صحــــتك

هل نوم القيلولة واضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني؟

هل نوم القيلولة و اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني ؟
هل نوم القيلولة و اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني ؟

يُعد النوم من أهم العوامل المؤثرة على صحة الإنسان العامة، إلا أن نوعية النوم ومدته – سواء ليلاً أو أثناء القيلولة – قد تلعب دورًا أكبر مما نتصور في تطور بعض المشكلات الطبية الخطيرة، مثل الرجفان الأذيني (Atrial Fibrillation). وتشير دراسات حديثة إلى أن اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني بشكل لافت، مما يفتح المجال أمام ضرورة مراجعة عاداتنا اليومية في النوم، خاصة في مناطق مثل الشرق الأوسط حيث تنتشر عادة القيلولة بشكل ملحوظ.

في هذه المقالة، نستعرض نتائج دراسة حديثة نُشرت في مجلة "European Journal of Preventive Cardiology" والتي قامت بتحليل العلاقة بين أنماط النوم واحتمالية الإصابة بالرجفان الأذيني، مع التركيز على أثر القيلولة ومدى النوم الليلي، وتوضيح مدى أهمية الانتباه إلى اضطرابات النوم التي تزيد من خطر الرجفان الأذيني.

ما هو الرجفان الأذيني؟

الرجفان الأذيني (Atrial Fibrillation) هو نوع من اضطرابات نظم القلب (Cardiac Arrhythmia)، يتمثل بوجود نبضات قلب غير منتظمة وسريعة تنشأ في الأذينين (Upper Chambers of the Heart). قد يكون هذا الاضطراب مؤقتًا أو مزمنًا، ويزيد هذا الاضطراب من خطر حدوث الجلطات الدماغية (Stroke)، وقصور القلب (Heart Failure)، والموت المبكر.

تفاصيل الدراسة وأهميتها

أجريت الدراسة على أكثر من 20,000 مشارك من خريجي الجامعات الإسبانية ضمن مشروع بحثيّ طويل الأمد يُعرف باسم "مشروع SUN". تميزت هذه الدراسة بكونها من نوع الدراسات المستقبلية (Prospective Cohort Study)، حيث تمت متابعة المشاركين على مدى 15 سنة، وتقييم نمط نومهم في بداية الدراسة، ومراقبة تطور إصابتهم بالرجفان الأذيني لاحقًا.

وقد تم تأكيد حالات الرجفان الأذيني من خلال أطباء القلب باستخدام بروتوكولات معتمدة، مما يعطي قوة وموثوقية للنتائج المستخلَصة. كان الهدف الأساسي للدراسة هو معرفة ما إذا كانت عادات النوم – من حيث مدة القيلولة ومدة النوم الليلي – تؤثر في احتمالية الإصابة بالرجفان الأذيني.

نتائج الدراسة: القيلولة الطويلة والنوم غير المنتظم خطر حقيقي

أظهرت النتائج أن المشاركين الذين كانوا يأخذون قيلولة طويلة، أي لمدة 30 دقيقة أو أكثر في اليوم، كانوا أكثر عرضة بنسبة 62% للإصابة بالرجفان الأذيني مقارنة بمن ينامون قيلولة قصيرة لأقل من 30 دقيقة. أما الذين لا ينامون قيلولة على الإطلاق، فلم تُلاحَظ لديهم زيادة كبيرة في خطر هذه الإصابة.

من جهة أخرى، أظهَرت البيانات أن النوم الليلي غير الكافي (أقل من 6 ساعات) أو المفرط (أكثر من 8 ساعات) يزيد أيضاً من احتمال حدوث الرجفان الأذيني بنسبة تصل إلى 89% مقارنة بمن ينامون من 6 إلى 8 ساعات يوميًا. وتُعد هذه هي المدة المثالية للنوم الليلي الصحي.

الأمر الأكثر إثارة للانتباه هو أن الأشخاص الذين يجمَعون بين القيلولة الطويلة والنوم الليلي غير الكافي أو المفرط، كانوا أكثر عرضة بثلاثة أضعاف للإصابة بالرجفان الأذيني. وهذا ما يؤكد بشكل قاطع أن اضطرابات النوم تزيد من حدوث الرجفان الأذيني بشكل واضح وملحوظ.

اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني وتفسير ذلك علمياً

ما التفسير وراء ذلك؟ النوم المفرط أو غير المنتظم قد يُحدث خللاً في الجهاز العصبي الذاتي (Autonomic Nervous System)، المسؤول عن تنظيم ضربات القلب. كما أن القيلولة الطويلة قد ترتبط بنمط حياة خامل (Sedentary Lifestyle)، وزيادة في الوزن، ومشاكل في التمثيل الغذائي مثل مقاومة الإنسولين (Insulin Resistance) – وكلها عوامل تسهم في زيادة احتمال حدوث الرجفان الأذيني.

كذلك، النوم المفرط أو القليل قد يؤدي إلى اضطراب الساعة البيولوجية (Circadian Rhythm) للجسم، وهو ما يؤثر سلبًا على انتظام ضربات القلب. ومن المعروف أن القلب حساس جدًا لأي تغييرات في نمط النوم أو التوتر العصبي، ما يجعل اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني .

ماذا تعني هذه النتائج لسكان الشرق الأوسط؟

في الشرق الأوسط، تنتشر عادة القيلولة اليومية لدى شريحة واسعة من الناس، خاصة في الدول ذات المناخ الحار أو في شهر رمضان. كما أن بعض الناس ينامون لساعات طويلة نهارًا ويقل نومهم الليلي، وهو ما قد يسبب اضطرابًا في نمط النوم ويؤدي إلى نتائج صحية خطيرة.

ومع تزايد معدلات الإصابة بأمراض القلب والرجفان الأذيني في هذه المنطقة، من المهم نشر الوعي بأن اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني خاصة إذا اقترنت بعوامل خطر أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم (Hypertension)، والسكري (Diabetes)، والتدخين (Smoking).

نصائح لتقليل اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني من خلال تحسين النوم

إليك بعض الإرشادات المستخلصة من الدراسة للمساعدة في الحد من خطر الرجفان الأذيني:

  • الحفاظ على نوم ليلي معتدل: حاول أن تنام من 6 إلى 8 ساعات يوميًا بانتظام.

  • تقليل مدة القيلولة: اجعل قيلولتك لا تتجاوز 20-30 دقيقة فقط.

  • تجنب النوم المفرط خلال النهار: لأنه قد يسبب صعوبة في النوم ليلاً.

  • مارس النشاط البدني المنتظم: فالرياضة تُحسن نوعية النوم وتقلل من عوامل الخطر.

  • تجنب المنبهات قبل النوم: مثل الكافيين أو الشاشات الإلكترونية.

  • استشر طبيب القلب إذا كنت تعاني من اضطرابات في ضربات القلب أو الأرق المزمن.

من المهم أن نتذكر دائمًا أن اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني وأن هذا الخطر يمكن التخفيف منه عبر خطوات بسيطة ومتبعة.

اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني: إشارات تحذيرية

إذا كنت تعاني من الأعراض التالية، فقد تكون معرضًا أكثر لخطر الإصابة بالرجفان الأذيني:

  • تقطّع النوم أو الأرق المزمن.

  • الإفراط في القيلولة دون شعور بالنشاط.

  • تسارع أو عدم انتظام ضربات القلب.

  • الإرهاق الدائم رغم عدد ساعات النوم.

  • الإحساس بخفقان أو ارتجاف في الصدر.

إذا ظهَرت عليك أي من هذه العلامات، فإن اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني لديك، وقد حان الوقت للتصرف.

 

نهايةً، تُظهر هذه الدراسة بوضوح أن نوم القيلولة الطويلة والنوم الليلي غير المنتظم يمكن أن يؤدّيا إلى مضاعفة خطر الإصابة بالرجفان الأذيني وهو من أكثر أنواع اضطرابات نظم القلب شيوعًا وخطورة. ومع انتشار اضطرابات النوم في عصرنا الحالي، فإن الوعي بهذه العلاقة الصحية أصبح ضرورة.

إن اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني وإن تجاهل هذا الخطر قد يُعرض حياتنا لخطر أكبر يتمثل في السكتة الدماغية أو قصور القلب. لذلك، لنأخذ نومنا بجدية، ونعدله ليكون حليفًا لصحتنا، وليس تهديدًا لها. في منطقة الشرق الأوسط، حيث يتداخل نمط الحياة التقليدي مع ضغوط الحياة العصرية، آن الأوان لنشر الوعي بأن اضطرابات النوم تزيد من خطر الرجفان الأذيني وأن تعديل سلوكيات النوم يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو حياة أكثر صحة وجودة.

آخر تعديل بتاريخ
03 أغسطس 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.