النوم الجيد ليس رفاهية، بل هو حاجة بيولوجية أساسية للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية. لكن كثيرًا ما نسمع تساؤلات مثل: هل تحتاج النساء نوما أكثر من الرجال؟ وهذا السؤال ليس مجرد فضول عابر، بل يرتبط بأبحاث علمية وطبية تشير إلى فروقات حقيقية بين الجنسين في أنماط النوم واحتياجاته.
في هذا المقال، نستعرض بشكل مبسط الأدلة العلمية التي تحاول الإجابة عن سؤال: هل تحتاج النساء نوما أكثر من الرجال؟ ونوضح كيف تؤثر التغيرات الهرمونية والعوامل الاجتماعية على نوم النساء، ونقدّم نصائح عملية لتحسين جودة النوم.
كم ساعة نوم تحتاجها النساء؟
في محاولة للإجابة عن سؤال: هل تحتاج النساء نوما أكثر من الرجال؟ ينصح الخبراء عمومًا بأن يحصل كل من الرجال والنساء على 7 إلى 9 ساعات من النوم يوميًا، لكن بعض الدراسات تشير إلى أن النساء يحتجن في بعض الحالات إلى مدة أطول قليلاً من الرجال لتحقيق الراحة الكافية.
رغم ذلك، لا يعني هذا أن النساء دائمًا يحتجنَ إلى نوم أكثر، بل إن الاضطرابات الهرمونية (Hormonal Fluctuations) التي تمر بها المرأة خلال مراحل حياتها مثل الدورة الشهرية (Menstruation)، والحمل (Pregnancy)، وسنّ اليأس (Menopause) تؤثر على جودة النوم وتجعلها أكثر عرضة للاضطرابات، مما يجعل الجسم بحاجة إلى فترات أطول للتعافي.
لماذا قد تختلف الحاجة للنوم بين النساء والرجال؟
لفهم ما إذا كانت النساء بحاجة فعلًا إلى نوم أكثر من الرجال، علينا أن ننظر في الأسباب المؤثرة، والتي يمكن تقسيمها إلى ثلاثة جوانب:
1. العوامل الهرمونية (Hormonal Factors)
تمر النساء بتغيرات هرمونية تؤثر على النوم، ومنها:
-
البلوغ (Puberty): بداية التغيرات الهرمونية التي قد تسبب الأرق (Insomnia) أو النوم المتقطع.
-
الدورة الشهرية: التغير في مستوى هرمون الإستروجين (Oestradiol) والبروجستيرون يؤدي إلى اضطرابات في النوم، خاصة في الأيام التي تسبق الحيض.
-
الحمل: المرأة الحامل تواجه صعوبة في النوم بسبب التعب (Fatigue)، والتبول المتكرر (Frequent Urination)، وآلام الظهر، والقلق.
-
سنّ اليأس: الانخفاض الكبير في هرمونات الإستروجين والبروجستيرون قد يسبب الهبّات الساخنة (Hot Flashes) والتعرق الليلي (Night Sweats)، مما يعكر صفو النوم.
2. زيادة خطر الإصابة باضطرابات النوم
تشير دراسة نُشرت عام 2020 إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالأرق بنسبة تصل إلى 58% مقارنة بالرجال، كما أن النساء يعانينَ بشكل أكبر من:
-
متلازمة الساق القلقة (Restless Leg Syndrome - RLS): رغبة قوية في تحريك الساقين خاصة أثناء الراحة.
-
انقطاع التنفس أثناء النوم (Sleep Apnea): وهو اضطراب تنفسي يؤثر على جودة النوم.
وهذه الاضطرابات تجعل من الصعب الوصول إلى نوم عميق ومستقر، مما يؤدي إلى شعور دائم بالتعب ويزيد من حاجة المرأة للنوم.
3. المسؤوليات الاجتماعية وتأثيرها على النوم
تشير الأبحاث إلى أن النساء –وخاصة الأمهات– يواجهن ضغطًا إضافيًا من حيث الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال، وغالبًا ما يؤثر ذلك على نومهنّ. إحدى الدراسات أظهرت أن النساء يفقدن حوالي 42 دقيقة من النوم كل ليلة بعد إنجاب طفل مقارنة بالرجال، وهذا فارق كبير يُراكم الإرهاق على المدى الطويل.
هل تحتاج النساء نوما أكثر من الرجال؟ مقارنة واقعية
رغم أن التوصيات الرسمية توصي بـ7–9 ساعات من النوم لجميع البالغين، أظهرت إحدى الدراسات أن النساء بالفعل يحقّقنَ مدة نوم أطول قليلاً من الرجال. لكن رغم ذلك، لا يعني أنهنّ يحصلنَ على جودة نوم أفضل، فالكثير منهن يعانينَ من نوم متقطع وغير مريح. إذن، هل تحتاج النساء نوما أكثر من الرجال؟ من حيث الوقت قد يكون الفارق بسيطًا، لكن من حيث الجودة والتعويض عن اضطرابات النوم المتكررة، فالإجابة هي: نعم، في بعض الحالات قد تحتاج النساء إلى فترة أطول من النوم.
كيف تتغير احتياجات النوم مع العمر؟
مهما كان جنسك، المهم هو أن تراقب كيف يؤثر النوم على نشاطك وصحتك العامة.، احتياجات النوم تختلف باختلاف العمر أكثر من اختلافها بين الجنسين. إليك التوصيات العامة حسب مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC):
-
من الولادة حتى 3 أشهر: 14 – 17 ساعة يوميًا.
-
من 4 إلى 11 شهرًا: 12 – 16 ساعة.
-
من سنة إلى سنتين: 11 – 14 ساعة.
-
من 3 إلى 5 سنوات: 10 – 13 ساعة.
-
من 6 إلى 12 سنة: 9 – 12 ساعة.
-
من 13 إلى 18 سنة: 8 – 10 ساعات.
-
من 18 إلى 64 سنة: 7 – 9 ساعات.
-
فوق 65 سنة: 7 – 8 ساعات.
نصائح لتحسين جودة النوم
إذا كنت تتساءلين: هل تحتاج النساء نوما أكثر من الرجال؟ فالجواب لا يكفي وحده، بل يجب أن نركّز على تحسين جودة النوم لدى النساء والرجال على حد سواء. إليك بعض النصائح العملية:
- التزمي بوقت نوم واستيقاظ منتظم, نومك في نفس الوقت كل يوم يساعد في تنظيم الساعة البيولوجية (Circadian Rhythm)، وهو ما يعزز من جودة النوم.
- جهّزي بيئة نوم مريحة, اختاري وسادة مريحة، وقللي الإضاءة، واستخدمي ستائر تعتيم إن لزم الأمر. بيئة النوم تؤثر بشكل مباشر على مدى راحتك.
- قللي تناول الكافيين والطعام قبل النوم, فتناوُل الكافيين (Caffeine) أو الوجبات الثقيلة قبل النوم يعوق النوم العميق. حاولي التوقف عن الأكل قبل النوم بثلاث ساعات.
- ابتعدي عن الشاشات, الضوء الأزرق (Blue Light) الصادر من الأجهزة الذكية يعوق إفراز هرمون الميلاتونين (Melatonin)، المسؤول عن النوم. تجنبي استخدام الهاتف أو مشاهدة التلفاز قبل النوم بساعة على الأقل.
- مارسي أنشطة استرخائية, حمام دافئ، قراءة كتاب، أو جلسة تأمل (Meditation) يمكن أن تهيّئ جسمك للنوم.
- مارسي التمارين الرياضية, إذ يحسن النشاط البدني من نوعية النوم، لكن يُفضل تجنب ممارسة التمارين قبل النوم مباشرة.
- استشيري الطبيب إن لزم الأمر, إذا استمرت مشكلات النوم، فقد يكون هناك سبب طبي مثل نقص الحديد، أو مشاكل في التنفس، أو تأثير دواء معين. لا تترددي في مراجعة الطبيب.
في النهاية، سؤال: هل تحتاج النساء نوما أكثر من الرجال؟ لا يحمل إجابة واحدة بسيطة، بل يعتمد على مجموعة من العوامل البيولوجية، والهرمونية، والاجتماعية. تشير الدراسات إلى أن النساء أكثر عرضة لاضطرابات النوم، وهذا ما يجعل من المهم الانتباه إلى جودة ومدة نومهنّ. إذا كنتِ تعانينَ من اضطرابات في النوم، فلا تُهملي الأمر. خذي الخطوات لتحسين نومك، واطلبي المساعدة الطبية عند الحاجة. فالنوم الجيد ليس فقط ضرورة، بل هو مفتاح لصحتك الجسدية والنفسية على حد سواء.