في السنوات الأخيرة، ذاع صيت مشروبات الكولاجين (Collagen Drinks) والمكملات الغذائية التي تحتوي على الكولاجين، خاصة بعدما روّج لها عدد كبير من المشاهير والمؤثّرين بوصفها مفتاحًا سحريًا لنضارة البشرة، وصحة الشعر، وقوة الأظافر، وتعددت الادعاءات حول فوائدها، مما جعل كثيرين يتساءلون: هل يمكننا فعلًا الاستفادة من مشروبات الكولاجين؟ في هذا المقال، سنستعرض ماهية الكولاجين، وكيف يعمل داخل الجسم، ومدى فاعلية مشروبات الكولاجين، وماذا يقول العلم بشأنها.
ما هو الكولاجين؟
الكولاجين (Collagen) من أهم البروتينات الهيكلية الموجودة في أجسامنا. يوجد الكولاجين في الجلد (Skin)، والشعر (Hair)، والأظافر (Nails)، بالإضافة إلى أوتار العضلات (Tendons)، والغضاريف (Cartilage)، والعظام (Bones).
يعمل الكولاجين مع مكونات أخرى مثل حمض الهيالورونيك (Hyaluronic Acid) والإيلاستين (Elastin) للحفاظ على مرونة الجلد، ورطوبته، كما يساهم أيضًا في تكوين بروتين الكيراتين (Keratin) الذي يدخل في بُنية الجلد والشعر والأظافر.
يُنتج الجسم الكولاجين طبيعيًا باستخدام الأحماض الأمينية (Amino Acids) المستخلَصة من الأطعمة الغنية بالبروتينات، مثل مرق العظام (Bone Broth)، واللحوم (Meat)، والأسماك (Fish). لكن مع التقدم في العمر، وتعرض الجسم لأضرار أشعة الشمس، والتدخين (Smoking)، وتناول الكحوليات (Alcohol Consumption)، ينخفض إنتاج الكولاجين تدريجيًا.
مِمّ تتكون مشروبات الكولاجين؟
قبل الإجابة عن سؤال هل يمكننا فعلًا الاستفادة من مشروبات الكولاجين؟ علينا أن نتعرف على محتوياته. تحتوي مشروبات الكولاجين على الكولاجين المستخلَص من مصادر متنوعة مثل الأسماك والأبقار والخنازير والدجاج. وغالبًا ما تقدِّم هذه المنتجات الكولاجين على شكل بيبتيدات (Peptides)، وهي سلاسل قصيرة من الأحماض الأمينية تساعد في تكوين البروتينات داخل الجسم.
بالإضافة إلى الكولاجين، قد تحتوي مشروبات الكولاجين أيضًا على مكونات أخرى مفيدة مثل الفيتامينات (Vitamins)، والمعادن (Minerals)، ومضادات الأكسدة (Antioxidants)، ومساعد الإنزيم كيو 10 (Coenzyme Q10)، وحمض الهيالورونيك.
هل يمكننا فعلًا الاستفادة من مشروبات الكولاجين؟
عند الحديث عن هل يمكننا فعلًا الاستفادة من مشروبات الكولاجين؟ يجب العودة إلى الدراسات العلمية:
-
أظهرت مراجعة وتحليل لـ19 دراسة شملت 1125 مشارِكًا نُشرت في المجلة الدولية للأمراض الجلدية (International Journal of Dermatology) أن تناول مكملات الكولاجين قد أدى إلى تحسين مرونة الجلد، وامتلائه، وزيادة محتوى الرطوبة فيه، مع ملاحظة تراجع بسيط في ظهور التجاعيد.
ومع ذلك، من المهم التنويه أن معظم هذه الدراسات استخدَمت مكملات تحتوي على أكثر من مجرد كولاجين، مثل الفيتامينات والمعادن، مما يجعل من الصعب تحديد الفائدة الدقيقة للكولاجين وحده. -
هناك دراسات قليلة أخرى محكّمة أظهرت أن تناول مشروبات كولاجين غنية ببيبتيدات محدَّدة مثل برولايليهيدروكسي برولين (Prolylhydroxyproline) وهيدروكسي برولايلايلايسين (Hydroxyprolylglycine) قد يساهم في تحسين رطوبة البشرة ومرونتها وتقليل التجاعيد وتقليل خشونة الجلد.
رغم هذه النتائج الواعدة، لا تزال هناك حاجة ماسّة لدراسات أوسع وأعلى جودة للإجابة عن سؤال هل يمكننا فعلًا الاستفادة من مشروبات الكولاجين؟ قبل التأكيد على مدى فاعلية وسلامة استخدام مشروبات الكولاجين على المدى الطويل.
ماذا عن تأثير الكولاجين على الشعر والأظافر؟
الدلائل العلمية على تأثيراته من ناحية الشعر والأظافر أقل وضوحًا:
-
أظهرت دراسة صغيرة أجريت عام 2017 على 25 شخصًا يعانون من هشاشة الأظافر أن تناول 2.5 جرام من الكولاجين يوميًا لمدة 24 أسبوعًا أدى إلى تحسن في قوة ونمو الأظافر، لكن يجب ملاحظة أن هذه الدراسة لم تتضمن مجموعة مقارَنة تناولت دواءً وهميًا (Placebo)، مما يضعف من مصداقية النتائج.
-
حتى الآن، لا توجد دراسات بشرية تثبت أن مكملات الكولاجين أو مشروبات الكولاجين تحسن نمو الشعر أو لمعانه أو كثافته أو حجمه. لذلك، في الوقت الحالي، لا يوجد دليل طبي قوي لدعم المزاعم التسويقية المتعلقة بفوائد مشروبات الكولاجين للشعر.
هل يمتص الجسم الكولاجين من المشروبات؟
إحدى النقاط المهمة التي يجب فهمها هي أن الجسم لا يستطيع امتصاص الكولاجين بشكله الكامل.
ولكي يتم امتصاصه من الأمعاء إلى مجرى الدم، يجب تكسير الكولاجين إلى بيبتيدات صغيرة، وهذه البيبتيدات قد يتم تكسيرها أكثر لتكوين اللبنات الأساسية للبروتينات مثل الكيراتين، أو لإعادة بناء الكولاجين في مناطق مختلفة من الجسم مثل الغضاريف والعظام والعضلات والأوتار. حتى الآن، لم تثبت الدراسات بوضوح أن الكولاجين الذي يتم تناوله عبر مشروبات الكولاجين يصل بالفعل إلى الجلد أو الشعر أو الأظافر.
نصائح قبل تجربة مشروبات الكولاجين
إذا كنت تفكر في تجربة مشروبات الكولاجين، من الأفضل الانتباه إلى بعض النقاط:
-
راجع قائمة المكونات وتأكد من أنها لا تحتوي على إضافات صناعية أو مواد مالئة غير ضرورية.
-
اختر المنتجات التي تحتوي على تركيزات عالية من البيبتيدات الفعالة مثل برولايل هيدروكسي برولين وهيدروكسي برولايل غلايسين، فقد أظهرت بعض الدراسات أنها قد تكون أكثر فاعلية.
-
استشر طبيبا أو اختصاصي جلدية قبل البدء بتناول أي مكملات جديدة، خاصة إذا كنت تعاني من أمراض مثل النقرس (Gout) أو أي حالة طبية أخرى تتطلب تقليل تناول البروتينات.
كيف تحافظ على شباب بشرتك وشعرك بطريقة طبيعية؟
بدلًا من الاعتماد فقط على مشروبات الكولاجين، ينصح الأطباء بالتركيز على طرق مجربة ومثبتة علميًا للحفاظ على صحة البشرة والشعر:
-
استخدام واقي الشمس (Sunscreen) بشكل يومي مع إعادة التطبيق كل ساعتين.
-
التوقف عن التدخين والحد من استهلاك الكحوليات.
-
تناول غذاء صحيا ومتوازنا غنيا بالبروتينات، والفيتامينات، ومضادات الأكسدة.
-
استخدام الرتينويدات الموضعية (Topical Retinoids) لتحسين نسيج البشرة وتقليل التجاعيد.
-
ارتداء قبعات واسعة الحواف وملابس واقية من الشمس عند التعرض المباشر لأشعة الشمس.
في ضوء المعطيات العلمية الحالية، لا توجد أدلة كافية تثبت أن مشروبات الكولاجين تحقّق بالفعل النتائج الموعودة مثل تحسين صحة الجلد أو تعزيز نمو الشعر والأظافر بشكل كبير. ومع أن بعض الدراسات الصغيرة أظهرت تحسّنًا طفيفًا في بعض خصائص البشرة عند تناول مشروبات الكولاجين، فإن هناك حاجة لدراسات أكبر وأطول أمدًا لتأكيد هذه الفوائد. لذلك، إذا كنت تفكر بالاستفادة من مشروبات الكولاجين، استشر طبيبك أولًا، وركّز أيضًا على اتباع أسلوب حياة صحي يشمل التغذية السليمة والحماية من العوامل البيئية الضارة. وفي نهاية المطاف، تبقى الوقاية والعناية الطبيعية بالبشرة والشعر هي الأساس الحقيقي للحفاظ على الجمال والشباب.