يرى كثير من الخبراء أن وزن الجسم أمر معقد يتأثر بالوراثة والبيئة والسلوك، وليس مجرد مسألة قوة الإرادة في تناول الطعام، إذ يعاني ملايين الأشخاص من زيادة الوزن حول العالم، وهو ما يتطلب فهماً أوسع لما يمر به هؤلاء. والسؤال المطروح هنا: هل يمكن أن يملك المرء صحة جيدة مع زيادة الوزن وكيف ذلك؟ لنتعرف على الإجابة فيما يلي.
امتلاك صحة جيدة مع زيادة الوزن ممكن ولكن بحذر
لا تعني زيادة الوزن أن الشخص بالضرورة غير صحي، ولكن تزيد السمنة من خطر الإصابة بمشاكل صحية خطيرة مثل داء السكري وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان، علماً أن بعض هذه الحالات لا تظهر أعراضها حتى تصبح الحالة خطيرة للغاية. والمعنى هنا أن زيادة الوزن لا تعني أن الشخص لا يملك صحة جيدة الآن، ولكن فرصة أن يتغير ذلك أكبر ممن لا يعانون من زيادة الوزن.
ما هو الوزن الصحي؟
لنعرف فيما إذا كان من الممكن أن نمتلك صحة جيدة مع زيادة الوزن علينا أولاً أن نحدد ما هو الوزن الصحي أو المثالي، وقد يكون من الصعب الإجابة عن هذا السؤال. إحدى أدوات الفحص الشائعة لوزن الجسم هي مؤشر كتلة الجسم، الذي يقيّم وزن بالنسبة إلى طوله، ولكن مؤشر كتلة الجسم لا يبين كل التفاصيل عن صحة الشخص، فمن الأفضل عدم استخدامه للتشخيص الفردي.
قد تختلف فئات مؤشر كتلة الجسم أيضًا بناءً على العِرق، فمثلاً، يُظهر الأشخاص من جنوب آسيا أو الصينيين أو العرب مخاطر للإصابة بداء السكري من النوع الثاني عند مستوى أقل من مؤشر كتلة الجسم مقارنة بالأشخاص ذوي البشرة البيضاء. لتأكيد ما إذا كان شخص ما يعاني من الدهون الزائدة، قد تعطي قياسات أخرى مثل حجم الخصر أو نسبة الخصر إلى الورك صورة أوضح. فيما يلي الحدود القياسية لمؤشر كتلة الجسم، ومع ذلك، يجب عليك التحدث عن مؤشر كتلة الجسم والقياسات والمؤشرات الصحية الأخرى مع طبيبك لفهم كيفية تأثير وزنك على صحتك بشكل كامل.
- أقل من 18.5 يعتبر نقصاً في الوزن، وهو ما قد يكون خطيراً أيضاً، إذ يحتاج الجسم إلى بعض الدهون.
- يتراوح نطاق مؤشر كتلة الجسم الطبيعي بين 18.5 و24.9.
- أما مؤشر كتلة الجسم من 25 إلى 29.9 فيعتبر وزنًا زائدًا.
- مؤشر كتلة الجسم الذي يتراوح بين 30 و35 يصنف على أنه سمنة من الدرجة الأولى.
- مؤشر كتلة الجسم الذي يتراوح بين 35 و39.9 هو سمنة من الدرجة الثانية.
- مؤشر كتلة الجسم 40 وما فوق هو سمنة من الدرجة الثالثة.
هل يمكن التعامل مع الحالات المرتبطة بالسمنة دون فقدان الوزن؟
إذا كان امتلاك صحة جيدة مع زيادة الوزن ممكناً إلى حد ما، فهل هذا يعني أنه يمكن التعامل مع الحالات الصحية المرتبطة بالوزن دون خسارة الوزن؟ من الممكن معالجة بعض الحالات المرتبطة بالوزن الزائد في الوقت الحالي، فعلى سبيل المثال، يمكن علاج انقطاع التنفس أثناء النوم الذي قد يكون سببه زيادة الوزن بنجاح، فغالبًا ما يوصف للمرضى جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر أثناء النوم.
قد تستجيب الحالات الأخرى المرتبطة بالوزن مثل داء السكري وارتفاع ضغط الدم للأدوية وتغيير نمط الحياة، بما في ذلك الحصول على نوم أفضل وممارسة المزيد من التمارين الرياضية، ولكن بالرغم من كل هذا، فمن المرجح أن يكون إنقاص الوزن من أهم توصيات الأطباء للأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن ويعانون من هذه الحالات.
قد يتطلب الوصول إلى وزن صحي برنامجًا لإنقاص الوزن يتضمن تغييرات سلوكية، والمهم هنا التأكيد على أن تحقيق أهداف صغيرة لإنقاص الوزن قد يحسن الصحة العامة بشكل كبير، ويمكن لخسارة صغيرة تتراوح بين 5% و10% من إجمالي وزن الجسم أن تُحدث فرقاً مهماً في الصحة.
التركيز على السلوك وليس الوزن
بينما يجب أن يسعى الجميع إلى أن يكون مؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر في النطاق الصحي، فإن الصحة الجيدة لا تُعرّف فقط من خلال هذه الأرقام، ويتعلق الأمر أيضًا بنظامك الغذائي بشكل عام، ومقدار النوم الذي تحصل عليه وجودة هذا النوم، والضغط النفسي في حياتك، ومقدار التمارين التي تمارسها وأنواعها، وعواملك الوراثية، وبيئتك، والأدوية التي تتناولها.
على سبيل المثال، غالبًا ما يكون وزن الأشخاص الذين لا ينامون جيدًا أكثر من الأشخاص الذين ينامون جيدًا، وقد أظهرت الدراسات أن قلة النوم قد تجعل الشخص أكثر جوعًا، ولهذا يفضل التركيز على السلوكيات الإيجابية، وهي السلوكيات اليومية التي قد تعزز الصحة الجيدة وتساهم في الوقت نفسه في إنقاص الوزن، ومنها مثلاً الحرص على النوم من 7 إلى 9 ساعات كل ليلة، وممارسة أي نشاط بدني تستمتع به، والإقلاع عن التدخين، والسيطرة على التوتر، والحرص على الطعام الصحي المتوازن مع التركيز على الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة ومصادر البروتينات الخالية من الدهون. كل هذه السلوكيات تسهم في الحفاظ على الصحة بشكل عام، وتسهم في الوقت ذاته على خفض الوزن.
الأسئلة الشائعة
هل امتلاك صحة جيدة مع زيادة الوزن ممكن؟
نعم، هذا ممكن، فالوزن وحده لا يحدد الصحة، وتلعب العديد من العوامل، مثل الجينات الوراثية والنوم والإجهاد والنشاط البدني، دورًا في ذلك. مع أن الوزن ليس بالضرورة مقياساً للصحة، فقد يزيد من خطر الإصابة بأمراض مثل أمراض القلب والسكري، فالتركيز على العادات الصحية مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والنوم الجيد والتحكم في التوتر غالباً ما يكون أكثر أهمية من الرقم على الميزان.
ما أفضل طريقة لمعرفة ما إذا كان وزني صحيًا؟
مؤشر كتلة الجسم أداة شائعة في ذلك، ولكنها لا تقدم تفاصيل عن صحة المرء، بينما يقدم حجم الخصر ونسبة الخصر إلى الورك ونمط الحياة العام صورة أوضح عن الصحة. على سبيل المثال، ترتبط دهون البطن الزائدة بمخاطر صحية أكثر من الدهون في المناطق الأخرى، ولهذا لا بد من استشارة طبيب للحصول على تقييم كامل.
نصيحة من موقع صحتك
بيّنا هنا أن امتلاك صحة جيدة مع زيادة الوزن ممكن، وذلك لأن الصحة لا تقاس بمعيار واحد يمكن تطبيقه على الجميع، ولكن لا يعني هذا عدم الاهتمام بالوزن، فهو قد يزيد احتمال الإصابة بأمراض خطيرة، ولكن العبرة هنا هي عدم التركيز على وزن الجسم وحده كرقم وربط هذا الرقم بالصحة، ولهذا يجب التركيز على السلوكيات الإيجابية الثابتة مثل النوم الجيد والنشاط البدني اليومي والتحكم في التوتر وحتى الاستمتاع بتناول الطعام باعتدال. تذكر أن التعديلات الصغيرة قد تؤدي إلى تحسينات كبيرة بمرور الوقت، واسعَ إلى التقدم والاستدامة في رحلتك الصحية حتى لو بخطوات صغيرة.