وجميعها من العوامل المهمة في الوقاية من أمراض القلب (Cardiovascular Disease).
نهايةً، رغم أن الدراسات حول فعالية زيت الزيتون بدلًا من مسكنات الألم ما تزال في بداياتها، فإن الأدلة الأولية تبشّر بخير. من خلال مركباته الطبيعية مثل الأوليوكانثال، قد يقدّم زيت الزيتون وسيلة داعمة لتخفيف الألم والالتهاب بطريقة آمنة. ومع ذلك، من الضروري التعامل مع هذه الفوائد كجزء من نمط حياة صحي، وليس كبديل مباشر للأدوية. فدمج زيت الزيتون بدلًا من مسكنات الألم في نظامك الغذائي اليومي قد يحمل فوائد عديدة، لكن استشر طبيبك دائمًا قبل تغيير خطتك العلاجية.